"الفيلق الدولي للمتطوعين بأوكرانيا": قوة فاعلة أم سياحة حرب؟
٧ أبريل ٢٠٢٢
أصداء واسعة تبعت مناشدة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للمتطوعين الأجانب من أجل الدفاع عن أوكرانيا، فكيف كانت الاستجابة الفعلية حتى الآن، وما تقييم الخبراء العسكريين لفوائد هذه الخطوة على الأرض؟
إعلان
أعلنت أوكرانيا، وسط صخب إعلامي كبير، عن تشكيل فيلق دولي للمتطوعين الأجانب لمساعدة الشعب الأوكراني على التصدي للغزو الروسي، حيث بدا ذلك مكملا منطقيا للعقوبات التي بدأ المجتمع الدولي تنفيذها بالفعل.
ومع ذلك، فإن الواقع كان مخيبا للآمال، بحسب ما يقوله مارك كانسيان، وهو أحد كبار مستشاري برنامج الأمن الدولي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي، موضحا أنه قد تم إعادة معظم المتطوعين إلى أوطانهم وتم قصر أي انضمام للفيلق على أولئك الذين لديهم خبرة عسكرية سابقة. وفي تقرير نشره معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية، يقول كانسيان أن دروس التاريخ تفيد بأنه لكي تكون جهود المتطوعين الأجانب ناجحة، هناك حاجة إلى أن يتم الجمع بين عمليات الفحص والتدريب والانضباط والتنظيم، من أجل إنتاج قوة مفيدة عسكريا.
"16 ألف متطوع"
وكان الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي قد وجه نداء للمتطوعين الأجانب في 27 شباط/فبراير الماضي، عندما كان الغزو في بدايته، حيث قال إن "أي شخص يرغب في الانضمام للدفاع عن أوكرانيا وأوروبا والعالم، يمكنه أن يأتي ويقاتل إلى جانب الأوكرانيين ضد مجرمي الحرب الروس." وتحدث وزير الخارجية الأوكراني بالتفصيل عن تلك المناشدة الأولى بعد أيام قليلة، ثم أطلقت أوكرانيا موقعا إلكترونيا يتضمن آليات للمتطوعين الأجانب.
وبحلول مطلع شهر آذار/مارس، زعم زيلينسكي أن هناك 16 ألف شخص سجلوا من أجل الانضمام للحشد الأجنبي. وبالنظر إلى أن الجيش الأوكراني كان قوامه 145 ألف جندي فقط عند بداية الحرب، فإن ذلك كان من شأنه أن يكون بمثابة دفعة كبيرة في القوة.
كما قدم المتطوعون الأجانب أدلة واضحة على الدعم العالمي للقضية الأوكرانية. ويقول كانسيان إن الكولونيل البحري المتقاعد، أندرو ميلبورن، الذي كان يعمل مراسلا لمجلة "تاسك آند بوربوز" الإلكترونية، انتقل إلى أوكرانيا ووصف أداء المتطوعين هناك. وباختصار، فقد كان الوضع مخيبا للآمال، حيث وصف ميلبورن مشهدا من قلة الخبرة، وسياحة الحرب، والمثالية، قائلا: "هناك سرب من الحالمين لكل مرشح لديه خبرة في القتال. وحتى الخبرة القتالية تصبح قليلة القيمة في هذه الحرب، لأن تبادل طلقات النيران مع جماعة طالبان أو تنظيم القاعدة، يختلف تماما عن الجثوم على الركبتين في خندق شديد البرودة يتعرض للقصف بنيران المدفعية".
ويوضح كانسيان أنه كما هو الحال مع الكتائب الدولية، فقد بدأ تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف إعلاميا بداعش) بعملية تجنيد كبيرة. وعادة ما يأتي المتطوعون من خلال مساجد تعتنق أفكارا متطرفة، حيث يقوم رجال الدين فيها بإجراء مقابلات مع المتطوعين المحتملين وتقييمهم. وبمجرد اجتياز المتطوعين لهذه العملية، فإنهم يتحركون على طول طرق التسلل إلى الأمام. وقبل الانتقال إلى مسرح القتال، يتم فحص المجندين مرة أخرى في مكان آمن. ويمكن الاستنتاج من ذلك بأن الانضباط الشرس لتنظيم "الدولة الإسلامية" وغيرها من الفرق القتالية الدولية، ليس أداة يتعين على أوكرانيا أن تستخدمها. إنه أمر مشكوك فيه أخلاقيا، وقد ادعت أوكرانيا المكانة الأخلاقية العالية في الصراع. ويتبقى بالتالي الفحص والتدريب والتنظيم. ويبدو أن أوكرانيا تقوم بالفحص والتدريب على قواعدها في غرب أوكرانيا. ويمكن من خلال إخضاع المجندين الأجانب الجدد لعمليات فحص وتدريب، أن يتم استبعاد غير المناسب منهم، وتعزيز مهارات وقدرات من لهم قيمة.
