فيما تزال مختلف المدن والمناطق في مصر تعيش على وقع الاحتجاجات الشعبية العارمة التي تتصاعد موجتها منذ يوم "جمعة الغضب"، وتطالب بسقوط النظام الرئيس حسني مبارك؛ دخلت مناطق في مصر منحىً جديداً تمثل بانتشار الفوضى وأعمال السلب ونهب، ما دفع المواطنين إلى تنظيم لجان شعبية لتسيير أمورهم وحماية أحيائهم وممتلكاتهم.

وهذه اللجان الشعبية تضم الشبان والرجال الذين نظموا صفوفهم ووزعوا المهمات فيما بينهم، لحراسة المحلات والبيوت والممتلكات في حيهم على مدار الساعة. واستطاعت هذه اللجان تحقيق شيء من الأمان بعد انسحاب عناصر الشرطة، ومحاولة بعض "البلطجية" استغلال الوضع والقيام بالسلب والاعتداء على المواطنين. ولكن اللجان الشعبية تتصدى لهم وتقبض عليهم، حسبما أفاد به مفرح، عضو إحدى اللجان الشعبية في مصر الجديدة، لدويتشه فيله وقال: "البارحة، ألقينا القبض على ستة من الخارجين على القانون، ويقومون بسرقة السيارات وتكسير وتخريب المحلات والاعتداء على المواطنين". ويضيف مفرح بأن الشرطة قد انسحبت من مصر الجديدة حيث "يتولى الجيش زمام الأمور".

استغلال السيارات الحكومية في أعمال النهب

هذا ويستغل البعض المركبات العامة والحكومية ويستخدمها في أعمال النهب والسلب، كما يقول هاني دوريش، عضو اللجنة الشعبية في هضبة الأهرام بمحافظة الجيزة، "في الساعة الثانية ليلاً مرت سيارة إسعاف بسرعة وأطلق من فيها النار عشوائياً لإخافة الناس"ويضيف هاني في حديثه مع دويتشه فيله بأنه لم تكن هناك عمليات نهب وسلب بعد تشكيل لجان شعبية وتوليها الحراسة في الحي، ولكن التهديد يأتي من "عمليات الترهيب ومحاولات الاقتحام وظهور سيارات بشكل فجائي تطلق النار".

وعن الاتهامات التي توجه لعناصر من الشرطة وقيامها بأعمال السلب والنهب، يقول هاني بأن أحد أصدقائه العضو في لجنة شعبية في حي سرايا القبة، أخبره بقيامه مع زملاء آخرين في اللجنة بإيقاف "سيارة ذات زجاج مموه وبدون لوحة، كان في داخلها ستة أشخاص بلباس مدني معهم ثلاثة بنادق آلية كلاشينكوف وكمية من الحشيش، ولدى سؤالهم أفاد هؤلاء بأن البنادق تعود لضابط شرطة في قسم حدائق سرايا القبة" ولدى رجوع أعضاء اللجنة إلى الضباط وسؤاله عن الأمر اعترف بذلك وحاول اصطحاب المقبوض عليهم معه "للتستر عليهم"، ولكن أعضاء اللجنة رفضوا ذلك وتدخل ضابط من الجيش فقبض على هؤلاء و"طرد ضابط الشرطة وهدده بالقبض عليه".

هذا واستغل بعض السجناء الظروف التي تمر بها البلاد وفروا من السجون، وهناك من يتهم الشرطة بإطلاق سراح المجرمين الخطرين لإرهاب المواطنين ونشر الفوضى في البلاد. وفي هذا السياق يقول ايهاب حسن، عضو إحدى اللجان الشعبية في القاهرة، " لقد قبض زملاؤنا في اللجنة صباح اليوم على سجناء أطلقت الشرطة سراحهم لإخافة الناس" ويضيف ايهاب في حديثه مع دويتشه فيله بأن من يقومون بأعمال السلب والنهب من عناصر الشرطة السرية "قبض عليهم في مركز المدينة، والجيش يحقق معهم".

اتهامات للشرطة بنشر الفوضى

كذلك أفادت السيدة ريتا ماجد في حديثها مع دويتشه فيله، بأنه شوهد في الشارع المجاور لبيتها "شبان من البلطجية وفي يدهم سكاكين كبيرة، فنزل الرجال من البيوت إلى الشارع وبيدهم عصي للتصدي لهؤلاء البلطجية وحراسة الشارع". هذا وتزايدت الاتهامات للجهاز الأمني بتنفيذ مخطط لإجهاض حركة الاحتجاج الشعبي المطالبة برحيل مبارك مع انسحاب قوات الأمن تماما من شوارع القاهرة والمحافظات لتتركها نهبا للبلطجية واللصوص.

وكان حي المهندسين الراقي في القاهرة، هدفاً لمن يستغلون الأوضاع ويقومون بالنهب والسلب، حيث تم تحطيم واجهات عشرات المتاجر التي تعرضت للنهب والتخريب. ويقول أحد السكان آسفا "أتى العديد من الشبان خلال الليل ودمروا كل شيء". ويقول مالك أحد محلات الملابس "لا وجود للشرطة واللصوص هربوا من السجون. لم أرى مثل ذلك في حياتي". كما تعرض متجر كبير لسلسة كارفور الفرنسية العملاقة على طريق القاهرة الدائري أمس السبت لعملية نهب وتخريب، أيضاً.

من ناحية أخرى ذكرت تقارير اليوم الأحد (30 كانون الثاني/ يناير) أن أكثر من 450 شخصا في مصر ألقي القبض عليهم في أعمال نهب وسرقة خلال الأيام القليلة الماضية، والوضع الآن في قبضة الجيش. وقد قامت لحان شعبية محلية بإلقاء القبض على بعض هؤلاء الأشخاص.

عارف جابو

مراجعة: طارق أنكاي