اللاجئون السوريون - "الحماية الثانوية" في ميزان القضاء
١٨ أكتوبر ٢٠١٦
منذ دخول "حزمة قوانين اللجوء الثانية" حيز التنفيذ في 17 آذار/مارس الماضي، ارتفع عدد اللاجئين السوريين الحاصلين على ما يعرف بـ "الحماية الثانوية" أو "الحماية الجزئية". فما انعكاساتها على اللاجئ؟ وما هي التبعات القانونية؟
إعلان
ذكر تقرير لصحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" اليوم الثلاثاء، الثامن عشر من أكتوبر/تشرين الأول 2016، أن هناك 17 ألف دعوى قضائية تقدم بها لاجئون حصلوا على حق ما يطلق عليه "الحماية الثانوية" أو "الحماية الجزئية"، وذلك بغية الحصول على حق "اللجوء الكامل"، وفق "اتفاقية جنيف الخاصة بوضع اللاجئين" لعام 1951. وتعود أكثر من 15 ألف دعوى من أصل 17 ألف لسوريين. وجاء تقرير الصحيفة الألمانية انطلاقا من تصريحات رسمية للحكومة الاتحادية ردا على مساءلة برلمانية، تقدمت بها النائبة البرلمانية الاتحادية في حزب الخضر، أولى يلبكي".
تشديد بعد تسهيل
زادت "حزمة قوانين اللجوء الثانية" من تشديدها على القوانين المرتبطة باللجوء، مثلا إحداث تقليص طفيف في المساعدات الاجتماعية، وتقييد حرية الحركة، وتسهيل إجراءات الترحيل، خصوصا لمرتكبي الجرائم، وغيرها من الإجراءات. غير أن أكثر تبعات الحزمة ثقلاً على اللاجئين هو السماح بتقديم طلب لمّ شمل أسرهم فقط بعد مرور سنتين. الأمر الذي دفع بطالبي اللجوء من سوريا وغيرهم إلى رفع دعاوى قضائية أمام المحاكم الإدارية. نهلة عثمان، محامية متخصصة في قانون الأجانب واللجوء والقانون العائلي، أكدت في حديث خاص ل DW عربية أن مكتب المحاماة الخاص بها حصل على توكيلات بمستوى "800 قضية من طالبي اللجوء".
وحسب الصحيفة الألمانية، فإن "المكتب الاتحادي للهجرة واللجوء" كان قد قام منذ خريف 2014 بمنح كل السوريين تقريباً حق اللجوء الكامل وفق اتفاقية جنيف، من خلال إجراءات تحقيق سريعة، غير أن ذلك أُلغي وتم تعويضه بإجراءات "المحكمة السماعية" لكل مواطن سوري على حدة، وذلك في مارس/آذار من هذا العام. ووفقاً للصحيفة فقد حصلت نسبة 60 بالمئة من طالبي اللجوء السوريين على "الحماية الثانوية"،منذ ذلك الحين. في حين تشير تقديرات المحامية عثمان إلى حصول حوالي 80 بالمئة من السوريين على "الحماية الثانوية".
انعكاسات سلبية ملموسة
الحصول على "الحماية الثانوية" يعني، تأخير تقديم طلب لمّ الشمل الأسري لمدة سنتين. وعن التأثيرات السلبية لذلك تقول السيدة عثمان: "الحماية الثانوية تشكل وضعا ضعيفا في الإقامة، بمعنى أنه بعد سنة أو سنتين فقد لا تُجدد تأشيرة الإقامة وقد يتم ترحيل اللاجئ إلى سوريا. كما إنها لا تؤهل حاملها لتقديم طلب الحصول على الإقامة الدائمة إلا بعد انقضاء خمس سنوات، وليس ثلاث سنوات كما هو الأمر بالنسبة للاجئ الحاصل على حق "اللجوء الكامل". وفي بعض مكاتب الأجانب والهجرة يقلص وضع "الحماية الثانوية" فرص تحرك اللاجيء وانتقاله، مما قد يحول دون سفره خارج ألمانيا".
المكتب الاتحادي يأكل الحصرم والمحاكم تضرس!