ويرى كانسيان أن أوكرانيا تحتاج إلى إضفاء الطابع الرسمي على هذا الهيكل خوفا من أن يعمل سائحو الحرب بصورة مستقلة، وأن يقوموا بنشر بعض المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن بطولاتهم ثم إحباطاتهم، والعودة إلى الوطن بعد عدم إضافتهم أي شيء سوى نزع الشرعية عن الجهد العسكري.
أ.ف/ خ.س (د.ب.أ)
11 عاما على الاحتجاجات بسوريا.. أوكرانيا تعيد المشاهد للأذهان!
تعيد مشاهد الدمار في أوكرانيا الذاكرة لما حل في سوريا على أيدي القوات الروسية التي هرعت للدفاع عن الأسد وسوت مدنا بالكامل بالأرض. وبعد 11 عاماً من انطلاق الاحتجاجات المناهضة لنظام الأسد يبدو المشهد في البلدين متشابهاً.
صورة من: Moawia Atrash/ZUMA Wire/imago images
أوكرانيا والدرس السوري
في الذكرى 11 لحركة الاحتجاجات في سوريا، تشهد العديد من المدن الأوكرانية قصفاً مكثفاً من قبل القوات الروسية ما يعيد للأذهان ما حدث في غروزني الشيشانية وحلب السورية. مدينتان حولهما القصف الروسي في 1999 و2016 إلى رماد. ويعيد ما يحدث في أوكرانيا إلى الذاكرة أيضاً تصريحات وزير الدفاع الروسي: "اختبرنا أكثر من 320 نوعاً من مختلف الأسلحة في سوريا" ما يجعل غزو أوكرانيا تطبيقا لما جربه الجيش الروسي هناك.
صورة من: Izzeddin Kasim/AA/picture alliance
جذور الاحتجاجات وطريقة تعامل نظام الأسد
اندلعت شرارة الاحتجاجات في مارس/آذار عام 2011 على خلفية انتفاضات شعبية في عدة دول عربية لكن النظام السوري ومنذ اللحظة الأولى رفع لافتة كبيرة أمام العالم بأن ما يحدث هو مؤامرة خارجية يقف خلفها مثيرو الفتن والطائفية بهدف تدمير الدولة. لافتة كانت تحمل في طياتها الطريقة التي سيتعامل بها النظام على مدى سنوات مقبلة مع تلك الانتفاضة الشعبية.
صورة من: Muhammed Said/AA/picture alliance
احتجاجات تحولت إلى نزاع دامٍ!
مع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، قمع الأسد المتظاهرين السلميين بالقوة، لتتحول الاحتجاجات إلى نزاع مسلح شديد الدموية، سرعان ما تعددت جبهاته والضالعين فيه ما أدى لدمار شامل حل بالبلاد ودماء سالت على الأرض ورعب لم يأمن منه بشر ولا حجر ولا شجر.
صورة من: Ammar Safarjalani/Xinhua/picture alliance
البداية من درعا
قامت مجموعة من تلاميذ المدارس في بلدة درعا السورية جنوب دمشق، برسم رسائل معارضة للأسد على جدار محلي. وبعد ذلك بوقت قصير، ألقت أجهزة الأمن القبض عليهم وتعرضوا للضرب والتعذيب حسبما ورد. في 15 مارس/ آذار وجه ناشطون الدعوة إلى "يوم غضب سوري". وفي يوم الجمعة 18 مارس/ آذار، وطوال الأسبوع التالي، كانت درعا وقراها مسرحًا لمظاهرات حاشدة واشتباكات مع الأمن، أوقعت خلال الأسبوع 100-150 قتيل حسب المعارضة.
صورة من: dapd
رد شديد الوحشية
مع خروج السوريين إلى الشوارع للاحتجاج والمطالبة بمزيد من الحريات، كان رد نظام الأسد وقواته الأمنية سريعًا ووحشيًا - ليعاد تطبيق قواعد اللعبة في سحق المعارضة التي أرساها النظام الحاكم على مدى عقود. لكن عمليات القتل عام 2011 أثارت المزيد من الغضب ضد الأسد بدلاً من قمعه، وما بدأ كاحتجاجات سلمية تطورت إلى حركة معارضة مسلحة، مع تصاعد عنف النظام.
صورة من: dapd
التدخل الروسي يقلب الموازين
مع دخول الصراع السوري عامه الخامس بدأ الضغط يزداد بشكل كبير على نظام الأسد حتى أن البعض اعتقد أن سقوطه أصبح قريباً. كانت التنظيمات المسلحة المعارضة تكتسب قوة على الأرض كما كان تنظيم "الدولة الإسلامية" في تصاعد. لكن الأسد هرع إلى حليفه الروسي طالباً العون، لتتدخل المقاتلات الروسية في خريف 2015 وتحيل المشهد في سوريا إلى جحيم ليبدأ النظام في استعادة السيطرة على رقعة واسعة من الأراضي في منتصف 2018.
صورة من: Russian Defense Ministry Press Service/AP/picture alliance
مشاهد متكررة .. والفاعل واحد
يستحضر الهجوم الروسي على أوكرانيا والدمار الهائل الذي ألحقه بالمدن الأوكرانية صور ما جرى في سوريا والشيشان، وفي الخلفية عشرات الاتهامات "المتكررة" بارتكاب الجيش الروسي لجرائم حرب واستخدام أسلحة محظورة، وهي اتهامات وجهتها منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش لروسيا في كل من سوريا وأوكرانيا.
صورة من: picture-alliance/AA/A. el Ali
المدنيون.. ضحايا العمليات الروسية في كل مكان
تنفي روسيا دائماً استهداف المدنيين. تكرر النفي في أفغانستان والشيشان وسوريا والآن في أوكرانيا. لكن الواقع يقول إن سلاح الجو الروسي تسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين السوريين، إلى جانب ما قام به الجيش السوري وخصوصاً استهداف المناطق المدنية ببراميل المتفجرات. واليوم يتعرض المدنيون في أوكرانيا للقصف الروسي، لتدخل المستشفيات والمدارس وغيرها على خط النار كما حدث في سوريا من قبل.
صورة من: Reuters/S. Kitaz
ضحايا بالملايين
وفق منظمات أممية وأهلية، أودى النزاع السوري بحياة ما يقرب من 500 ألف شخص ودفع 6.6 ملايين آخرين إلى المنفى، وسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل سبعين ألف شخص في عام 2014 وحده. وتحفل قطاعات واسعة من الأراضي السورية بآلاف الألغام والقذائف غير المنفجرة التي تمثل تهديداًَ يومياً مباشراً على أرواح من تبقي من السوريين داخل البلاد.
صورة من: AFP/Getty Images
مفاوضات..مفاوضات.. بلا فائدة
في بيان أصدره المبعوث الأممي لسوريا بمناسبة مرور 11 عامًا على انطلاق الاحتجاجات السورية، شدد (غير بيدرسون) على ضرورة الوصول لحل سياسي ينهي معاناة السوريين للخروج من مأزق يمتد نحو 11 عاماً. لكن المنصب الذي تعاقب عليه كثيرون لم يتمكن أي من شاغليه من الوصول لحل يخفف حتى من آلام الشعب السوري، فيما رسخ نظام الأسد القسوة والسلاح كمبادئ أساسية للتعامل مع الأمر.
صورة من: Violaine Martin/UN Geneva/dpa/picture alliance
هل انتصر الأسد؟ وعلى من؟
يرى رئيس النظام السوري أنه في النهاية انتصر في معاركه. صحيح أنه نجح في الاحتفاظ بمنصبه كرئيس يسيطر على مساحة واسعة من أراضي البلاد وقضى على المعارضة المسلحة وعلى جزء كبير من الجماعات الجهادية. لكن على الجانب الآخر، دُمرت البلاد بشكل شبه كامل وقتل عشرات الآلاف وفر الملايين من البلاد وارتكبت مذابح وانتهاكات ربما لم يشهد لها التاريخ مثيلاً في العصر الحديث نفذها حاكم ضد شعبه.
صورة من: Muzaffar Salman/AP Photo/picture-alliance