خلال شجار بين مجموعة رجال في كوتن بولاية ساكسونيا-أنهالت، لقي شاب ألماني مصرعه، فيما تمّ القبض على شابين أفغانيين. جريمة استنفرت قوات الأمن الذين باشروا التحقيقات وسط خشية من أن تشهد كوتن ما تشهده كيمنيتس منذ أسبوعين.
إعلان
دعا وزير داخلية ولاية ساكسونيا - أنهالت هولغر شتالكنيشت، إلى التروي والتزام الهدوء، بعد مقتل شاب ألماني نتيجة شجار عنيف وقع بمدينة كوتن بولاية ليل (السبت/ الأحد التاسع من أيلول/ سبتمبر).
وتابع الوزير أنه يتفهم جيدا الارتباك السائد حاليا بعد الإعلان عن خبر وفاة الشاب، لكنه ومع ذلك يجب "الثقة في دولة القانون التي سوف تستخدم جميع الوسائل الممكنة وبحزم للكشف عن ملابسات الجريمة".
56:00
وكان الادعاء العام بولاية ساكسونيا - أنهالت قد أعلن اليوم الأحد إلقاء القبض على مواطنين أفغانيين اثنين على خلفية اشتباه أولي بهما في الضلوع في جريمة القتل هذه. ونقلت موقع تلفزيون (mdr) أن الشابان المشتبه بهما يبلغان من العمر 18 عاما و20 عاما، وأن أحدهما حصل على حق اللجوء، فيما صدر بحق الآخر قرار ترحيل عن ألمانيا.
وجاء في بيان الشرطة والادعاء العام بالولاية، بأن الضحية يبلغ من العمر 22 عاما. وأضاف البيان أنه ليس هناك معلومات متوفرة حاليا حول خلفيات الحادث، لكنه أكد في الوقت ذاته حدوث عراك بين مجموعتين من الرجال؛ كما شدد البيان على أن التحقيقات جارية على قدم وساق وفي كل الاتجاهات.
من جهتها، ذكرت تقارير إعلامية متطابقة أن شجارا بين شابين ألمانيين وآخرين مهاجريين وقع في ساحة لعب بمدينة كوتن، دون ذكر الأسباب.
وتسود الخشية بولاية ساكوسونيا-أنهالت أن يتكرر ذات السيناريو الذي وقع في كيمنتس في ولاية ساكسونيا المحاذية التي تشهد مظاهرات متواصلة برز فيها بقوة التيار اليميني المتطرف بخطابه المعادي للأجانب، منذ الاعلان قبل أسبوعين عن مقتل رجل في منتصف الثلاثينات متأثرا بجراحه بعد طعنه بسكين. وقالت الأجهزة الأمنية حينها إن الضحية ألماني.
وكما هو الأمر في مدينة كوتن، أعلنت السلطات عن اعتقال شابين مهاجرين، أحدهم عراقي والآخر سوري، يتواجدان منذ أسبوعين قيد الحبس الاحتياطي. فيما يتم البحث عن شاب ثالث يعتقد أنه ضالع في الجريمة.
و.ب/ع.خ (د ب أ، DW)
كيف تحولت مدينة كارل ماركس السابقة إلى مسرح للتطرف اليميني؟
شهدت كيمنتس تحولا كبيرا منذ إعادة توحيد ألمانيا بدءًا بعودة اسمها الأصلي إلا أنها أمست رمزا للخوف على ديمقراطية ألمانيا وانقسام المجتمع بعدما وقعت جريمة قتل لرجل ألماني، يشتبه أن مرتكبيها هما اثنان من طالبي اللجوء العرب.
صورة من: Secunda-Vista/Fotolia.com
ثالث أكبر مدن ساكسونيا
بمساحتها البالغة نحو 220 كيلومترا مربعا وعدد سكانها البالغ نحو ربع مليون نسمة، تعد مدينة كيمنتس بعد مدينتي دريسدن ولايبزيغ الشهيرتين، ثالث أكبر مدن ولاية ساكسونيا بأقصى شرق وسط ألمانيا. وكانت واحدة من أهم مدن الصناعة في ألمانيا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
صورة من: picture-alliance/dpa
تغيير الاسم على طريقة السوفييت
اسمها جاء من نهر كيمنتس الذي يمر بها، وبنهاية الحرب العالمية الثانية تدمر نحو 90 في المائة من قلب المدينة. ومن عام 1953 وحتى 1990 في فترة ما عرف بـ"ألمانيا الشرقية" تحول اسمها لـ"مدينة كارل ماركس"، على غرار ما كان الاتحاد السوفيتي السابق يفعله من إعادة لتسمية المدن مثل ستالينغراد (فولغوغراد حاليا) ولينينغراد (سانت بطرسبرغ).
صورة من: imago/ecomedia/robert fishman
مشاهد من عصر النازية
كان برلمان كيمنتس من أوئل البرلمانات، التي سيطر عليها النازيون خلال حقبتهم، ما غير الوجه الثقافي للمدينة. وجرى اضطهاد اليهود ومصادرة أملاكهم، وحرق معابدهم في "ليلة الكريستال". ومن لم يهرب منهم خارج كيمنتس تم ترحيله أو إرساله إلى مراكز الاعتقال.
صورة من: picture alliance
تأثير سوفيتي كبير
بعد الحرب العالمية الثانية أصبح النفوذ السوفيتي واضحا في كيمنتس سواء من الناحية العسكرية أو المالية أو التعدين أو حتى الثقافة. وفي فترة الستينات كانت هناك حركة عمران كبرى. وفي السبعينات نالت شهرة في المسرح والرياضة مثل التزلج الفني على الجليد ورياضات الدرجات والسباحة ورفع الأثقال.
صورة من: picture-alliance/ ZB
مصاعب ما بعد الوحدة
رغم آلاف الشركات التي أُنشئت في كيمنتس بعد الوحدة الألمانية منذ 1990 إلا أن ذلك لم يخف لسنوات طويلة ما يعانيه السكان من بطالة. غير أن نسبة البطالة بدأت في التحسن فوصلت إلى 13 في المائة عام 2013 لتصبح الآن أقل من 8 في المائة عام 2018.
صورة من: picture-alliance/ZB
جريمة قتل تفسح الطريق لليمين المتطرف
مثل غيرها من مدن ولايات شرق ألمانيا وجد اليمين المتطرف نفسه في كيمنتس، رغم أن أعضاء حزب البديل الشعبوي والحزب القومي (النازيون الجدد) في برلمان المدينة هم أربعة فقط من بين 60 عضوا. غير أنه في ليلة السبت/ على الأحد (26 أغسطس/ آب 2018) ظهر اليمين المتطرف بقوة إثر مقتل رجل ألماني عمره 35 عاما، خلال احتفالات المدينة.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Prautzsch
الاحتشاد أمام كارل ماركس
صدر أمر باعتقال اثنين مشتبه بهما في قتله، أحدهما سوري عمره 23 عاما، والآخر عراقي عمره 22 عاما، يفترض أنهما وجها للرجل الألماني عدة طعنات. وبعدما انتشر خبر مقتله وقعت مظاهرات بعد ظهر الإثنين في قلب مدينة كيمنتس، واحتشدت مجموعات من اليمين المتطرف حول تمثال كارل ماركس.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen
صراع اليمين واليسار وهجوم على أجانب
بالتزامن مع ذلك تكونت مظاهرة مضادة من قبل الأحزاب اليسارية في نفس المكان، مما حتم تدخل الشرطة لمنع وقوع الصدام. وقام أشخاص من اليمين المتطرف بمهاجمة أجانب في كيمنتس. وفي المساء بدأت المظاهرات تهدأ بعدما أسفرت عن جرح ستة أشخاص، وتقول الشرطة إن عدد المشاركين في المظاهرات جاء أكبر من توقعاتها بكثير.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Seidel
"غير قابل للانقسام"
أظهرت تلك الأحداث مدى المخاطر التي تحدق بالديمقراطية والتعددية في ألمانيا، وتحدث سياسيون ومشاهير عن قلقهم من الانقسام، وأُعلن عن تنظيم مبادرة "غير قابل للانقسام" (unteilbar#)، من أجل التظاهر في برلين في 13 أكتوبر/ تشرين الأول، ضد الإقصاء وتأييداً لمجتمع ألماني منفتح. وستكون هناك في نفس اليوم مظاهرات في عواصم أوروبية أخرى ضد النزعة القومية. إعداد: صلاح شرارة.