المبعوث الأممي لسوريا: تجدد الصراع في السويداء حاضر
علي المخلافي أ ب، د ب أ
٢٢ أغسطس ٢٠٢٥
حذر مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون من احتمال استئناف العنف في أي لحظة في محافظة السويداء، التي شهدت اشتباكات دموية الشهر الماضي، ومن عوامل سياسية داخلية تهدد وحدة البلاد، داعياً إلى إصلاحات كبرى في قطاع الأمن.
صورة من الأرشيف لمبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون في لقاء مع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع.صورة من: Syrian Transitional Government/Anadolu/picture alliance
إعلان
حذر مبعوث الأمم المتحدة الأعلى إلى سوريا غير بيدرسون يوم أمس الخميس (22 أغسطس/آب 2025) من أن انتقال سوريا لا يزال "على حافة الهاوية" وأن العنف قد يستأنف في أي لحظة في مدينة السويداء الجنوبية، التي شهدت اشتباكات دموية الشهر الماضي.
"مناوشات خطيرة على هوامش السويداء"
وقال غير بيدرسون مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إنه في حين أن العنف في السويداء قد هدأ إلى حد كبير بعد وقف إطلاق النار، فإن "خطر تجدد الصراع حاضر دائماً - وكذلك القوى السياسية الطاردة المركزية التي تهدد سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها".
وقال بيدرسن في إحاطة عبر الفيديو للمجلس إنه على الرغم من أن اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يوليو/تموز 2025 صمد إلى حد كبير، "ما زلنا نرى أعمالاً عدائية ومناوشات خطيرة على هوامش السويداء. والعنف قد يستأنف في أي لحظة".
السويداء السورية ترفع علم إسرائيل
03:08
This browser does not support the video element.
دعوة لإصلاحات كبرى في قطاع الأمن
وأعرب بيدرسون عن قلقه من أن "شهرا من الهدوء العسكري النسبي يخفي مناخاً سياسياً متفاقماً". وقال المبعوث الأممي إن هناك حاجة ملحة لقوات الأمن التابعة للحكومة الانتقالية بقيادة الرئيس المؤقت أحمد الشرع لإثبات أنها تعمل على حماية جميع السوريين.
ودعا بيدرسن إلى إصلاحات كبرى في قطاع الأمن ونزع سلاح القوات غير الحكومية وتسريحها وإعادة دمجها.
وحذر من أن الدعم الدولي لسوريا "يخاطر بإهداره أو توجيهه بشكل خاطئ" دون انتقال سياسي حقيقي يمهد الطريق للاستقرار على المدى الطويل، والحكم الرشيد، والإصلاحات الموثوقة، والالتزام الثابت بسيادة القانون والعدالة.
إعلان
"حاجة إلى دعم إنساني"
ووصف توم فليتشر، مسؤول الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، الوضع الإنساني في سوريا بأنه "مأساوي"، قائلاً إن 16 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد بحاجة إلى دعم إنساني.
وقال إن عمال الإغاثة بحاجة إلى الحماية والسلامة، مشيراً إلى أن القوافل الإنسانية تعرضت لإطلاق نار هذا الشهر. وقال إن هناك حاجة ماسة للمال من أجل الغذاء والمساعدات الأخرى، مشيراً إلى أن نداء الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية بقيمة 3,19 مليار دولار لعام 2025 لم يتم تمويله سوى بنسبة 14% فقط.
تهديد مستمر للسلام بعد سنوات الحرب؟
وتكافح سوريا مع انقسامات عرقية ودينية عميقة في أعقاب الإطاحة في ديسمبر/كانون الأول 2024 برئيس النظام السوري السابق المتفرد بالسلطة بشار الأسد، مما وضع حداً لعقود من حكم عائلة الأسد. وأثبت الانتقال أنه هش، مع تجدد العنف في مارس/آذار 2025 على طول الساحل، وكذلك في يوليو/تموز في السويداء وهي محافظة ذات عدد كبير من السكان الدروز، مما يسلط الضوء على التهديد المستمر للسلام بعد سنوات من الحرب السورية.
واندلعت اشتباكات في السويداء في 13 يوليو/تموز بين ميليشيات درزية وقبائل بدوية سنية محلية، وتدخلت القوات الحكومية، اسمياً لاستعادة النظام، لكنها انتهى بها المطاف بالانحياز أساساً إلى جانب البدو. وتدخلت إسرائيل دفاعاً عن الدروز، حيث شنت عشرات الغارات الجوية على قوافل من المقاتلين الحكوميين.
الدروز في الشرق الأوسط... سرية العقيدة ودواليب السياسة
تصدر "بنو معروف"، وهم أقلية دينية عربية عمرها نحو ألف عام، واجهة الأحداث مؤخراً وخاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد. ألبوم صور نحاول فيه إلقاء الضوء على مذهبم الباطني وتاريخهم السياسي وأعدادهم وتوزعهم.
صورة من: Suwayda24/AP/picture alliance
الدروز طائفة باطنية تحافظ على درجة من السرية فيما يخص ممارساتها الدينية. ونشأت الدعوة الدرزية في مطلع القرن الحادي عشر، وهي متفرعة من المذهب الاسماعيلي، ثاني أكبر المذاهب الشيعية بعد الاثني عشرية. وتضم العقيدة الدرزية شعائر من الإسلام وفلسفات أخرى كالأفلاطونية مع التركيز على التوحيد وتناسخ الأرواح من بين أمور أخرى.
صورة من: Ammar Awad/REUTERS
المعتقد الدرزي غير تبشيري وتبقى تعاليم الطائفة ضمن أبنائها، ومن غير المستحب ومن النادر الزواج من خارج الطائفة. ولا يسمح المذهب بتعدد الزوجات. يرتدي المتدنيون من الرجال الزي الأسود والقلنسوة البيضاء، وتغطي النساء المتدينات منهن رؤوسهن وقسماً من وجوههن بوشاح أبيض مع زي أسود طويل.
صورة من: Ammar Awad/REUTERS
يقدر عدد الطائفة الدرزية بنحو مليون إنسان تتركز غالبية أتباعها في مناطق جبلية في لبنان وسوريا وإسرائيل والأردن ودول المهجر. وهاجر بعضهم إلى مختلف أنحاء العالم مثل أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا وأستراليا، إضافة الى الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. من أبرز وجوههم في المهجر المحامية أمل علم الدين زوجة الممثل جورج كلوني. على رغم الانتشار، عمل الدروز على الابقاء على روابط وثيقة فيما بينهم.
صورة من: Alberto Pezzali/Invision/AP/picture alliance
في لبنان، يُقدّر عددهم بنحو 200 ألف، ويتركزون في جبال وسط البلاد، وخاصة الشوف وعاليه والمتن الأعلى، ومناطق عند امتداد السفح الغربي لجبل الشيخ مثل حاصبيا وراشيا. وأدى كمال جنبلاط دوراً سياسياً محوريا اعتباراً من الخمسينات من القرن الماضي وحتى مطلع الحرب الأهلية (1975-1990)، الى حين اغتياله في 1977 على يد مخابرات حافظ الأسد كما يتهم ابنه وخلفه في زعامة دروز لبنان، وليد جنبلاط.
صورة من: Houssam Shbaro/Anadolu/picture alliance Houssam Shbaro / Anadolu
أما في إسرائيل، يتوزع الدروز على أكثر من 20 قرية في الجليل وجبل الكرمل وهضبة الجولان المحتلة. ويبلغ عدد حاملي الجنسية الإسرائيلية 153 ألفا. يضاف إليهم نحو 23 ألفاً في الجولان، غالبيتهم العظمى تحمل إقامات إسرائيلية دائمة. ووفق مركز التراث الدرزي في اسرائيل، تعترف إسرائيل بالطائفة "بصفتها كياناً منفرداً له محاكمه الخاصة وقيادته الروحانية المستقلة". يتطوع الكثير من أبناء الطائفة في الجيش الإسرائيلي.
صورة من: Ammar Awad/REUTERS
النسبة الأكبر من الدروز في سوريا بعدد يبلغ نحو 700 ألف شخص يعيش معظمهم في جنوب البلاد حيث تعد محافظة السويداء معقلهم، كما يتواجدون في مدينتي جرمانا وصحنايا قرب دمشق، ولهم حضور محدود في إدلب، في شمال غرب البلاد. اشتهر منهم في سوريا سلطان باشا الأطرش، قائد الثورة السورية ضد الانتداب الفرنسي عام 1925. كما يُقدّر وجود ما بين 15 و20 ألف درزي في الأردن، خصوصاً في الشمال.
صورة من: Jalaa Marey/AFP/Getty Images
عقب اندلاع الثورة السورية عام 2011، حيد الدروز أنفسهم عن تداعياتها، فلم يحملوا إجمالاً السلاح ضد النظام ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة. بعد سقوط بشار الأسد اتسمت العلاقة بين السلطة الجديدة بقيادة أحمد الشرع والدروز، وخاصة زعيمهم الروحي حكمت الهجري بالتوجس والتوتر. وفي بداية أيار/مايو أدت أعمال العنف ومواجهات في جرمانا وأشرفية صحنايا قرب دمشق بين مسلحين دروز وقوات الأمن إلى مقتل 119 شخصاً.
صورة من: Rama Jarmakani/DW
في تموز/يوليو 2025 اندلعت مواجهات بين عشائر البدو وفصائل مسلحة درزية في مواجهات دموية اتخذت طابعاً طائفياً ذهب ضحيتها مئات القتلى من المدنيين والفصائل المسلحة من البدو والدروز وقوات الجيش والأمن العام. طلب حكمت الهجري تدخل إسرائيل التي استجابت بشن غارات "مؤلمة" في دمشق والسويداء ودرعا. وتقول إسرائيل إنها تريد حماية الدروز، مشددة على أنّها لن تسمح بوجود عسكري للحكومة الجديدة في جنوب البلاد.