المبادرة المصرية بشأن ليبيا: مفتاح للحل أم مناورة سياسية؟
٨ يونيو ٢٠٢٠
تثير المبادرة المصرية بشأن ليبيا تساؤلات حول إمكانية نجاحها في وقت تدعم فيه القاهرة أحد طرفي النزاع، بينما يرفض الطرف الآخر هذه المبادرة. ورغم ترحيب واسع به، يشكك خبراء في إمكانية نجاح "إعلان القاهرة".
ومنذ 2015 تتنازع سلطتان الحكم في ليبيا وهما: حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فايز السرّاج ومقرها طرابلس (غرب) وحكومة موازية يدعمها المشير حفتر في شرق البلاد.
"لن تنجح" أم "يمكن البناء عليها"؟
رفض حكومة الوفاق للمبادرة المصرية والدعم المصري لحفتر فضلاً عن تعقيدات المشهد الليبي، كل ذلك يثير تساؤلات عن إمكانية نجاح إعلان القاهرة التي تريد مصر من خلاله أن تلعب دور الوسيط بين طرفين تدعم أحدهما.
ويعتقد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة السوربون، زيدان خليف، أن المبادرة المصرية "لن تنجح"، ويضيف في حديث مع DW عربية: "لن تنجح لأن تركيا تقف بوجهها وهي أصبحت صاحبة كلمة في ليبيا"، ويتابع خليف: "هذه المبادرة ليست سوى محاولة من السيسي لحفظ ماء الوجه بعد انكسار حفتر في طرابلس". وقد ساهم الدعم التركي لحكومة الوفاق في تغيير موازين القوى على الأرض في مواجهة قوات حفتر.
إلا أن الخبير الألماني بالشأن الليبي أندرياس ديتمان يرى أن المبادرة المصرية "يمكن البناء عليها"، ويضيف في حديث لـDW: "جميع المحادثات والمبادرات أفضل من استمرار المعارك"، ويتابع: "رغم أن اقتراح السيسي ليس محايداً لأن مصر تدعم حفتر، إلا أنه اقتراح يمكن البناء عليه". "توسيع دور صالح على حساب حفتر" وقد فشلت مساع أوروبية ودولية في تثبيت وقف إطلاق النار بين طرفي النزاع، رغم الجهود الحثيثة التي بذلت إثر مؤتمر برلين الخاص بليبيا الذي عقد في 19 يناير /كانون الثاني 2020. ويعتقد فولفرام لاخر من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية أن الخطة المصرية تهدف إلى "تقليص نفوذ حفتر" من خلال توسيع دور عقيلة صالح. ويعتبر عقيلة صالح، رئيس البرلمان الليبي المتمركز في الشرق، بين الشخصيات البديلة، لاسيما مع تواجده في القاهرة لحضور مباحثات السيسي وحفتر على الرغم من خلافاته مع الأخير. ووفقاً لمحلل الشؤون الليبية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية طارق المجريسي، فإن "مصر مازالت تستثمر في مشروع حفتر لكنها تبحث عن خيارات أخرى لتأمين مصالحها بعد أن أصبحت أقل يقيناً من أن حفتر سينتصر"، ويضيف المجيرسي لفرانس برس: "مصر تعمل مع روسيا على بدائل سياسية لحفتر قد تكون قادرة على حفظ مجال نفوذهما في شرق ليبيا".
أبرز القوى المسلحة المتصارعة على النفوذ في المشهد الليبي
البعض يقول إنها حوالي 30، في حين يصل البعض الآخر بالرقم إلى 1600. إنها الجماعات والميلشيات التي تحمل السلاح في ليبيا. DW عربية ترصد في هذه الجولة المصورة أبرز القوى المسلحة في المشهد الليبي الديناميكي والمتداخل.
صورة من: Reuters TV
العاصمة طرابلس
قوة حماية طرابلس، وهي تحالف يضم مجموعات موالية لحكومة الوفاق. وأبرزها: "كتيبة ثوار طرابلس" وتنتشر في شرق العاصمة ووسطها. قوة الردع: قوات سلفية غير جهادية تتمركز خصوصاً في شرق العاصمة وتقوم بدور الشرطة ولها ميول متشددة. كتيبة أبو سليم: تسيطر خصوصا على حي أبو سليم الشعبي في جنوب العاصمة. كتيبة النواسي: إسلامية موجودة في شرق العاصمة حيث تسيطر خصوصا على القاعدة البحرية.
صورة من: Reuters/H. Amara
"الجيش الوطني الليبي"
قوات اللواء السابق خليفة حفتر المسماة "الجيش الوطني الليبي"، تسيطر على معظم مناطق الشرق من سرت غرباً إلى الحدود المصرية. وتسيطر قوات حفتر على مناطق الهلال النفطي على ساحل المتوسط شمالاً إلى مدينة الكفرة ونواحي سبها جنوباً وتسعى حاليا للسيطرة على طرابلس. قوات حفتر هي الأكثر تسلحا وقوامها بين 30 و45 ألف مقاتل، وضمنهم ضباط سابقون في الجيش الليبي وتشكيلات مسلحة وعناصر قبلية إضافة إلى سلفيين.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Doma
كتائب مصراتة
فصائل نافذة في مصراتة الواقعة في منتصف الطريق بين مدينتي طرابلس وسرت، وهي معادية للمشير خليفة حفتر ومنقسمة بين مؤيدين ومعارضين لحكومة الوفاق الوطني. والمعارضة منها متحالفة مع فصائل إسلامية موالية للمفتي صادق الغرياني ولخليفة الغويل. وتتواجد بعض هذه الفصائل كذلك في العاصمة. وتسيطر مجموعات من مصراتة على سرت ومحيطها، وتمكنت من تحرير سرت من تنظيم الدولة الإسلامية في نهاية 2016.
صورة من: picture alliance/abaca
"فجر ليبيا"
كان تحالفاً عريضاً لميلشيات إسلامية، يربطها البعض بجماعة الإخوان المسلمين (حزب العدالة والبناء)، وضم ميلشيات "درع ليبيا الوسطى" و"غرفة ثوار طرابلس" وكتائب أخرى من مصراته. في 2014 اندلعت معارك عنيفة بين هذا التحالف و"الجيش الوطني الليبي" بقيادة حفتر، خرج منها حفتر مسيطراً على رقعة كبيرة من التراب الليبي.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
فصائل منكفئة في الزنتان
انكفأت فصائل الزنتان بعد طردها من طرابلس في 2014 إلى مدينتها الواقعة جنوب غرب العاصمة. تعارض هذه الفصائل التيارات الإسلامية، ويبقي عدد منها على صلات مع حكومة الوفاق الوطني و"الجيش الوطني الليبي" في الوقت نفسه. وتسيطر هذه الفصائل على حقول النفط في غرب البلاد. وعينت حكومة الوفاق أخيرا ضابطا من الزنتان قائدا عسكريا على المنطقة الغربية.
صورة من: DW/D. Laribi
جماعات متحركة في الصحراء
تعتبر فزان أهم منطقة في الجنوب الليبي تنتشر فيها عمليات التهريب والسلاح..وتحدثت تقارير إعلامية عن وجود ما لا يقل عن سبعة فصائل إفريقية، تنحدر من تشاد ومالي والسودان والنيجر والسنغال وبروكينافاسو وموريتانيا، في المناطق الحدودية في الجنوب الليبي. ومن أبرز الجماعات المسلحة في الجنوب الليبي: الطوارق، وجماعات تابعة لقبائل التبو، وجماعات جهادية(القاعدة وداعش) تتنقل على الحدود بين دول الساحل والصحراء.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Delay
"داعش"
دخل تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف إعلامياً باسم "داعش" ليبيا في تشرين الأول/ أكتوبر 2014. وفي كانون الأول/ديسمبر من نفس العام تبنى التنظيم أول اعتداء بعد تمركزه في البلاد مستغلاً غياب السلطة. ويمارس التنظيم لعبة الكر والفر، كما حقق مكاسب، إذ سيطر في فترات على النوفلية وسرت ودرنة وغيرها، ليعود ويخسر بعض الأراضي. وفي شباط/فبراير 2015 خرج شريط بثه التنظيم الإرهابي يظهر ذبح 21 قبطياً مصرياً.
صورة من: picture-alliance/militant video via AP
"القاعدة" وأفراخها
في 2012 قتل أربعة أميركيين بينهم السفير في هجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي. واتهمت واشنطن مجموعة "أنصار الشريعة" المرتبطة بالقاعدة بتنفيذ الاعتداء. وقبل ثلاثة أشهر قضت محكمة أمريكية بسجن أحمد أبو ختالة، الذي يعتقد أنه كان زعيماً لـلمجموعة، لمدة 22 عاماً بعدما دانته بالتورط في الهجوم. وتحدثت تقارير إعلامية أن فصائل تنشط على رقعة واسعة من التراب الليبي مرتبطة بالقاعدة وتعمل تحت مسميات مختلفة.
صورة من: Reuters
بين 2011 و2018
ذكرت تقارير للأمم المتحدة أنه يوجد في ليبيا ما يقرب من 29 مليون قطعة سلاح بين خفيفة ومتوسطة وثقيلة. وبدوره قدر رئيس الوزراء الليبي الأسبق، محمود جبريل، عدد الميلشيات المسلحة بأكثر من 1600 ميليشيا مسلحة، بعد أن كانوا 18 تشكيلاً عسكريا فقط يوم سقوط العاصمة في آب /أغسطس 2011.
إعداد: خ.س/ م.س