القضاء الفرنسي يصدر مذكرة توقيف ثالثة بحق بشار الأسد
فلاح الياس ا ف ب
٢٣ أكتوبر ٢٠٢٥
صدرت مذكرة توقيف دولية جديدة في باريس بحق بشار الأسد بتهمة شن هجمات كيميائية فتاكة عام 2013، ليرتفع إلى ثلاث عدد مذكرات التوقيف التي أصدرتها المحاكم الفرنسية ضد الرئيس السوري السابق المنفي في روسيا.
القضاء الفرنسي يلاحق الرئيس السوري المخلوع بشار الأسدصورة من: Omar Sanadiki/AP/picture alliance
إعلان
قال مصدر قضائي فرنسي، الخميس (23 أكتوبر/تشرين الأول 2025)، إن مذكرة توقيف بحق بشار الأسد صدرت بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وفي جرائم حرب، ووقّعها قضاة تحقيق باريسيون في 29 تموز/يوليو بعد أيام قليلة من إلغاء مذكرة التوقيف الأولى في هذه القضية. وكانت محكمة النقض قد ألغت في 25 تموز/يوليو مذكرة التوقيف الصادرة في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 باسم الحصانة المطلقة لرئيس دولة في السلطة، إذ كان الأسد حينها لا يزال رئيسا لسوريا.
يذكر أن هذه الهجمات الكيميائية المنسوبة إلى النظام السوري نُفذت في 5 آب/اغسطس 2013 في عدرا ودوما وخلّفت 450 جريحا، ثم في 21 آب/أغسطس 2013 في الغوطة الشرقية وأسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص بغاز السارين، وفق الاستخبارات الأميركية.
وفي هذه القضية، صدرت أيضا مذكرة توقيف في 16 تموز/يوليو بحق طلال مخلوف، القائد السابق للواء 105 التابع للحرس الجمهوري السوري، على ما أفاد مصدر قضائي وكالة فرانس برس. كما طالت مذكرات توقيف صدرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 ماهر الأسد، شقيق الرئيس المخلوع والقائد الفعلي للفرقة الرابعة في الجيش السوري وقت وقوع الأحداث، بالإضافة إلى ضابطين رفيعين هما غسان عباس وبسام الحسن.
بعض ضحايا الهجوم الكيماوي في الغوطة قرب دمشق 2013صورة من: AMMAR AL-ARBINI/SHAAM NEWS NETWORK/AFP
وفي اتصال مع وكالة فرانس برس، رحّبت جانّ سولزر وكليمانس ويت، محاميتا ائتلاف المنظمات غير الحكومية المعنية بالقضية - المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، وأطباء من أجل حقوق الإنسان PHR، ومبادرة "أوبن سوسايتي جاستس" OSJI، ومنظمات منيمونيك وCRD وWND، وعدد من الضحايا، بمذكرة التوقيف الجديدة. وأكدت المحاميتان أنه منذ صدور المذكرة الأولى، "دعا الضحايا باستمرار إلى نشرها بسرعة وفعالية على المستويين الأوروبي والدولي، وإلى الاستخدام الفعال لآليات التعاون". وأشارتا إلى أن الضحايا "يأملون أن تتخذ السلطات الفرنسية إجراءات استباقية وفعالة لضمان عدم إفلات بشار الأسد من العدالة كي لا تبقى هذه الجرائم من دون عقاب".
إعلان
قصف مركز صحافي
وأصدرت المحاكم الفرنسية مذكرتي توقيف أخريين بحق بشار الأسد. صدرت الأولى في 20 كانون الثاني/يناير 2025 بتهمة التواطؤ في جرائم حرب على خلفية قصف منطقة سكنية مدنية في درعا (جنوب غرب سوريا) عام 2017. أما الأخرى فصدرت بتهمة التواطؤ في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في 19 آب/أغسطس، وتتعلق بقصف مركز صحافي في حمص (وسط سوريا) عام 2012 ما أدى إلى مقتل المراسلة الأميركية ماري كولفين والمصور الفرنسي المستقل ريمي أوشليك. كما أُصيبت الصحافية الفرنسية إديت بوفييه والمصور البريطاني بول كونروي ومترجمهما السوري وائل العمر.
