الليبيون يترقبون أول امتحان عبر صناديق الاقتراع منذ نصف قرن
٧ يونيو ٢٠١٢ انطلق المهندس فتحي محمد إلى المدرسة الني تجاوره في منطقة تاجوراء بضواحي العاصمة طرابلس في يوم الثلاثاء الأول مايو والذي صادف عطلة رسمية بمناسبة عيد العمال الذي يحتفل به في ليبيا لأول مرة منذ عام 1976 هو أول يوم يفتتح فيه التسجيل للناخبين.
دخل المدرسة وبيديه السجل العائلي وترافقه زوجته التي اتجهت إلى مكان تسجيل النساء، قام فتحي بتسجيل نفسه بيسر فلم يكن أمامه الا 5 أفراد، وحول السبب في ذلك قال فتحي "لا توجد دعاية اعلامية موسعة وكذلك فان هذا الوضع لم يتعود عليه الناس وهو جديد عليهم".
خرج فتحي من المركز الانتخابي ومع زوجته وقال لـ DW نحن اتينا هنا لاننا نريد ان ننتقل من الثورة إلى الدولة وللمضي قدما نحو انتخابات المؤتمر الوطني العام. وسيكون الاقتراع في يوم 19 من يونيو جزيران الحالي، حيث سيجرى انتخاب 200 عضوا في الجمعية العمومية يكون 120 مقعدا منهم للمرشحين المستقلين على أساس نظام الاغلبية و80 مقعدا للمرشحين من القوائم الحزبية على أساس نظام التمثيل النسبي في قوائم انتخابية مغلقة تقدمها الكيانات السياسية، وسيتم تعيين لجنة من الخبراء بعد قيام المؤتمر الوطني بوضع مشروع الدستور لليبيا الجديدة.
منظومة انتخابية جديدة
وبعد انتهاء فترة التسجيل قال عيسى الطاهر عضو المفوضية العليا للانتخابات لـ DWبأن عملية تسجيل الناخبين قد انتهت وان العدد بلغ 2.712.727 ناخب ووصل عدد المترشحين الافراد الى 2563، والكيانات السياسية إلى 349 كيان سياسي.
وأضاف عاشورلـ DW بأن عملية التسجيل كانت ناجحة متمنيا ان "تنجح ايضا عملية الاقتراع مثلها". وقال بأن الليبيين متعطشون للديمقراطية ويرغبون في نجاح انتخابات المؤتمر الوطني العام اللبنة الاولى في الدولة الليبية الحديثة وإنشاء الدستور والفصل بين السلطات، وأشار عيسى إلى أن مشاركة المرأة تعتبر مرتفعة جدا، خاصة وان المشاركة العامة تجاوزت 85 % .
ومن جهتها سعت وزارة الداخلية إلى طمأنة الناخبين بأنها ستتعاون مع المفوضية العليا للانتخابات من أجل "التأكد من خلو المسجلين من السوابق الجنائية وفق الاجراءات القانونية" وبأنه تم التنسيق بين وزارتي الدفاع والداخلية لحماية العملية الانتخابية عبر"خطة محكمة لتأمين مراكز الانتخابات وخصوصا في يوم الاقتراع".
دور القضاء"حاسم" في العملية الانتخابية
وتثير ظروف الاستعدادات للانتخابات ردود فعل متباينة لدى الاحزاب السياسية والشخصيات المستقلة، وبرأي سليمان العزابي من مؤسسي حزب الاحرار لـDW فإن تجربة تنظيم الانتخابات في ظل الشفافية كانت غائبة منذ آخر انتخابات برلمانية جرت في عام 1964 وتم الطعن فيها وأعيدت عام 1965. وأضاف "كنا آنذاك صغارا ولم نصوت". وأضاف ان الناخبين والمرشحون ينتظرون يوم الاقتراع بحماس، متوقعا ان تفرز الانتخابات وجوها جديدة في المشهد الليبي ما بعد الثورة.
وردا عن سؤال حول رأيه في فرص تنظيم انتخابات نزيهة، قال العزابي"اذا لم تكن نزيهة سنتجه إلى القضاء، والقضاء الليبي نزيه واثبت وجوده في أكثر من موقف حتى في عهد القذافي"، ودعا الجميع إلى استبعاد المخاوف وتشجيع الناس على المشاركة في الانتخابات.
ومن جهته قال عماد البناني من مؤسسي حزب العدالة والبناء المحسوب على الاخوان المسلمين في تصريح خاص لـ DWإن الانطباع على عملية التسجيل "ايجابي وهي تحظى دعم كبير من المواطنين ومن منظمات المجتمع المدني لإنجاحها". ولكنه أشار إلى أخطاء من قبل المفوضية العليا للانتخابات في بعض الاجراءات من حيث التعديلا التي تم نشرها بدون مقدمات، ومنها القرارات بتغيير القوائم وإدخال مناطق جديدة والتي حصلت بعد بداية الحملة بـ 6 أيام، وكذلك الاعلان المباشرعن بداية الحملة ب3 أيام وكان من المفروض أن تبدأ بالناخبين أولا ومن ثم بالمرشحين وليس الاثنين معا.
واعتبر البناني أداء المفوضية "غير عالي الاحترافية"، ولاحظ انه رغم ذلك فقد تفهم الناخبون الأمور، واضاف "نحن كحزب العدالة والبناء لم نقم بالتشويش حتى وأن صيغة القانون الانتخابي لم تكن في صالح حزبنا ونحن حريصون كثيرا على إنجاح هذه الحملة لأنها تدعم الاستقرار في ليبيا، ولم نتكلم".
أما عن النتائج، فقال ان عمل حزبه"استراتيجي دائما ونشتغل بتأني ونؤمن بالشراكة الوطنية الحقيقية، وليس من الضرورة أن نكتسح الموقف".
الانتخابات المحلية كانت تدريبا ديمقراطيا
وحول تجربة الانتخابات المحلية التي جرت في مدينة بنغازي ومصراتة، قال المحلل السياسي الضاوي بوراس لـ DW "لقد اثبت أهلنا في مدينة مصراته وبنغازي قمة التنظيم في انتخاب المجلس المحلي واعتبر نجاحهما في هذه العملية يضمن النجاح لتحقيق الحرية والديمقراطية وعملية الانتخاب في ليبيا". ومن جهتها اعتبرت محاسن محمود المعلمة بالتعليم الاساسي ان"انتخابات مدينة بنغازي أثبتت أن الشعب الليبي يملك ملكة التغيير نحو الديمقراطية وحرية القرار" .
ويذكر أنه قد فتح أكثر من 1450 مركزا لتسجيل الناخبين في كافة أنحاء ليبيا في المدارس والمساجد بكل القرى والمدن حسب ما حددته المفوضية الوطنية للانتخابات، وقسمت ليبيا حسب توزيع الدوائر الانتخابية إلى 13 دائرة رئيسية وبـ 21 من الدوائر الفرعية و 20 من مناطق القائمة و 69 من مناطق الفردي، وتم تسجيل الناخبين من واقع كتيب العائلة للتأكد من جنسية الناخب أو جواز سفره مع شهادة الميلاد وشهادة الوضع العائلي، وأنه بدون التسجيل لا يمكن المشاركة في الانتخاب".
وكان قد صدر قانون يوم الاربعاء 2 مايو/أيار لتنظيم الاحزاب وقبله صدر قانون آخر لتنظيم الكيانات السياسية بعد أن تم تكوين العشرات من الاحزاب والتيارات السياسية، لتدخل ليبيا نظام الاحزاب بعد سقوط النظام الشمولي وللمرة الأولى بعد أكثر من 48 عاما، حيث كان نظام القذافي يجرم نظام الاحزاب، وفي الكتاب الأخضر الذي وضعه القذافي فوق كل القوانين بليبيا خلال فترة حكمه، ينص على أنه"من تحزَب فقد خان".
عصام الزبير – طرابلس
مراجعة: منصف السليمي