اللجوء بسبب التغيرات المناخية.. هل يتحقق على أرض الواقع؟
٢٧ يوليو ٢٠١٩
يتسبب التغير المناخي في كوارث طبيعية مختلفة في عدد من المناطق حول العالم. الأشخاص الفارين إلى بلدان أخرى بسبب هذه الكوارث، بحاجة إلى حماية أفضل من خلال اللجوء المناخي، الذي تطالب به منظمة "خبز للعالم" الألمانية.
إعلان
في العام 2018 حققت منظمة "خبز للعالم" (Brot für die Welt) الألمانية رابع أفضل نتيجة للتبرع منذ إنشائها قبل 60 عاماً. فقد بلغ إجمالي ما حصلت عليه المنظمة من تبرعات وهبات ومنح وغيرها 307 ملايين يورو، أي بزيادة قدرها نحو 9% عن العام 2017، الذي جمعت فيه 282 مليون يورو فقط.
خبز للعالم هي منظمة إغاثة بروتستانتية تعمل على مكافحة الجوع والفقر حول العالم، والملبغ الذي جمعته العام الماضي جاء أكثر من نصفه (حوالي 168 مليون يورو) من دعم قدمته لها وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا.
بعد عقود من التراجع، ارتفع عدد الأشخاص الذين يتضورون جوعاً في جميع أنحاء العالم مرة أخرى، إلى أكثر من 821 مليون في العام الماضي، حسبما ترى رئيسة المنظمة، كورنيليا فولكروغ فايتسل. تغير المناخ هو أحد الأسباب الرئيسية كما تقول: "بدون الحسم في التخفيف من آثار تغير المناخ، يجب القول أن التنمية ليس لها مستقبل كبير على المدى الطويل، لأن تغير المناخ يضعف تقدم التنمية، ولهذا السبب فإن مكافحة تغير المناخ هي نقطة جوهرية في برنامج منظمة "خبز للعالم" الألمانية لأكثر من عشر سنوات. لأنها مسألة عدالة بالنسبة لنا".
البلدان الفقيرة تدفع الثمن
في العام 2018 وحده، سُجلت حوالي 17 مليون حالة نزوح جديدة مرتبطة بالكوارث الطبيعية في 148 دولة وإقليم، وفي الوقت نفسه أدى الجفاف إلى نزوح 764 ألف شخص في الصومال وأفغانستان وعدة بلدان أخرى، بحسب الأمم المتحدة.
من جانها تؤكد فولكروغ فايتسل أن 90% من المتضررين من عواقب تغير المناخ، هم أقل المتسببين في ذلك التغير، وتوضح: "معظمهم من البلدان الفقيرة، وحياتهم معرضة للتهديد جراء الجفاف أو الفيضانات، وينتهي بهم الأمر إلى تحمل تكاليف الكوارث الناجمة عن أسلوب الحياة الغربية".
ورغم أن ألمانيا من أكبر المهتمين بمكافحة التغير المناخي، إلا أنها لم تستطع لحد الآن التوصل إلى حل حاسم للتخفيف من عواقبه. وترى فولكروغ فايتسل أن ألمانيا لم تحقق سوى القليل في هذا المجال: "لسوء الحظ، حتى في ألمانيا، لم يتحقق سوى القليل من جميع الاتفاقات التي انبثقت عن اتفاقية باريس للمناخ و من المؤتمرات الموالية". وتضيف رئيسة منظمة خبز للعالم: "نحن بحاجة إلى سياسة شجاعة للحد من تغير المناخ، حيث يجب على الحكومة الألمانية التخلي عن ترددها واتخاذ مسار واضح. لأنه كلما تأخرنا، كلفنا ذلك أكثر".
"اللجوء المناخي"
تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن نحو 265 مليون شخص اضطروا لمغادرة منازلهم في الفترة ما بين 2008 و2018 بسبب الكوارث المناخية، ويحذر خبراء من أن هذه الأرقام قابلة للازدياد.
على خطى قبطانة سفينة الإنقاذ الألمانية "سي ووتش 3"، كارولا راكيته، تطالب منظمة "خبز للعالم" الألمانية ومنظمة دياكوني للإغاثة بمنح صفة اللجوء للأشخاص المتضررين من التغير المناخي حول العالم. وتقول رئيس منظمة "خبز للعالم" الألمانية: "يمكنك أن تتخيل أن الكثير من السياسيين يخجلون من المطالبة بهذا الأمر، لكننا نطالب به وندعم كذلك". وتضيف كورنيليا فولكروغ فايتسل "كيف يمكن تحقيق ذلك؟ لا زال قيد النقاش. لكن الأمر مستعجل، لأن مشاكل عدد لاجئي المناخ ستتخطى كل المشاكل، التي وجهناها مع اللاجئين حتى الآن".
وترى فولكروغ فايتسل، أن ما يقلق هو أنه في الوقت الذي منتظراً فيه من أوروبا التعامل بإنسانية أكثر مع أعداد اللاجئين المتزايدة، تقوم بتجريم خدمات إنقاذ المهاجرين من البحر المتوسط. واتهمت فولكروغ فايتسل الاتحاد الأوروبي بـ"خيانة قيمه الأساسية وأهدافه"، التي أسس من أجلها "حينما يترك عمدا المزيد من الناس للغرق وهو في طريقهم إلى أوروبا".
آنه فينتر/ إيمان ملوك
أفكار معمارية صديقة للبيئة لمواجهة الحرارة
ترتفع درجات الحرارة في العالم، حيث يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل متزايد كل عام. ولكن هل يمكن للتصميم والهندسة المعمارية مساعدة الناس على التخفيف من حدة الحرارة المرتفعة ومحاربة مسببات الاحتباس الحراري؟
صورة من: picture alliance/DUMONT Bildarchiv
مكيف الهواء هو المشكلة، وليس الحل
بالطبع لا شيء يضاهي متعة المشي في غرفة مكيفة الهواء بعد قضاء عدة ساعات في الحر. لكن الوكالة الدولية للطاقة (IEA) حددت استخدام مكيف الهواء كأحد المسببات الرئيسية لتزايد الطلب على الكهرباء، بما يعادل 10 في المائة من إجمالي استهلاك الكهرباء في العالم. وإذ ينطوي إنتاج كل تلك الطاقة الكهربائية بطريقة أو بأخرى على حرق الوقود الأحفوري.
صورة من: picture-alliance
"خطة غيديس" في تل أبيب
قبل تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948، تمت استشارة المخطط الحضري الاسكتلندي باتريك غيديس عام 1925 حول إمكانية وضع تصميم لمدينة تل أبيب يواجه آثار المناخ الصحراوي السائد إلى أدنى حد، حيث بنيت طرقها على شبكات لتوجيه نسيم البحر من البحر المتوسط إلى المدينة. وحتى يومنا هذا، يستفيد وسط هذه المدينة المليونية بشكل كبير من هذا التصميم.
صورة من: JACK GUEZ/AFP/Getty Images
باوهاوس: التصميم الألماني الرائع
استفادت المباني في تل أبيب أيضاً من مدرسة باوهاوس الألمانية للهندسة المعمارية والتصميم، والتي تشدد على كل من البراغماتية والجماليات. على سبيل المثال، أثبت ميل باوهاوس للأسقف المسطحة أنه مفيد أيضاً لعكس حرارة الشمس. ومع ظهور تكنولوجيا جديدة مثل ظهور الألواح الشمسية مع مرور الوقت، ظلت الأسقف المسطحة تحظى بشعبية في المراكز الحضرية في المناطق الحارة.
صورة من: DW/I. Rottscheidt
ساحات خضراء في برشلونة
إذا كانت الساحات توفر هواء أكثر برودة، فإن مدناً مثل باريس وبرشلونة قد اختارت طريقها الصحيح. بإنشاء المجمعات السكنية حول الأفنية العملاقة، حيث لا يستفيد السكان فقط من مناخ أكثر برودة، بل وأيضاً من العيش في محيط جميل. في الآونة الأخيرة، بدأت المدينة تغيير الطريقة التي توجه بها حركة المرور حول أكثر من 500 مبنى في محاولة للحد من انبعاثات الكربون.
صورة من: picture-alliance/DUMONT Bildarchiv/F. Heuer
الحماية من الفيضانات والحرارة
عرف سكان المناطق الساحلية المنخفضة منذ فترة طويلة أن بناء المنازل المرتفعة يوفر الحماية من الفيضانات، التي تعد من الآثار الجانبية المتفاقمة للاحتباس الحراري. كما تساعد هذه الطريقة في البناء على تبريد المنازل من الأسفل.
صورة من: Reuters/S. Nesius
بناء مدن مقاومة لتغير المناخ
يرتبط العدد المتزايد من الكوارث الطبيعية ارتباطاً مباشراً بتغير المناخ. عندما ضرب إعصار "هارفي" هيوستن بالولايات المتحدة في عام 2017، استفادت المدينة من التصميم الذكي لمنتزه "بوفالو بايو" الذي تبلغ مساحته 64 هكتاراً، والذي كان بمثابة سهل تحمل العبء الأكبر من الفيضان. مما حمى الحديقة التي لم تشهد أضراراً بالغة.
صورة من: Photo by Jim Olive, courtesy of Buffalo Bayou Partnership
مكافحة تغير المناخ والحرارة في الشرق الأوسط
في هذه الأيام، هناك مدن تنشأ بين عشية وضحاها في الشرق الأوسط، مما يوفر فرصاً جديدة لمعالجة آثار تغير المناخ منذ البداية. إلى جوار مطار أبو ظبي، هناك مدينة كاملة في الضواحي بنيت وصممت لتعمل بالطاقة المتجددة دون انبعاثات. قد تكون مدينة "مصدر" مدينة مثالية اليوم، لكنها قد تقدم في نفس الوقت مخططات لمشاريع مستقبلية مماثلة.
صورة من: Masdar
تصميم قديم من عمان
تصل درجة حرارة الشارع في حي مدينة "مصدر" بأبوظبي إلى 20 درجة مئوية، أي أنها أكثر برودة من الحرارة في الصحراء التي تحيط بها، حيث يعمل برج الرياح على تبريد الهواء من السماء ويدفعه إلى الأسفل لتشكيل نسيم بارد. غير أن هذه الفكرة قد أخذت من مدينة مسقط القديمة بسلطنة عمان، حيث صُممت المباني الطويلة لتوجيه الرياح إلى الشوارع الضيقة بطريقة مماثلة.
صورة من: picture alliance/DUMONT Bildarchiv
البماني القديمة
في حين أن المباني القديمة ساحرة، غير أنها غالباً قد بنيت بطريقة تزيد من آثار درجات الحرارة العالية إلى الحد الأقصى، مما يساهم عن غير قصد في ظاهرة الاحتباس الحراري. تضغط بعض الدول مثل المملكة المتحدة على تحديث هذه المنازل مع عزل محسّن في محاولة لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 80 في المائة.
صورة من: Imago/Future Image
الإسمنت: مرحبا أو وداعاً؟
لتلبية احتياجات المناخ في المستقبل، يتعين على الناس تبني مواد بناء جديدة. قبل كل شيء، هناك دعوة لوقف الاستخدام الكبير للخرسانة أو الباطون والكربون الذي يطلقه. غير أن المباني الخرسانية الضخمة وخاصة الهياكل العملاقة التي تعود إلى ستينيات القرن الماضي، تعتبر أيضاً عوازل حرارية كبيرة. ببساطة: توقف عن استخدام الخرسانة، ولكن استفد إلى أقصى حد من الهياكل الخرسانية.
صورة من: DW/K. Langer
بيت المستقبل
إذا كنت ستقوم ببناء منزل في المستقبل القريب، فكر في ما يدعى "المنزل السلبي" (Passive house). يتضمن هذا التصميم ميزات تقلل الأثر السلبي على البيئة. فكر في نوافذ أصغر، أو مساحة للألواح الشمسية أو حدائق على السطح، حيث تتغذى النباتات من الأمطار المتساقطة وتعوض تغذيتها انبعاثات الكربون. سيرتان ساندرسن/ ريم ضوا.