بعد مضي أزيد من عام على قدوم اللاجئين إلى ألمانيا، لازالت قضية اللجوء تشغل الرأي العام الدولي. الصحفي في DW جيرو شليس ينقل مشاهداته لواقع اللاجئين في برلين.
إعلان
لا حديث اليوم سوى عن تواجد اللاجئين بألمانيا، فقدوم أزيد من مليون لاجئ إلى ألمانيا، يمكن أنه يشبه لدى الكثيرين طوابير طويلة من الأشخاص لم يستطيعوا الإندماج في المجتمع الألماني. ولكن الواقع شيء آخر، فعندما تصل إلى مطار تيغل في برلين أو محطة القطار الرئيسية بنفس المدينة، قد تفاجأ بقلة الأشخاص ذوي الملامح العربية. وقلما تصادف لاجئا هنا وهناك.
صديقتي ديانا التي تقطن في الولايات المتحدة الأمريكية كانت متأثرة بالترحيب الذي لقيه اللاجئون من قبل الألمان، ولطالما تخيلت أن اللاجئين هم أشخاص ينتظرون الحساء الساخن أمام إحدى الجمعيات، أو مجموعات تقبع في خيام للجوء في براندنبورغ، ولكن اليوم الأول لديانا في برلين غير كل توقعاتها، فأعداد اللاجئين ليست كما كانت تتخيلها. شعرت ديانا بخيبة أمل عندما لم تصطدم بأي لاجئ في برلين. كما أنها لم تصادف لاجئين يخيمون في الساحات، بيد أن أنشطة السياحة مازالت في سيرها العادي.
أين هم لاجئو برلين؟
إلتقيت بعمدة برلين ميشائيل مولر في إحدى الحفلات المنظمة في المدينة، هذا الأخير أبدى سعادته بالتنظيم الذي أصبح يطبع تواجد اللاجئين ببرلين، فأن تصادف لاجئا بالشكل المتعارف عليه أصبح نادرا إن لم نقل معدوما. فعلى النقيض مما صرحت به المستشارة أنغيلا ميركل حول الأعباء الكبيرة التي يشكلها تواجد اللاجئين بألمانيا، فإن عمدة مدينة برلين يرى أن الأمر لم يعد يدعو للقلق بهذا الشكل، ولا تشكل أزمة اللاجئين عبئا سياسيا. ويعترف مولر بأنه أحيانا يتساءل أيضا عن مصير مليون لاجئ قدموا إلى ألمانيا.
من المعروف أن العديد من اللاجئين يختارون ضواحي برلين للإستقرار، ومنطقة تيمبيلهوفر فيلد هي أبرز مثال على ذلك، ففي مدينة يقطنها أربعة ملايين نسمة، تواجد 65.000 لاجئ ليس بالشيء الملحوظ، ويضيف عمدة برلين ميشائل مولر. بأنه رغم إغلاق الحدود في جنوب شرق أوروبا، إلا أن وفود اللاجئين مازالت مستمرة في العبور من البلدان المجاورة لألمانيا ومنها إلى مدينة برلين. مولر يشارك الآن في عدة مشاريع تروم إدماج اللاجئين في السنوات العشر القادمة.
انتقلت بعدها إلى تجمع نظمه حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي قرب ساحة الكسندر، البرلماني عن نفس الحزب كارستن لينيمان لا يخجل من تقاسم أفكاره بين الجموع، فالنجم السياسي الصاعد في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ، بدأ كلمته مشيدا بتنظيم الحدث. وقال إنه في الواقع، يلاحظ أن هذا التجمع أول حدث لا تهيمن على نقاشاته أزمة اللاجئين. مضيفا أنه ولعدة أشهر كانت قضية اللاجئ في قائمة النقاط التي يجب مناقشتها عند كل اجتماع.
لقاء مع اللاجئين
غير بعيد من التجمع الخطابي وبالقرب من نافورة المياه بساحة الكسندر ببرلين التقيت مجموعة من اللاجئين، يستمعون للاغاني الشرقية في الراديو ويتبادلون أطراف الحديث، عرفتهم عرب من خلال المحادثة التي كانت تدور بينهم، غير أنه كان من الصعب الدخول مع هؤلاء في محادثة طويلة، ليس بسبب عامل اللغة العربية، ولكن لأنهم تراجعوا خطوات للوراء فور اقترابي منهم، فمازالت تساور بعض اللاجئين شكوك حول نوايا الألمان في كل لقاء مباشر، بادر أحدهم يدعى سامي بالحديث عندما سألتهم عن أصولهم ليجيب قائلا: "جميعا جئنا من دمشق''.
اقناع هؤلاء الشبان اللاجئين بالتقاط الصور كان أمر صعبا، لتنتهي المحادثة عند ذلك الحد، ولكن غير بعيد عن هذه المجموعة تراءى لي صبي يدعى خان ويبلغ 16من العمر، خان هرب من منطقة تقع تحت سيطرة طالبان بافغانستان منذ عام مضى، تاركا وراءه ست أخوات وأخوين، يعيش الآن وحيدا في شقة تمولها دائرة الهجرة الألمانية، يعبر هذا الشاب عن الصعوبات التي يواجهها للإندماج قائلا: "أموري ليست على ما يرام هنا في ألمانيا".
في طريقي إلى المنزل قابلت مجموعة من الشبان العرب، وحينها لم تغادر صور اللاجئين مخيلتي بعد، بادرت الشباب بابتسامة وقابلني أحدهم بالمثل، كان ذلك بصيص أمل في مساء طويل ومتعب.
مرور عام على عبارة ميركل الشهيرة "نستطيع أن ننجز ذلك"
مر عام كامل على المقولة الشهيرة للمستشارة أنغيلا ميركل "نستطيع أن ننجز ذلك" تعليقا على قدرة بلادها على إدارة أزمة اللاجئين. لكن ماهي أبرز الأحداث التي عرفتها ألمانيا بعد تلك العبارة الشهيرة. تعرف عليها عبر صور:
صورة من: picture-alliance/AP Photo/DHA
في 31 أغسطس/آب 2015 عقدت المستشارة ميركل ندوة صحفية وصرحت آنذاك بمقولتها الشهيرة "نحن نستطيع أن ننجز ذلك" تعليقا على قدرة ألمانيا على تجاوز أزمة اللاجئين. في أثناء ذلك سُمح بمرور قطارات تقل آلاف اللاجئين إلى ألمانيا قادمة من دول شرق وجنوب أوروبا.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Jensen
في الرابع من سبتمبر/أيلول 2015 قررت المجر وقف حركة القطارات إلى ألمانيا، لتسود فوضى عارمة في المحطة الرئيسة للقطارات بالعاصمة بودابست. ما دفع الآلاف من اللاجئين إلى مواصلة رحلتهم الشاقة إلى ألمانيا مشيا على الأقدام.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Roessler
في الخامس من سبتمبر/ أيلول 2015 قررت ميركل بعد اجتماع مع المستشار النمساوي فيرنر فايمان استقبال اللاجئين لتعود بعدها حركة القطارات من المجر عبر النمسا إلى ألمانيا.
صورة من: Reuters/handout/Giudo Bergmann
استقبال حار للاجئين من قبل الألمان في السادس من سبتمبر/أيلول 2015 كما تبين الصورة التي التقطت في محطة القطارات الرئيسية في ميونيخ. بعدها تداولت الصحف الألمانية مفهوما جديدا لوصف هذا الاستقبال الحار بات يعرف بـ"ثقافة الترحيب".
صورة من: Getty Images/AFP/C. Stache
في العاشر من سبتمبر/أيلول 2015 زارت المستشارة ميركل مركزا أوليا لاستقبال طالبي اللجوء في برلين وقام العديد من طالبي اللجوء بالتقاط صور سيلفي معها. تناقلتها وسائل الإعلام العالمية وأعطت، خاصة لدى السوريين، انطباعا إيجابيا عن ألمانيا كبلد متضامن ومضيف للاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. v. Jutrczenka
استقبال اللاجئين والترحيب بهم لم يقتصر على الهيئات الحكومية، بل هبت فئات عريضة من الشعب الألماني متطوعين لإستقبال اللاجئين وتقديم مختلف المساعدات بدءا بالجوانب الصحية والإجتماعية وصولا إلى الإستقبال في البيوت.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Schutt
في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2015 وصف وزير العدل الألماني هايكو ماس تزايد الاعتدءات اليمينية ضد اللاجئين بـ"المخزية". آنذاك بلغت اعتداءات اليمنيين المتطرفين على مراكز اللاجئين 461 حالة.
صورة من: picture-alliance/Digitalfoto Matthias
في 31 ديسمبر/كانون الأول تعرضت عشرات النساء إلى اعتداءات جنسية في محطة القطارات الرئيسية في مدينة كولونيا، من قبل مئات من الرجال ينحدر أغلبهم من دول المغرب العربي. أثارت هذه الحادثة موجة من الغضب والاستنكار في المجتمع الألماني. كما ثار جدل واسع حول السبل القانونية لترحيل الأجانب من مرتكبي الجرائم.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Boehm
في 18 فبراير/شباط قام حوالي 100 متظاهر باعتراض طريق حافلة تقل طالبي لجوء إلى مركز للاجئين في مدينة كلاوسنيتز بمقاطعة ساكسن. وقام المتظاهرون آنذاك بإطلاق عبارات مناهضة للأجانب، فيما تمكنت الشرطة من التدخل وحماية الحافلة ومن فيها.
صورة من: YouTube/Thomas Geyer
في 24 فبراير/شباط 2016 صوت البرلمان الألماني لصالح حزمة القوانين الثانية الخاصة بسياسة اللجوء. وتنص هذه الإجراءات على ترحيل طالبي اللجوء ممن يملكون فرصا ضئيلة للبقاء في ألمانيا وتسهيل ترحيل المتورطين في أعمال إجرامية. المعارضة الألمانية انتقدت هذه الإجراءات واعتبرتها "خرقا لمبادئ حقوق الإنسان".
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Kumm
في الرابع من أبريل/نيسان 2016 دخل الاتفاق الأوروبي التركي لحل أزمة اللاجئين حيز التنفيذ. وبمقتضى الاتفاق تعيد السلطات اليونانية المهاجرين الذين يصلون إلى اليونان بطرق غير شرعية من تركيا. في مقابل ذلك تعهد الأوروبيون مقابل كل سوري يتم إبعاده إلى تركيا قبول سوري آخر من المهاجرين إلى تركيا للعيش في دول الاتحاد الأوروبي.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Kose
في 7 يوليو/تموز 2016 صادق البرلمان الألماني على قانون الإندماج الجديد والذي ينص على تسهيل دخول اللاجئين إلى سوق العمل ومنحهم فرصا أكثر للالتحاق بدورات الإندماج ودورات اللغة الألمانية. وفي صورة عدم التزام اللاجئين بهذه الإجراءات، تنخفض المساعدات الاجتماعية المخصصة لهم من قبل الدولة.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
في الثاني من سبتمبر/أيلول من هذا العام نقلت مصادر أن المستشارة ميركل اجتمعت مع برلمانيين محافظين من حزبها وقالت لهم "أهم شيء في الشهور المقبلة هو الترحيل.. الترحيل.. وأكرر الترحيل". وذلك لتهدئة المخاوف العامة المتنامية بشأن زيادة أعداد المهاجرين في خطوة تمثل تغيرا حادا في موقف ميركل.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Grimm
وفي الثاني من سبتمبر/أيلول من العام الماضي انتشرت صورة الطفل السوري الكردي أيلان بعد أن غرق وجرفت المياه جثته إلى الشاطئ التركي. تسببت هذه الصورة في حدوث صدمة وغضب في جميع أنحاء العالم. وتوفى شقيقه وأمه ونجا والده فقط. وعائلة أيلان من أكراد سوريا الذين فروا من الحرب الأهلية في بلادهم. إعداد: سميح عامري