1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الفيلسوف صادق جلال العظم ينعى حريّة الرأي والتعبير في العالم العربي

منى النجّار / إعداد ش.ع٢١ فبراير ٢٠٠٩

يشكو الفيلسوف والمفكّر صادق جلال العظم من تشديد الرقابة على حرية الرأي والتعبير في العالم العربي. ويعزو العظم تراجع الأعمال النقدية والأدبية التي تتناول المواضيع الدينية أو تلك التي لها صلة بالإسلام إلى انتشار الأصولية.

صورة رمزية... تشديد الرقابة في العالم العربي على الإبداع الأدبي والأعمال النقديةصورة من: picture-alliance/dpa/DW

قبل عشرين عاما أصدر قائد الثورة الإسلامية في إيران آية الله الخميني فتوى بإهدار دم الكاتب البريطاني الجنسية والهندي الأصل سلمان رشدي بسبب كتابه "الآيات الشيطانية"، الذي اُعتبر بأنه إهانة للإسلام. ودعا آية الله خميني المسلمين إلى قتل سلمان رشدي. ويعدّ المفكّر والفيلسوف السوري صادق جلال العظم، الذي يبلغ من العمر 75 عاما، من أوّل وأشدّ المُدافعين عن سلمان رشدي وروايته "الآيات الشيطانيّة" ليس في العالم العربي وحسب وإنّما أيضا في العالم الغربي. فقد حاول صادق العظم تقريب رواية سلمان رشدي من القارئ العربي وذلك من خلال ترجمة مقاطع منه إلى العربية. التداعيات التي آثارها هذا الكتاب يدعونا إلى طرح السؤال: كيف يرى صادق العظم وضع حرية التعبير والرأي في العالم العربي؟ وهل يمكن الحديث عن تطوّر أم أن يلاحظ تقوقعا على الذات؟

الرقابة الدينية وحرية الرأي والتعبير

كتاب سلمان رشدي "الآيات الشيطانية" - أين تقف حدود الحريّة الأدبية؟

لا أحد يستطيع معرفة عدد الفتاوى التي تمّ إصدارها في العالم العربي والإسلامي ضد كُتّاب وفنانين، كما لا أحد يعرف بالضبط عدد القضايا والدعاوى التي تم رفعها في القاهرة أو في الكويت مثلا بتهم إهانة الإسلام والرسول محمّد. ولكّن الأكيد أن عددها كبير جدّا. كما أن الرقابة والملاحقة لا تزال تشكّل منذ سنوات حقيقة مُرّة بالنسبة للمثقفين والمفكّرين في العالم العربي. ففي سياق متصّل تم في نهاية السّتينيات في بيروت رفع دعوى ضد الفيلسوف صادق العظم بتهمة "التحريض على الشغب المذهبي". وكان اليساريون والليبراليون آنذاك قد وقفوا إلى جانبه ضدّ هذه التهمة وأعلنوا مساندتهم لحرّية الفكر والرأي. وهو أمر دفع بصادق العظم، وبعد مرور سنوات على تلك الحادثة، إلى إعلان مساندته للكاتب سلمان رشدي.

أمّا فيما يتعلّق بوضع حرية التعبير والرأي في العالم العربي فيقول صادق العظم إنه حين صدر كتابه "نقد الفكر الديني" لم يكن هناك سوى قنوات تلفزيونية رسمية، وكانت الرقابة تركّز خاصة على الصحف والمجلاّت، حيث تم منع صدور بعض الأعداد أو تم استئصال بعض الصفحات، بيد أن ذلك لم يعد اليوم يجدي شيئا مع تطوّر وسائل الاتصال كالانترنت والقنوات الفضائية.

ويؤكّد أن العالم العربي يعيش في الوقت الحالي عقليّة جديدة أكثر تشدّدا، مشيرا إلى أن السّبب وراء ذلك يعود إلى انتشار الأصولية. ويلفت الفيلسوف السوري إنه إلى جانب الرقابة الحكومية أصبحت هناك أيضا رقابة دينية. ويضيف صادق العظم أنه أصبح "يلاحظ اليوم أوضاعا غريبة، ذلك أنه في العديد من الدول العربية أصبح التيار الاجتماعي والديني المحافظ يجبر الرقابة الرسمية على منع صدور كتاب معيّن وذلك تخوّفا من أحد الشيوخ الذي له تأثير ووزن داخل المجتمع، والذي يمكن أن يزعم أن هذا الكتاب يحتوي على مضامين تسيء للإسلام وللرسول محمّد".

