الفيلسوف الألماني هابرماس يحتفل بعيد ميلاده الـ85
١٨ يونيو ٢٠١٤ولد هابرماس في مدينة دوسلدورف بولاية وستفاليا شمال الراين في 18 يونيو/ حزيران من عام 1929. وهو مؤسس عدد من النظريات المجتمعية، كما عمل على صياغة مفاهيم علمية. درس هابرماس علم الاجتماع والتاريخ والفلسفة في غوتنغن وفي زوريخ ثم في بون. عام 1952 أبان هابرماس عن موهبته العلمية وقدرته الكبيرة على التحليل عندما نشر قراءة نقدية عن "مدخل إلى الميتافيزيقا" للفيلسوف مارتن هايديغر في صحيفة " فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" التي اشتغل فيها كمتعاون بعد مناقشته لأطروحة الدكتوراه عام 1954. وبدأ عمله في جامعة فرانكفورت كأستاذ مساعد، بجوار الفيلسوف تيودور أدورنو عام 1956.
في كتابه "التحولات البنيوية للأوضاع الاجتماعية" يصف هابرماس نشأة الرأي العام الحديث عبر الانتقال من الفضاء الخاص والمنغلق إلى الفضاء العام المنفتح من خلال اللغة والتواصل. فبينما يتم التركيز في المجتمعات البدائية والتقليدية على الانتماء القبلي والديني، يصبح المجتمع الحديث أكثر انفتاحاً بفضل استقلالية ما هو سياسي عما هو ديني، حيث يصبح معيار الحكم على الأشخاص هو مضمون خطابهم وليس انتمائهم العرقي أو الديني. وتجسيداً لهذا الانفتاح ظهرت المقاهي العامة والصالونات الثقافية والفنية والجمعيات التي يتم فيها الحديث عن الشأن العام بكل حرية.
التواصل وتطور المجتمع
يفرق هابرماس بين نوعين في طرق التعامل مع الآخرين. الأول يسميه التعامل الإستراتيجي، والثاني يسميه التواصل. فالتعامل الإستراتيجي يضم كل أشكال الأفعال والخطابات التي ينتظر المرء من خلالها الوصول إلى هدف مُبطن لا يفصح عنه. غير أن الإشكالية المطروحة في هذا النوع من التواصل، حسب هابرماس، هو الطرف الآخر الذي يصاب بخيبة أمل تجعله يتعامل بحذر. ولذلك يقترح هابرماس حلاً عقلانيا وهو التواصل، الذي يفصح فيه المرء مباشرة عن آرائه ويبرر اختياراته.
العقلانية والدين والعلمانية
رغم دفاعه عن مواقف فصل الدين عن السياسة، يدعو هابرماس إلى ضرورة التفاهم بين المتدينين وغير المتدينين داخل المجتمعات العلمانية. كما عبر عن موقفه الواضح والمتحفظ في اعتبار الدين شأناً خاصاً فقط، محذرا من إقصاء المتدينين في المجتمع. وفي نفس الوقت يشدد هابرماس على أهمية موقف التوافق والإجماع داخل المجتمع، حيث يعتبر ذلك بديلاً عن "الأحكام المقدسة". ويدعو هابرماس صريحا الى تكييف النصوص الدينية حسب التطورات المجتمعية. وفي حوار جمع بين هابرماس والفيلسوف المغربي محمد سبيلا والبابا بينديكت السادس عشر اعترف هابرماس بوجود دور للدين في المجتمع، غير أنه أكد في نفس الوقت على أهمية حقوق الإنسان بغض النظر عن الانتماء الديني.
تتميز أعمال هابرماس بكونها تسعى إلى تحرير الإنسان من كل ما هو مخالف للعقل ومرتبط بالعبودية نتيجة مسلمات وتقاليد توارثتها الأجيال فقط. وساهم أسلوبه الواضح والصريح في انتشار أعماله خارج أسوار الجامعات، ما جعل كلمته مسموعة لدى السياسيين والمثقفين وكل الناس على السواء.