القراصنة يجتاحون الانترنت.. هكذا تتم سرقة البيانات عالميا!
٩ يناير ٢٠١٩
شهدت ألمانيا في الأسابيع الأخيرة عمليات قرصنة لبيانات ألف من السياسيين والشخصيات الشهيرة. وإلقاء نظرة على البلدان الأوروبية المجاورة تبرهن على أنه لا وجود لوصفة جاهزة للتصدي لهجمات القراصنة الإلكترونيين أو الحماية منها.
إعلان
مازالت التحقيقات جارية في ألمانيا لمعرفة الجهات التي تقف وراء سرقة البيانات الشخصية لحولي 1000 من السياسيين والشخصيات المرموقة والصحفيين. وفي الشبكة تم نشر أرقام هواتفهم وعناوينهم الإلكترونية وفي حالات كثيرة معلومات حساسة وصور. والثلاثاء عُلم أن الشرطة الجنائية الألمانية ألقت القبض على مشتبه به، ويتعلق الأمر بشاب في العشرين من عمره من ولاية هسن الذي كشف أن الدافع كان غضبه من السياسيين. ومن هذا المنطلق يدور في ألمانيا حاليا جدل حول إنشاء شرطة إلكترونية، ويتساءل البعض عن حق هل يعيش الألمان في خطر داخل الشبكة العنكبوتية أكثر من آخرين.
صفقات كبيرة، خسارة بيانات كثيرة
والجواب هو لا، وغالبا ما سقطت بيانات حساسة في أيادي خاطئة، وهذا لا تبينه فقط فضيحة فيسبوك لدى شركة Camebridge Analytica المفلسة. فشركة تحليل البيانات البريطانية استحوذت بدون إذن على معلومات أكثر من 50 مليون مستخدم، ويبدو أن تلك البيانات تم استغلالها لصالح الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب. لكن فيسبوك ليس الشركة الكبرى الوحيدة التي تتهاون في التعامل مع معلومات ملايين المستخدمين. فسرقة البيانات باتت مرادفة لرقمنة عالم الاقتصاد والسياسة والمجتمع.
وسلسلة الفنادق Marriott كانت مضطرة في تشرين ثان/نوفمبر من العام الماضي على الاعتراف بأنها فقدت بيانات تعود لـ 500 مليون زبون بما في ذلك أرقام الجوازات وتواريخ الميلاد والعناوين. وحتى شركة النقل الأمريكية Uber واجهت حادثة من هذا النوع، إذ عُلم في خريف 2016 أن قراصنة استحوذوا على 57 مليون من البيانات الشخصية. وحتى شركات أوروبية كبرى لا تبرهن على توفرها على حماية في البيانات. فشركة الاتصالات الفرنسية Orange شهدت هي الأخرى سرقة بيانات في يناير 2014 استهدفت 800.000 زبون، كما فقدت شركة الخطوط الجوية البريطانية في خريف 2018 بيانات حوالي 380.000 زبون.
وفي فرنسا وجه القراصنة ضربة لشركة البناء الفرنسية Ingerop وسرقوا وثائق لها علاقة بالجانب الأمني للبنية التحتية، بينها بيانات مفاعلات نووية وسجون وخطوط القطار. وتم الكشف عن هذه الحادثة في تشرين ثان/نوفمبر، وتفيد تقارير صحفية أن البيانات تشمل وثائق جد حساسة ومعلومات شخصية لأكثر من 1.200 موظف في الشركة.
إيسلندا: ثغرة في البيانات في البلد الرقمي الرائد
وحتى بلدان رائدة في المجال الرقمي قلما تكون محمية، فهذه التجربة عايشها مواطنو إيسلندا حيث أثار في صيف 2017 خبر الثغرة في البيانات المرتبطة بالهوية الإلكترونية ضجة. وإلى ذلك الحين تركت حكومة أصغر بلد بين مجموعة البلطيق المواطنين يعتقدون أنها جزء من المجتمع الرقمي الكامل. وتشمل الهوية الإلكترونية معلومات حساسة الأمر الذي تسبب في صدمة لدى الكثيرين من المواطنين عندما برهن فريق من الخبراء الأمنيين على وجود ثغرات أمنية. واستحوذ القراصنة بالتالي على الهوية الرقمية لواحد من بين اثنين من مواطني إيسلندا حيث يبلغ عدد السكان نحو 1.3 مليون نسمة. وحاولت الحكومة الإيسلندية التقليل من شأن القضية وادعت أن ثغرة البيانات تم تجاوزها.
ونظرة إلى أحداث عام 2007 تكشف أن البلد الرائد في العالم الرقمي يعيش في خطر، إذ لجأ قراصنة إلى شل خوادم الشبكة وهاجموا مواقع إلكترونية وخوادم تابعة لمدارس وبنوك وصحف وحتى وزارات. ويُعتقد أن هذه الهجمات يقف خلفها شبكة قراصنة من روسيا المجاورة.
السويد: فضائح البيانات مادة لأزمات حكومية
وفي السويد تسببت فضيحة بيانات في صيف 2017 في أزمة حكومية حقيقية. وعُلم حينها أن مؤسسة النقل الحكومية نقلت إدارتها الرقمية قبل سنتين إلى شركة الكومبيوتر IBM التي كلفت من جهتها شركات أخرى في تشيكيا ورومانيا لإدارة بنوك البيانات. وعلى هذا النحو حصل خبراء في الإلكترونيات على منفد لبيانات حساسة للجيش السويدي وإدارة رخص السياقة، ما أثار سخطا بين السكان. وأدت هذه الفضيحة إلى أزمة حكومية استقال على إثرها وزيران الأمر الذي لم يخفف من أزمة البلاد السياسية التي استمرت حتى بعد الانتخابات البرلمانية في سبتمبر 2018. ومن اعتقد بأن البيانات الشخصية في مأمن على الأقل في سويسرا، فإنه أخطأ، لأن أشهر سرقة للبيانات استهدفت شركة الهاتف Swisscom التي فقدت بيانات 800.000 زبون.
ريشارد فوكس/ م.أ.م
فيسبوك - من أيادي الطلبة إلى أداة للأنظمة
جعل العالم "قرية صغيرة" لم يعد هدف "فيسبوك" الوحيد. فمع السنين، صار الموقع الأشهر سلاحاً ذا حدين؛ يسمح بحرية التعبير، ولكنه يثير مخاوف خاصة فيما يخص البيانات الشخصية التي بات اختراقها ممكناً وتحويلها إلى أداة قمع وارداً.
صورة من: picture alliance/NurPhoto/J. Arriens
البداية من هارفارد
لم تكن نية مارك زوكربرغ ورفاقه في أول الأمر سوى إطلاق شبكة اجتماعية خاصة بتبادل المعلومات والصور والآراء بين طلاب جامعتهم هارفارد. أطلقوا على تلك الشبكة اسم: فيسبوك. وفي الرابع من فبراير/ شباط 2004 تم تأسيس الشبكة رسمياً، ليتوافد عليها طلبة من جامعات أخرى وتلقى رواجاً ونجاحاً مهمين. هذا النجاح دفع مؤسسي "فيسبوك" إلى فتح باب العضوية للجميع ابتداءً من نهاية عام 2006.
صورة من: Reuters/B. Snyder
إقبال متزايد
كان لـ"فيسبوك" قدرة خارقة على اختصار المسافات والربط بين أطراف العالم بضغطة زر، حيث زاد المقبلون على استخدامه إلى الملايين منذ إنشائه. وقد تجاوز مستخدموه الآن ربع سكان العالم، كان مارك زوكربرغ قد كتب في تدوينة له السنة الماضية (2017) على "فيسبوك" أن عدد المشتركين وصل إلى ملياري شخص، في حين كان عددهم مليون شخص عام تأسيسه (2004).
صورة من: Reuters/D. Ruvic
كوكب مواز
اختراق "فيسبوك" للعالم وحيازته لمساحة مهمة من حياة الناس لم يكن بمحض الصدفة. فقد أتاح لمستخدميه فرصة التواصل مع العالم الخارجي والتعارف كما التعرف على أشخاص وأماكن جديدة، بالإضافة إلى الانفتاح وتبادل المعلومات والإدلاء بالآراء والمواقف الشخصية، سواءً عن طريق نشر تدوينات أو صور أو حتى مقاطع فيديو. هذه الميزات والتقدم الذي عرفه الموقع جعل كثيرين يطلقون عليه "الكوكب الموازي".