العرب في عصر العولمة

وعلى الرغم من أن الأدب العربي الكلاسيكي يحتوي على أعمال أدبية تتضمّن شخصيات ومواضيع من التاريخ الإسلامي وتتعامل معها بطريقة ساخرة وأحيانا لاذعة، إلاّ أن الأعمال الأدبية التي تتناول مواضيع دينية أو الأعمال الإسلامية النقدية أصبح من شأنها أن تثير حفيظة بعض التيّارات وسخطهم إلى درجة القيام بأعمال عنف. ويقول صادق العظم في هذا الإطار "إن العديد من المسلمين يشعرون بأنهم تحت الحصار وأنهم الخاسرون في عصر تسوده العولمة. والشعور بالتهميش يزيد من الحساسيّة المفرطة"، مشدّدا في الآن ذاته على أنّه لا يبحث عن تبريرات وإنّما يحاول فهم هذه الظاهرة.

ويضيف أن "العديد من الأوروبيين نسوا أن الإسلام في العالم العربي والإسلامي لا يزال يشكّل جزءا من الهويّة الجماعية، وعندما تتم إهانة الدين فإن ردّة الفعل لا تكون فردية وإنّما جماعية. وبالتالي فإن الدين مسألة جماعية وأساس عقائدي للمجتمع، على غرار الكاثوليكية في فرنسا قبل مائتي عام.

تشديد القيود على الإبداع الأدبي والعمل النقدي

عندما تجبر مؤسسات ثقافية إلى الرقابة الذاتية خوفا من ردة فعل عنيفة باسم الدينصورة من: picture-alliance/ DW-Grafik

وعليه، فإن الأعمال الأدبية التي تتناول الدين أو السياسية، مثل ظاهرة الإسلام السياسي، تكاد تكون مغيّبة عن الأدب العربي المعاصر. وعلى الرغم من أن الإسلام السياسي قد تحوّل إلى ظاهرة لها تأثير متزايد على المجتمعات العربية منذ نهاية السبعينات، إلاّ أن الأعمال التي تناولت هذه الظاهرة بشكل معمّق ضئيلة للغاية.

كما أن الأسباب التي تقف وراء تقريبا انعدام الأعمال الأدبية والأبحاث التي تتناول مثل هذه المواضيع، متعدّدة ومتنوّعة: ومن بينها تخوّف الكتّاب والناشرين من الملاحقة وكذلك المواقف الازدواجية لعدد من الكتاب والمفكّرين من ظاهرة الإسلام السياسي. وكذلك تغيّر الأوضاع في العالم العربي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001. وعليه فقد أصبحت المواقف الصريحة أمام أتباع التيارات الإسلامية المتطرفة بمختلف انتماءاتها، تُفهم على أنها مواقف مؤيّدة للغرب.

حرية الرأي في الغرب

وينتقد صادق العظم المواقف الغربية الدّاعية إلى التحفّظ فيما يتعلّق بحرية التعبير والرأي وذلك مراعاة لحساسية المسلمين من بعض المواضيع. كما يرفض الفيلسوف والمفكّر السّوري أيضا الرقابة الذاتية، مثلما هو الحال بالنسبة لدار النشر المعروفة "راندوم هاوس" التي كانت امتنعت عن نشر رواية للكاتبة الأمريكية شري جونس، ذلك أن روايتها التي تحمل عنوان "جوهرة المدينة" تتناول قصة عائشة، أصغر زوجات الرسول محمّد والتي كانت زُوّجت منه وهي ما تزال طفلة.

ويقول مضيفا: "إذا منع مسرح ما عرض قطعة مسرحية لأسباب أمنية، فليس عليّ إلا أن أحترم هذا القرار، على الرغم ن من أني ضدّ مثل هذه القرارات". وفيما يتعلّق بدار النشر "راندوم هاوس" يؤكّد العظم أنه من غير المتوقّع أن تدافع شركات كبرى مثل هذه الشركة عن حرّية الرأي، إلا إذا كان ذلك يخدم مصالحها، مضيفا بأنّه لا يتوقّع من مؤسسات حكومية أن تدافع عن حرية الرأي والتعبير. وبالتالي فإن المفكّرين والكتاب والجمعيات والمؤسسات الثقافية والعلمية هي التي تتخّذ مواقف قويّة وواضحة فيما يتعلّق بحرّية الرأي وتدافع عنها وتكافح من أجلها. يذكر أن صادق جلال العظم يعيش اليوم متنقّلا بين بيروت ودمشق والولايات المتحدة، حيث يحاضر في عدد من الجامعات الأمريكية.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW