القذافي لا يثق بالجيش ويعتمد على المرتزقة وقوات أولاده
٢٥ فبراير ٢٠١١يجمع خبراء ومحللون عسكريون مهتمون بالشأن الليبي على أن المؤسسة العسكرية الليبية لا تتمتع بنفس القدرة أو النفوذ السياسي والاقتصادي الذي تتمتع بها المؤسستان التونسية والمصرية، مما لا يؤهلها للعب دور محوري في ثورة الشعب الليبي ضد نظام العقيد معمر القذافي، كالدور الذي لعبه الجيشان المصري والتونسي.
جيش صغير ذو قدرات ضئيلة
فالقوات المسلحة الليبية صغيرة الحجم مقارنة بدول الجوار، إذ لا يزيد حجم عناصرها عن المائة ألف جندي، نصفهم تقريباً من المتطوعين. يضاف إلى ذلك أن نفقات النظام الليبي العسكرية يذهب أغلبها على الأسلحة والمنشآت كالثكنات وغيرها، بدلاً من الطاقات البشرية والبنية التحتية وقواعد الدعم، كما تشير دراسة نشرها مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، الذي يتخذ من واشنطن مقراً له.
وتمضي هذه الدراسة إلى القول إن المؤسسة العسكرية الليبية، لذلك، تعتبر ضعيفة الفعالية، خصوصاً وأن النظام اشترى تشكيلة كبيرة من الأسلحة المختلفة، ما يجعل من المستحيل بناء جيش فاعل وقوي يمكنه من التعامل مع أي تهديدات إقليمية، وهو ما دللت عليه هزيمة الجيش الليبي أمام القوات التشادية خفيفة التسليح في ثمانينات القرن الماضي.
ومع اندلاع الاحتجاجات الشعبية المناوئة لحكم القذافي في السابع عشر من فبراير/ شباط الجاري، لم يتوان الزعيم الليبي عن إرسال الجيش لقمع المحتجين. إلا أنه لم يتوقع أن ينضم عدد ليس بالهيّن من الضباط والقياديين إلى صفوف المحتجين، من بينهم بعض من اعتبروا من المقربين للقذافي، مثل رفيق دربه في الانقلاب على النظام الملكي وزير الداخلية المستقيل عبد الفتاح يونس.
"القذافي لم يهتم ببناء جيش قوي"
وترجع الخبيرة العسكرية في كلية حلف شمال الأطلسي للدفاع، فلورنس غاوب، في حديث مع دويتشه فيله، هذا التحول السريع في ولاءات الجيش إلى تعامل القذافي مع المؤسسة العسكرية الرسمية، ورغبته في تهميشها خوفاً من أن تصبح قوة قد تهدد حكمه في يوم ما.
وتقول غاوب إن القذافي "لم يهتم على الإطلاق ببناء جيش قوي، لأنه كان سيشكل تهديداً له. وهذا يعني أنه برغم توفر أسلحة للجيش، إلا أن الذخائر ليست متوفرة، أو ليس هناك تدريب على استخدام هذه الأسلحة، أو ليس هناك قطع غيار متوفرة؛ لذلك أسس نظاماً يهدف إلى إبقاء حجم هذا الجيش صغيراً". وتضيف الباحثة الألمانية بأن القذافي ركز اهتمامه، بدلا من ذلك ، على "بناء وحدات قتالية خاصة قام بتعيين أولاده على رأسها وهي تتكون في معظمها من موالين له".
ويشار في هذا السياق إلى أن معمر القذافي حرص أيضاً على تشتيت أفراد القبيلة الواحدة، عن طريق توزيعهم على عدد من الوحدات العسكرية ونقلهم إلى مناطق مختلفة، إضافة إلى عدم بناء قطع عسكرية أكبر من حجم كتيبة، وهو ما يضمن عدم وضع عدد كبير من الجنود والأسلحة تحت إمرة ضابط واحد.
المرتزقة: ورقة القذافي الأخيرة؟
من جهته أكد المحلل الاستراتيجي والعسكري اللواء متقاعد طلعت مسلم، في حديث خصّ به دويتشه فيله، أن المعدات والعتاد العسكري لا تلعب دوراً في مواجهة المتمردين على نظامه بقدر الدور الذي يلعبه استخدام قوات المشاة والقوات الخاصة (الكوماندوز) لقمع هؤلاء. ويضيف مسلم بأنه حتى "عدد قوات الكوماندوز الليبي محدود لا يتجاوز ست كتائب، وهم ينتشرون بشكل كبير على الحدود نظراً لاتساع مساحة الجماهيرية الليبية، وبالتالي فإن القدرة على استخدام هذه القوات لن تكون كبيرة".
لكن من أهم مميزات المنظومة العسكرية للقذافي، التي تلقت تغطية واسعة من قبل وسائل الإعلام، هي استخدام مجموعات من المرتزقة، ينحدر معظمهم من الدول الأفريقية المجاورة. وفي هذا الصدد توضح غاوب أنهم "متواجدون في ليبيا منذ فترة طويلة، بسبب شعور القذافي في الفترة الأخيرة بالخوف. وينحدر معظم هؤلاء المرتزقة من الدول الأفريقية جنوب الصحراء، خصوصاً تلك الدول التي تحوي عدداً كبيراً من الشباب العاطل عن العمل".
ويتفق الخبير الاستراتيجي طلعت مسلم مع هذا التحليل، مشيراً إلى أن اتجاه القذافي، في السنوات الماضية، إلى تحسين علاقته مع الدول الأفريقية وسماحه للمتطوعين الأجانب بالانضمام إلى القوات الليبية، يعزز الأنباء التي تتحدث عن مسلحين أفارقة يطلقون النار على المتظاهرين ضد نظامه.
وتنظر فلورنس غاوب بقلق إلى استخدام الزعيم لليبي للمرتزقة، وخصوصاً من الناحية الحقوقية، إذ تشير إلى أنهم لا يخضعون للقانون الدولي ولا يلقون بالاً لحقوق الإنسان، وتعتقد "أنهم لن يتورعوا عن استهداف المتظاهرين المدنيين، بعكس أفراد الجيش الذين قد يترددون في استهداف مواطني بلادهم. لذلك لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يفعله هؤلاء المرتزقة، لأنهم يشبهون عصابة همجية يمكن لها أن تقوم بأي شيء ممكن تصوره".
ياسر أبو معيلق
مراجعة: أحمد حسو