1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الكويت.. مصير التجربة الديمقراطية الوحيدة في محيط استبدادي؟

١٥ مايو ٢٠٢٤

تعد الكويت واحدة من الدول الديمقراطية القليلة في الشرق الأوسط، إذ (كانت) تمتلك برلمانا منتخبا ديمقراطيا، لكن قرار أمير البلاد الأخير بحل مجلس الأمة وتعليق العمل بمواد دستورية، أثار تساؤلات حول مستقبل الديمقراطية بالكويت.

أثار قرار أمير الكويت بحل البرلمان وتعليق الدستور تساؤلات كثيرة حيال المسار الديمقراطي في الدولة الخليجية الصغيرة
أثار قرار أمير الكويت بحل البرلمان وتعليق الدستور تساؤلات كثيرة حيال المسار الديمقراطي في الدولة الخليجية الصغيرةصورة من: Amiri Diwan of Kuwait//Anadolu/picture alliance

لعقود طويلة، ظلت الكويت واحدة من الدول الديمقراطية القليلة في الشرق الأوسط ما دفع المراقبين إلى وصفها بكونها "واحة للديمقراطية" أو "الليبرالية الوحيدة" في منطقة الخليج ذات النظم الاستبدادية.

فرغم أن الكويت تحكمها عائلة ملكية وأمير منوط به تعيين رئيس الوزراء، إلا أن الدولة الخليجية الصغيرة الغنية بالنفط (كانت) تمتلك برلمانا منتخبا يمثل مصالح متنوعة مع إجراء انتخابات تشريعية ذات نسب تصويت مرتفعة فضلا عن وجود معارضة سياسية قد تنتقد الحكومة وفي بعض الأحيان – بشكل ضمني وضمن حدود - النظام الملكي.

ولهذا السبب، حافظت الكويت مع لبنان على تصنيفهما "حرة جزئيا" وفقا لتصنيف منظمة فريدوم هاوس الأمريكية، لكن هذه التجربة الديمقراطية والليبرالية الاستثنائية في  الخليج  في خطر على وقع التطورات السياسية الأخيرة خاصة ما يتعلق بمجلس الأمة أو البرلمان الذي يُنظر إليه باعتباره ركيزة الديمقراطية في البلاد.

ففي خطاب متلفز الأسبوع الماضي، أعلن أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح مؤخرا  حل مجلس الأمة ووقف بعض مواد الدستور  لمدة لا تزيد عن 4 سنوات، "يتم خلالها دراسة جميع جوانب المسيرة الديمقراطية".

على عكس دول الخليج، يمكن للنشاط في الكويت تنظيم تظاهرات بعد حصول على موافقة السلطاتصورة من: Maya Alleruzzo/AP/picture alliance

أزمات متكررة وتفاقم الجمود السياسي

جاء صدور  الأمر الأميري  بعد أسابيع من الجمود السياسي حيث دعا الشيخ مشعل إلى إجراء انتخابات مبكرة في مارس/آذار الماضي تمخض عنها انتخاب برلمان جديد حمل تغييرا محدودا تمثل في انتخاب 11 نائبا جديدا من أصل 50 نائبا. ولم تنجح محاولات اقناع أعضاء البرلمان بالتعاون مع رئيس الوزراء المكلف والمُعين من قبل الأمير.

وفي خطابه، قال الشيخ مشعل إن "اضطراب المشهد السياسي بالبلاد وصل إلى مرحلة لا يمكن السكوت عنها.. كل الظواهر السلبية لن تبقى وسيعاد النظر فيها.. لن اسمح باستغلال الديمقراطية لتدمير البلاد."

واشار إلى أن " مؤسسات الديمقراطية  أصبحت مسرحا عند البعض"، مشددا على أنه "اتخذ قرارا صعبا لإنقاذ البلاد وتأمين مصالحها العليا".

وعقب يومين من إعلان حل البرلمان، أصدر الشيخ مشعل مرسوما أميريا بتشكيل حكومة جديدة مؤلفة من 13 وزيرا برئاسة الشيخ أحمد عبد الله الأحمد الصباح فيما تعد الحكومة الجديدة التاسعة خلال أربع سنوات والثانية منذ تولي الشيخ مشعل زمام الأمور في منتصف كانون الأول/ديسمبر الماضي.

يُشار إلى أن أعضاء البرلمان الكويتي يتمتعون بسلطات أكبر من المشرعين في "برلمانات" دول الخليج الأخرى إذ يتعين عليهم الموافقة على الحكومة ويمكنهم أيضا استجواب الوزراء، فيما قد يصل الأمر إلى قيامهم بتعليق التعاون البرلماني مع الحكومة.

كتب شون يوم، الأستاذ المشارك في العلوم السياسية بجامعة تمبل الأمريكية، في تحليل نُشر في مارس / آذار الماضي أن "الهوية الوطنية والثقافة في الكويت تتمحور في عرف مقدس يتمثل في أن عائلة الصباح [الملكية] لا يمكنها أن تحكم دون توافق شعبي".

بيد أن العشر سنوات الماضية شهدت تصاعدا في التوترات بين أعضاء البرلمان والحكومات المتعاقبة ما أدى إلى تفاقم الجمود السياسي وعدم إقرار الكثير من القوانين فيما جرى استغلال الأمر في إطار التنافس داخل العائلة الملكية.

الإسلاميون سبب الأزمات؟ 

ورغم  الجمود السياسي  الذي أربك الحياة الديمقراطية، إلا أن الشعور السائد ظل يتمثل في أن الكويت تعد استثناءً فريدا بين جيرانها الخليجيين.

