الفيلم الإيراني "مجرد حادث" يحصد السعفة الذهبية بمهرجان كان
صلاح شرارة أ ف ب، ب أ، رويترز
٢٤ مايو ٢٠٢٥
المخرج جعفر بناهي حاصد للجوائز في المهرجانات الدولية. واليوم فاز بجائزة السعفة الذهبية في كان عن فيلمه "مجرد حادث"، الذي يتناول انتقادا للأوضاع السياسية في إيران. وسبق أن سجن بناهي مرتين ومنع من التصوير لمدة 20 عاما.
المخرج الإيراني جعفر نباهي يرفع السعفة الذهبية. ويسود غموض حيال المصير الذي تخبئه له السلطات في طهران بعد فيلمه الحادي عشر. صورة من: Stephane Mahe/REUTERS
إعلان
فاز المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي اليوم السبت (24 مايو/ أيار 2025) بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي عن فيلمه "مجرد حادث" الذي صُوّر في السر، داعيا على منبر الحدث السينمائي إلى "حرية" بلاده.
وكوفئ المخرج البالغ 64 عاما، والذي تمكّن من الحضور إلى مهرجان كان لأول مرة منذ 15 عاما، بالجائزة الأرفع في الحدث العريق، عن فيلمه الذي يقدّم قصة أخلاقية تغوص في مخطط سجناء سابقين للانتقام من جلاديهم.
فيلم "تاكسي" لجعفر بناهي..رحلة سرية داخل المجتمع الإيراني
رغم أن المخرج جعفر بناهي وُضع تحت الإقامة الجبرية وممنوع من ممارسة نشاطه السينمائي، إلا أنه صور فيلما وثائقياً ناجحاً وبشكل سري، سلط فيه الضوء على عدد من القضايا التي تشغل الإيرانيين.
صورة من: picture-alliance/EPA/Str
يعاني بناهي من الرقابة الممارسة منذ سنوات على أعماله. لكن فيلمه "تاكسي" نال الإعجاب عالميا كما هو الحال في برلين، التي فاز فيها هذا العام بجائزة "الدب الذهبي" للبرليناليه.
صورة من: picture-alliance/dpa/Weltkino Filmverleih
بسبب االمنع من السفر لم يتمكن بناهي من الحضور إلى برلين وتسلم الجائزة بنفسه، ونابت عنه ابنة أخيه البالغة من العمر عشرة أعوام، والدموع تسيل من عينيها.
صورة من: picture-alliance/dpa/: Kappeler
ثبت المخرج كاميرا داخل سيارة أجرة قادها بنفسه، وصور تفاصيل جولة دامت تسعين دقيقة في شوارع طهران. الناس الذين كانوا يركبون معه مواطنون بسطاء، كهاتين السيدتين في الطريق إلى جنازة وتحملان سمكة ذهبية.
صورة من: picture-alliance/dpa/Weltkino Filmverleih
لكن من بين الركاب كان هناك أيضا شخصيات معروفة كالمحامية والناشطة الحقوقية نسرين سوتوده، التي تحدثت في الفيلم بجرأة ووضوح عن عدد من الأّمور.
صورة من: picture-alliance/dpa/Weltkino Filmverleih
يحتفي العديد من الإيرانيين بالمخرج بناهي تضاماً معه في محنته مع السلطات، كما تفعل هنا الممثلة الإيرانية المشهورة رويا تيموريان، التي تلتقط صوة له.
صورة من: Irna
يعد المخرج بناهي منذ سنوات من بين الشخصيات الأكثر تأثيرا في بلده. ويستغل شهرته في اللقاءات القليلة التي يشارك فيها لتبني عدد من القضايا كهذه المظاهرة ضد حرب غزة.
صورة من: ISNA
عُرضت أفلام بناهي في عدد من المهرجانات العالمية وحصلت على عدة جوائز، كمهرجان كان والبندقية ووبرلين، التي حصل فيها عام 2006 على "الدب الفضي" بفيلم "حالة تسلل".
صورة من: BEHROUZ MEHRI/AFP/Getty Images
في السنوات الأربع الماضية أخرج بناهي ثلاثة أفلام بحد أدنى من الإمكانيات. فمنذ عام 2010 وهو ممنوع من إعطاء حوارات صحفية أو السفر إلى الخارج، ليبقى التهريب السبيل الوحيد لأفلامه للوصول إلى المهرجانات.
صورة من: picture-alliance/dpa
الظروف التي يعيش فيها جعفر بناهي جعلت منه شخصية مشهورة داخل بلاده وخارجها. وأفلامه تندرج ضمن صنف الأفلام السياسية، لكنها لا تخلو من لمسات فنية جميلة.
صورة من: picture-alliance/EPA/Str
9 صورة1 | 9
دور الفنانيين في "تحويل الظلام إلى غفران"
وقدمت النجمة كيت بلانشيت الجائزة لبناهي، الذي كان سجينا في إيران قبل ثلاث سنوات قبل أن يدخل إضرابا عن الطعام.
إعلان
وقوبل المخرج بعاصفة تصفيق مع الوقوف من الحضور. ويمد فوز "مجرد حادث" أحد حالات الفوز المتتالي غير المسبوقة في الأفلام، حيث حصد مخرجون وزعت أعمالهم شركة "نيون" المستقلة لتوزيع الأفلام آخر ست سعفات ذهبية.
وخلال تسليمه جائزة السعفة الذهبية، تطرقت رئيسة لجنة التحكيم جولييت بينوش إلى الدور الذي يضطلع به الفنانون في "تحويل الظلام إلى غفران". وقالت النجمة الفرنسية: "الفن يستفز ويطرح الأسئلة ويبدّل الأوضاع (...) الفن يحرك الطاقة الإبداعية لأثمن جزء فينا وأكثره حيوية. قوة تحوّل الظلام إلى غفران وأمل وحياة جديدة".
غموض حيال مصير بناهي الذي تخبئه له طهران
وقال بناهي باللغة الفارسية، بحسب ترجمة قدمها المهرجان "أعتقد أن هذه اللحظة المناسبة لسؤال كل الناس، جميع الإيرانيين، بكل آرائهم المختلفة عن الآخرين، في كل مكان في العالم، في إيران أو في العالم، أسمح لنفسي أن أطلب شيئا واحدا: دعونا نضع جانبا (...) كل المشاكل والاختلافات، الأمر الأكثر أهمية في هذه اللحظة هو بلدنا وحرية بلدنا".
ويسود غموض حيال المصير الذي تخبئه له السلطات في طهران بعد فيلمه الحادي عشر، إذ سبق أن سُجن المخرج مرتين في إيران حيث حُكم عليه في عام 2010 بالسجن ست سنوات ومُنع من التصوير لمدة 20 عاما.
وقال بناهي لوكالة فرانس برس الثلاثاء "الأهم هو أن الفيلم قد أُنتج. لم أُفكر في ما قد يحدث بعد ذلك. أشعر بأني حيّ ما دمت أصنع أفلاما".
ومنذ عام 2010، لم يتمكن المخرج الإيراني من مغادرة بلاده لحضور أيّ من المهرجانات السينمائية الكبرى التي أغدقت عليه الجوائز، فقد فاز بجائزة "الدب الذهبي" مرتين في برلين، وثلاث جوائز فيكان، وجائزة أخرى في مهرجان البندقية.
جوائز أخرى
ومن بين الفائزين اليوم السبت أيضا الشابة الفرنسية نادية مليتي التي حصلت على جائزة أفضل ممثلة وهي لم تتعدّ الثالثة والعشرين، عن أول دور سينمائي لها في فيلم "الأخت الصغيرة" للمخرجة الفرنسية من أصول تونسية حفصية حرزي.
وتؤدي هذه الطالبة الرياضية التي رُصدت في اختبار أداء، دور فاطمة ابنة السبعة عشر عاما، وهي شابة مسلمة تكتشف مثليتها الجنسية.
والفيلم مقتبس من رواية سيرة ذاتية للكاتبة فاطمة دعاس صادرة عام 2020.
وتم منح الجائزة الكبرى، وهي جائزة لجنة التحكيم، لفيلم الدراما العائلية النرويجي للمخرج خواكيم تريير "القيمة العاطفية"، الجزء الثاني الذي لاقى احتفاء من فيلمه "أسوأ شخص في العالم".
وفاز فيلم "العميل السري" للمخرج البرازيلي كليبر ميندونسا فيليو (56 عاما) بجائزتين: أفضل مخرج وأفضل ممثل لفاغنر مورا (48 عاما) المعروف خارج البرازيل بتجسيده شخصية بابلو إسكوبار في مسلسل "ناركوس" على نتفليكس.
وتقاسم جائزة لجنة التحكيم كل من الفيلم الدرامي العائلي (ساوند أوف فولينج) "صوت السقوط" للمخرجة الألمانية ماشا شيلينسكي، التي تستكشف مئة عام من الصدمات العائلية من خلال مصير أربع نساء، وفيلم (سيرات) الذي، الذي تدور أحداثه في المغرب، للمخرج الفرنسي الإسباني أوليفييه لاكس.
وحصل فيلم الخيال العلمي "وقت صاخب" للمخرج بي جان على جائزة خاصة.
تحرير: عبده جميل المخلافي
إيران: أمة سينمائية كبيرة
في وقت واحد، يركز مهرجان السينما في هامبورغ ومهرجان سينما حقوق الإنسان في نورنبرغ على المخرجين الإيرانيين، إذ تعرض فيهما أفلام إيرانية أنتجت رغم الرقابة والقمع في عهد الشاه وبعده، وتظهر أن إيران أمة سينمائية كبيرة.
صورة من: NIHRFF
جعفر بناهي وفتح نافذة على العالم
تسلط الأضواء العالمية من جديد حالياً على مخرجي الأفلام الإيرانيين. المخرج جعفر بناهي موضوع في طهران منذ مدة طويلة قيد الإقامة الجبرية. ورغم ذلك، تمكن بناهي من إنتاج فيلمه "ستائر مغلقة" (في الصورة). وقد حصل في فبراير/ شباط على جائزة الدب الفضي من مهرجان برلين السينمائي (بيرليناله). وسيتم عرض فيلم بناهي ضمن سلسلة "إيران ديلوكس" في مهرجان الفيلم بهامبورغ.
صورة من: uConnect
اهتمام كبير بـ"المخطوطات لا تحترق"
على الرغم من القمع في ظل نظام الشاه وحكومات المتشددين الدينيين بعد عام 1979، نجح المخرجون الإيرانيون مراراً وتكراراً في إنتاج أفلام رائعة. وقد حظي العرض الأول في ألمانيا لفيلم "المخطوطات لا تحترق" لمحمد رسولوف باهتمام كبير. محمد رسولوف ممنوع حالياً من مغادرة إيران. ويصور فيلمه نظاماً يقوم على المراقبة والتخويف.
صورة من: Elle Driver
دراسات سينمائية مثيرة
الحياة في ظل الرجعية يمكن مشاهدتها أيضاً في عمل قديم للمخرج الإيراني الشهير عباس كياروستامي. ففي فيلمه "المسافر"، الذي أخرجه عام 1974، يحكي كياروستامي قصة مشجع كروي شاب كان يريد الذهاب إلى طهران ليشاهد في الاستاد مباراة فريقه المفضل. وقد اعتمد كياروستامي على ممثلين أطفال وأشخاص بسطاء في فيلمه.
صورة من: DreamLab Films
صراعات مع السلطات
فيلم "حياة صامتة" للمخرج سهراب شهيد ثالث (1974) يعتبر أيضاً دراسة رائعة لهموم واحتياجات الناس البسطاء. ففي مواقف هادئة وطويلة، يحكي ثالث عن حياة عامل في السكة الحديدية بإحدى المناطق الريفية يفقد عمله في يوم من الأيام وتتحول حياته التي هي أصلاً صعبة إلى حياة أكثر صعوبة. الفيلم هو عبارة عن شكوى ضد الفقر والبؤس الاجتماعي.
صورة من: New Film Group and Telefilm
نظرة على مناطق اجتماعية ملتهبة
تعرض في هامبورغ أفلام أنتجت في حقبة نظام الشاه وأخرى في زمن ما بعد عام 1979. وكان فيلم "العداء" من عام 1985 لأمير ناظري أول فيلم إيراني يشاهد خارج إيران بعد اندلاع الثورة الإسلامية. ويصوّر الفيلم حياة يتيم من أيتام الحرب عمره 13 عاماً ويعيش في مدينة ساحلية إيرانية. صورة مخيفة من الفقر والحزن.
صورة من: DreamLab Films
الحرب مع العراق في السينما
تناول المخرج بهرام بيزاي في عام 1986 موضوعاً حساساً هو الحرب بين إيران والعراق، التي كانت ما زالت مستعرة في ذلك الوقت. في فيلم "باشو الغريب الصغير"، يحكي المخرج عن صبي عمره عشر سنوات يفقد عائلته ويضيع في البلاد. في البداية، دعم النظام الإيراني الفيلم، وبعد أن اتضح أنه فيلم نقدي شديد، قامت الرقابة بمنعه.
صورة من: DreamLab Films
نقد الوضع الاقتصادي
فيلم "الحاجة" (1991) من إخراج علي رضا داود نجاد هو أيضاً مثال مذهل على تعامل المخرجين الإيرانيين بلا هوادة مع الواقع الاجتماعي. في الفيلم يتصارع شابان حول فرصة تدريب. ويعتمد فيلم "الحاجة" أيضاً على ممثلين صغار السن. كما أنه فيلم خارج أيديولوجيات الوطنية والدعاية ويظهر صورة الحياة الحقيقية للشعب في إيران.
صورة من: Farabi Cinema Foundation
تواجد للسينما الإيرانية في نورنبرغ أيضاً
الأفلام الإيرانية لا تثير الإعجاب في هامبورغ فقط، وإنما في نورنبرغ أيضاً، حيث يقام المهرجان السينمائي الدولي لحقوق الإنسان، الذي يركز هذا العام على إيران. أفلام مثل "نار تحت الرماد" تلقي نظرة على المناخ السياسي الحالي في البلاد. وكان من المفروض أن يكون المخرج الإيراني محمد رسولوف هو راعي المهرجان، لكنه ممنوع من مغادرة طهران.