1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

القاعدة في اليمن من المواجهة الى الاستنزاف

جاسم محمد١١ أكتوبر ٢٠١٢

يعود الكاتب جاسم محمد إلى ملف تنظيم القاعدة في اليمن، من خلال متابعة ظاهرة الطرود البريدية المفخخة التي برزت في الآونة الأخيرة.

صورة من: AP

عبوات الاستنزاف

برزت على سطحالإحداث قضية الطرود البريدية المفخخة في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر 2010 ، لتعيد الى السطح حمى الحرب على الإرهاب . فقد كشف قائد شرطة دبي في 05.11.2010 معلومات تكشف أسرار الطرود المفخخة والتي كانت على متن الخطوط الجوية القطرية / طائرة شحن المغادرة من مطار صنعاء الدولي الى مطار دبي . حيث عثر على طردي بريد ناسفين على شكل طابعة تستهدف معابد يهودية في شيكاغو .

وتشير تفاصيلحركة الطردين أن أولهما وصل إلى مكتب شركة (يو بي إس) الكائن في حي ـ حدةـ في العاصمةاليمنية صنعاء وفيه قنبلة داخل خرطوشة طابعة في طرد موجَّه إلى كنيس يهوديفي شيكاغو/ الولايات المتحدة ، وفي الوقت نفسه وصل الطرد الثاني داخلهقنبلة محلية الصنع إلى مكتب شركة (فيديكس)، والذي كان موجهاً إلىذات عنوان الطرد الأول، وخلال أيام مرّ الطردان عبر أربع دول على متن أربعطائرات مختلفة ، بينهما طائرتا ركاب ، قبل اكتشاف الطردين في بريطانيا ودبيبعد تحذير من الاستخبارات السعودية .!

وكانت حمى الطرود المفخخة قد انتقلت إلى العاصمة اليونانية أثينا، إذ أحبطت الشرطة محاولات

لتنفيذاعتداءات بواسطة طرود مفخخة موجهة الى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وثلاثسفارات في أثينا .وبدأت القضية مع انفجار أول طرد مفخخ موجه إلىالسفارة المكسيكية وضعه مجهول في شركة للبريد السريع وسط أثينا وكذلك سارع خبراء نزع الألغامإلى تعطيل طرد مفخخ ثان موجه إلى سفارة هولندا .

الحرب ضد القاعدة في اليمنصورة من: picture-alliance/dpa

نتائج التحقيقات

تشير التحقيقات الأولية في قضية الطرود اليمنيةإلى أن شاباً سعودياً معروف بأنه صانع قنابل لدى تنظيم القاعدة هو مشتبهبه رئيس، حيث أشارت صحيفة (واشنطن بوست) إلى أن المحققين يعتقدون أن هذاالشخص هو خبير المتفجرات السعودي إبراهيم حسن العسيري (28 عاماً) ، وهومقيم في اليمن ومدرج على قائمة المطلوبين في السعودية ، وهو الذي صنعالقنبلة التي نقلها النيجيري عمر فاروق عبد المطلب وفشل في تفجيرها على متنرحلة متوجهة إلى ديترويت في ديسمبر 2009 .
ونقلت البيانات عن الخبراء القول إن المواد المكتشفة هي " بي تي ان" و"إيزايد الرصاص" وهي مواد شديدة الانفجار تستخدم في صواعق التفجير ،مشيرة إلى أن شرطة دبي أحبطت عملية إرهابية كانت محتملة الحدوث في الجهةالتي من المفترض أن تصل الطرود إليها في داخل اميركا .

القاعدة تتبنى العملية

تبنى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في بيان له سلسلة عمليات فاشلةلإرسالطرود ملغومة للولايات المتحدة و أوروبا، وأعلن مسؤوليته عن تحطمطائرة شحنتابعة لشركة يونايتد بارسيل سيرفس (يو.اس.بي) في دبي في سبتمبرأيلول2010.

ويمكن اعتباره هجوماً غير مسبوق يستهدف نظام الشحن الجوي، وهو أحد أركانالاقتصاد العالمي، وليست عملية نقل الركاب وتعهد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بتعميم فكرة الطرودالمفخخة على النت لتوسيع دائرة تطبيقها لتشمل الطائراتالمدنية في الغرب إضافة إلى طائرات الشحن .

أما شرطة دبي ، فقد رفضت الربط بين الطرود المفخخة و سقوط طائرةUPS للشحن في سبتمبر/ أيلول 2010 في دبي .

إنالطريقة المعقدة التي تمت بها صناعة هاتين القنبلتين تدل على أنها منتنفيذ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ، وأن عددا من الأشخاص شاركوافي هذه العملية و أن المتفجرات التي استخدمت في الطرد كانت من نوع لا تستطيع أجهزةالأشعة أو الكلاب البوليسية اكتشافه ، وأنه اكتشف بعد أن تلقت أجهزة الأمنمعلومات استخباراتية بشأنه ، و كانت الطرود معدة للتفجير بواسطة الموصل الحراري .

