"الفراعنة" والمونديال.. الرياضة كمتنفس للهروب من الأزمات؟
١٩ يونيو ٢٠١٨
عادت مصر إلى كأس العالم بعد عقود من الغياب. بيد أن مصر اليوم تختلف كلياً عن تلك التي تأهل منتخبها في آخر مرة في تسعينات القرن الماضي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. ماذا تغير وكيف يتم النظر للحدث الرياضي؟
إعلان
عودة مصر للحدث الرياضي الأكثر شهرة ومتابعة في العالم تأتي في أجواء مختلفة تماماً عن سابقاتها، فمصر التي شهدت سنوات من عدم الاستقرار بدأت منذ أواخر عهد مبارك، ليست كمصر التي تأهلت لكأس العالم في أوائل تسعينيات القرن الماضي.
شهدت مصر الكثير من الأزمات السياسية ما بين عامي 2011 و2013 بالإضافة إلى الكثير من المشاكل الاقتصادية الطاحنة. الدولة من جانبها تقول إنها تحاول التصدي لها بإجراءات "شجاعة وحاسمة" بعد أن تأخر "الإصلاح الاقتصادي" لعقود، فيما يخشى خبراء اقتصاديون واجتماعيون من المخاطر التي قد تنجم عن تحمل جيل واحد من المصريين تكلفة عمليات "الإصلاح الاقتصادي" ما قد يهدد بنية الدولة الاجتماعية.
تفريغ الغضب في الاتجاه المعاكس
مع "القبضة الحديدية" التي تحكم بها مصر حاليا، والتوصيف لموقع ميدل ايست مونيتور، لا يوجد أمام المصريين فرصة للشكوى من الضغوط الاقتصادية التي يتعرضون لها، وهو ما يخشى منه علماء الاجتماع بمعنى أن يتم "تفريغ" شحنات الغضب بين قطاعات الشعب وبعضه لتتصاعد المخاوف من تزايد معدلات الجرائم.
وفي مقابلة له مع DW عربية رأى الدكتور بشير عبد الفتاح، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ورئيس تحرير مجلة الديمقراطية، أن عدم وجود وسيلة أو آلية لتفريغ المواطن لغضبه أو التعبير عن استيائه من إجراءات تتخذها الدولة قد يؤدي لتفريغ شحنة الغضب بين المواطنين وليس تجاه الحكومة.
ويضيف عبد الفتاح أنه مع إغلاق المجال العام تتصاعد التحذيرات من العواقب الاقتصادية والاجتماعية والسلوكية بسبب الأزمة الاقتصادية التي يواجهها المواطن دون وجود آلية تعويضية كرفع المرتبات أو عمل بعض التسهيلات الاقتصادية أو تقديم رجال الأعمال تخفيضات للمواطنين في سلع معينة "الأمر الذي قد يجعلنا نشهد ارتفاعاً لمعدلات الجريمة وقد يقتل الناس بعضهم لأتفه الأسباب".
ويشير الباحث المصري إلى أن الدولة قد تتخيل أن التضحية بجيل كامل يتحمل فاتورة الإصلاحات الاقتصادية من أجل استقرار الأجيال القادمة هو أمر مقبول أو ضروري لكنه لا يتفق مع هذا الرأي، "فالعواقب ستكون وخيمة للغاية على كافة الأصعدة. نعم قد يكون هناك استقرار سياسي عن طريق القبضة الأمنية القوية لكن في نهاية المطاف سلوكيات الناس ستختلف فيصبحون أكثر مادية وتتحرر بشكل أكبر من القيود الدينية والأخلاقية والقانونية ما يمثل خطراً على الاستقرار المجتمعي على المدى الطويل".
استغلال الأنظمة السياسية للأحداث الرياضية
استغلت الكثير من الدول أحداثا رياضية في تمرير إجراءات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية حيث يزداد تركيز المواطنين مع الحدث ويقل الاهتمام أو التركيز مع الإجراءات التي تتخدها الدولة؛ ومع انتهاء الحدث الرياضي يعود المواطنون للتعامل مع الإجراءات الحكومية وإن كان بمعدل تفاعل أقل كثيراً.
هذا ما يذهب إليه بشير عبد الفتاح، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية، مضيفاً أن اختيار التوقيت عامل مهم لأي حكومة في إقرار الإجراءات الاقتصادية وهو ما حدث في مصر. واستدل على ذلك بأن الزيادات الأخيرة في أسعار المحروقات حدثت في أيام العيد وفي فترة خوض مصر لمبارياتها في كأس العالم وهو وقت أغلب الناس لا تستعمل فيه مواصلات وهناك من سافروا لقضاء العيد في القرى.
ويضيف أن هذه الزيادة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة "ويبدو أن المواطن بدأ يتقبل مثل هذه الإجراءات كما أنه بات يعلم أن الخروج للشارع في مظاهرة أصبح أمراً مستحيلاً وعواقبه وخيمة للغاية إضافة إلى أنه لن يحل الأمر. فقبل ذلك وحين كانت الأجواء العامة مفتوحة وخرج الناس بحرية للشارع كانت النتيجة عدم اكتمال الثورات واختطافها وبالتالي جاءت النتائج معاكسة تماما"، يقول عبد الفتاح.
على الجانب الآخر لا يتفق اللواء محمد رشاد رئيس مركز "الوعي العربي للدراسات الاستراتيجية" مع هذا الطرح، حيث يرى أن الحكومة المصرية لا تستغل حدث مثل كأس العالم تمرير إجراءات اقتصادية بعينها لأن تلك الإجراءات معلن عنها منذ فترة ولها جدول زمني وفق ما اشترط البنك الدولي حتى تحصل مصر على حزمة القروض وأن المسألة كلها مصادفة لا أكثر.
انقسام مجتمعي يطال حتى الرياضة
بعد الهجمة، التي تعرضت لها روابط "الألتراس" في مصر وأدت لاعتقال وسجن العشرات منهم وحل عدد منها (الروابط)، سافرت شخصيات برلمانية وإعلامية وفنية إلى روسيا "لتشجيع" المنتخب المصري. الأمر الذي أثار حفيظة عدد غير قليل من المغردين. إذ رأى هؤلاء أن الدولة المصرية أممت كافة المجالات حتى الرياضة ولم تعد تسمح بظهور أي تمثيل لأي جهة تحمل رأيا مخالفا لرأيها، مؤكدين أنه كان من الأولى سفر عدد من أعضاء روابط الألتراس.
على الجانب الآخر هناك من رأى أن من سافر، سواء من برلمانيين أو سياسيين أو فنانين، هم مواطنون مصريون عاديون سافروا دون دعم أو تدخل من الدولة لتشجيع منتخب بلادهم وأن تسييس الأمر وتصويره على أنه صراع بين مؤيدين ومعارضين للنظام أمر فيه مبالغة.
<blockquote class="twitter-tweet" data-conversation="none" data-lang="en"><p lang="ar" dir="rtl">اوكى احنا نموتهم بقى علشان هما فنانين وبلاش نتعامل معاهم خالص على انهم مواطنين مصريين طبيعين جدا من حقهم يشجعوا بلدهم ويفرحوا مع التلاتين الف مصرى اللى سافروا لروسيا <br>بس خلى بالك ان من ضمنهم سمير الاسكندرانى اللى قام باكبر عمليه مخابراتيه لصالح مصر يعنى مفيش مذايده على وطنيته</p>— dodo (@dodom27) <a href="https://twitter.com/dodom27/status/1008815740575801349?ref_src=twsrc%5Etfw">June 18, 2018</a></blockquote>
حالة الانقسام السياسي التي انتقلت إلى المجال الرياضي بعد السياسة وباتت تهدد بنية وتماسك المجتمع المصري أشار إليها شادي حميد الباحث بمعهد بروكينغز للدراسات والأبحاث. فقد رأى حميد في دراسته أن الاستقطاب والانقسام المجتمعي في مصر وصل إلى البيوت المصرية وأصاب المجتمع بشرخ عميق حتى داخل العائلة الواحدة
عماد حسن
محمد صلاح.. هل تلقى رحلة الصعود الفريدة نهاية حزينة؟
إصابة نجم ليفربول المصري محمد صلاح في نهائي دوري أبطال أوروبا أمام الريال وخروجه من هذه المباراة تلقي بظلال كبيرة على اللاعب المصري الفذ. فهناك أخبار حول أن الإصابة قد تبعده عن مشاركة منتخب بلاده مصر في مونديال روسيا.
صورة من: picture-alliance/Newscom/D. Klein
خروج بالدموع
خرج النجم المصري محمد صلاح مصاباً في كتفه بعد نصف ساعة من انطلاق مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا في كرة القدم، بين فريقه ليفربول الإنكليزي وريال مدريد الإسباني حامل اللقب السبت (26أيار/ مايو 2018) في كييف. وسقط صلاح على أرض الملعب بعد احتكاك مع قائد الريال سيرجيو راموس. وبرغم دخول الجهاز الطبي لإسعافه، إلا أنه خرج باكياً بعد ثوان قليلة.
صورة من: Imago/VI Images
محمد صلاح مع ليفربول ضد روما
سجل محمد صلاح، الذي انضم إلى ليفربول قادما من روما، أربعة وأربعين هدفا في مسابقات هذا الموسم ليقود ناديه بلا هوادة إلى قبل نهائي دوري أبطال أوروبا. السبت (26 أيار/ مايو 2018) محمد صلاح وفريقه ليفربول سيواجه نادي ريال مدريد ونجمه رونالدو في نهائي دوري الأبطال.
صورة من: picture-alliance/Newscom/D. Klein
محمد صلاح من نصر إلى نصر
من نصر الى نصر يتقدم اللاعب الدولي المصري محمد صلاح خطوة أخرى بانتخابه أفضل لاعب في انكلترا هذا الموسم. وقد وُصف بأن "كلّ كرة يلمسها تبدو أنها تسكن الشباك"، وبالفعل فقد سجل صلاح 44 هدفا في كل مسابقات هذا الموسم.
صورة من: picture-alliance/dpa/PA Wire/B. Coombs
من لا يحب صلاح؟
تعشقه الجماهير في ملعب آنفيلد، ويسمونه "مو صالا" وألفوا له أناشيد يتغنون فيها بسرعته ومهارته وحتى الأطفال في ليفربول يرسمونه في كراساتهم. وهناك من يرسم لحية على وجهه ويرتدي باروكة تشبه شعر صلاح. ويقول عنه الألماني ماركوس شتاينهوفر، زميله السابق في بازل السويسري: "لا يملك المرء إلا أن يحب صلاح". ويضيف حسبما نقلت صحيفة زود دويتشه تسايتونغ الألمانية" "مو بشوش بطبعه وراسخ ومتواضع".
صورة من: picture-alliance/AP/R. Vieira
سويسرا جعلت الحلم ممكنا
لو ظل صلاح في مصر لبقي كعشرات المواهب المصرية الأخرى التي لم تتخط شهرتها إفريقيا والعالم العربي. لكن القدر كتب له طريقا آخر. فبعد تألقه مع منتخب مصر الأوليمبي في أولمبياد لندن تعاقد معه بازل في موسم 2013/2012، ففاز معه بالدوري وبلقب أفضل لاعب في سويسرا، ليرحل إلى تشيلسي الإنجليزي في شتاء 2014. لكنه لم يجد الفرصة لدى مورينيو فذهب في شتاء 2015 على سبيل الإعارة لفيورنتينا الإيطالي.
صورة من: picture-alliance/dpa
إيطاليا طريق العودة لإنجلترا
حلم البرمييرليغ بقي مع صلاح، الذي تألق في فيورنتينا، ليصبح معشوق الجماهير، غير أنه فضل بعدها التعاقد مع روما في صيف 2015. وبقى به موسمين وظهر بقوة كهداف وصانع أهداف. حيث سجل في الدوري 29 هدفا خلال 65 مباراة خاضها بقميص "ذئاب" العاصمة الإيطالية. ثم تعاقد معه ليفربول في يونيو/ حزيران 2017 مقابل 42 مليون يورو، بناء على رغبة المدرب الألماني يورغن كلوب، الذي كان يريد إعطاء خط هجومه المزيد من السرعة.
صورة من: Reuters/M. Rossi
لا يحتاجه ليفربول؟
كانت صفقة صلاح حينها ثاني أغلى صفقة في تاريخ ليفربول وبسببها لام البعض المدرب كلوب، مثلما فعل الناقد الرياضي ماكسيمليان شميكل، الذي كتب بموقع "غول" بالألمانية إن صلاح لاعب رائع غير أن التعاقد معه "لا فائدة منه نظرا لوجود كوتينيو ومانيه وفيرمينو، ثم إن مشكلة ليفربول في الدفاع وليس الهجوم". ولا نعلم إن كان صلاح قد قرأ كلام شميكل أو غيره من منتقدي الصفقة إلا أن رده على المشككين جاء سريعا وبقوة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Puchner
البداية من ميونيخ
كانت بطولة "كأس أودي" الودية في ميونيخ الظهور الرسمي الأول لصلاح بقميص ليفربول، لكن باللون الأبيض. حيث نجح الوافد الجديد في تشكيل خطورة على مرمى بايرن ميونيخ في عقر داره وسجل الهدف الثاني في اللقاء، الذي انتهى بفوز ليفربول على الفريق البافاري 3- صفر في أول أغسطس/ آب 2017. ولتشهد عاصمة بافاريا ميلاد النجم المصري مع ليفربول.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/P. Manzo
يورغن كلوب يمنحه الحرية
في روما كان المدرب سباليتي يمدح صلاح يوما وينتقده يوماً آخر، لكن يورغن كلوب، وهو من أقرب المدربين لقلوب اللاعبين في الأندية التي دربها، فَهم صلاح جيدا ومنحه الحرية في التحرك في الجناح الأيمن، ليظهر النجم الشاب وكأنه تخلص من قيود كانت تكبل ساقيه وتمنعه من إظهار مهاراته الفطرية في الجري والمراوغة. لقد فك كلوب أغلاله. ويقول المدرب الألماني: "صلاح مهم لنا حتى لو لم يسجل لأننا نبني خططنا عليه".
صورة من: Reuters/L. Smith
ملك مصري يركض عبر الجناح
يقول الألماني ماركوس شتاينهوفر زميله السابق في بازل "في موقف رجل لرجل يكون صلاح سريعا بشكل لا يصدق.. وارتكاب أخطاء ضده هو غالبا الإمكانية الوحيدة (لإيقافه) لكن لا يمكن أن يفعل معه لاعب ذلك الأمر 100 مرة في مباراة واحدة". ويغني له جماهير ليفربول "مو صلاح .. ملك مصري.. يركض عبر الجناح.." وقال عنه محمد أبوتريكه إن صلاح حرم مصر من ميدالية أوليمبية في سباقات الجري، بسبب اختياره أن يصبح لاعب كرة قدم.
صورة من: Imago/Action Plus/N. Krsitc
التعاون بدلا من التنافس
في أول مباراة له مع ليفربول في الدوري الإنجليزي، في 12 أغسطس/ آب 2017، نجح صلاح في تسجيل هدف وصناعة آخر في مباراة انتهت بالتعادل مع واتفورد 3-3. وبقي على هذا الأمر يسجل ويصنع في كل مباراة تقريبا بالتعاون مع تشمبرلين وفيرمينو ومانيه وكوتينيو، قبل أن يرحل الأخير إلى برشلونة. ووصلت أهدافه في البرميير ليغ 32 هدفاً، كما صنع أكثر من 10 أهداف لزملائه، الذين يشكل معهم ثنائيات رائعة.
صورة من: Reuters/A. Yates
الصراع مع هاري كين
ظل صلاح حتى بداية مارس/ آذار 2018 يتبادل مع هاري كين، نجم توتنهام ومنتخب إنجلترا، اعتلاء صدارة هدافي البرمييرليغ قبل أن يحسم صلاح المسألة في الجولات التالية، حيث نجح في تسجيل 32 هدفا ليصبح الهداف التاريخي للدوري الإنجليزي.
صورة من: picture-alliance/Actionplus
ملك إفريقيا ورئيساً لمصر!
كان موسم 2017/ 2018 عام السعد على صلاح ومنتخب مصر. فقد قاده صلاح في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، للصعود لكأس العالم لأول مرة منذ 1990. كما توج بجائزة أفضل لاعب إفريقي لعام 2017، متفوقا على مانيه وأوباميانغ. وقالت صحيفة "ذا صن" البريطانية إنه عند فرز بطاقات الاقتراع في انتخابات الرئاسة المصرية في مارس/ آذار 2018، تم العثور على أكثر من مليون بطاقة كتب الناخبون عليها اسم محمد صلاح كخيار لهم. صلاح شرارة.