الغابون.. علي بونغو رئيس قاتَل أكثر من مرة لترسيخ حكمه
٣٠ أغسطس ٢٠٢٣
على مدى 14 عاماً من توليه الرئاسة، اضطر الرئيس الغابوني علي بونغو إلى القتال أكثر من مرة لترسيخ سلطته التي ورثها عن والده، وهو يواجه حاليا انقلاباً يهدف إلى إنهاء حكم عائلته المستمر منذ 55 عاماً.
وجاء ذلك بعيد إعلان فوز بونغو بولاية رئاسية ثالثة بحصوله على 64,27% من الأصوات، بحسب النتائج الرسمية "المنقوصة" بحسب الانقلابيين.
حملة ضد "الخونة"
شنّ الرئيس الذي انتُخب عام 2009 بعد وفاة والده عمر بونغو حملة ضد "الخونة" و"المنتفعين" الذين ظنوا أنه انتهى عام 2018 بعد إصابته بجلطة دماغية في السعودية. وتوارى بونغو حينها عشرة أشهر في الخارج خضع خلالها إلى علاج مكثّف، وقد أضعف غيابه سلطته.
ويشكّك معارضوه مذاك في قدراته العقلية والبدنية على قيادة البلاد، حتى أن البعض ادعى أن شبيها له عوّضه... لكن رغم التصلب في ساقه وذراعه اليمنى الذي يمنعه من التحرك بسهولة، حرص علي بونغو على طمأنة زواره المنتظمين من دبلوماسيين وغيرهم.
صعوبة في ترسيخ الحكم
خلال فترة ولايته الأولى، كان علي بونغو نقيض والده: ففي غياب كاريزما وثقة "البطريرك" الذي حكم دون منازع لمدة 41 عاما الدولة الصغيرة الغنية بالنفط في وسط إفريقيا، واجه الابن صعوبة في ترسيخ سلطته، لا سيما في مواجهة القادة الناقدين في حزبه الديموقراطي الغابوني العتيد.
وعند إعادة انتخابه عام 2016 واجه منافسة شديدة من المعارضة وفاز رسميا بفارق 5500 صوت فقط. مثّل ذلك صدمة لحكمه، تبعتها صدمة ثانية - الجلطة الدماغية - عجلت بتآكل سلطته. وتخللت فترة نقاهته محاولة انقلاب فاشلة وغامضة نفّذتها حفنة من العسكريين في 7 كانون الثاني/ يناير 2019، ومحاولة لتهميشه من مدير مكتبه النافذ بريس لاكروش أليهانغا.
صلاحيات واسعة لمدير مكتبه
منح بونغو مدير مكتبه صلاحيات واسعة بثقة عمياء، ولاكروش يقبع في السجن منذ أكثر من ثلاث سنوات، مع العديد من الوزراء وكبار المسؤولين، وجميعهم مستهدفون بحملة "مكافحة فساد". وتبنّى علي بونغو منذ الحملة نهجا "صارما" تجاه الوزراء والمستشارين الذين أخضعهم لعمليات تدقيق وأقال بعضهم في ظلّ استشراء الفساد منذ حقبة "فرانس أفريك" التي كان والده عمر بونغو أحد ركائزها.
من جهتها، اعتبرت المعارضة أن تصريحات بونغو جوفاء، وأنه لم يف بوعوده في ظلّ اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في واحدة من أغنى دول إفريقيا من ناحية نصيب الفرد من الناتج المحلي الخام، لكنها تواجه صعوبات في تنويع اقتصادها المعتمد بشكل مفرط على النفط، فيما واحد من كل ثلاثة غابونيين يعيشون تحت خط الفقر.
اتهامات بالابتعاد عن هموم الشعب
ورث علي بونغو جزءا من ثروة والده الهائلة، وقد انتقدت المعارضة خلال ولايته الأولى ابتعاده عن هموم شعبه، وانعزاله في عقاراته الفاخرة في الغابون وخارجها، أو خلف مقاود سياراته الفخمة.
وفي الآونة الأخيرة، حاول بونغو وضع استراتيجية سياسية مثل والده: فقد ضاعف الانتقادات لأركان حكمه، واستهدف المعارضة المنقسمة.
واعتبره أنصاره طائر فينيق نهض من الرماد، فيما اعتبر منتقدوه أنه يتعرض لضغوط من حاشيته غير الراغبة في التخلي عن السلطة بعد 55 عاما من حكم "سلالة بونغو". ولم يكن علي بونغو شغوفا بالسياسة في شبابه، فقد كان مسافرًا محبا للموسيقى، وأراد أن يكون "جيمس براون الغابوني" وسجّل شريطا بعنوان "سول، ديسكو، فانك" عام 1978.
النأي بالنفس عن باريس
ثم غيّر اسمه من آلان برنار بونغو إلى علي بونغو تماشيا مع قرار والده اعتناق الإسلام عام 1973. وفي عام 1989، عرض عليه عمر بونغو، وهو في سنّ التاسعة والعشرين، وظيفة رفيعة في الشؤون الخارجية، ثم بعد عشر سنوات حقيبة الدفاع الاستراتيجية التي شغلها حتى عام 2009.
بعيد انتخابه، نأى علي بونغو بنفسه ظاهرياً عن باريس، مخالفاً سياسات والده، إلى درجة أنه هجر منازل العائلة الفاخرة في فرنسا. وبسبب تلك العقارات، وُجهت لائحة اتهام إلى تسعة آخرين من أبناء عمر في باريس، لا سيما إخفاء اختلاس أموال عامة، في ما يسمى بقضية "المكاسب غير المشروعة".
ع.ش/ أ.ح (أ ف ب)
بالصور: النيجر.. دولة فقيرة رغم ثرواتها الهائلة
تعيش النيجر في ظل أزمة سياسية وإقليمية عقب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم. وتعد النيجر من أفقر الدول الإفريقية، رغم أنها تزخر بالثروات والمعادن الطبيعية خاصة اليورانيوم.
صورة من: picture alliance/dpa/epa/H. Fohringer
فقر مدقع
النيجر هي واحدة من أفقر دول العالم حيث تحتل المرتبة السابعة بين أفقر دول العالم. تعدادها سكانها يبلغ أكثر من 25 مليون نسمة، فيما يقبع قرابة نصف السكان تحت خط الفقر، بما في أكثر من 10 ملايين شخص يعيشون في فقر مدقع.
صورة من: Nicolas Remene/Le Pictorium/MAXPPPdpa/picture alliance
عبء اللاجئين
بسبب النزاعات التي تعصف بدول الساحل الإفريقي، تعاني النيجر من تداعيات الصراعات، ليس فقط في الشق الأمني وإنما أيضا في التعامل مع أزمة تدفق اللاجئين. وفقا لبيانات الأمم المتحدة، تستضيف النيجر 255 ألف لاجئ فروا من بوركينا فاسو ومالي ونيجيريا، فيما أعادت الجزائر آلاف اللاجئين بموجب اتفاقية تعاون أمني تم توقيعها في أكتوبر/ كانون الأول عام 2021.
صورة من: DW
العيش في كنف المساعدات
40 بالمئة من ميزانية النيجر تأتي من المساعدات الخارجية. فقد خصصت بروكسل 503 ملايين يورو بين عامي 2021 و2024 لاستخدامها في التعليم والحوكمة والنمو المستدام، مع تخصيص 70 مليون يورو العام الماضي لدعم جيش النيجر. وأعلنت فرنسا عن حزمة مساعدات قيمتها 131.6 مليون دولار للنيجر، فيما قدمت واشنطن مساعدات بقيمة 233 مليون دولار. وأعلنت ألمانيا في 2021 عن حزمة مساعدات لمدة عامين بقيمة 131 مليون دولار.
صورة من: Blaise Dariustone/DW
ثروات طبيعية ضخمة
تزخر النيجر بثروات طبيعية هائلة في مقدمتها اليورانيوم. تمتلك النيجر سادس أكبر احتياطي من اليورانيوم على مستوى العالم، حيث تعد أوروبا المستفيد الأكبر. إذ تلبي النيجر ربع حاجة بلدان التكتل من اليورانيوم المستخدم لإنتاج الطاقة. ولا تقتصر ثروات النيجر الطبيعية على اليورانيوم بل تزخر أيضا بالذهب، حيث بلغت صادراتها منه 2.7 مليار دولار عام 2021، فضلا عن أنه يوجد بها خام الحديد والقصدير والفوسفات والنفط.
