العمل في ألمانيا..حلم يداعب مخيلة الشباب الأسبان
٢٢ نوفمبر ٢٠١٢أزداد عدد المتعلمين المهاجرين من إسبانيا إلى الخارج بين عامَيْ 2010 و2011 بنسبة 70 %، بحسب الصحف الإسبانية، فَنسبة 52.3 % من الشباب، الذين أنهوا تعليمهم الجامعي أو المهني، بلا عمل في بلادهم. وتعتبر هذه أدنى نسبة بطالة في دول الاتحاد الأوروبي الـ 27.
وفي الوقت الذي تعاني فيه دول أوروبية كثيرة من أزمة خانقة، تدفع لهجرة أبنائها، أضحت ألمانيا بلدا جاذبا للكفاءات وللمهاجرين الباحثين عن فرصة عمل أفضل. فقد باتت ألمانيا الكثيرين من ذوي الكفاءات العلمية ليس من إسبانيا فحسب، بل ومن البرتغال واليونان وسلوفاكيا أيضاً.
ألمانيا بلد المهندسين
ما يقوله الإسباني ألفارو موراليس أن وضع البطالة في إسبانيا لا يمكن للألمان تصوره، فـ "إذا كان لطالب الهندسة في إسبانيا الكثير من الحظ فإنه يحصل على وظيفة بعد التخرُّج من الجامعة براتب شهري يبلغ 800 يورو فقط". ويضيف ألفارو البالغ من العمر 26 عاماً بمرارة: "في أحسن الأحوال، يحصل طالب الهندسة بعد تخرجه على عمل في بناء أرصفة الشوارع".
لكن ألفارو الذي يتمتع بتأهيل تعليمي عالٍ لا يريد الاستسلام للبطالة في بلده. ولذلك، توجَّه قبل بضعة أشهر إلى ألمانيا. وحصل على وظيفة خاصة بالطلاب في شركة متخصصة في الهندسة النووية في ألمانيا، حيث توجد حاجة كبيرة إلى المهندسين.
ومثله مواطنته المهندسة الميكانيكية ألبا موريل، البالغة من العمر 25 عاماً والمنحدرة من مدينة خيخون في شمال إسبانيا. فقد جاءت إلى ألمانيا قبل عام واحد وبدأت العمل في شركة دايملر لصناعة سيارات ميرسيدس في مدينة شتوتغارت الألمانية. ورغم أن عالم صناعة السيارات هو مكان يعمل فيه الرجال في ألمانيا على وجه الخصوص بعكس إسبانيا، إلا أنها كامرأة مهندسة، وجدت لها موطِئ قدم في هذا المجال.
العودة إلى إسبانيا غير مؤكّدة
المصطلحات الميكانيكية التي يستغرب الألمان سماعها من امرأة هي مصطلحات عادية جداً بالنسبة للمهندسة ألبا موريل بحكم تخصصها: مثل مصطلح "طلاء أسطوانات محرك السيارة" أو مصطلح: "زيادة كفاءة استهلاك طاقة السيارة". وتقول ألبا موريل عن سبب مجيئها إلى ألمانيا: "منذ أن بدأتُ بدراسة الميكانيكا وأنا مقتنعة بأن ألمانيا هي البلد المحرِّك لأوروبا، وبأن ألمانيا بلد التقنية بامتياز في أوروبا، ولهذا البلد خبرة في هذا المجال أكثر من غيره، فأردتُ أن أرى هذا بأمّ عيني".
وتضيف حول حصولها على عمل ثابت لدى شركة ميرسيدس قائلة: "الحصول على وظيفة ثابته لدى شركة ميرسيدس كان حلمي الذي تحقق، وهو حلم كان صعب المنال بالنسبة لي ولا يزال كذلك لزملاء لي في إسبانيا". وتحكي ألبا موريل عن مهندسين زملاء لها في إسبانيا، انتهى بهم المطاف في العمل في أسواق المواد الغذائية كعُمّال بسطاء نظراً للبطالة في إسبانيا، رغم أن علاماتهم في التحصيل العلمي الجامعي كانت مكافئة لعلاماتها.
ولا تنوي ألبا موريل العودة للعيش في إسبانيا، وتقول: "ليس من المؤكَّد أني سأعود إلى إسبانيا للعمل والسكن فيها من جديد، لأن مثل هذا العمل الذي لدي في ألمانيا، لا يمكن الحصول على مثله في إسبانيا".
تعلُم اللغة أكبر عقبة
من جانبه يرى هيربيرت بروكار، الخبير الألماني في سوق العمل، أن "هجرة العقول" من البلدان التي تعاني من أزمة البطالة ليس بالضرورة سلبياً، ويقول بهذا الشأن: " هذه البلدان تضطر عادةً إلى إنفاق الكثير من الأموال لإعانة العاطلين عن العمل، ولذلك فهي تستفيد كثيراً حين يهاجر منها المتضررون من البطالة ".
كما يوضح الخبير الألماني أن هذه العقول المهاجرة قد تَنقُل خبراتها في المستقبل إلى بلدانها الأصلية التي تستفيد من هذا الجانب أيضاً. ويرى أيضاً أن هجرة العقول أفضل من بقائها في بلدانها ومعاناتها هناك من البطالة، لأن ذوي الكفاءات العالية يخسرون كفاءتهم مع مرور الزّمن.
من جانبه يرى المهندس الإسباني ألفارو موراليس الذي يعمل في ألمانيا أن ما يميز النظام التعليمي في ألمانيا عن بقية البلدان هو ربط التطبيق العملي بالدراسة، بحيث يتخرج المهندس وهو مؤهَّل لسوق العمل، كما يشدِّد على أهمية تعلُّم اللغة الألمانية لِمَن يريد العمل في ألمانيا. ويقول بهذا الشأن: " حاجز اللغة عَقَبة كبيرة، وعلى كل مَن يريد تحقيق حلمه في العمل في ألمانيا أن يبذل كل ما في وسعه للتغلب على هذه العقبة".