أدى منح طالبي اللجوء "الحماية الثانوية" إلى ارتفاع عدد طلبات الاعتراض على الأحكام الإدارية في الولايات الألمانية. فبحسب تقرير صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" فقد رفعت في شهر آب/أغسطس الماضي لوحده حوالي 6000 دعوى أمام المحاكم الإدارية. عن أسباب ذلك تقول المحامية عثمان: "كل ما في الأمر هو أن "المكتب الاتحادي للهجرة واللجوء" يرغب في التخلص من طلبات اللجوء الكثيرة، والمحاكم هي التي تتحمل التبعات، وكلنا يعرف أن الدعاوى القضائية تستغرق وقت كبيراً. وهذا يأتي في النهاية لينعكس سلباً على اللاجئ ونفسيته وعلى لم شمل أسرته". وتُظهر الأحكام الصادرة حتى الآن أن أكثر من 90 بالمئة من الدعاوى كانت لصالح طالبي اللجوء، وهم حصلوا بذلك على حق اللجوء الكامل وفق "اتفاقية جنيف الخاصة بوضع اللاجئين"، وفقاً لتقرير الصحيفة الألمانية.
من حسن الحظ لا يتحمل طالب اللجوء تكاليف رفع الدعوى. المحامية عثمان تشرح ذلك وتقول: "تقوم منظمات مثل "برو أزول" (منظمة مدافعة عن حقوق اللاجئين) و"الدياكاوني" (منظمة خيرية تتبع الكنيسة البروتستانتية) بدفع بعض التكاليف. كما نقوم، نحن كمحاميين عن اللاجئين بتقديم طلب للمحكمة لإعفاء اللاجئ من تكاليف الدعوة القضائية، والبالغ قدرها 925 يورو. وتسقط عنه التكاليف بالتالي، بشرط تقديم وثيقة الإعانة المادية التي يحصل عليها اللاجيء من "مكتب المساعدة الاجتماعية" والتي تبين عدم قدرته المادية على تحمل التكاليف".
"تقديم اللجوء عمل معاد للنظام"
حسب تقرير لتلفزيون WDR الألماني، فقد أصدرت المحكمة الإدارية العليا في ولاية مكلينبورغ فوربومرن حكماً اعتبرت فيه أنه "يجب منح السوريين حق اللجوء الكامل وفق اتفاقية جنيف، لأن مغادرة البلاد هرباً من الاضطهاد يعتبرها النظام السوري عملاً معادياً له". وتذهب المحامية عثمان نفس المذهب وتوضح: "عند خروج اللاجئ بشكل غير نظامي من سوريا أو هرباً من الخدمة العسكرية الإجبارية، فقد يواجه اضطهادا وخطرا على حياته في حال عدم تجديد إقامته وترحيله إلى سوريا. ولدينا إثباتات على هذا الكلام. فعلى سبيل المثال قال لي اليوم شاب سوري إنه بقي شهرين تحت التعذيب بعد عودته إلى سوريا". يُذكر أن الحصول على حق اللجوء الكامل يشترط حسب اتفاقية جنيف الخاصة بوضع اللاجئين "أن يكون طالب اللجوء معرضا لخطر الاضطهاد عند عودته إلى بلده، بسبب دينه أو عرقه أو انتمائه إلي فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية".
الكاتب: خالد سلامة
أسلاك شائكة وبعض الأمل - اللاجئون السوريون حول العالم
فيما يناقش قادة العالم خلال قمة تعقدها الأمم المتحدة في نيويورك أخطر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، تبقى مواقف الدول بشأن استقبال اللاجئين متباينة. جولة من الصور حول وضعية اللاجئين السوريين حول العالم.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Gouliamaki
فيما أغلقت الأغلبية العظمى للدول الأوروبية أبوابها أمام اللاجئين، كانت ألمانيا، وبنسبة أقل السويد، من أكثر الدول استقبالاً للاجئين. ففي غضون أشهر فقط استقبلت ألمانيا أكثر من مليون لاجئ، أغلبهم من السوريين. ورغم الترحيب الذي أبداه الكثير من الألمان إزاء اللاجئين، إلا أن قدومهم بأعداد كبيرة لم يرق للعديد أيضاً، إذ تسببت سياسة الأبواب المفتوحة في خسائر انتخابية لحزب المستشارة أنغيلا ميركل.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
تركيا، التي تستضيف أكثر من 2,7 مليون نسمة، هي بلا منازع أكبر بلد يستقبل اللاجئين السوريين في العالم. ووسط توافد سيل اللاجئين على أوروبا العام الماضي انطلاقا من تركيا، تعهدت بروكسل بدفع 3 مليارات يورو لدعم اللاجئين السوريين وإحياء محادثات عضوية أنقرة في الاتحاد الأوروبي مقابل أن تساعد أنقرة في الحد من عدد الأشخاص الذين يحاولون الوصول لأوروبا من تركيا. إلا أن هذا الاتفاق يبقى هشاً.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Kose
لبنان، هذا البلد الصغير الذي لا يتجاوز عدد سكانه 5,8 ملايين نسمة، يستقبل أكثر من مليون لاجئ سوري يقيم معظمهم في مخيمات عشوائية وسط ظروف معيشية صعبة. وبالتالي، فإن لبنان، الذي يتسم بالموارد الاقتصادية المحدودة والتركيبة السياسية والطائفية الهشة، يأوي أكبر نسبة من اللاجئين بالمقارنة بعدد سكانه، إذ أن هناك لاجئاً سورياً مقابل كل خمسة مواطنين لبنانيين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Mohammed Zaatari
الأردن، ورغم صغر مساحته وعدد سكانه، إلا أنه من أهم الدول المستقبلة للاجئين السوريين. فوفقاً للأمم هناك نحو 630 ألف لاجئ سوري مسجل في المملكة الأردنية، بينما تقول السلطات إن البلاد تستضيف نحو 1,4 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع النزاع في سوريا في آذار/ مارس 2011. ويعيش 80 بالمائة منهم خارج المخيمات، فيما يأوي مخيم الزعتري في المفرق، وهو الأكبر، نحو 80 ألف لاجئ.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/R. Adayleh
يبدو أن أغلبية دول الخليج ترفض استقبال الللاجئين السوريين على أراضيها، باستثناء السعودية التي استقبلت نحو 500 ألف لاجئ سوري، دون أن تكون لهم رسمياً وضعية لاجئ، منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011. الدول الأخرى فضلت تمويل مخيمات وبرامج مخصصة للاجئين للسوريين في دول الجوار.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
استقبلت السويد نحو 160 ألف طالب لجوء العام الماضي، لكن الأعداد انخفضت إلى نحو ألفين في الشهر بعد تطبيق قيود على الحدود وإجراءات تجعل من الأصعب على اللاجئين دخول الاتحاد الأوروبي. كما تبنى البرلمان السويدي الصيف الماضي قواعد أكثر صرامة حيال طالبي اللجوء، ومن بينها عدم منح تصاريح إقامة دائمة لكل من تم منحهم حق اللجوء في البلاد.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Nilsson
الدنمارك استقبلت بدورها في 2015 أكثر من 21 الف طلب لجوء، بارتفاع بنسبة 44 بالمائة مقارنة مع 2014، لكن ذلك أقل بكثير من عدد الطلبات في جارتها الشمالية السويد. كما أن الدنمارك كانت من أول الدول التي سارعت بفرض اجراءات التدقيق العشوائي للهويات على طول الحدود الألمانية بهدف منع "أعداد كبيرة من اللاجئين والمهاجرين" من الدخول إلى البلاد. وقبلها قامت بتخفيض المساعدات المالية المخصصة للاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/K.Sörensen
المجر كانت من أولى الدول الأوروبية التي قامت بمد أسلاك شائكة على طول حدودها مع بدء توافد سيل اللاجئين عبر طريق البلقان لمنعهم من دخول أراضيها. كما أن المجر وبولندا وسلوفاكيا وجمهورية تشيكيا لا تزال ترفض أي آلية الزامية لتوزيع اللاجئين. كما رفضت دعوات سابقة من ألمانيا وإيطاليا واليونان بالتضامن أوروبياً في معالجة ملف اللجوء والهجرة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Ujvari
سلوفاكيا من الدول الشرق أوروبية التي ترفض استقبال اللاجئين. وفي تصريح لأحد قادتها السياسيين مطلع العام الجاري جاء فيه أن البلاد لاترغب في استقبال اللاجئين المسلمين، معللة أن هؤلاء يختلفون ثقافياً عن سكان البلاد وأنه لا يوجد في سلوفاكيا مساجد ودور عبادة كافية لهؤلاء. كما شهدت البلاد احتجاجات قادها يمينون متطرفون ضد اللاجئين (الصورة).
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Gavlak
الولايات المتحدة ورغم كبر مساحتها وكثافتها السكانية التي تقدر بـ320 مليون نسمة، إلا أنها حددت سقف عدد اللاجئين السوريين الذين تستقبلهم البلاد العام الجاري بـ10 آلاف شخص. كما يتعين على هؤلاء الخضوع للإجراءات أمنية مكثفة ومشددة. ورغم ذلك هناك سياسيون من الحزب الجمهوري الذين يرفضون استقدام لاجئين من سوريا لأسباب أمنية. على أي حال واشنطن أعلنت أنها سترفع العدد بنسبة 30 بالمائة خلال العام القادم.