1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المجلس التأسيسي بين انتظارات التونسيين وحسابات السياسيين

٢٣ نوفمبر ٢٠١١

بافتتاح المجلس التأسيسي اليوم في تونس تفتح صفحة جديدة تشكل تجسيدا مؤسساتيا لثورة التونسيين. تعدد الاتجاهات داخل المجلس وتنوع صلاحياته تجعل منه بمثابة الصندوق الأسود الذي تتعدد انتظارات التونسيين منه رغم التحديات.

شبان متظاهرون يتحدثون اليوم في تونس مع راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة، أمام مقر المجلس التأسيسيصورة من: AP

أفرزت أول انتخابات حرة وشفافة تجرى في تونس مجلس وطني تأسيسي يمثل كل البلاد بتنوعها، وبعد شهر من الانتخابات اُفتتح المجلس اليوم الثلاثاء 22 نوفمبر/تشرين الثاني. وتتنوع تشكيلة المجلس من لتوجهات سياسية وايديولوجية ومشارب ورؤى مختلفة. ولرصد التوجهات الرئيسية داخل المجلس التاسيسي التونسي حاورت دويتشه فيله أربعة نواب من خلفيات سياسية واجتماعية مختلفة، حول أولويات المجلس التاسيسي ومبادئ الدستور ومهام الحكومة واستحقاقات الثورة...

وإذا كانت ثلاثة كتل نيابية كبرى هي كتل حزب النهضة وحزب التكتل من اجل العمل والحريات وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية قد اتفقت على معالم برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي للحكومة المزمع تكوينها ثم توزيع الحقائب على الشركاء الثلاثة الذي يسيطرون على ما يزيد على 140 مقعد من جملة 217، فإن كتل نيابية اخرى ومستقلين تبقى خارج الترتيبات السياسية الجديدة وتطرح رؤى تتماهى وتختلف مع الفائزين حسب توجهاتها ومصالحها.

دستور الثورة

شبان يتظاهرون أثناء افتتاح المجلس التأسيسي اليوم في تونسصورة من: AP

رغم الاختلاف في الرؤى بين الاحزاب الثلاثة التي تعمل على تشكيل الحكومة والكتل داخل المعارضة المرتقبة بالمجلس فإن التوافق يبدو أنه حاصل بين أغلب المشاركين في الحياة السياسية على أولوية وضع دستور ديمقراطي وعصري يضمن التداول على الحكم واستقلاقية السلط ويحفظ مبادئ الحرية العامة والفردية ويؤسس للحوكمة الرشيدة والمواطنة الفاعلة.

وترى الدكتورة لبنى الجريبي، نائبة من حزب التكتل عن دائرة تونس 2 أن الدستور المقبل يجب أن يؤسس لدولة القانون وللفصل بين السلط بما يضمن تداول ديمقراطي على الحكم بين القوى السياسية. كما تؤكد على أن الدستور المقبل يجب أن يحمي الحريات ويضعها في منزلة دستورية.

ويرى وسام ياسين، نائب مستقل عن ولاية جندوبة ومرشح اتحاد المعطلين عن العمل وهي جمعية تجمع شمل خريجي التعليم العالي وتسعى لتوفير الشغل لهم، أن الدستور الجديد يجب ان ينص على الحق في الشغل وتحقيق استحقاقات الثورة. ويشير إلى أنه خريج اقتصاد دولي منذ 2003 وقد عانى من البطالة والتهميش لسنوات، وإنه سيكون صوت المعطلين عن العمل وسيرفع شعارهم "شغل، حرية، كرامة وطنية"، ويؤكد أنه كمستقل سيدعم مبادئ الحرية والمساواة وضمان حرية التعبير وحرية المعتقد.

أما الدكتور المنصف بن سالم، السجين السياسي السابق والنائب عن حركة النهضة بجهة صفاقس، فيرى أن هناك عدة مشاريع ستقدم إلى المجلس التأسيسي من بينها مسودة أعدّتها حركة النهضة وأخرى أعدتها لجنة الخبراء بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة وستتم مناقشة مشروع الدستور فصلا فصلا، والمصادقة عليه بأغلبية الثلثين، وفي صورة المصادقة عليه بالاغلبية البسيطة، فسيقع عرضه على الاستفتاء الشعبي.

نظان برلماني أم رئاسي؟

منصف بن سالم عضو في المجلس التأسيسي، عن حزب النهضةصورة من: DW

وبالنسبة لشكل نظام الحكم، تتجه بعض القوى لاختيار النظام البرلماني باعتباره"الاقرب إلى التعبير عن ارادة الشعب"، وفي صورة الخلاف مع الشركاء في التحالف الذين يدعمون اعتماد النظام الرئاسي فيمكن التوافق على صيغة مختلطة وتقريب مسافة الاختلاف. حيث تفضل حركة النهضة النظام البرلماني، بينما يفضل حزب المؤتمر من أجل الجمهورية النظام الرئاسي.

وحول مسألة الحريات، يشدد بن سالم أن الدستور يجب أن ينص على حماية الحريات العامة والخاصة. ويشير إلى أن ضمان الحرية لايعني بالضرورة "حرية الغاب"، إذ الحرية مقيدة في كل الدساتير بعدم المساس بحرية الآخرين.

وتعتبر ربيعة نجلاوي، نائبة من العريضة الشعبية للحرية والعدالة عن جهة القصرين، أن الدستور الجديد يجب أن يبني نظام حكم على أساس التفريق بين السلط ويقطع مع النظام القديم الذي كرّس سلطة الرئيس على حساب السلطة البرلمانية والقضائية. وتضيف أن على الدستور الجديد أن يحترم الحريات العامة والخاصة، من حرية الممارسة السياسية إلى حرية الرأي والمعتقد.

أولويات عمل "التأسيسي"

يتفق أعضاء المجلس التأسيسي والمتتبعين للشأن السياسي بأن من أولويات عمل المجلس صياغة النظام الداخلي في أولى الجلسات. وقد أعدّت لجنة الخبراء بهيئة تحقيق أهداف الثورة مشروع قانون داخلي للمجلس، كما تنكب في هذه الايام لجنة خاصة مكونة من مندوبين من أعضاء أحزاب التحالف الثلاثي، النهضة والمؤتمر والتكتل على صياغة مشروع لاعتماده في أولى الجلسات.

ويوضح المنصف بن سالم من حركة النهضة أن أولويات المجلس التأسيسي تتلخص في الموافقة على القانون الأساسي الذي سيضبط آليات عمل المجلس وإنتخاب رئيس المجلس والمصادقة على الحكومة ومراقبة أعمالها. ويضيف أن صياغة الدستور تضل المهمة الأساسية للمجلس.

وتوافقه في هذا الطرح لبنى الجريبي من التكتل وتشير إلى أن تكوين عدد من اللجان المختصة صلب المجلس لدراسة مختلف المسائل سيأخذ حيزا هاما في أولى الجلسات.

انتظارات التونسيين من حكومة الثورة

عمال أثناء اعدادهم لقاعة المجلس التأسيسيصورة من: dapd

وأمام التحديات الكثيرة المطروحة في البلاد منذ الثورة، تعتبر لبنى الجريبي أن تشكيل "حكومة مصلحة وطنية" هو الخيار الأسلم للقيام بإصلاحات عاجلة على أساس برنامج وأسس واضحة تشمل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن يتم اعتماد منوال تنموي جديد يرتكز على خمسة أقاليم تنموية متكاملة.

ويرى المنصف بن سالم أن حزب النهضة قد دعا مختلف الاحزاب إلى المشاركة في حكومة مؤسعة تعتمد على أصحاب الكفاءة والسلوك السوي وتقدم حلولا لمختلف الاشكاليات المطروحة على الحكومة القادمة. وأشار إلى أن المواطن يجب أن يشعر بأن هناك ثورة قد قامت وأن يلمس أن هناك تغييرا يحدث في مجالات التنمية والصحة والامن وغيرها من مشاغله اليومية. وأضاف أنه على الحكومة الاعتماد على امكانياتها الذاتية ثم على الاشقاء والاصدقاء لتوظيف أصحاب الشهادات العليا ومحاربة البطالة وتوفير العيش الكريم للمواطن. أما وسام ياسين، فيعتبر بأن الحكومة يجب أن تكون حكومة وفاق وطني وأن تعمل على تحقيق استحقاقات الثورة وأولها التشغيل. ويضيف أن دعم الحكومة سيتوقف على أهدافها المعلنة وعلى مدى جديتها في توفير الشغل للعاطلين عن العمل.

متفائلون رغم اختلافاتهم

منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، المرشح لرئاسة البلادصورة من: picture alliance/abaca

وتؤكد ربيعة النجلاوي من العريضة الشعبية بأنه "رغم اقصاء نواب العريضة من مختلف المشاورات حول الوضع السياسي الجديد وحول تشكيل الحكومة فسنعمل كأكبر كتلة نيابية داخل المعارضة في المجلس التأسيسي على تدعيم برامج التنمية بالمناطق المحرومة وتحقيق تنمية متوازنة تشمل مختلف الجهات".

ويقول منصف بن سالم أن الحكومة ستعمل وفق رؤية واضحة وبرنامج سيقع الاتفاق عليه مع مختلف الشركاء السياسيين، وأعرب عن أمله في أن توفق الحكومة المقبلة في تحقيق أهداف الثورة ومطالب وتطلعات المواطن الكثيرة والمتعددة. ويعتبر أن المستقبل يبقى رهين التوافق حول مختلف القضايا، وان المستقبل سيكون دائما أحسن مما كان قبل ثورة 14 يناير.

وتلاحظ لبنى الجريبي بإن عيون العالم تنظر إلى ما يتحقق في تونس وأنه ليس مسموحا للتونسيين بالفشل. وتؤكد بأن الظروف الاقتصادية صعبة واستحقاقات الثورة عديدة، ولكن ما يؤحد التونسيين أكثر ممّا يفرقهم، وأن المستقبل يبقى بأيدي أبناء تونس.

خالد بن بلقاسم - تونس

مراجعة: منصف السليمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW