القمة الأوروبية الأفريقية – آمال في شراكة حقيقية ومخاوف من تجنب قضايا ملحة
٥ ديسمبر ٢٠٠٧يتأهب الاتحادان الأوروبي والأفريقي لإطلاق شراكة جديدة خلال عطلة نهاية الأسبوع الحالي، اعتبرها بعض المؤيدين فرصة تاريخية لاستحداث نظام عالمي جديد. وصرح لويس ميشيل مفوض المساعدات والتنمية بالاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي قائلا " المسألة بالنسبة لي أكبر من مجرد تغيير، إنها مسالة قطيعة مع الماضي. إن أفريقيا والاتحاد الأوروبي لهما مصلحة مشتركة في صياغة علاقة كونية متوازنة". وإن كان بعض المنتقدين قد حذروا من تحول القمة إلى مجرد خلاف وجدل حول التجارة وحقوق الإنسان، بعد أن سلطت وسائل الإعلام الضوء على دعوة رئيس زيمبابوي روبرت موجابي، المثيرة للجدل، لحضور القمة.
وبالفعل، فان أكثر الجوانب المثيرة للجدل بالنسبة للقمة هي دعوة موجابي رئيس زيمبابوي وما نتج عنها من مقاطعة رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون للقمة. وبالرغم من أن منظمي القمة وعدوا بحوار"مفتوح ومكثف" بشأن حقوق الإنسان في زيمبابوي، إلا أن بعض المنتقدين قالوا إن هذا يهدد بانقسام القمة إلى معسكرين أحدهم مؤيد لموجابي والآخر مناهض له دون معالجة مخاوف الدول الأخرى.
وضع حجر الأساس المشترك للتعاون بين القارتين
ومن جانبها وصفت وزيرة التنمية الألمانية هايدماري فيتسوريك تسويل القمة الأوروبية الأفريقية، التي تستضيفها لشبونه يومي الثامن والتاسع من الشهر الجاري بأنها "قمة هامة على مستوى شركاء أكفاء"، مشيرة إلى أن القمة ستبحث عن أرضية مشتركة للتعاون بين القارتين. وقالت في هذا الإطار: "نحن جيران أفريقيا والقمة تتعلق بوضع حجر الأساس المشترك للتعاون بين القارتين". وأضافت الوزيرة المكلفة بشئون أفريقيا من قبل مجموعة الدول الصناعية الثمانية الكبرى: "نشاطنا في القارة الأفريقية ممتد منذ فترة طويلة ويرتكز على قناعة إنسانية وسياسية واقتصادية، ويعتمد أيضا على تولي شركائنا الأفارقة مسئولياتهم بأنفسهم".
كما أشارت الوزيرة إلى الخبرة المتراكمة خلال عشرات السنين أثناء الحرب الباردة وصراع الشرق والغرب في أفريقيا، بما في ذلك دعم أنظمة حكم "فاسدة" حتى جاء التحول بانتهاء الصراع وارتفاع معدلات النمو الاقتصادي في الدول الأفريقية بمتوسط خمسة بالمائة سنويا وبشكل يشجع الشركات الغربية على الاستثمار هناك. وأشادت الوزيرة بالتوجهات الجديدة للأنظمة الحاكمة في أفريقيا والتزامها بمكافحة الفساد، إدراكا منها لأهمية الشكل القانوني للاستثمارات الأجنبية، كما شددت على اهتمام الدول الأوروبية بالتزام الشفافية في التعامل مع الدول الأفريقية حول استخدام المواد الخام تحت شعار "تقديم المساعدة للغير من أجل مساعدة النفس". من ناحية أخرى دافعت الوزيرة عن مشاركة المستشارة أنجيلا ميركل في القمة على الرغم من حضور روبرت موجابي رئيس زيمبابوي وقالت: "يجب ألا تعاني علاقتنا مع أفريقيا بسبب حضور حاكم متسلط مثل موجابي". وذكرت الوزيرة أن موقف الحكومة الألمانية واضح في هذا الصدد وهو توجيه الانتقادات إلى موجابي حال حضوره ومواجهته بانتهاكات حقوق الإنسان وطريقة قيادته "الكارثية" لدولته.
انتقادات للاستراتيجية الجديدة
يلتقي رؤساء دول وحكومات نحو 80 دولة من دول الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي خلال القمة في لشبونة للتوقيع على معاهدة بين الاتحادين تستهدف إعادة صياغة علاقتهما، بعد 40 عاما من القلق الذي شاب تلك العلاقة منذ انتهاء الحقبة الاستعمارية، حيث يناقشون الاستراتيجية المشتركة التي تجمع الاتحادين الأفريقي والأوروبي، والتي صاغها مسؤولون من الاتحادين بعد مشاورات استمرت على مدى عام كامل. وقال دبلوماسيون إن الاستراتيجية تمثل جهدا حقيقيا لإعادة تفعيل الحوار المتوقف منذ القمة الأوروبية الأفريقية التي عقدت في القاهرة عام 2000 وكانت آخر قمة بين الاتحادين.
لكن هناك منتقدين يجدون أن الاستراتيجية أغفلت مسائل أساسية وتركتها دون حل، فقد أثارت الفقرة الأولي منها مثلاً الدهشة بمنطوقها الذي قال إن أفريقيا والاتحاد الأوروبي تربط بينهما "مجموعة من القيم: هي احترام حقوق الإنسان والحرية والمساواة والتضامن والعدالة وحكم القانون والديمقراطية". وقد تجاهلت هذه الفقرة عددا من المخاوف الجادة بشأن حالة حقوق الإنسان في دول مثل زيمباوي وإريتريا وليبيا وتونس والجزائر، وذلك بحسب خبراء في مجال حقوق الإنسان.
واتهمت بعض الدول الأفريقية الاتحاد الأوروبي بمحاولة " فرض" اتفاقات شراكة اقتصادية عليها قبل مهلة حددتها منظمة التجارة العالمية هي نهاية العام الجاري. وحتي في مجال السلام والأمن الذي يتسم بالحساسية، حيث تدعو الاستراتيجية إلى دعم الاتحاد الأوروبي للدول الأفريقية في بناء قدراتها الخاصة للتعامل مع الصراعات، فإن أهداف المعاهدة تبدو بعيدة عن أرض الواقع. فقد تعهد الاتحاد الأوروبي مؤخرا بإرسال قوات حفظ سلام إلى التشاد لكنه لم يتمكن حتى الآن من نشرها هناك لأن الدول الأعضاء لا تجد العدد الكافي.
مؤتمر تحضيري في شرم الشيخ
واستعداداً لتلك القمة، افتتح يوم الأربعاء(5 ديسمبر/كانون أول) مؤتمر وزراء خارجية أفريقيا وأوروبا أعماله في مدينة شرم الشيخ المصرية، وصرح وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط عقب اختتام أعمال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أن هذا الاجتماع الوزاري سيقرر خطة العمل للقمة الأوروبية الأفريقية، وأنه قد عقد ليتم التحضير للقمة بشكل أفضل على حد قوله. وأضاف أنه سيتم تناول عدد من القضايا الهامة خلال القمة مثل الأمن والسلم في أفريقيا والمناخ والبيئة وكيفية التعاون والتنسيق بين الجانبين، وكذلك سيتم تناول الهجرة من الجنوب للشمال ومسألة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الأفريقية، وكيف يمكن تقديم الدعم من جانب دول الاتحاد الأوروبي لدول أفريقيا.
وأثناء الجلسة الافتتاحية، ألقى كل من وزير خارجية مصر (الدولة المضيفة) وغانا (التي تتولى حاليا الرئاسة الحالية للاتحاد الأفريقي) ووزير خارجية البرتغال (التي تتولى حاليا الرئاسة الحالية للاتحاد الأوروبي) بيانات عكست الترحيب بتنامي علاقات التعاون بين الجانبين. وأعرب الوزراء المشاركون ورؤساء الوفود عن ترحيبهم بخطة العمل الأولية، باعتبارها جوهر المشاركة بين إفريقيا والاتحاد الأوروبي وشددوا على الحاجة للتنفيذ السريع لأولويات خطة العمل المشتركة التي تم الاتفاق عليها بين الجانبين بما يحقق صالح الشعوب في إفريقيا والاتحاد الأوروبي ويفي بالتعهد بإعطاء دفعة قوية لتعزيز المشاركة السياسية بينهما.