تجدد القصف الجوي والاشتباكات بشكل محدود على جبهات عدة في سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما لم يعلن رسميا حتى الآن تمديد الهدنة التي تم التوصل إليها بموجب اتفاق روسي أمريكي.
إعلان
ودخلت الهدنة حيز التنفيذ في سوريا مساء الاثنين. وجرى تجديدها 48 ساعة إضافية حتى مساء الجمعة. ولم يعلن راعيا الهدنة الولايات المتحدة وروسيا رسميا تمديدها مرة أخرى حتى الآن، إلا أن موسكو أعربت عن استعدادها تمديد العمل بها 72 ساعة إضافية.
وحذر مسؤول كبير بالمعارضة السورية المسلحة في حلب من أن وقف إطلاق النار في سوريا "لن يصمد" مع استمرار الضربات الجوية والقصف في بعض المناطق وعدم الوفاء بوعود توصيل المساعدات.
ويأتي ذلك في وقت لا تزال شاحنات المساعدات عالقة في منطقة عازلة عند الحدود السورية التركية بانتظار أن تمنح الضوء الأخضر للتوجه إلى الأحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب.
من جانبه، قال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن السبت (17 أيلول/سبتمبر 2016): "تجدد القصف والاشتباكات بشكل محدود على جبهات عدة في سوريا، أبرزها الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي"، مشيرا إلى انه "حتى اللحظة تعد مدينة حلب الجبهة الأكثر هدوءا".
وأفاد المرصد السوري عن تجدد الاشتباكات ليلا، وبعدما كانت تراجعت حدتها خلال الأربعة الأيام الأولى من الهدنة باستثناء بعض النيران المتقطعة، في الغوطة الشرقية قرب دمشق بين الفصائل الإسلامية وقوات النظام "في محاولة من قبل الأخيرة للتقدم في المنطقة".
وفي وسط البلاد، قصفت طائرات حربية مناطق في بلدة تيرمعلة في ريف حمص الشمالي حيث تدور اشتباكات متقطعة بين قوات النظام والفصائل المعارضة.
وفي غرب البلاد، تجدد القصف الجوي على محور جبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي، والذي شهد هدوءا باستثناء بعض الخروقات خلال أربعة ايام من الهدنة، وفق المرصد.
أما في مدينة حلب المقسمة، فقد أفاد مراسل فرانس برس في الأحياء الغربية أن الهدوء سيطر على المدينة باستثناء بعض القذائف القليلة خلال الأيام الماضية.
وينص الاتفاق الروسي الأمريكي الذي سرت بموجبه الهدنة، على إدخال مساعدات إلى المدن المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها في سوريا، بدءا من الأحياء الشرقية في حلب.
في غضون ذلك، تنتظر منذ أيام شاحنات محملة بالمساعدات في المنطقة العازلة عند الحدود السورية التركية بأمل إيصال المساعدات إلى تلك الأحياء حيث يعيش 250 ألف شخص. وقال ديفيد سوانسون المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في مدينة غازي عنتاب التركية "ليس هناك أي تقدم حتى الآن، ولكن الأمم المتحدة جاهزة للتحرك فور السماح لها بالانطلاق".
يشار إلى أن الأمم المتحدة تأمل بإدخال 40 شاحنة مساعدات تكفي 80 ألف شخص لمدة شهر واحد في الأحياء الشرقية.
وفي سياق متصل، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم السبت (17 أيلول/سبتمبر 2016) إنه يتطلع إلى التزام الولايات المتحدة بتعهداتها بشأن سوريا مشيرا إلى أنه يعتقد أن الهدنة هدف مشترك لموسكو وواشنطن.
وأشار بوتين في حديثه إلى أن الجيش السوري "ملتزم بالهدنة، فيما تعيد الفصائل المقاتلة تجميع عناصرها"، حسب قوله.
ح.ع.ح/ع.م(أ.ف.ب/رويترز)
حلب وأخواتها في الحصار..كابوس سوريا الإنساني!
دخلت هدنة هشة حيز التنفيذ في سوريا مساء يوم الاثنين. قد تخفف هذه الهدنة معاناة وآلام السوريين، الذي تُركوا طوال سنوات نهباً للحرب والجوع والمرض. إنها مأساة كبيرة، ولاسيما في المدن والمناطق المحاصرة.
