1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المجاعة في الصومال: تقصير عربي أم غياب آليات فاعلة لتقديم المساعدات؟

١٠ أغسطس ٢٠١١

تواجه الدول العربية الغنية اتهامات بالتقصير في المشاركة في دعم جهود إغاثة ضحايا الصومال، الذين يعانون من كارثة إنسانية هي الأسوأ منذ عقود. دويتشه فيله حاورت عددا من الخبراء حول تعامل الدول العربية مع الكارثة الصومالية.

يصطف الصوماليون الجائعون من أجل الحصول على لقيمات يسدون بها رمقهمصورة من: AP

لا تزال جحافل النازحين تتدفق من جنوب الصومال وأقاليم أخرى باتجاه العاصمة الصومالية مقديشو هربا من الجوع وبحثا عن ما يسد الرمق. وفي ظل ازيداد تفاقم هذه الأزمة التي تهدد حياة الملايين أعلنت الأمم المتحدة عن وجود مجاعة في عدة مناطق في جنوب الصومال.

وتقول الأمم المتحدة إن "المجاعة تُعلن عندما تتعرض أكثر من عشرين في المائة من العائلات لنقص حاد في المواد الغذائية، ويتجاوز عدد الوفيات الاثنين لكل عشرة آلاف شخص يوميا." ولكن يبدو أن الأرقام في الصومال هي أكبر من ذلك بكثير، إذ مات أكثر من 30 ألف صومالي بسبب الجوع خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ويتهدد الموت قرابة 500.000 آخرين.

"الدول العربية مقصرة في دعم الصومال"

مات أكثر من 30 ألف صومالي بسبب المجاعة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، والموت يهدد نصف مليون آخرينصورة من: dapd

ومؤخرا دعت الأمم المتحدة إلى الإسراع بجمع 2,6 مليار دولار قبل فوات الآوان، إلا أن ما تم جمعه حتى الآن لا يتجاوز نصف هذا المبلغ. وفي هذا الإطار وجهت اتهامات للدول العربية الغنية بأنها تتباطئ كثيرا في مساعدة الصومال، الدولة العضو في الجامعة العربية.

محمد عمر طلحة، وزير الشؤون الاجتماعية سابقا والعضو الحالي في البرلمان الصومالي والعربي في مقابلة مع دويتشه فيله صحة هذه الاتهامات قائلا: "إخواننا العرب قصروا في تقديم المساعدات اللازمة لنا، رغم العلاقات والروابط القوية الموجودة بيننا."

لكن الباحث السعودي الدكتور عبد العزيز صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، يرى أن "الدول العربية لم تكن لتتأخر عن تقديم المساعدات لو أنها أخبرت بخطورة الأمور بوقت مبكر". غير أن محمد عمر طلحة يصر على أن "الدعم العربي ليس بالمستوى الذي تتمناه الصومال"، رغم علم البلاد العربية بحاجة الصومال إلى الدعم، على حد قوله.

ويذكر طلحة بأن عددا من المنظمات العربية تنشط في الصومال منذ مدة، مثل الهلال الأحمر الإماراتي والكويتي والقطري، وكذلك منظمة الدعوة الإسلامية التابعة للسودان، وبالتالي فهي على علم بخطورة الموقف ويقول: "إخوتنا العرب هكذا دائما، وهذا ليس جديد. فهم قصروا بدورهم الأمني قبل ذلك، عندما دخلت بعض قوات حفظ السلام من الاتحاد الإفريقي، ولكن لم يتم إرسال أي جندي عربي إلينا."

الباحث السعودي عبد العزيز بن صقر: الدول العربية مستعدة لتقديم المساعدات للصومال، ولكن ذلك يستلزم وجود الآلية المناسبة.صورة من: A. Sager

ومن جانبه يؤكد الدكتور صقر في حوار مع دويتشه فيله على أن دعم الصومال واجب وأن الدول العربية، بعد أن علمت بخطورة الأزمة، ستزيد من دعمها "للدولة الشقيقة". ويشير هنا إلى أن الدول الخليجية سارعت إلى تقديم مساعدات كبيرة بعد أن علمت بالموقف، فقد تعهدت السعودية بتقديم مبلغ 60 مليون دولار، والكويت 10 مليون دولار، وكذلك الإمارات. ويضيف صقر: "دعم الصومال لا يجب أن يقتصر على الدول الخليجية فقط، وإنما هو واجب على جميع الدول العربية".