صورة من: picture-alliance/dpa/J.W.Alker
"استحواذ" وشراكات
استطاع "فيسبوك" أن يكتسب شهرة عالمية ويعقد بذلك شراكات مع مؤسسات معروفة. كما مكنته الأموال التي حصل عليها عن طريق الإعلانات من "الاستحواذ" على برامج أخرى. وتعتبر شركة "مايكروسوفت" من بين الذين قدموا عرضاً لشراء "فيسبوك" عام 2007 بشراء حوالي خمسة في المائة من أسهم "فيسبوك". أما بالنسبة للمواقع التي ضمها إليه، فقد كان تطبيق "إنستغرام" أولها عام 2012، تلاها "واتساب" عام 2014.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Becker
"نافذة للرقابة والقمع"
اعترفت بعض المحاكم بـ"فيسبوك" منذ 2008. كما عوقب كثيرون بسبب نشرهم لمحتوى "لم يرق" لدولهم أو جهات أخرى. وكانت وزارة الداخلية المصرية عام 2014، مثلاً، قد ألقت القبض على سبعة أشخاص يستخدمون موقع "فيسبوك" "للتحريض" ضد قوات الأمن، حسب ما نقلت رويترز آنذاك. كما حُظر الموقع في بعض الدول كسوريا وإيران. لكن سرعان ما رُفع هذا الحظر. المنع لا يخص الدول، بل يشمل بعض الإدارات التي منعت موظفيها من استعماله.
صورة من: picture-alliance/empics/D. Lipinski
أفيون الثورات؟
شكل "فيسبوك" مساحة للإدلاء بوجهات النظر دون أي قيد قد يواجه المستخدم على أرض الواقع. الثورة في مصر عرفت طريقها نحو الواقع من "فيسبوك"، الذي لعب دوراً مهماً في تحويل قضية الشاب خالد سعيد إلى شرارة لإطلاق ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، وهو ما أشار إليه الناشط المصري وائل غانم في كتابه "ثورة 2.0". لكن الحرية بدأت تتراجع حين اعترفت المحاكم بالموقع وصارت الجرائم الإلكترونية ضمن ما تعاقب عليه هناك.
صورة من: picture alliance/AP Photo/M. Deghati
منصة للجيوش الإلكترونية
خلق "فيسبوك" أرضاً خصبة لمجموعة من الأنظمة التي سخرته لخدمة مصالحها السياسية. وكان الجيش السوري الإلكتروني، الذي ظهر إبان الثورة السورية (2011-2012) واحداً من أبرز هؤلاء، حسب ما ذكر بعض المراقبين. فقد شن انطلاقاً من الموقع حرباً إلكترونية، وذلك باختراقات أو إغراق الصفحات بتعليقات مؤيدة لنظام الأسد أو اتهامات بالخيانة للمعارضين. بالإضافة إلى إرسال بلاغات لـ"فيسبوك" بإغلاق حسابات لمعارضين.
صورة من: Vernon Manlapaz
انتقادات متكررة!
"انتهاكات خصوصية المستخدمين، تسريب البيانات وإمكانية استغلالها من طرف الاستخبارات، فضلاً عن نشر مواد تدعو إلى العنف والكراهية والتمييز..." كلها انتقادات وجهت لـ"فيسبوك". لكن كريس هيوز، المتحدث الرسمي باسم الشركة سابقاً، رد على هذه الانتقادات بقوله: "لم نقم من قبل مطلقاً بتزويد أطراف آخرين بالبيانات الخاصة بمستخدمي الموقع، ولا نعتزم القيام بذلك على الإطلاق"، حسب ما تناقلته عدة مواقع إلكترونية.
صورة من: picture alliance/dpa/epa/R. Khan
دعاوى قضائية متعددة
رفعت العديد من الدعاوى القضائية ضد "فيسبوك"، كما رفع هو الآخر ضد مستخدمين. كان أول الدعاوى ضد الشبكة عام 2004، إذ اتهمت شركة "كونكت يو" مارك زوكربرغ بسرقة الأفكار التي وضعوها حول الموقع واستخدام الكود الرئيسي الخاص بهم. كما رفع الموقع هو الآخر دعوة ضد ضد آدم جوربوز، وحصل على تعويض قيمته 873 مليون دولار.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Reinhardt
"إخفاق كارثي"
مسألة الحصول على بيانات المستخدمين جعلت "فيسبوك" محط محاسبة في مرات كثيرة؛ آخرها يوم 20 مارس/ آذار 2018. فقد دعت لجنة من المشرعين البريطانيين من مختلف الأحزاب رئيس "فيسبوك" إلى تقديم تفسير بخصوص "إخفاق شركته الكارثي" في حفظ البيانات الشخصية. كما قررت السلطات البريطانية التحقيق بشأن شركة "كامبريدج أناليتيكا" البريطانية، التي اتهمت بحيازة غير قانونية لمعطيات مستخدمي الشبكة. إعداد: مريم مرغيش