تنظيم القاعدة يصف العمليات

في مراجعة إصدار القاعدة / صدى الملاحم في العدد السادس عشر، للسنة 2012 التابع لتنظيم اليمن والجزيرة العربية ، ذكر الإصدار في صفحته 17 بقلم يحيى إبراهيم تحت موضوع " عبوات الاستنزاف " قائلا ان عملية الطرود البريدية التي أحدثت ضجة في المطارات العالمية وأثارت الذعر عند الغرب لم تكلف تنظيم القاعدة غير مبلغ 4300 دولار أميركي، بضمنها شراء هاتفان ب 150 دولار للواحد وطابعتان كمبيوتر بسعر 300 دولار للواحدة إضافة الى نفقات المواصلات والشحن لتصل الى مبلغ 4200 دولار أميركي . ولم تستغرق العملية أكثر من ثلاثة أشهر للإعداد إليها.أما فريق العمل الذي كان وراء عملية الطرود البريدية المفخخة فكان يتكون من ستة أشخاص فقط .

أكدت بيانات التنظيم ، بان القنبلتين تم صنعهما من " بي تي ان" و"أسيد الرصاص" وهي مواد شديدة الانفجار تستخدم في صواعق التفجير . وتم الاستغناء عن استخدام المعادن لتجنب كشفها بواسطة الأشعة واعتماد طريقة جديدة في صعق المواد المتفجرة كلها بدون استخدام المعادن.

كذلك اعتمد فريق العمل على عملية التغليف الجيد وحبس ذرات المواد المتفجرة في حيز مغلق ويمنع تطايرها ، ثم اعتماد الغسل المتكرر للعبوات من الخارج بالمذيبات العضوية ليمنع انتشار المواد من الانتشار على جدار العبوة لتجنب اكتشافها من قبل الكلاب البوليسية بواسطة حاسة الشم . كما تم إفراغ الحبر من الطابعة وإبداله في مادة أل (بي اي تي ان )مع صاعق من أسيد الرصاص لتكون عبوة ناسفة بواسطة هاتف محمول .

الهدف من العملية :

اعترفت القاعدة في إصدارها بان الهدف من العملية كان اقتصاديا واضافة حالة الصدمة والرعب داخل المطارات . وان القاعدة في الجزيرة العربية واليمن اختارت طائرات الشحن اكثر من طائرات المسافرين التي كانت أخرها محاولة المواطن النايجيري فاروق عبد المطلب على متن طائرة اميركية متجهة من مطار امستردام في هولندا الى الولايات المتحدة الاميركية عشية اعياد الميلاد عام 2009 . واعتبر تنظيم القاعدة طائرات الشحن كهدف لا يجلب الانتباه والاهتمام من قبل الوكالات الاستخبارية واجهزة الامن والحماية.

اعضاء في تنظيم القاعدة باليمنصورة من: picture-alliance/dpa

وكما كان متقوقعا فان العبوات فتشت في مكتب الفيدكس في عمان ومرت العبوتان من اجهزة الكشف في مطار صنعاء ولم تكتشف ، فحسب ادعاء القاعدة في بيانها فان العبوة الاولى نجحت بالمرور من مطار صنعاء وفجرة الطائرة UPSللشحن في سبتمبر/ أيلول الماضي المنطلقة من دبي ( بواسطة الهاتف ) رغم رفض سلطات دبي ربط هذه العملية بعملية الطرود المفخخة . أما الطرد الثاني فقد وصل الى بريطانيا ولولا المعلومات الاستخبارية لتفجير العبوة الثانية .

ردود فعل الإدارة الأميركية

كانت تصريحات الإدارة الأميركية حول الطرود المفخخة وكيفية الكشف عنها يلفها الكثير من الغموض ، حتى أنها لم تشر إلى الدولة او المطار التي تعرضت له القاعدة في عمليتها ، وأعطت شبكة السي ان أن الكثير من الأهمية في لقاءاتها المباشرة على الهواء مع مستشاريي الأمن القومي ومع رئيس لجنة الاستخبارات في الكونغرس ومع عملاء ال س أي اية ، لتخرج النتائج لاحقا بان عميلا للسعودية يعمل داخل تنظيم الجزيرة واليمن ، كان مكلفا بتنفيذ العملية وقام الأخير باللجوء إلى السعودية .