صورة من: Reuters/B. Khabieh
الأطفال...الحلقة الأضعف
في بؤرة الاهتمام العالمي تقع حلب. فالمدينة المُقسمة أضحت رمزاً لفظاعات الحرب. وفي القسم الشرقي، الذي يحاصره النظام السوري، هناك نقص في كل شيء: الماء، الطعام، المسكن، العلاج الصحي. يعيش في ظل هذه الظروف المأساوية حوالي 100 ألف طفل.
صورة من: Reuters/A. Ismail
الحصار كسلاح في الحرب
إلى جانب حلب هناك 18 مدينة (كمدينة مضايا في الصورة) وهي منطقة مقطوعة كلياً عن العالم الخارجي. وحسب بيانات الأمم المتحدة يقطن في هذه المدن والمناطق المحاصرة ما يقارب 600 ألف مواطن. يشترك كل أطراف النزاع في استخدام الحصار كسلاح في الحرب. إدخال المواد الإغاثية الإنسانية إلى بعض المناطق يتطلب موافقة الحكومة السورية، وكثيرا ما ترفض منح التراخيص لذلك مرة تلو الأخرى.
صورة من: Reuters/O. Sanadiki
داريا...مدينة مقاومة
كانت داريا من أولى المدن المنتفضة ضد النظام السوري في عام 2011. تحصن فيها مناهضو النظام السوري. وقام النظام بفرض الحصار عليها ما يقارب أربع سنوات وترك قاطنيها يتضورون جوعاً. في آب/ أغسطس الماضي سلَم مناهضو الأسد المدينة، ورحلوا إلى مناطق المعارضة في إدلب (في الصورة).
صورة من: picture-alliance/ZUMA Press
المشافي هي الأخرى عليلة
ليس بوسع المشافي في سوريا بعد الآن تقديم الخدمات الطبية للمرضى. "قد لاتوجد ضمادات وأدوية مما يجعل القيام بعملية استئصال الزائدة الدودية أو عملية ولادة قيصرية أمرا شبه مستحيل"، كما يشتكي رئيس "منظمة أطباء بلا حدود في ألمانيا"، فولكر فيسترباركي.
صورة من: Getty Images/AFP/O. H. Kadour
الموت في كل مكان
يقول رئيس "منظمة أطباء بلا حدود في ألمانيا"، فولكر فيسترباركي إنه خلال خمسة أشهر الماضية تدمرت المشافي الثمانية في الجزء الشرقي المحاصر من مدينة حلب أو تعرضت لأضرار. القلة القليلة الباقية من الأطباء السوريين يخاطرون بحياتهم لعلاج المرضى. "ليس الأمان موجوداً في أي مكان"ـ يضيف فيسترباركي.
صورة من: picture-alliance/AA/E. Leys
أطلال مدينة مُقسمة
الوضع جد مأساوي في القسم الشرقي من مدينة حلب، المحاصر من قبل النظام السوري وحلفائه. يعيش هناك حوالي 300 ألف شخص. وقد دمر القصف اليومي لطائرات النظام السوري والطائرات الروسية آلاف المنازل. في الأسبوع الماضي وحده لقي أكثر من مائة إنسان مصرعهم نتيجة هذا القصف.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
نقص في كل شيء
هناك نقص في ماء الشرب والطعام والكهرباء في حلب. وهذا ينطبق أيضاً على الجزء الغربي من المدينة، الذي يسيطر عليه النظام. غير أن معاناة السكان هناك لا يمكن نقلها للعالم الخارجي، حيث لا يسمح النظام بدخول الصحفيين إليها.
صورة من: Reuters/A. Ismail
شوارع برائحة الموت
يندر أن يخرج النلاس إلى شوارع وأسواق حلب، خوفاً من القصف الجوي، يقول أحد مراسلي الإذاعة المحلية، "راديو حارة". أغلب المحالات التجارية مغلقة ولم تعد هناك حياة طبيعية. الحاضرة المليونية أضحت واحدة من أخطر مدن العالم.
صورة من: Reuters/A. Ismail
بين السجن الصغير والسجن الكبير
بالرغم من أن الهدنة تمنح للناس متنفساً لبعض الوقت وتخفف من معاناتهم قليلاً، إلا أن سكان المدن المحاصرة يستمرون في العيش مقطوعين عن العالم الخارجي وعن المساعدات الإنسانية. ووصف الأب الفرنسيسكاني، فراس لطفي، الذي يوزع الماء والطعام، الوضع هناك قائلا: "هنا يعيش الناس وكأنهم في سجن كبير".