دونالد ترامب، الرئيس السابق للولايات المتحدة، يدخل التاريخ بسبب قضيته مع الممثلة السابقة في الأفلام الإباحية، ستورمي دانيلز، والتحقيق معه بشأن دفعه لها 130 ألف دولار مقابل صمتها عن علاقة مزعومة بينهما.

العلاقة جعلت ترامب يتحوّل إلى أول رئيس أمريكي توجه له اتهامات جنائية، ومن المتوقع حسب عدة وسائل إعلام محلية، أن يسلّم نفسه الأسبوع المقبل للسلطات. ينفي ترامب بشدة الاتهامات، ويتحدث عن إجراءات مسيّسة وعن "اضطهاد سياسي"، فيما لا تخفي دانيلز فرحها بتوجيه الاتهام رسمياً إليه.

فكيف بدأت القصة؟

ستورمي دانيلز اشتهرت في مجال الأفلام والعروض الإباحية، إذ أدت فيها عددا من الأدوار، كما كتبت وأخرجت بعضها، وكانت لها بعض المشاركات القليلة في أفلام ومسلسلات خارج دائرة الإباحية.

اسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد وتفضل الاستمرار باسمها الفني. بدأت مسارها أولاً من نوادي التعرّي عام 2000 وهي اليوم واحدة من أشهر من وجوه الصناعة الإباحية في الولايات المتحدة.

تدعي دانيلز أن أوّل لقاء جمعها بدونالد ترامب، كان عام 2006، عندما التقيا في بطولة خيرية لرياضة الغولف في بحيرة تاهو، ولاحقاً دعاها إلى غرفته في الفندق، حيث مارسا الجنس حسب زعمها، متحدثة عن أن العلاقة كانت بالتراضي، لكن ترامب ينفي اقامة علاقة جنسية معها. وعلى افتراص صحة مزاعم دانيلز بإقامة ترامب علاقة جنسية معها، فإن ذلك لا يشكل في حد ذاته أيّ انتهاك، رغم أن ترامب حسب قولها وعدها بدعمها في المجال الفني.

إذن الاتهام الموجه لترامب لا يخصّ العلاقة الجنسية في حد ذاتها، بل انتهاكاً محتملاً لقوانين الحملات الانتخابية، ولذلك كان يفترض ألا تثير هذه العلاقة المزعومة ضجة كبيرة، إلّا عندما ترّشح دونالد ترامب للرئاسة في الولايات المتحدة عام 2016.

كيف تفجرت القضية؟

الإشاعات حول القضية ليست جديدة، ظهرت بداية منذ عام 2006، وكان من المتوقع أن تعترف بها ممثلة الأفلام الإباحية عام 2011 في حوار مع مجلة "إن تاتش" لكن المجلة لم تنشر الحوار بعدما هددها محامي ترامب السابق مايكل كوهين بمقاضاتها.

لكن الصمت لم يستمر. فجرت صحيفة وول ستريت جورنال القضية عام 2018، التي ذكرت أنه شهرا واحداً قبل الانتخابات الرئاسية، دفع ترامب هذه الممثلة إلى توقيع عقد يقضي بعدم إفشاء أيّ شيء عن تلك العلاقة، ولأجل ذلك توصلت دانيلز بمبلغ 130 ألف دولار من محامي ترامب، لكن الأمور أخذت منحى آخر.

اعترف محامي ترامب بدفع المبلغ رغم إنكاره في البداية، ما أدى إلى شكوك كبيرة في انتهاك قوانين الحملات الانتخابية. ثم اعترف مايكل كوهين أمام المحكمة بانتهاكه عدة قوانين، ليُحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات بتهم منها الاحتيال.

 فيما ظل ترامب يحاجج أن ما تم دفعه لدانيلز لم يؤخذ من صندوق الحملة الانتخابية، متحدثاً عن أن إدانة كوهين لا علاقة لها بما تمّ دفعه للممثلة.

قال كوهين حينها إن المبلغ دفعه من جيبه الخاص وليس من صندوق الحملة أو من أموال ترامب، وفي وقت لاحق أكد المحامي الجديد لترامب رودي جولياني أن الرئيس السابق أرجع لكوهين المال الذي دفعه.

من الصمت إلى الفضيحة

وجدت دانيلز ثغرة في اتفاق الصمت، كون ترامب لم يوقع عليه، ما جعلها تبدأ مساراً قضائياً لرفع السرية عن العلاقة بينهما. أول مرة ستتحدث دانيلز في الإعلام المرئي عن القضية كانت في برنامج "60 دقيقة" على قناة CBS في مارس/آذار 2018 وحينها كشفت عن كل التفاصيل.

تحدثت دانيلز في الحوار عن أنها تعرّضت للتهديد منذ بدايات خروج القضية للإعلام، ما جعلها توقع اتفاق الصمت، وكشفت كذلك أن محامي ترامب هددها بدفع غرامة ضخمة إن هي انتهكت نص الاتفاق.

أمر آخر تم الكشف عنه في سياق القضية. حاولت دانيلز دخول معترك السياسة عام 2009 وفكرت في الترشح لمنصب سيناتور في ولاية لويزيانا. وذكرت مجلة "مادر جونز" أن ترامب كان داعماً مالياً محتملاً للحملة، لكن الخطة لم تسر كما يجب.

تحولت القضية إلى القضاء في اتهامات أخرى من دانيلز لترامب بالتشهير بعدما شكك علنا في اتهاماتها. بقيت القضية تتكرر في الإعلام طوال آخر سنتين من حكم ترامب، ويُعتقد أنه كان لها تأثير سلبي في محاولته الاستمرار رئيساً للولايات المتحدة.

خرج ترامب من السباق الرئاسي وتراجعت أخباره كثيراً بعد إقفال تويتر وفيسبوك لحسابيه، لكن القضية لم تتوقف، بقي المدعي العام في مانهاتن يجري التحقيقات، وتم تشكيل هيئة محلفين كبرى، وبعد عدة مداولات، قرّرت الهيئة توجيه اتهامات لترامب بشأن انتهاك قوانين الحملات الانتخابية، وهو اليوم قريب جداً من الاعتقال.

إ.ع/ع.ج.م