ومن حانبه يرحب طلحة بمبادرات الدول العربية التي تعهدت بتقديم المساعدات، وخاصة التعهد السعودي، ولكنه يقول مستدركا: "دائما نسمع بمثل هذه الوعود، ولا يتم التنفيذ، ولا نرى سوى مساعدات بسيطة تصل إلينا. نحن نسمع ولا نرى".

"المنظمات الدولية تتحمل المسؤلية الأكبر"

ملايين الصوماليين فروا من فتك الجفاف والجوع باتجاه الدول المجاورة وباتجاه العاصمة مقديشوصورة من: AP

ويرجع المراقبون أسباب المجاعة إلى عدة عوامل، أبرزها أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بعمل عسكري في تسعينيات القرن الماضي من أجل إحلال السلام في هذا البلد المنكوب، وخرجت دون أن تنهي الأزمة، تاركة البلاد في حالة فوضى شاملة، استمرت حتى الآن. إلا أن السياسي الصومالي طلحة يرفض توجيه اللوم للولايات المتحدة فقط، "فهي قامت بجهود كبيرة، من أجل مساعدة الصوماليين، وأنقذت أرواح الآلاف في مدينة البيضا مثلا، التي كانت تسمى مدينة الموت". كما يرى طلحة بأن المأخذ الوحيد على الولايات المتحدة يكمن في تقصيرها فيما يتعلق بعملية نزع السلاح من القبائل وأمراء الحرب.

يذكر أن المجتمع الدولي يتهم ميليشيات الشباب الإسلاموية باعاقة وصول المساعدات إلى المنكوبين، إلا أن النائب في البرلمان الصومالي طلحة يرى أن "العاملين في المنظمات الدولية يتحملون أيضا جزءا كبيرا من المسؤولية، فهم يدّعون بأن الصومال خطر جدا، ويقولون بأنهم لا يستطيعون المجيء إلى هنا، وفي نفس الوقت يذهبون إلى مناطق أكثر خطورة، مثل دارفور والعراق وأفغانستان، رغم أن أوضاعها أخطر من الصومال."

وعلاوة على ذلك يتهم طلحة العاملين في المنظمات الدولية بأنهم لا يؤدون واجبهم، ويستغلون أموال المساعدات، "فهم يقيمون في فنادق ذات نجوم خمس في نيروبي، ويتقاضون مرتبات عالية، ويطيرون بطائرات خاصة، وكل ذلك على حساب الأموال الموجهة لمساعدة الصومال، بينما الجندي الصومالي، الذي يحارب ضد الميليشيات، لا يجد حتى مائة دولار في الشهر يعيل بها أسرته."

وفي تقييم مشابه يعتبر عبد العزيز صقر المنظمات الدولية المسؤول الأساسي عن تفاقم المجاعة، لأنها الجهة المنوط بها استشعار الأزمة في وقت مبكر، وإخطار الدول الأعضاء فيها، ومن بينها الدول العربية، عن خطورة الموقف في الصومال، على حد تعبيره.

الحلول الإسعافية لن تحل الأزمة

"الحلول الإسعافية لن تحل الأزمة، والمواد الغذائية التي تتدفق من هنا وهناك لن تجدي نفعا، وإنما يجب دعم جهود السلام وفرض الأمن والعمل على استقرار البلاد"صورة من: AP

ورغم الجهود المبذولة حاليا من أجل التقليل من تداعيات كارثة الجوع الحالية، إلا أن المخاوف من استمرارها وتفاقمها لا تزال موجودة بسبب الصراعات المسلحة في البلاد، لذلك فإن "الحلول الإسعافية لن تحل الأزمة، والمواد الغذائية التي تتدفق من هنا وهناك لن تجدي نفعا، وإنما يجب دعم جهود السلام وفرض الأمن والعمل على استقرار البلاد"، كما يرى طلحة.

ويتهم طلحة المجتمع الدولي بأنه يتبع مصالحه فقط، "فهم يدفعون مبالغ كبيرة للقراصنة الذين يختطفون سفنهم، بينما لا يقومون بأي شيء من أجل قتال القراصنة والميليشيات المسلحة، ومن أجل جهود نزع السلاح، والأخذ بيد الصومال نحو الاستقرار".

أما عبد العزيز صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، فيرى أن الدول العربية "لن تقصر في ضخ أموالها باتجاه الصومال، إذا ما توفرت الآلية المناسبة"، ويعتقد أن "الكثير من ميسوري الحال في المجتمع العربي مستعدين للتبرع أو الاستثمار في الصومال، ولكنهم "يحتاجون إلى ضمانات بأن الأموال ستصل إلى مستحقيها."

فلاح الياس

مراجعة: لؤي المدهون

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW