دعت دول أوروبية إيران إلى "عدم التقدم بطلبات غير واقعية" في مباحثات الملف النووي بعدما طالب مصدر إيراني بإغلاق ملف يتضمن واقعة العثور على آثار ليورانيوم مخصّب في مواقع لم تصرّح طهران أنها شهدت أنشطة نووية.
إعلان
حضت الدول الأوروبية الثلاث الأطراف في الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني الجمعة (5 أغسطس/آب 2022)، طهران على "عدم التقدم بطلبات غير واقعية" في المباحثات الهادفة لإحيائه التي استؤنفت الخميس في فيينا.
وجاء البيان الفرنسي الألماني البريطاني، بعد ساعات من تأكيد مصدر إيراني ضرورة إغلاق ملف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن العثور على آثار ليورانيوم مخصّب في مواقع لم تصرّح طهران أنها شهدت أنشطة نووية، ويشكّل منذ أشهر نقطة تجاذب بين الجمهورية الإسلامية من جهة، والوكالة التابعة للأمم المتحدة ودول غربية من جهة أخرى.
ودعت الدول الأوروبية إيران إلى "عدم التقدم بطلبات غير واقعية خارج إطار خطة العمل الشاملة المشتركة (اسم الاتفاق)، بما يشمل مسائل الضمانات للوكالة الدولية للطاقة الذرية".
قضية ذات طابع سياسي
من جهته، رأى دبلوماسي إيراني أن القضية نشأت "من خلال الضغط السياسي، واستمرت تحت هذا الضغط وهي ذات طابع سياسي ولا ينبغي استخدامها كذريعة ضد إيران في المستقبل"، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية "إرنا". ولم تذكر الوكالة اسم الدبلوماسي.
وكانت الوكالة الدولية التي تتخذ من فيينا مقراً لها، قالت في تقرير أواخر أيار/مايو أن إيران لم تقدّم توضيحات وافية بشأن العثور على آثار لمواد في ثلاثة مواقع لم تصرّح عنها بأنها شهدت أنشطة نووية.
وأثار التقرير توتراً متزايداً مع الغرب، اذ أقر مجلس محافظي الوكالة في حزيران/يونيو، مشروع قرار تقدمت به الولايات المتحدة ودول أوروبية، ينتقد طهران على خلفية عدم تعاونها.
ووجهت إيران انتقادات لاذعة للتقرير، معتبرة أنه "غير منصف". وقامت تزامناً مع إقراره، بوقف العمل بعدد من كاميرات المراقبة العائدة للوكالة في بعض من منشآتها النووية.
وحذر المدير العام للوكالة رافايل غروسي في حينه من أن الخطوة الإيرانية قد توجه ضربة قاصمة لجهود إحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
وأتاح الاتفاق المبرم بين إيران وست قوى كبرى، رفع عقوبات عن الجمهورية الإسلامية في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. إلا أن الولايات المتحدة انسحبت أحادياً منه في 2018 خلال عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، معيدة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران التي ردت بالتراجع تدريجياً عن غالبية التزاماتها بموجبه.
وبدأت إيران والقوى المنضوية في الاتفاق مباحثات لإحيائه في نيسان/أبريل 2021 في فيينا، بمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة وبتسهيل من الاتحاد الأوروبي.
مباحثات.. دون تحقيق اختراق
وعلّقت المباحثات في آذار/مارس مع تبقّي نقاط تباين بين طهران وواشنطن لم يتمكن المعنيون من ردم الهوة بشأنها بعد. وأجرى الجانبان في أواخر حزيران/يونيو، مباحثات غير مباشرة في الدوحة بتسهيل من الاتحاد الأوروبي، انتهت دون تحقيق اختراق.
وبعدما أعلن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أواخر تموز/يوليو التقدم بطرح تسوية بين الجانبين، عاد مفاوضون إلى العاصمة النمسوية اعتباراً من الخميس لعقد لقاءات لمحاولة كسر الجمود الحاصل.
وأكدت الدول الأوروبية في بيانها أن "مباحثات اليوم في فيينا لا تعدّ جولة جديدة من المفاوضات. هذه مباحثات تقنية بشأن الردود الإيرانية على النصّ" الذي وضعه بوريل على الطاولة، مؤكدة أن "القضية الأساسية المتبقية هي بين الولايات المتحدة وإيران". وأكدت أن "النصّ على الطاولة. لن يتم افتتاح المفاوضات من جديد. على إيران أن تقرر الآن أن تنجز الاتفاق طالما لا يزال ذلك ممكناً".
من جهته، رأى الدبلوماسي الإيراني وفق ما نقلت عنه "إرنا"، أن "ما يجري في فيينا هو حاسم ويجب كسب ثقة الجانب الإيراني بأسرع وقت ممكن".
ع.ح./ه.د. (أ ف ب)
محطات في تاريخ النووي الإيراني وكيف خرج من يد واشنطن
مدى رفض الغرب لبرنامج إيران النووي معروف للجميع، لكن تاريخ نشوء هذا البرنامج النووي قد يفاجئ الكثيرين، سيما إذا ما عرفنا أنه بدأ غربيا وأمريكيا بالذات. تعرف في هذه الجولة المصورة على أبرز محطات هذا البرنامج المثير للجدل.
صورة من: ISNA
نتانياهو: "إيران خدعت العالم".
قبل أيام من اتخاذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقرار متوقع بشأن الاتفاق النووي مع إيران، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن حيازته لوثائق تثبت أن "إيران خدعت العالم بإنكار أنها كانت تسعى لإنتاج أسلحة نووية".
صورة من: Reuters/A. Cohen
الاتحاد الأوروبي حريص على الاتفاق
ردود الفعل الغربية على تصريحات نتنياهو جاءت متضاربة، فقد تحفظ الأوروبيون إلى حد كبير في مواقفهم مؤكدين على أهمية الاتفاق مع طهران، فيما أعلنت الخارجية الأمريكية أن الوثائق التي كُشف عنها "حقيقية".
صورة من: Getty Images/AFP/E. Vidal
البداية أمريكية مع آيزنهاور
بدأت قصة البرنامج النووي الإيراني في خمسينات القرن الماضي في إطار برنامج الرئيس الأمريكي آيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي عام 1967 تم التوقيع على اتفاقية بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية والولايات المتحدة وإيران لتوريد اليورانيوم المخصب والبلوتونيوم. وفي العام نفسه تأسس مركز طهران للبحوث النووية بدعم أمريكي.
صورة من: gemeinfrei
التوقيع على المعاهدة
في الأول من يونيو/ حزيران عام 1968 وقعت إيران على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.
صورة من: UN Photo/Eric Kanalstein
بداية الطموحات النووية
في السبعينات أعلن شاه إيران محمد رضا بهلوي عن خططه لبناء 23 مفاعلاً نووياً حتى نهاية التسعينات، معللاً ذلك بالتهيؤ لفترة ما بعد النفط، ومؤكداً أن بلاده لا تسعى لبناء أسلحة نووية، ولكنه أضاف "في حال بدأت دول صغيرة في المنطقة ببناء ترسانة نووية، فستعيد إيران النظر في سياستها."
صورة من: AP
الدور الألماني في البرنامج الإيراني
في عام 1975 كرافت فيرك أونيون التابعة لشركة سيمنز الألمانية العملاقة توقع اتفاقية مع إيران لبناء مفاعل بوشهر النووي. وفي 1977 وافقت الحكومة الألمانية لكرافت فيرك أونيون على بناء 4 مفاعلات إضافية في إيران.
صورة من: dpa
الثورة الإيرانية وتحول سياسة الغرب
1979 اندلعت الثورة الإسلامية في إيران والتي أزاحت نظام الشاه الحليف الغربي والمدعوم تحديدا من الولايات المتحدة، ما شكل منعطفاً في التعاطي الغربي مع الطموح النووي الإيراني. الولايات المتحدة أوقفت إمداداتها من اليورانيوم المخصب لإيران. أما كرافت فيرك أونيون الألمانية فعلقت أعمال بناء مفاعلي بوشهر قبل إتمامها.
صورة من: bachehayeghalam.ir
دخول روسيا على الخط
بعد انقطاع الدعم الغربي للبرنامج النووي الإيراني، بدأ في مطلع التسعينات تعاون إيراني روسي توج بتأسيس منظمة بحثية مشتركة مع إيران باسم "برسيبوليس" وأمدت روسيا إيران على زمن الرئيس بوريس يلتسن بخبراء الطاقة النووية الروسية، والمعلومات التقنية. وفي منتصف التسعينات تم توقيع اتفاق روسي إيراني لاستكمال العمل في مفاعل بوشهر غير المنتهي.
صورة من: AP
مفاعل آراك النووي أثار مخاوف الغرب
بدأت المخاوف الدولية إزاء البرنامج النووي الإيراني في مطلع الألفية الثالثة عند حصول الولايات المتحدة الأمريكية على معلومات من مصادر من المعارضة الإيرانية مفادها قيام إيران ببناء مفاعل لإنتاج الماء الثقيل في مدينة آراك، وهو نوع من المفاعلات يمكنه إنتاج مادة البلوتونيوم اللازمة لإنتاج السلاح النووي.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Kenare
بداية سياسة العصا والجزة الغربية
مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الأمنية والسياسية خافيير سولانا قام بزيارة إلى طهران وأعلن أن إيران ستسمع "أخبارا سيئة" إذا لم توقع على البروتوكول الإضافي الخاص بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، والسماح الفوري بتفتيش المنشآت النووية الإيرانية "دون قيد أو شرط".
صورة من: AP
الأخبار السيئة كانت..
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تصدر قراراً في سبتمبر 2003 يلزم إيران بـ"الوقف الفوري الكامل" لكافة نشاطاتها المتعلقة بتخصيب اليورانيوم، وبتوقيع البروتوكول الإضافي.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Schlager
الإيرانيون لم يستجيبوا للضغوط
لكن إيران لم تستجب للضغوط واستأنفت تخصيب اليورانيوم معلنة في أبريل/نيسان 2006 النجاح في عمليات التخصيب بنسبة 3.5% الصالحة لأغراض سلمية، والبعيدة عن الأغراض العسكرية التي تتطلب نسبة تخصيب تزيد على 90%.
صورة من: AP
بداية العقوبات على إيران
رد فعل مجلس الأمن الدولي جاء سريعاً حيث أصدر في ديسمبر 2006 قراره رقم 1737 الذي يمنع أي دولة من تسليم إيران أو بيعها أي معدات أو تجهيزات أو تكنولوجيا يمكن أن تساعدها في نشاطات نووية وبالستية، بالإضافة إلى تجميد أصول عشر شركات و12 شخصا لهم علاقة بالبرامج.
صورة من: AP
التوصل للاتفاقية بعد سنوات من الأزمة
بعد سنوات طويلة من المفاوضات الماراثونية ومبادرات عدة، توصلت طهران في 2 أبريل 2015 مع الدول الست الكبرى في مدينة لوزان السويسرية إلى "اتفاق إطار" يقود إلى حل نهائي لملف البرنامج النووي الإيراني. الإتفاق نص على تخلي إيران عن أجزاء من خطتها النووية مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها. ودخل حيز التنفيذ في 15 يناير 2016. إعداد: ميسون ملحم