1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

اللاجئون السوريون....قصص مأساوية ولجوء إلى المجهول

١٥ يوليو ٢٠١٢

قصص إنسانية كتبت سطورها بالدم والخوف واللجوء: شفاء وأخوها عمر وغيرهم من السوريين اضطروا إلى اللجوء إلى دهوك في كردستان العراق هربا من نظام الأسد وشبيحته. بيرغيت سفينسون قامت بزيارة لمخيم للاجئين السوريين في دهوك.

صورة من: Marine Olivesi

"شفاء" امرأة سورية حازمة تريد إخبار العالم عن مدى معاناة الشعب السوري، تتحدَّث بصوت مرتفع وثم تصرخ معبِّرة عن إحباطها وتقول: "نحن نعيش في مقبرة. والناس يموتون في كلِّ أنحاء سوريا!". هذه الشابة التي يبلغ عمرها أربعة وثلاثين عامًا جاءت إلى هنا قبل يومين فقط برفقة عائلتها من قرية تقع بالقرب من مدينة حمص، حيث كانت تعمل هي وزوجها في إحدى المزارع. وبعد أن ذهب زوجها إلى المدينة بسبب زيارتها من قبل لجنة المراقبين الدوليين التابعة للامم المتَّحدة وشارك في المظاهرات هناك، لم يعد أفراد الأسرة يأمنون على حياتهم. وقبل هربها أصيبت ابنة أختها بطلقة قتلتها وأصيبت أختها بجروح خطيرة. وأخيرًا أوصلها المزارع الذي تعمل لديه بسيَّارته البيك أب إلى الحدود العراقية.

وكان أخوها عمر يؤدِّي خدمته العسكرية في الجيش السوري وقد تم وضعه في مدينة القامشلي ولكنه عندما سمع أنَّ شقيقته في طريقها باتجاه العراق ترك وحدته العسكرية وذهب مع أخته. وتقول شفاء: "نحن أكراد وكانوا يريدون منه أن يطلق النار على أكراد". وتقع مدينة القامشلي في أقصى شمال شرق سوريا في مثلث الحدود السورية مع تركيا والعراق، حيث يعيش هناك معظم أكراد سوريا الذين يقدَّر عددهم بثلاثة ملايين نسمة. ويقول البعض إنَّ الجنود السوريين يطلقون النار على اللاجئين الذين يريدون الذهاب إلى تركيا. لا يستطيع عمر تأكيد ذلك ولكنه سمع مثل هذه القصص. ومنذ عدة أعوام يقاوم الأكراد في سوريا نظام الأسد مقاومة شديدة وقد وقعت هناك في عامي 1986 و2004 حوادث عنف وهيجان شعبي.

اللاجئون السوريون ضحايا بطش نظام الأسد، حيث أحذوا يتدفقون إلى البلدان المجاورة هربا من البطشصورة من: Reuters

مأساة إنسانية

وعلى بعد بضعة كيلومترات عن الحدود أنزل المزارع أسرة شفاء من سيَّارته البيك أب حيث كان يجب عليهم مواصلة طريقهم سيرًا على الأقدام. وتقول شفاء بحسرة: "لقد تركنا كلَّ شيء خلفنا ولم نأخذ معنا إلاَّ ملابسنا التي كنا نرتديها وما استطعنا حمله". وتضيف إنَّهم دفعوا خمسة وسبعين ألف ليرة سورية (نحو تسعمائة وثلاثين يورو) لمهرِّب ساروا معه ست ساعات في الظلام حتى وصلوا الأراضي العراقية. وفي منطقة ربيعة التي تقع في أقصى شمال غرب العراق أرشدهم حرس الحدود العراقيون الأكراد إلى طريق مخيَّم للاجئين، واضطروا من جديد إلى قطع مسافة مائة وأربعين كيلومترًا حتى مناطق الحكم الذاتي الكردية الآمنة في محافظتي دهوك وأربيل. والآن تجلس شفاء وشقيقها عمر في كونتينر يستخدم لإدارة أحد مخيَّمات اللاجئين خارج مدينة دهوك ويريدان إخبار العالم عن مدى معاناة الشعب السوري وأحواله السيِّئة.

وتقول لي شفاء: "لم يعد يوجد لديّ خوف وبإمكانك أن تلتقطي صورًا لنا". لا يريد البعض الحديث حول قصصهم بسبب معاناتهم من صدمة أصابتهم نتيجة ما عاشوه من صدمات. وكذلك ما يزال يوجد لدى بعض الأشخاص الآخرين بعض من أفراد أسرهم وأقربائهم في سوريا وهم يخافون على حياتهم إذا اكتشف أمر هربهم إلى العراق. وتقول شفاء مفسِّرة سبب رفض بعض اللاجئين الحديث إلى وسائل الإعلام: "ما تزال الحكومة تعتبر هذا خيانة وطنية". وتضيف أنَّ اسم زوجها هو الآخر مدرج الآن على القائمة السوداء باعتباره "فارًا من الخدمة العسكرية" وسيتم إطلاق النار عليه في حال دخوله الأراضي السورية. ومن جانبه يبقى زوج شفاء جالسًا في الخلفية يومئ أحيانًا إيماءات قصيرة ليؤكِّد ما تقوله زوجته. ولكن في الواقع لقد بلغ حتى الآن عدد الهاربين من عنف النظام نسبة كبيرة للغاية بحيث صار من غير المؤكَّد إن كانت هذه القوائم سوف تبقى لفترة طويلة. إذ بلغ عدد اللاجئين في تركيا وحدها حسب الأرقام الرسمية أكثر من ثلاثين ألف لاجئ سوري، وكذلك يوجد في كردستان العراق حيث بدأ تدفّق اللاجئين إلى هناك منذ فترة قصيرة نحو أربعة آلاف لاجئ وفي الأردن إحدى عشر ألف لاجئ، أمَّا في لبنان يرجَّح وجود عدة آلاف من اللاجئين السوريين ولكن لا توجد هناك احصاءات رسمية.

