الغزو الروسي لأوكرانيا ـ هل يسرع أم يعقد مفاوضات نووي إيران؟
٢ مارس ٢٠٢٢
يخشى خبراء ومتابعون للمفاوضات بين إيران وعدة دول بشأن الاتفاق النووي من أن تلقي الحرب في أوكرانيا بظلالها على المباحثات التي وصلت إلى مراحل الحسم، فهل تسهم هذه الأزمة في تسريع التوصل إلى اتفاق أم تعقد الأمر؟
إعلان
بقيت مباحثات إحياء الاتفاق النووي الإيراني في منأى عن تبعات الأزمة بين موسكو والغرب في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن خبراء يخشون من أن يلقي النزاع بظلاله، عاجلاً أم آجلاً، على مفاوضات بلغت مراحل الحسم.
وتشهد أروقة فنادق فيينا مباحثات شاقة لإحياء اتفاق عام 2015. حول طاولة واحدة، يجتمع دبلوماسيو إيران وممثلو القوى المنضوية في الاتفاق (فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين)، والاتحاد الأوروبي ذي الدور التنسيقي. وتستمر الاجتماعات وسط درجة عالية من الاستقطاب، مع بلوغ التوتر الدولي مستويات لم يعرفها في 2014.
مراحل فاصلة في المفاوضات
يجلس هؤلاء أيضاً، باستثناء الإيرانيين، مع الأمريكيين الذين يشاركون بشكل غير مباشر في المباحثات الهادفة لإعادة واشنطن الى الاتفاق الذي انسحبت منه العام 2018، ورفع عقوبات أعادت فرضها على طهران، لقاء عودة الأخيرة للامتثال لكامل التزاماتها بموجب الاتفاق.
وقد بلغت المباحثات مراحل فاصلة، وقد يحسم مصيرها - سلباً أم إيجاباً - خلال أيام لا أكثر، وفق المعنيين بمسارها.
ومع تصاعد حدة الأزمة الجيوسياسية الدولية نتيجة غزو أوكرانيا، أكد معنيون بمباحثات فيينا أن ما تشهده العاصمة النمسوية لن يتأثر بضجيج المعارك حول العاصمة الأوكرانية.
ثمة سابقة تدعم هذا الموقف: فقد شهد العام 2014 بداية التوتر الدولي بشأن أوكرانيا، مع إعلان موسكو ضمّ شبه جزيرة القرم. لكن ذلك لم يحل دون مواصلة إيران والقوى الكبرى، بما فيها الولايات المتحدة وروسيا، المباحثات النووية وتتويجها بابرام اتفاق تاريخي في تموز/يوليو 2015، أيضا في العاصمة النمسوية.
وضع "أكثر هشاشة"
تتابع إيران ملفي المباحثات والغزو باهتمام. هي رفضت الحرب، لكنها حمّلت واشنطن مسؤولية أسبابها، في موقف يرى محللون أنه أقرب إلى روسيا، وقد يكون له تأثير في مباحثات فيينا.
ويقول الباحث الإيراني في الشؤون الدولية فياض زاهد لوكالة فرانس برس "المجتمع الدولي يرى إيران بطبيعة الحال كحليفة لروسيا في هذه الأزمة". ويضيف بأن النزاع "يؤثر على التوافق"، ويجعل الوضع "أكثر هشاشة".
ويحذّر المحلل الإيراني رضا نصري من أن إطالة أمد الحرب سيزيد التوتر في فيينا. وقال، بحسب وكالة "إسنا"، إنه "في حال تسببت الأزمة بكارثة انسانية، مواجهة عسكرية بين الغرب والروس، سيصبح التعاون في فيينا مهدداً".
وساهمت العقوبات الغربية التي فرضت على موسكو والتلويح بفرض مزيد منها، في زيادة الاضطراب في أسعار الطاقة.
الحاجة إلى النفط الإيراني
هل يؤثر هذا الأمر على المفاوضات؟ لا مفرّ من ذلك، بحسب محللين، إذ يرى الباحث في مجموعة "أوراسيا غروب" هنري روم، إن ارتفاع النفط "سيضغط على الحكومات الغربية، خصوصا الأمريكيين، لانجاز الاتفاق سريعاً".
إيران: هل تنجح مفاوضات الاتفاق النووي؟
02:37
عودة واشنطن الى الاتفاق، وبالتالي رفع عقوباتها خصوصا عن قطاع النفط، ستتيح عودة الخام الإيراني الى الأسواق بما يزيد العرض ويخفض الأسعار. لكن روم يرى أن إيران قد تكون راهناً، أقل عجلة من الغربيين لإحياء الاتفاق.
وعكست التصريحات الإيرانية في الأيام الماضية، تمسّك طهران بـ "خطوط حمر" خصوصا في ملفي رفع العقوبات وضمان عدم تكرار الانسحاب الأمريكي.
وشدد المتحدث باسم الخارجية سعيد خطيب زاده على أن واشنطن "سبق وأدارت ظهرها لخطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق). علينا التأكد من أن ذلك لن يتكرر مطلقا".
وتصر إيران على طلب آخر مثير للجدل: إغلاق الوكالة الدولية للطاقة الذرية ملف العثور على مواد نووية في مواقع لم تصرّح عنها طهران مسبقا. وأبدى المدير العام للوكالة الأممية رافايل غروسي مراراً عدم رضاه عن تفسيرات إيران في المسألة التي استحالت محور تجاذب أساسي في فيينا.
وأكدت المفاوِضة البريطانية ستيفاني القاق الثلاثاء رفض الدول الأوروبية "أي محاولة للتأثير على استقلالية الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وأتى ذلك في أعقاب تحذير نظيرها الفرنسي فيليب إيريرا من أن إيران "تلعب بالنار"، مؤكداً ضرورة عدم الذهاب "أبعد مما يجب" في المطالب.
ع.ح./ع.ج.م. (أ ف ب)
الاقتصاد الإيراني.. انتكاسة واضحة ومستقبل مهدد
يشهد الوضع الاقتصادي بإيران تراجعا. فبعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي وفرضها عقوبات اقتصادية وضغوط على إيران، فضلا عن خروج متظاهرين إلى الشارع احتجاجا على الوضعية الإقتصادية، صارت إيران تعيش على وقع أزمة مرجح تفاقمها.
صورة من: IRNA
أكبر احتجاجات منذ سنوات
شهدت إيران مع نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2017 وانطلاق العام الجديد 2018 موجة مظاهرات بمناطق عدة نتيجة ارتفاع الأسعار وزيادة البطالة والأزمة المالية الخانقة بالبلد، وقتل فيها العشرات واعتقلت السلطات الآلاف. وهذه هي الحركة الاحتجاجية الأكبر في إيران منذ المظاهرات المعترضة على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا في العام 2009.
صورة من: Irna
العملة الإيرانية تفقد قيمتها
فقدت العملة الوطنية الإيرانية نصف قيمتها. وقد أشارت أرقام صادرة عن البنك الدولي، أن الاقتصاد الإيراني انخفض من المركز 17 إلى 27 على مستوى العالم خلال العقود الأربعة الماضية. لكن طلب الولايات المتحدة من الشركات العالمية وقف استيراد النفط الإيراني يهدد الاقتصاد بأزمة أكبر، إذ يمثل بيع النفط نسبة 64 بالمائة من إجمالي صادرات إيران، كما يشكل مصدرا أولا للعملة الصعبة التي تدخل البلد (الدولار واليورو).
صورة من: Getty Images/AFP/A. Kenare
الريالات الإيرانية في تدهور
أشارت بعض المصادر الإعلامية إلى أن ورقة الـ10 آلاف ريال إيراني كانت تساوي قبل عام 1979 حوالي 150 دولارا أمريكيا، أما الآن فهي أكثر بقليل من 10 سنتات في سوق الصرف المتقلبة في طهران. وبالرغم من استعادة الاقتصاد الإيراني لعافيته بعد 2015، إلا أنه بقي هشا. ويُنتظر أن يزيد تدهورا بعد فرض العقوبات التي ستؤثر على الريال الإيراني.
صورة من: AP
ارتفاع أسعار الذهب
أكد رئيس اتحاد تجار الذهب في طهران، أن الصراع بين إيران وأمريكا، أدى إلى ارتفاع أسعار الذهب في البلاد، حسب ما تناقلته مواقع إخبارية. وسجلت المسكوكة الذهبية في السوق الإيرانية رقما قياسيا جديدا ببلوغها الـ 3 ملايين و400 ألف تومان، حيث زاد سعرها نحو 600 ألف تومان خلال شهر واحد.
صورة من: Isna/Rohollah Vahdati
البنوك في أزمة!
يواجه البنك المركزي الإيراني صعوبات كبيرة في تنفيذ المعاملات المالية داخل البلد وخارجه. ويعزي البعض ذلك إلى أخذ البنك لودائع تقدر نسبة فائدتها السنوية بـ20 إلى 23 بالمائة. وبسبب العقوبات الأمريكية، خفضت البنوك معدلات الفائدة ما بين 10 إلى 15 بالمائة، مما دفع الكثير من المودعين إلى سحب أموالهم لشراء الدولار واليورو. وهو ما أدى إلى تفاقم نقص العملات الأجنبية، وإغلاق مكاتب صرافة، لكن دون جدوى.
صورة من: Isna
أسعار خيالية!
من بين المؤشرات على تأزم الوضع الاقتصادي في إيران، انخفاض قيمة الريال الإيراني الذي أدى إلى ارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة بنسبة 100 بالمائة، علاوة على ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل جنوني. هذا بالإضافة إلى انخفاض نشاط بورصة السلع الإيرانية إلى حد أدنى. وتشير توقعات خبراء في شركة "بي أم آي" للأبحاث الاقتصادية العالمية، أن يشهد الاقتصاد الإيراني انكماشاً بنحو 4 في المئة العام المقبل.
صورة من: AP
التضخم يرفع الأسعار
شكل التضخم خلال السنوات الماضية عاملا أساسيا في تدهور الاقتصاد الإيراني حيث يبلغ متوسط معدل التضخم ما بين 19 و20 بالمائة سنويا. وحسب مركز الإحصاء الإيراني الحكومي في طهران فإن معدل التضخم وصل في يونيو/ حزيران الماضي إلى نحو 8.7 %، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، الأمر الذي يكشف عن ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، وانخفاض قيمة العملة المحلية مؤخرا.
صورة من: ILNA
فقر وبطالة وهجرة
ساهمت مشكلة التضخم في ظهور الطبقات المجتمعية بإيران وانتشار الفقر والبطالة. وحسب تقديرات البنك الدولي فإن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في إيران استنادا إلى القدرة الشرائية الحقيقية للعملة الإيرانية بين عامي 1976 و2017، يكشف أنه خلال هذه الفترة أصبح الإيراني أكثر فقرا بنسبة 32 بالمئة. كما تشير الاحصائيات إلى أن عددا كبيرا من الشباب الإيراني يحاول الفرار من الأوضاع المتأزمة.
صورة من: shahrvanddaily.ir
صفقات في مهب الريح!
من بين الجوانب المرجح تأثرها السلبي بالعقوبات الأمريكية، الصفقات المعقودة مع كبرى الشركات الدولية على الصعيد العالمي وعلى صعيد النفط وأيضا والأجهزة الإلكترونية، مثل الصفقات التي عقدتها طهران مع شركة توتال النفطية وشركة فولكسفاغن الألمانية لصناعة السيارات وجنرال إلكتريك للأجهزة والمعدات الإلكترونية.
صورة من: picture-alliance/dpa
انتكاسة السياحة
توتر العلاقات مع الاقتصاديات الكبرى وبعد العقوبات المفروضة جعل الحالة الإقتصادية لإيران مُقبلة على عزلة تشمل عدة قطاعات مثل السياحة. فبعد أن دشنت شركات طيران كبرى، مثل الخطوط الجوية البريطانية، رحلات إلى البلد بهدف الترويج له كوجهة سياحية، وفتح سلسلة فنادق عالمية مثل Accor عام 2015، يرى مراقبون أن هذه الصفقات قد يتم التراجع عنها بسب قلة السياح ومحدودية رحلات الطيران القادمة من أوروبا. مريم مرغيش