صورة من: Getty Images
ركيزة اقتصادية
بفضل ما تمتلكه النيجر من يورانيوم وذهب ونفط، باتت ثرواتها الطبيعية الضخمة ركيزة اقتصاد البلاد، حيث قدرت الحكومة بأنها تشكل نحو 40 في المئة من صادراتها، فيما يساهم قطاع المعادن بنسبة ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Ascani
ثروة حيوانية وزراعية
تمتلك النيجر ثروة حيوانية وزراعية ضخمة. ووفق بيانات البنك الدولي يمثل القطاع الحيواني نحو 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، فيما يعتمد أكثر من 80 في المئة من سكانها على الزراعة. بيد أن هناك تناقضا في القطاع الزراعي بين شمال وجنوب البلاد. إذ تعاني المناطق الشمالية من جفاف وتصحر فيما تسقط في المناطق الجنوبية أمطار وفيرة.
صورة من: Imago/Nature Picture Library
واحة للاستقرار والديمقراطية
لسنوات طويلة، ظلت النيجر واحة الاستقرار وآخر معاقله في منطقة الساحل، التي تعصف بدولها اضطرابات وأزمات سياسية خانقة. فقبل عامين، شهدت البلاد انتقالا ديمقراطيا ناجحا للسلطة رغم محاولة انقلاب فاشلة حاولت إرباك المشهد الديمقراطي، وهو تطور على عكس ما حصل في دول الجوار، لا سيما مالي وبوركينا فاسو التي شهدت في السنوات الأخيرة أربعة انقلابات.
صورة من: picture alliance/abaca/AA
تاريخ حافل بالانقلابات
ورغم تمتعها بمسار ديمقراطي نسبي، إلا أن تاريخ النيجر حافل بالانقلابات منذ استقلالها عام 1960. فقد وقع أول الانقلابات العسكرية عام 1974 حين أطاح الجيش بحكومة تولت زمام الأمور في البلاد منذ الاستقلال. وفي عام 1996 وقع انقلاب آخر قاده الجيش ضد رئيس البلاد مهمان عثمان، بيد أن انقلاب عام 1999 كان الأكثر دموية في تاريخ البلاد.
صورة من: AFP
انقلاب قلب الموازين
في السادس والعشرين من يوليو / تموز الماضي، أعلنت قوات من الحرس الجمهوري استيلاءها على السلطة واعتقال الرئيس المنتخب محمد بازوم الذي رفض قبول ذلك. وفي بيان متلفز، أعلن الانقلابيون تشكيل ما يُعرف بـ " المجلس الوطني لحماية الوطن".
صورة من: Mahamadou Hamidou/REUTERS
عبد الرحمن تياني.. رجل الظل
بات الجنرال عبد الرحمن تياني الرجل القوي الجديد في النيجر بعد الانقلاب. ينحدر الجنرال تياني من قبائل الهوسا التي تشكل غالبية سكان النيجر. انضم إلى الجيش عام 1984 حيث خدم في عدة بعثات للأمم المتحدة في ساحل العاج والكونغو ودارفور بالسودان. شغل منصب قائد الحرس الرئاسي عام 2011. وبحسب السلطات، فإن تياني أحبط عدة محاولات للانقلاب بين عامي 2021 و2022.
صورة من: ORTN/Télé Sahel/AFP/Getty Images
محمد بازوم.. الرئيس السجين
ينحدر الرئيس بازوم من أصول عربية، فهو ينتمي إلى قبائل "عرب ديفا" الذين يمثلون نسبة 0.3 بالمئة من السكان. في الثاني من أبريل/ نيسان 2021، أدى محمد بازوم اليمين الدستورية رئيسا للنيجر حيث كان أول رئيس مدني منتخب يتسلم السلطة سِلميا من رئيس مدني منتخب. وقبل الرئاسة، شغل بازوم مناصب وزراية، فضلا عن دوره في "حزب النيجر من أجل الديمقراطية والاشتراكية" الحاكم. ومنذ الانقلاب، بات بازوم معتقلا في قصره. م.ع