عندما تنظر إلى المهاجم كينغسلي كومان يكون أول ما يلفت انتباهك هو تسريحة شعره، فإذا دققت النظر في وجهه الأسمر وجدت ملامح صبي لم يبلغ بعد عامه العشرين. رغم ذلك لعب هذا الفتي حتى الآن في ثلاثة من أكبر أندية أوروبا والعالم وينتظره مستقبل كبير في عالم الساحرة المستديرة حسب نبوءات مدربيه.

كسر كينغسلي كومان الرقم القياسي لنيكولا أنيلكه كأصغر لاعب يشارك في مباريات في الدوري الفرنسي الأول لكرة القدم، حيث لعب كومان أول مباراة له في البطولة الفرنسية مع فريق سان جيرمان وعمره 16 عاما وثمانية شهور وأربعة أيام. ويصفه منير زيتوني في مقال له بمجلة كيكر الألمانية بـ"قطار سريع، انطلق لكن مازال أمامه طريق طويل ليصل إلى المحطة المتجه إليها." ومعه حق؛ فسن كومان الآن 19 عاما وأربعة أشهر، ما يعني أنه ما زال في طور التكوين.

لكن ما الذي يجعل بايرن ميونيخ، المرصع بنجوم عالميين، يدفع سبعة ملايين يورو لاستعارة كومان من يوفنتوس لمدة عامين بداية من أغسطس 2015، ومستعدا لدفع عشرين مليون يورو لشرائه إن رغب في ذلك بعد مدة الإعارة؟ علاوة على أن كومان ذهب إلى يوفنتوس في صفقة انتقال حر، حيث إن باريس سان جيرمان لم يمدد عقده الذي انتهى في يونيو/ حزيران 2014.

"لديه كل ما يؤهله ليصبح لاعبا كبيرا"
ولد كينغسلي كومان عام 1996 في باريس لأبوين ينحدران من جزر غوادلوب الفرنسية، الواقعة بين المحيط الأطلسي والبحر الكاريبي، وانتبه أبوه إلى موهبته في سن مبكرة فدعمه وهو في سن السادسة فألحقه بنادي يو إس سينارت مويسي ببلدة مويسي- كرامايل القريبة من باريس. ثم انتقل إلى فريق الناشئين بنادي باريس سان جيرمان وعمره تسعة أعوام. وعندما بلغ السادسة عشرة انتقل إلى الفريق الأول بالنادي ليخوض أولى مبارياته معه أمام سوشو في شباط/ فبراير 2013. علما بأنه خاض معه ثلاث مباريات أخرى قبل أن يلتحق بالفريق الثاني للنادي الفرنسي، وبقي به حتى يونيو/ حزيران 2014، إلى أن انتقل ليوفنتوس تورين الإيطالي.

منذ نعومة أظافره وهو مولع بلعب كرة القدم، ويقول كومان حسب موقع كيكر: "كنت ألعب الكرة في كل دقيقة فراغ... كنت أحلم بأن أصبح لاعب كرة قدم وكان مثلي الأعلى اسمه رونالدينيو."
أظهر كومان موهبة واعدة لدرجة أن لوران بوناداي مدربه في فريق باريس سان جيرمان تحت 19 عاما قال عنه: "إنه متميز من ناحية المهارة والتكتيك ولديه كل ما يجعله (في المستقبل) أحد لاعبي كرة القدم الكبار."
ويتميز كومان بالسرعة والحيوية الشديدة ومن خلال طريقته في المراوغة يضع خصومه أمام مشاكل يصعب مواجهتها، ورغم أنه يلعب بقدمه اليمني يفضل اللعب في ناحية اليسار، حسب ما كتب منير زيتوني.

رغم ذلك لم يحجز مكانة دائمة في تشكيلة يوفنتوس في ظل وجود عمالقة مثل تيفيز وموراتا، علما بأن مدرب يوفنتوس ماكس أليغري وصف الفتى كومان بأن "لديه مستوى كبيرا وشخصية، لكنه بحاجة لوقت كاف لينضج."
أما بيير مانكوفسكي مدرب منتخب فرنسا تحت 21 عاما فيقول عن كومان "إنه يبدو غير متوتر لكنه في حالة بحث دائم عن شيء يمكنه تحسينه."

الطريق إلى بايرن وإلى يورو 2016
بناء على كيكر فإن الفضل في وصوله إلى الفريق البافاري يعود إلى ميشائيل ريشكه المدير التقني في بايرن، الذي كان يريد ضم كومان إلى بايرن ليفركوزن حينما كان يعمل من قبل في ليفركوزن. كما تابع ريشكه كومان عن كثب أثناء الجولة النهائية لأمم أوروبا للناشئين تحت 19 عاما، التي أقيمت الصيف الماضي في اليونان. وتحدث ريشكه مع أصحاب القرار في النادي الألماني فأبدى رئيس مجلس الإدارة كارل هاينز رومينيغه والمدير الرياضي ماتياس زامر، والمدير الفني بيب غوارديولا إعجابهم الشديد بكينغسلي كومان.

كان هناك ناديان إنجليزيان وكذلك باريس سان جيرمان وليفركوزن تطمع في ضم كومان لكن مكالمة تليفونية من غوارديولا أقنعت النجم الصغير بأن النظام التكتيكي لفريق بايرن سيكون فرصة له لكي يظهر ما لديه من إمكانيات. وحضر كومان إلى ميونيخ بصحبة والديه، اللذين يفعلان له كل شيء حتى الطبخ، كي يتمكن من الانتباه إلى مستقبله في كرة القدم. وبعد شهر من وصوله إلى ميونيخ ومشاركته مع بايرن في مباريات بالدوري الألماني وأبطال أوروبا يشعر كومان بأنه ناجح هنا أكثر مما كان في تورين، ويقول حسب ما نقلت مجلة كيكر: "لدي أهدافي بالنسبة لكرة القدم، وأريد تحقيقها. ولأجل ذلك على المرء أن يكون جادا ويعمل بصرامة. اللاعبون الكبار يعلموننا ذلك."

كانت هناك انتقادات لبايرن عندما انتشرت الأخبار عن سعيه لضم كومان، بحجة أنه موهبة بحاجة للصقل. لكن الآن بعد ظهوره الجيد في بايرن وتسجيله هدفين في أربع مباريات شارك فيهما مع الفريق حتى الآن، فيبدو أن بايرن كان محقا عندما دفع الملايين لاستقدام هذا اللعب، الذي لعب لكافة الفئات العمرية لمنتخب بلاده فرنسا، وكان دائما يتواجد بين زملاء أكبر منه سنا في تلك المنتخبات. والآن ومع اقتراب استضافة فرنسا لأمم أوروبا "يورو 2016" يأمل كومان طبعا أن يكون بين لاعبي منتخب فرنسا الكبير في تلك البطولة، ويقول حسب ما نقل منير زيتوني: "طبعا يحلم كل لاعب بأمم أوروبا في بلده، لكن قبل أن أفكر في ذلك يحب علي أن أتمكن من تحقيق الاستقرار في أدائي."