وفي هذه القضية، أصدر قضاة التحقيق في وحدة الجرائم ضد الإنسانية أيضا مذكرات توقيف بحق ستة مسؤولين سوريين سابقين رفيعي المستوى، من بينهم ماهر الأسد وعلي مملوك، مدير المخابرات العامة السورية آنذاك.
إلى جانب بشار الأسد، يلاحق المحققون شقيقه ماهر ومسؤولين سابقين في النظام السوري بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانيةصورة من: Ramzi Haidar/dpa/picture alliance
ملاحقة 17 مسؤولا سابقا
أكدت كليمانس بيكتارت، محامية الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير وعائلة ريمي أوشليك، أن مذكرات التوقيف الثلاث هذه "تعكس جوانب مختلفة من القمع الذي مارسه بشار الأسد". وأضافت المحامية، في اتصال مع وكالة فرانس برس، "أكان ذلك ضد شعبه، بهجمات كيميائية أو من خلال الاستهداف المتعمد للمدنيين في درعا، وأيضا عبر قمعه المتعمد للصحافيين بهدف إجبارهم على مغادرة الميدان كي لا يتمكنوا من تغطية الجرائم التي يرتكبها النظام".
وأوضحت أن 17 مسؤولا من النظام السوري السابق مستهدفون بأوامر توقيف صادرة عن المحاكم الفرنسية في أربع قضايا - القضايا الثلاث المذكورة بالإضافة إلى الاختفاء القسري ووفاة المواطنين الفرنسيين السوريين مازن دباغ وابنه باتريك اللذين اعتُقلا عام 2013.
ويمكن محاكمة الرئيس السوري السابق في فرنسا، حتى غيابيا، إذا أمر قضاة التحقيق عقب التحقيق القضائي بذلك.
تحرير: عادل الشروعات
سوريا.. سقوط حكم عائلة الأسد بعد أكثر من خمسة عقود من السلطة
فر بشار الأسد من سوريا في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول عام 2024. وكتب هذا الفرار نهاية حكم عائلة الأسد الذي استمر خمس عقود ونصف. هنا لمحة عن أبرز المحطات التي مرت بها سوريا منذ بدء حكم عائلة الأسد وحتى نهايته.
صورة من: Hussein Malla/AP/dpa/picture alliance
نهاية حقبة حكم بيت الأسد
8 ديسمبر/ كانون الأول، 2024 نقطة فاصلة في تاريخ سوريا.. فقد أسقطت المعارضة المسلحة نظام الرئيس بشار الأسد، الذي أضطر لترك منصبه وغادر دمشق إلى مكان مجهول، وذلك على وقع الأحداث المتسارعة التي بدأت في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
صورة من: Iranian Presidency Office/ZUMAPRESS/picture alliance
هجوم المعارضة المسلحة
في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 2024، اعتبر الأسد هجوم المعارضة المسلحة، الذي بدأ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني، "محاولة لتقسيم المنطقة وتفتيت دولها، وإعادة رسم الخرائط من جديد"، بيد أن هذه المزاعم لم تجد هذه المرة.
صورة من: Bakr Alkasem/AFP/Getty Images
حرب أهلية دموية مدمرة
أتى سقوط نظام بشار الأسد بعد أكثر من 13 عاما على بدء انتفاضة شعبية في خضم "الربيع العربي"، والتي تحولت إلى حرب أهلية دموية أسفرت عن مقتل أكثر 300 شخص ما بين 2013 و2021، بحسب الأمم المتحدة، وفرار الملايين إلى خارج البلاد أو نزوجهم داخل البلاد.
صورة من: Bulent Kilic/AFP/Getty Images
تهاوي سلطة بشار
تمسك بشار الأسد بالسلطة وقاوم بشرسة الاحتجاجات الشعبية والدعوات الدولية للتنحي عن السلطة، مستعينا بدعم عسكري من روسيا وإيران وحزب الله. لكن عندما تخلت عنه هذه الأطراف لم يكن أمامه سوى الفرار.
صورة من: Orhan Qereman/REUTERS
تراجع الدعم العسكري الروسي
كان للدعم العسكري الروسي المباشر لبشار ألأسد دورا في صموده خلال الحرب الأهلية، لكن بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تجنب مواصلة دعم الأسد أمام هجوم المعارضة المسلحة، كونه بوتين لديه جبهة حرب أخرى مفتوحة في أوكرانيا.
صورة من: Valeriy Sharifulin/IMAGO/SNA
احتجاجات تحولت إلى نزاع دامٍ!
في العام 2011، لحقت سوريا بركب الثورات في دول عربية عدة، أبرزها مصر وتونس، في ما عُرف بـ"الربيع العربي". ومع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، قمع الأسد المتظاهرين السلميين بالقوة، وتحولت الاحتجاجات نزاعاً دامياً، سرعان ما تعددت جبهاته والضالعين فيه. وأودى النزاع المستمر بأكثر من 388 ألف شخص وهجّر وشرّد الملايين داخل البلاد وخارجها، وسوّى مناطق كاملة بالأرض.
صورة من: AFP/O. H. Kadour
بقاء على رأس السلطة بدعم روسي
في سنوات النزاع الأولى، فقدت قوات الحكومة السورية سيطرتها على مساحات واسعة من سوريا بينها مدن رئيسية. لكن وبدعم عسكري من حلفائها، إيران ثم روسيا، استعادت القوات الحكومية تدريجيًا نحو ثلثي مساحة البلاد، إثر سياسة حصار خانقة وعمليات عسكرية واسعة ضد الفصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية. ولعب التدخل الجوي الروسي منذ خريف 2015 دوراً حاسماً في تغيير موازين القوى لصالح دمشق.
صورة من: Reuters/O. Sanadiki
الوصول إلى الحكم عبر التوريث
2000، ورث بشار الأسد الحكم عن والده الراحل، حافظ الأسد، الذي حكم سوريا من خلال زعامة حزب البعث الموجود في السلطة منذ أكثر من خمسين عاما. أصبح بشار الأسد، وهو في الرابعة والثلاثين من العمر، رئيسا عن طريق استفتاء لم يشهد أي معارضة.
صورة من: Louai Beshara/AFP
تولي الحكم بعد انقلاب "الحركة التصحيحية"
في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1970، نفّذ حافظ الأسد الذي كان يتولّى منصب وزير الدفاع انقلاباً عسكرياً عُرف بـ"الحركة التصحيحية" وأطاح برئيس الجمهورية حينها نور الدين الأتاسي. في 12 آذار/مارس 1971، انتخب الأسد الذي كان يترأس حزب البعث العربي الاشتراكي، رئيساً للجمهورية ضمن انتخابات لم ينافسه فيها أي مرشح آخر. وكان أول رئيس للبلاد من الطائفة العلوية التي تشكل عشرة في المئة من تعداد السكان.
صورة من: AP
"حرب تشرين"
في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 1973، شنّت مصر وسوريا هجوماً مفاجئاً على إسرائيل من جهة قناة السويس غرباً، ومرتفعات الجولان شرقاً، في محاولة لاستعادة ما خسره العرب من أراض خلال حزيران/يونيو 1967، لكن تمّ صدهما. في أيار/مايو 1974، انتهت الحرب رسمياً بتوقيع اتفاقية فضّ الاشتباك في مرتفعات الجولان.
صورة من: Getty Images/AFP/GPO/David Rubinger
علاقات دبلوماسية بين واشنطن ودمشق!
في حزيران/يونيو 1974، زار الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون دمشق، معلناً إعادة إرساء العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، بعدما كانت مجمّدة منذ العام 1967. في الصورة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون مع وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي وقتها هنري كيسينجر.
صورة من: AFP/Getty Images
هيمنة على لبنان
في 1976 تدخّلت القوات السورية في الحرب الأهلية اللبنانية بموافقة أمريكية، وبناء على طلب من قوى مسيحية لبنانية. وفي 1977، بدأت المواجهات بين القوات السورية، التي انتشرت في معظم أجزاء البلاد ما عدا المنطقة الحدودية مع إسرائيل، وقوات مسيحية احتجت على الوجود السوري. وطيلة ثلاثة عقود، بقيت سوريا قوة مهيمنة على المستوى العسكري في لبنان وتحكمت بكل مفاصل الحياة السياسية حتى انسحابها في العام 2005.
صورة من: AP
قطيعة بين دمشق وبغداد!
في العام 1979، تدهورت العلاقات بين سوريا والعراق، اللذين حكمهما فرعان متنافسان من حزب البعث العربي الاشتراكي، بعد اتهام الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين الوافد حديثاً إلى السلطة، دمشق بالتآمر. وقطعت بغداد علاقتها الدبلوماسية مع دمشق في تشرين الأول/أكتوبر 1980، بعدما دعمت الأخيرة طهران في حربها مع العراق. في الصورة يظهر الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين (يسار) مع الرئيس السوري السابق حافظ الأسد (وسط).
صورة من: The Online Museum of Syrian History
"مجزرة حماه"
في شباط/فبراير 1982، تصدّى النظام السوري لانتفاضة مسلّحة قادها الإخوان المسلمون في مدينة حماه (وسط)، وذهب ضحية ما يعرف بـ"مجزرة حماه" بين عشرة آلاف وأربعين ألف شخص. وجاء ذلك بعد قرابة ثلاث سنوات من هجوم بالرصاص والقنابل اليدوية على الكلية الحربية في مدينة حلب، أسفر عن مقتل ثمانين جندياً سورياً من الطائفة العلوية. وتوجّهت حينها أصابع الاتهام إلى الإخوان المسلمين بالوقوف خلف الهجوم.
صورة من: picture alliance /AA/M.Misto
محاولة انقلاب فاشلة
في تشرين الثاني/نوفمبر 1983، أصيب الأسد بأزمة قلبية نقل على إثرها إلى أحد مشافي دمشق. ودخل في غيبوبة لساعات عدّة، حاول خلالها شقيقه الأصغر رفعت الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب فاشل، قبل أن يستعيد الأسد عافيته. وبعد عام، أُجبر رفعت على مغادرة سوريا. الصورة لحافظ الأسد (يمين) مع أخيه رفعت.
صورة من: Getty Images/AFP
تقارب مع الغرب!
بدأ الجليد الذي شاب علاقات سوريا مع أمريكا والغرب بالذوبان، عقب انهيار الاتحاد السوفياتي. انضمت سوريا إلى القوات متعددة الجنسيات في التحالف الذي قادته أمريكا ضد صدام حسين بعد غزو العراق للكويت. وفي تشرين الأول/أكتوبر 1994، زار الرئيس الأمريكي بيل كلينتون الأسد في دمشق. بعد أربع سنوات، زار الأسد فرنسا في أول زيارة له إلى بلد غربي منذ 22 عاماً، واستقبل بحفاوة من نظيره الفرنسي جاك شيراك.
صورة من: Remy de la Mauviniere/AP Photo/picture alliance
الابن يخلف أباه في الرئاسة!
توفي الأسد في 10 حزيران/يونيو 2000، عن عمر ناهز 69 عاماً، وكان شيراك الرئيس الغربي الوحيد الذي حضر جنازته.
وبعد شهر، تولّى نجله بشار السلطة، بعد تعديل دستوري سمح له بالترشّح. وحاز في استفتاء لم يضم أي مرشح آخر سواه على 97 في المئة من الأصوات.
صورة من: picture-alliance/dpa
انفتاح نسبي ولكن..!
بين أيلول/سبتمبر 2000 وشباط/فبراير 2001، شهدت سوريا فترة انفتاح وسمحت السلطات نسبياً بحرية التعبير. في 26 أيلول/سبتمبر 2000، دعا نحو مئة مثقّف وفنان سوري مقيمين في سوريا السلطات إلى "العفو" عن سجناء سياسيين وإلغاء حالة الطوارئ السارية منذ العام 1963. لكنّ هذه الفسحة الصغيرة من الحرية سرعان ما أقفلت بعدما عمدت السلطات إلى اعتقال مفكرين ومثقفين مشاركين في ما عُرف وقتها بـ"ربيع دمشق". م.ع.ح/م.ع/ع.ج.م