حكومة المالكي ابدت دعمها لنظام الأسد رغم الفظائع والمجازرصورة من: picture-alliance/dpa

الأكراد في عين العاصفة

وتقول شفاء: "نحن الأكراد وضعنا الأسوأ من بين الجميع، إذ لا توجد لدينا أية حقوق"، وتضيف أنَّ نصف الأكراد السوريين لا يملكون بطاقات هوية وكذلك لا توجد لديها ولدى عائلتها أية أوراق ثبوتية ولذلك لم يتمكَّنوا أيضًا من السفر إلى بلدان أخرى بل كانوا يطمعون في رحمة الرئيس الكردي مسعود البارزاني الذي أصدر قبل فترة غير بعيدة مرسومًا يقضي بأنَّ جميع الأكراد السوريين الذين يهربون من إرهاب نظام الأسد سيتم إيواؤهم في العراق. وقبل ذلك كان حرس الحدود العراقيون يعيدون اللاجئين القادمين من سوريا.

وتعتبر سياسة العراق تجاه سوريا متناقضة للغاية، وفي حين أنَّ الحكومة في بغداد وعلى رأسها رئيس الوزراء نوري المالكي تدعم بشار الأسد وترسل له إلى دمشق النفط والمال والسلاح، وقفت في المقابل حكومة إقليم كردستان في أربيل إلى جانب "أخوتها السوريين" الذين يعارضون نظام الأسد. إذ جاءت محاولة بشار الأسد طمأنة الأكراد متأخرة جدًا عندما وعد في بداية هذا العام منح الجنسية السورية للأشخاص الذين لم يكن لديهم حتى ذلك الحين جواز سفر سوري وبأنَّهم يسيطيعون أيضًا الحصول على بطاقات هوية. وتقول شفاء مشتكية: "لقد كانت هذه مجرَّد كلمات جميلة، مثلما يحدث ذلك في كثير من الأحيان". ولكن لم يعد من الممكن حتى بمثل هذه الوعود إيقاف ثورة الشعب عليه وعلى نظامه.

تشير الأرقام إلى لجوء أكثر من 35000 سوري إلى تركياصورة من: Reuters

إنكار النظام

كان نظام الأسد ينكر وبكلِّ بساطة طيلة أعوام عديدة وجود الأكراد الذين يشكِّلون أكبر أقلية في سوريا. وقد كان ينتهي المطاف بالأشخاص الذين كانوا لا يريدون القبول بهذا الواقع إلى السجن أو المنفى. كذلك كانت تقاليد الأكراد ولغتهم محظورة رسميًا وكانت كلّ محاولة للاحتفال بعيد رأس السنة الكردية "النيروز" تقابل من قبل القوَّات الخاصة التابعة لقوى الأمن الداخلي المخيفة بعنف ووحشية. والآن تم انتخاب معارض كردي رئيسًا جديدًا للمجلس الوطني السوري المعارض. وهذا المعارض هو عبد الباسط سيدا المقيم في المنفى في السويد ومن المفترض الآن أن يوحِّد مجموعات المعارضة وأحزابها المنقسمة من أجل وضع إستراتيجية مشتركة لمحاربة الحكومة في دمشق.

وتقول شفاء يائسة: "سوريا هي بلدي ووطني وهويَّتي". ولكن لا توجد لديها أية فرصة للعودة إلاَّ بعدما يتم إسقاط الأسد، مثلما تقول وتضيف أنَّها حتى ذلك الحين سوف تضطر من دون شكّ إلى البقاء في معسكر دهوك الذي وصله حتى الآن ألف وثلاثمائة وستون لاجئًا. وتأتي إلى معسكر اللاجئين سيارة بيك أب تحضر لهم الخبز الطازج والجبن وكذلك يتم تزويدهم بفرشات وبطانيات. ويقول السيِّد زاد الله مدير هذا المعسكر: "نحن ما نزال قادرين على مواجهة الوضع"، ويضيف أنَّه حصل من حكومة إقليم كردستان في أربيل على ما يكفي من المال للأسر الموجودة في معسكره والتي يبلغ عددها مائتين وأربعين أسرة. "ولكن إذا استمر تدهور الأوضاع في سوريا أكثر وازداد عدد اللاجئين القادمين من سوريا فعندئذ سوف تقل الإمكانيات المتوفِّرة لدينا".

ويعترف زاد الله أنَّ الرعاية الطبية متوفِّرة للحالات الحادة ولكن عندما تظهر حالات مرضية خطيرة فعندئذ يجد نفسه عاجزًا ويضيف أنَّ المستشفيات الموجودة في المناطق الكردية في شمال العراق تعتبر هي الأخرى غير مجهزة تجهيزًا جيِّدًا لمعالجة الحالات المرضية المزمنة. فعلى سبيل المثال لا يمكن تقريبًا توفير العلاج لمعالجة مرضى السرطان وإن تم توفيره يكون بكميَّات غير كافية. وسيكون جميلاً لو استطاعت ألمانيا تقديم بعض المساعدات في هذا المجال.

بيرغيت سفينسون

ترجمة: رائد الباش

مراجعة: هشام العدم

حقوق النشر: قنطرة

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW