في غرفة في أحد المحال التجارية في مدينة جروس ريشن، القريبة من برلين، وقف عدد من النساء والرجال يجربون الملابس المختلفة، استعداداً لدخول القاعة وعرض أزيائهم. الملابس الواسعة والأحذية المريحة تدل على أن هذا العرض عرض خاص جداً.

ومع دخول العارضة الأولى، السيدة شوتز، يتضح الأمر أكثر، فهذا العرض مخصص لكبار السن. فالملابس الموجودة حالياً في المتاجر المعتادة لا تناسب كبار السن كما تؤكد كريستا بوتسكا، مديرة المبيعات في محل ديليجا سينيور، أول متجر متخصص لكبار السن في ألمانيا وتضيف: "كبار السن يريدون ملابس أنيقة وتابعة للموضة ولكن بمقاسات تناسبهم، وهم لا يجدون احتياجهم في المتاجر الأخرى التي عادة ما تبيع ملابس ذات مقاسات صغيرة. نحن نقدم لهم ملابس مناسبة لهذه المرحلة من حياتهم".

تصميم خاص وخدمات خاصة لكبار السن

يركز المتجر على الفئة العمرية المتراوحة بين أوائل الستينات وأواسط الثمانينات. وإضافةً إلى الملابس التي تعرض على مساحة ثمانمائة متر مربع، يقدم المتجر جميع البضائع التي تلتقي وحاجات الزبائن، كالساعات المنبهة المتحدثة والهواتف ذات المفاتيح الكبيرة التي تجعل من الأيسر على كبار السن الذين يعانون من ضعف النظر استخدامها، وهناك تتوفر مكبرات الصوت للراديو وشاشات التلفاز الكبيرة وغيرها.

كما يمتاز المتجر من الداخل بخلوه من السلالم ليكون التحرك داخله مريح، خاصة بالنسبة لهؤلاء الذين يستخدمون الكراسي المتحركة أو الذين يستخدمون الأدوات التي تعينهم على المشي، وبين الرفوف هناك مساحات واسعة من أجل تسهيل السير بينها. أما البائعات فهن متعاونات ويتميزن بالصبر والهدوء ولا يمارسن أي ضغوط على الزبائن لإجبارهم على الشراء. وفي رأي بوتزكا، فإن المتاجر الموجودة حالياً، لا تأخذ كبار السن بعين الاعتبار عند تصميمها وتقول في هذا السياق: "أعتقد أن كل السوق يحتاج إلى تعديل ليتناسب أكثر مع واقع ألمانيا".

كبار السن في ألمانيا يمثلون القوة الشرائية الأكبر

وبالفعل يتزايد عدد كبار السن في ألمانيا بشكل ملحوظ، فاليوم واحد من كل خمسة ألمان فوق سن الستين، والدراسات الديموغرافية تظهر أنه بحلول عام 2050 أكثر من واحد من كل ثلاثة ألمان سيكون في الخمسينات من عمره. من ناحية أخرى يشكل كبار السن قوة شرائية كبرى ليس على بائعي التجزئة تجاهلها، ووفقاً للمؤسسة الألمانية لأبحاث الاقتصاد فإن هذه القوة الشرائية تقدر بـ 316 بليون يورو أي ما يعادل 429 بليون دولار أمريكي.

إلا أن المتاجر الكبرى لا تبدو وأنها تلاحظ هذا الأمر، بالرغم من الدراسات العديدة التي أجريت بهذا الخصوص كما يرى ماتياس ريبن، الذي تسلم مؤخراً إدارة متجر ديليجا، وينوي إعادة افتتاحه في سبتمبر/أيلول المقبل. وإن كان هناك بعض الاستثناءات مثل "سوبر ماركت الأجيال"، الذي يضع مثلاً الأسعار بخط كبير، كما يضع نظارات مكبرة على الأرفف لمساعدة الزبائن من كبار السن على قراءة التفاصيل عن المنتج وكذلك يوفر سلال مزودة بمحرك وبكرسي لتوفير الراحة لكبار السن أثناء التسوق.

فكرة رائدة

لكن المختلف في متجر دليجا لكبار السن، هو أنه حاول أن يجمع كل ما يحتاجه كبار السن تحت سقف واحد، وبالطبع لم يكن الأمر سهلاً في البداية. فالمتجر الذي تم افتتاحه عام 2005، أعلن إفلاسه منذ أسبوعين، لكن ريبين يؤكد أن السبب لم يكن في السوق نفسه، بل في أخطاء التسويق. ينوي ريبين إعادة افتتاح المتجر في أيلول/سبتمبر المقبل بشكل واسم جديدين، كما سيحدث التشكيلة الموجودة فيه أيضاً. وهو يأمل أن ينجح في افتتاح ثلاث متاجر أخرى في ألمانيا خلال العام القادم، لاقتناعه بأن فكرة المتجر فكرة رائدة.

الترحيب بفكرة المتجر

ويوافقه الرأي أندرياس رايدل، مدير وكالة نورمبرج للتسويق، المتخصصة في التسويق لكبار السن، والذي يرى أن قطاع كبار السن يعد سوقاً جذاباً لكل المجالات، سواء السياحية أو الأدوات الطبية أو المأكولات. وكما حظيت الفكرة بإعجاب المتخصصين، فقد حظيت بإعجاب كبار السن أنفسهم، ومن بينهم كارين يبرناو، البالغة من العمر ستة وستين عاماً. جاءت كارين إلى المتجر ضمن مجموعة من المتقدمين في السن وانتهت من عملية التسوق بشراء قميصين وكرسي متحرك وأداة لخلع الحذاء من القدم لزوجها، وعبرت عن إعجابها بالمتجر قائلة: "نحن بحاجة إلى العديد من المتاجر مثل هذا المتجر، فكبار السن هم من يملكون القوة الشرائية".