استخباريا : إن من يملك أرقام تسلسلات الطرود البريدية المفخخة التي خرجت من مطار صنعاء والتي أعلنت عنها شرطة دبي هو من يدير العملية ، رغم اتهام الولايات المتحدة الأميركية المواطن السعودي الذي التحق بتنظيم اليمن والجزيرة العربية إبراهيم العسيري حيث أشارت صحيفة (واشنطن بوست) إلى أن المحققين يعتقدون أن هذاالشخص هو خبير المتفجرات السعودي إبراهيم حسن العسيري (28 عاماً)، وهومقيم في اليمن ومدرج على قائمة المطلوبين في السعودية، وهو الذي صنعالقنبلة التي نقلها النيجيري عمر فاروق عبد المطلب وفشل في تفجيرها على متنرحلة متوجهة إلى ديترويت في ديسمبر 2010 . وممكن ان حصلت الولايات المتحدة المعلومات حول العسيري بعد قضية فاروق عبد المطلب /المواطن النايجيري والذي خضع لاستجواب القضاء والاستخبارات الأميركية داخل الولايات المتحدة نهاية عام 2009 .
وقد رجح نائب مستشار الأمن القومي الأميركيأن يكون المواطن السعودي إبراهيم حسن العسيري، المتخصص في صنع القنابل فيتنظيم القاعدة ، هو الذي صنع القنبلتين بالإضافة إلى قنبلتين استخدمتا فيمحاولتين أخريين وقال: "إن الشخص الذي يصنع هذه القنابل، ومنها القنبلةالتي استخدمها عمر فاروق عبد المطلب، والقنبلة التي استخدمها الشخص الذيحاول اغتيال الأمير محمد بن نايف في السعودية، والقنبلتين اللتين وجدتا فيهذين الطردين، شخص خطير جدا، ومن الواضح أنه تلقى تدريبا جيدا ولديه خبرةكبيرة ."

الاستخبارات السعودية تعمل داخل اليمن

أي ان العملية تم الترتيب اليها من داخل الأراضي اليمنية وبإدارة الاستخبارات السعودية وبدون علم او تنسيق الحكومة اليمنية و استخباراتها آنذاك ، حيث تم شحن الطرود واستلام بوليصة التسليم مع الأرقامالتسلسلية لهذين الطردين باستخدام بطاقة هوية ورقم هاتف لامرأة ضحية بعد ذلك ، قامت السعودية بإبلاغ الأمريكيين بتلك المعلومات الاستخبارية لتؤكد السعودية إمساكها بالوضع الأمني في اليمن وفي نفس الوقت تعطي إشارة حسن النوايا للاستخبارات الأميركية في تعاونها المشترك الذي بات ضروريا من وجهة نظر السعودية لمحاربة الإرهاب في المنطقة .

أن تنظيم اليمن والجزيرة العربية يضم الكثير من المقاتلين السعوديين المطلوبين للحكومة السعودية والتي تسربت إعداد منهم الى داخل اليمن بعد تشديد الامن السعودي قبضته في متابعة التنظيم والمجموعات الجهادية داخل المملكة . ويستخدم اليمن ساحة بديلة " للجهاد " .أما السعودية فتتعامل استخباريا مع اليمن بأنه الحديقة الخلفية ولا تفرط به .

تهديدات القاعدة للمصالح الأميركية

أن استهداف تنظيم اليمن والجزيرة الولايات المتحدة يجعل الولايات المتحدة تنظر إليه بأنه التنظيم الأكثر خطورة وتهديدا للولايات المتحدة والغرب أكثر من معاقله في أفغانستان كون أهدافه لم تعد محدودة داخل اليمن والجزيرة بقدر ما يهدد مصالح الولايات المتحدة ويعطي مبرر للولايات المتحدة وبريطانيا والغرب بالتدخل في شؤون اليمن . الولايات المتحدة الأميركية لا تخفي قلقها إزاء وجود تنظيم القاعدة في اليمن الذي بات يهدد مستقبل التجارة الدولية عبر مضيق باب المندب والذي لا يبعد كثيرا عن القرصنة في القرن الإفريقي وسواحل الصومال .

تحتاج اليمن خلال فترتها الانتقالية هذه ، الى دعم دولي اكبر لمواجهة الإرهاب والنهوض بمقومات الدولة اليمنية عكس ما جاء في مؤتمر الرياض الأخير في سبتمبر2012 للدول المانحة لليمن والذي أعده المراقبون بخيبة الأمل . اليمن ، ممكن ان يمثل جغرافية امتداد للتنظيمات الجهادية والقاعدة في القرن الإفريقي وسواحل الصومال بسبب ما موجود من تداخل جغرافي وديموغرافي للمنطقة ولكنه في نفس الوقت ان يكون الحزام الأمني العازل ، يحمي المنطقة ان تم إعداده بشكل جيد وهي تشبه معالجة الحرائق بالحرائق . أرى أن اليمن يمثل بعدا امنيا لدول المنطقة ، وتهديد امن اليمن سيفتح الفوضى على كل الاحتمالات في المنطقة وسوف لا تكون اليمن هي الخاسر الوحيد بل الولايات المتحدة ودول المنطقة بالكامل .

أما عدن ومدن الجنوب فهي المدن الأكثر تضررا من تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة وهي مازالت تعاني الكثير من الدمار ومن سيطرة أمراء الحرب والجهاد اللذين لا يترددون من التلويح بمسك مضيق باب المندب وتهديد الملاحة العالمية تحتاج إلى النهوض بالبنى التحتية ومعالجة البطالة .

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW