اللعب رغم الصيام ـ تحد يواجه اللاعب المسلم في رمضان
١٨ يونيو ٢٠١٥من المعروف أن هنالك جدلا مستمرا وتضاربا في الآراء حيال ممارسة الرياضات الشاقة أثناء الصيام، حيث يرى البعض من المختصين أن رمضان أو الصيام عموما لا يؤثر على أداء الرياضيين ولا يخفف من قدرتهم وعطائهم، فيما يشك آخرون في صحة هذا الكلام. ويرى هؤلاء أن تأثير فقدان الجسم لكميات من السوائل، وعدم القدرة على تعويضها بسبب الصيام، لا بد أن يؤثر في أداء الرياضيين.
ومن المؤكد أن اللاعبين المسلمين المحترفين في أوروبا يواجهون عددا كبيرا من التحديات خلال شهر رمضان، إذ يتعين عليهم التأقلم مع نظام غذائي مختلف وأوقات نوم مغايرة تماما. لكن هل يمكن الحفاظ على اللياقة والالتزام في نفس الوقت بصيام شهر رمضان؟
بخلاف أندية كرة القدم في دول العالم الإسلامي، التي تتأقلم مع شهر رمضان من خلال تأخير موعد التدريبات إلى المساء وإجراء المباريات في الليل، فإن أغلب الفرق الأوروبية تواصل برنامجها بشكل اعتيادي في شهر رمضان وهو ما يسبب صعوبات للاعبيها المسلمين، خصوصا في فصل الصيف الذي يكون فيه اليوم طويلا.
النظام الغذائي والنوم من أكبر التحديات
وللتعامل بشكل أفضل مع هذا الموضوع ينصح الدكتور شلبي الذي شغل سابقا منصب مدير القسم الطبي بنادي باريس سان جيرمان الفرنسي اللاعبين بتغيير نظام غذائهم في شهر الصيام. ويقول شلبي في حوار مع الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) "إن مستوى التغذية يجب أن يتغير كما يجب أن تتغير نوعية الطعام للتأقلم مع متطلبات التمرين. كما أن أهم توصية تتمثل في القيام بقيلولة أطول بعد الظهر من أجل الحصول على أكبر قسط من النوم خلال اليوم". ويؤكد شلبي الذي سبق له أن عمل مع لاعبين مسلمين مثل نيكولا أنيلكا خلال فترة تعاقده مع باريس سان جيرمان على ضرورة أن "يتحدث اللاعبون مع أطبائهم المختصين في التغذية من أجل الحصول على مساعدة أفضل ونيل ثقة مدربيهم."
وكما يحدث تغيير في النظام الغذائي للاعبين أثناء الصيام يتغير أيضا برنامج نومهم وهو ما يعتبره عضو لجنة الفيفا الطبية ياسين زرغيني من أهم التحديات التي تواجه اللاعبين في شهر رمضان . ويقول الدكتور زرغيني بهذا الخصوص في مقابلة مع موقع الاتحاد الألماني لكرة القدم "الصوم يغير توقيت اللاعبين، وبالتالي فإنه من المهم أن يعرفوا كيفية التأقلم مع أوقات النوم الجديدة، ومن المهم كذلك أن يتعاملوا على نحو سيكولوجي جيد مع التغيير الذي يطرأ على أجسامهم خلال هذا الشهر".
وكان الدكتور زرغيني من بين مجموعة من الباحثين والأخصائيين في مجال الطب الرياضي الذين أنجزوا دراسة تناولت مسألة الصيام في رمضان ومدى تأثير ذلك على لاعبي كرة القدم. وقد نشرت مجلة علوم الرياضة التابعة للفيفا نتائج تلك الدراسة. وتطرق هذا البحث أيضا لكيفية استعداد اللاعبين للمباريات المقامة في رمضان.
فقد أوضح الدكتور زرغيني أن ذلك يتوقف على ساعات التدريب والظروف المناخية، مشيرا إلى وجود "استراتيجيات مختلفة بحيث تكون كل حالة مغايرة لبقية الحالات". وأضاف الخبير في الطب الرياضي بأن ذلك يتوقف على توقيت إجراء التمارين، سواء في الصباح أو بعد الظهر أو في المساء. كما أن الجسم في فصل الشتاء يحتاج لتغذية أكثر وطاقة أكبر، بينما تكون السوائل أكثر أهمية في فصل الصيف.
لاعبون يصرون على الصوم رغم التحذيرات
بالمقابل يؤكد الطبيب الألماني يواخيم شوبيرت أن الصيام وخصوصا التوقف عن الشرب يكون له تأثير كبير على صحة اللاعب. ويرى الأخصائي في الطب الرياضي أن الجمع بين الصوم واللعب قد يسبب مخاطر على صحة اللاعب خصوصا على مستوى الدورة الدموية التي قد تصل إلى حد الانهيار؛ بالإضافة إلى التأثير السلبي على وظيفة الكلى والجهاز المناعي". لذلك فبالنسبة للطبيب شوبيرت لا بد للاعب أن يختار بين الصوم أو لعب كرة القدم ويقول بهذا الخصوص "لا يمكنني إلا أن أنصح كل لاعب يريد التمسك برمضان بأن يبتعد عن الأداء الرياضي الطويل ومنه 90 دقيقة في كرة القدم. فالجمع بين هذا الالتزام الديني وممارسة الرياضة غير ممكن".
بيد أن الكثير من التجارب أثبت عكس ما انتهى إليه الطبيب الألماني، حيث استطاع بعض اللاعبين المحافظة على أدائهم رغم الصيام. وخير دليل على ذلك المنتخب الجزائري في مونديال البرازيل، حيث تمكن لاعبوه رغم الصيام من إحراج بطل العالم، المنتخب الألماني وكانوا قريبين من هزمه. ومن اللاعبين الذين يصممون دومًا على الصوم، السنغالي ديمبا با لاعب تشيلسي الإنجليزي السابق وبشكتاش التركي حاليًا.
وقال ديمبا با: "دومًا ما كنت أواجه مديرًا لا يَسْعَد بقراري، وكنت أقول له اسمع، سأفعل ذلك، إذا استمر أدائي جيدًا، فسأستمر في اللعب والصيام". وكان النجم المالي عمر كانوتيه لاعب أشبيلية الإسباني المعتزل، من أشد اللاعبين تمسكًا بصوم رمضان، حيث كان لا يتوانى عن صيام رمضان ، بل كان يتفاءل كثيرًا بخوض المباريات في رمضان، وقال وقتها: "إن من لا يفهم تعاليم الإسلام لا يعلم أن الصوم يمنح القوة وليس العكس".
وفي مقابل ذلك هناك نوعية أخرى من اللاعبين الذين يتجنبون أي مشاكل مع مدربيهم بسبب رمضان، فيكتفون بالصيام أيام التدريبات فقط، ويفطرون وقت المباريات.