وفي مقابلة مع DW، قالت كريستين سميث ديوان، الباحثة المقيمة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، إن "الكثيرين باتوا يدركون التأخير الذي طرأ على مسيرة الإصلاح والتنمية في الكويت خاصة عند المقارنة مع وتيرة التغيير الدراماتيكية في السعودية".

وأضافت "سيتم إلقاء اللوم على البرلمان، لكن الأمر يتعلق أيضا بشخصية الأمير مشعل وحاجته إلى تعيين ولي للعهد يخلفه في الحكم".

ولم يُقدم الأمير مشعل على تعيين ولي للعهد في اختيار يتعين أن يحصل على موافقة البرلمان في مشهد مغاير للوضع السياسي في دول الخليج الأخرى. وفي ضوء قراره الأخير، لم يعد من الممكن تعيين ولي جديد للعهد في الكويت حاليا بسبب حل البرلمان.

وفي السياق ذاته، امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بالكثير من الشائعات التي تزعم أن قرار حل البرلمان يرتبط بتهديد مصدره بعض القوى السياسية الإسلامية، لكن خبراء يؤكدون أن الحركات الإسلامية خسرت الكثير من النفوذ البرلماني في الانتخابات الأخيرة.

مستقبل الكويت؟

وإزاء ذلك، طرح مراقبون تساؤلات حيال مستقبل الكويت، وهل ستظل "واحة للديمقراطية" أم أنها ستتجه نحو الاستبداد مثل باقي دول الجوار؟

يرى معظم المحللين أنه من السابق لأوانه معرفة المصير الذي سوف تسلكه الكويت.

وفي تعليقها، قالت ديوان إن "حالة من عدم اليقين تسود الوضع السياسي في الكويت في الوقت الراهن بعد أن قام الأمير بكسر قواعد اللعبة السياسية المتفق عليها. لم يتضح بعد المسار التالي فيما يمكن القول بأن هذا الأمر هو الأكثر إثارة للقلق على الإطلاق."

يتمتع أعضاء البرلمان الكويتي بسلطات قوية بما في الموافقة على الحكومة واستجواب الوزراء وحتى تعليق التعاون البرلماني مع الحكومةصورة من: Jaber Abdulkhaleg/AP/picture alliance

وفي مقابلة مع DW، قال شون يوم، الأستاذ المشارك في العلوم السياسية بجامعة تمبل الأمريكية، إن "خبرة أمير البلاد وأسلوب حكمه يحملان أهمية كبيرة في سبيل تفسير هذه اللحظة غير الليبرالية التي تشهدها الكويت"، مضيفا انه في حين أن أمراء البلاد السابقين  كانوا قد اعتادوا على التعاطي مع مطالب أعضاء مجلس النواب، فإن الشيخ مشعل "لا يمتلك أي خبرة سياسية مدنية تقريبا".

فقبل أن يصبح أميرا للكويت، كان الشيخ مشعل أهم رجال الأمن في البلاد، حيث ترأس جهاز أمن الدولة بين عامي 1967 و 1980 فضلا عن توليه منصب نائب رئيس الحرس الوطني.

وأشار يوم إلى أن "حياة الشيخ مشعل المهنية السابقة اتخذت مسارا مختلفا حيث تولى مناصب أمنية لم تتضمن التجاوب وإيجاد حلول وسط مع المعارضين السياسيين، إذ أن هذه المناصب ترتكن على التسلسل الهرمي الصارم. ويمكننا رصد نهج القيادة من أعلى إلى أسفل في الوقت الراهن مع إبداء القليل من التسامح مع الممانعة البرلمانية أو المشاحنات السياسية."

وفي سياق متصل، يرى مراقبون أن الكثير من الكويتيين يتطلعون إلى التغيير.

وفي ذلك، قال يوم "معظم الكويتيين... يوازنون بين رغبتهم الشديدة على المدى القصير في استعادة بعض المهام الوظيفية لنظامهم السياسي المصاب بالشلل في الوقت الراهن وبين رغبتهم على المدى الطويل في حماية الحريات الدستورية. وتدرك الحكومة ذلك على أقل تقدير في الوقت الراهن".

ثقافة التوافق

من جانبه، يرى بدر السيف، أستاذ التاريخ في جامعة الكويت، أنه "من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان الأمر يتمثل في حالة كلاسيكية للتراجع [الديمقراطي] في عبارة مجازية جاءت على لسان بعض أصدقائنا في الغرب".

تشهد الانتخابات التشريعية في الكويت نسب تصويت مرتفعة مقارنة بباقي معظم دول الشرق الأوسطصورة من: Jaber Abdulkhaleg/AP/picture alliance

وأشار إلى سوابق حل البرلمان، إذ جرى تعليق عمل مجلس الأمة بين عامي 1976 و1986، لكن جرى عودة العمل  بالبرلمان والدستور  في نهاية المطاف.

وقال السيف إن "هذا ما يميز النموذج الكويتي"، مشيرا إلى أن الكويت تمزج بين النظامين الملكي والبرلمان النشطين.

وأضاف "لن نتخلى عن نظامنا القائم على الانفتاح الذي سبق الدستور لأنه جاء نتيجة لثقافة قوية ترتكز على بناء الإجماع والتوافق في  الكويت  منذ ما يقرب من 300 عام، لذا فإن قرار تعليق البرلمان مؤقتا لن يهدم ذلك. علينا الانتظار".

 

أعده للعربية: محمد فرحان

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW