أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن اعتقاده بأنه من "غير المناسب في الوقت الحاضر استئناف الغارات الجوية" على مدينة حلب السورية، بحسب ما ذكر المتحدث باسمه، ديمتري بيسكوف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية.
إعلان
أعلن الكرملين مساء الجمعة (28 أكتوبر/ تشرين الأول) أن الرئيس فلاديمير بوتين "لا يرى من المناسب حاليا" استئناف الضربات الجوية في حلب، كما طالبته بذلك قيادة الأركان الروسية، واعتبر أنه من "الضروري تمديد الهدنة الإنسانية" في هذه المدينة السورية. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين إنه "في حال دعت الحاجة ولوضع حد للأعمال الاستفزازية للمجموعات الإرهابية تحتفظ روسيا بحقها في استخدام كل الوسائل المتاحة لدعم القوات المسلحة السورية".
وكان الجيش الروسي أعلن الجمعة أنه طلب من بوتين إذنا لاستئناف الضربات الجوية على حلب بعد هدنة من 10 أيام، أمام هجوم قوات المعارضة على قوات النظام في ثاني مدن سوريا. وقال بيسكوف إن "الرئيس الروسي يرى ضرورة تمديد الهدنة الإنسانية (...) للسماح بإجلاء الجرحى وانسحاب المقاتلين الراغبين في مغادرة المدينة وأيضا للسماح لشركائنا الأميركيين بالوفاء بوعودهم وواجباتهم الفصل بين ما يسمى بالمعارضة المعتدلة والمجموعات الإرهابية".
على صعيد آخر، قال البنتاغون إن طائرتين عسكريتين إحداهما أمريكية والأخرى روسية حلقتا قرب بعضهما البعض بشكل خطير خلال العمليات فوق سوريا في وقت سابق هذا الشهر. وقال الكولونيل جون دوريان، المتحدث باسم العملية الجوية الأمريكية ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) إن طائرتين اقتربتا لمسافة نحو 800 متر من بعضها البعض في 17 تشرين أول/ أكتوبر الجاري.
وذكر دوريان للصحفيين في البنتاغون عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من بغداد أن الطائرتين كانتا قريبتين للغاية من بعضهما لدرجة أنه أمكن الشعور في الطائرة الأمريكية بأثر الاضطراب الجوي الذي أحدثته المقاتلة الروسية لدى مرورها و"هذا أقرب مما نرغب".
وتصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا على خلفية دعم موسكو للنظام السوري، لكن قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة "لا تقيم هذا الأمر باعتباره وقع بنية عدوانية"، وفق دوريان. جدير بالذكر أن لدى واشنطن وموسكو اتفاقا يهدف إلى منع التواجد والتحليق القريب لطائرات الجانبين فوق في الأجواء السورية، حيث تشارك الولايات المتحدة في استهداف "داعش"، وتدعم روسيا نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ع.ش/ ح.ع.ح (أ ف ب، د ب أ)
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري