1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"المجلس العسكري أكبر عائق أمام تحقيق أهداف الثورة"

١٠ يناير ٢٠١٢

أثار فوز التيار الإسلامي بالانتخابات المصرية مخاوف الليبراليين المصريين والحكومات الغربية من تداعياته على الحريات الفردية في البلاد. المدون المصري الشهير وائل عباس يرى في المجلس العسكري خطرا أكبر على مكتسبات الثورة.

يرى المدون وائل عباس أن حكم العسكر في مصر أكبر تهديد لمكتسبات الثورةصورة من: picture alliance / dpa

دويتشه فيله: كيف تنظر لمستقبل الثورة في ظل فوز الأحزاب ذات المرجعية الدينية في انتخابات مجلس الشعب المصري؟

وائل عباس: تحقيق أهداف الثورة لا علاقة له بالانتخابات وظروف إجرائها. نجاح الثورة يرتكز أساسا على تنحي المجلس العسكري عن قيادة البلاد ومحاولته للسيطرة على الثورة وإنهائها. وبالعودة إلى الانتخابات، فرغم ما قيل إنها جرت في مناخ جيد، أرى أن شروطا أساسية لممارسة الديمقراطية لم تكن متوفرة، مثلا تواجد الوعي والمعرفة عند الناخبين ووجود حرية الإعلام والمجتمع المدني وغياب قانون الطوارئ. كل هذه الظروف تشكك في نزاهة الانتخابات. لذا فأنا لا أعول كثيرا على هذه الانتخابات، خصوصا وأن البرلمان القادم ليست له صلاحيات كبيرة، حسب الإعلان الدستوري العسكري الذي لم يؤخذ رأي أحد فيه، بل فرضه العسكر على مصر. هذا البرلمان لا يمكنه حتى حل حكومة أو وضعها.

هل يعني انعدام صلاحيات البرلمان التي ذكرتها أن القلق الذي عبر عنه بعض الليبراليين المصريين وبعض الحكومات الغربية من فوز الأحزاب الإسلامية وتأثير ذلك بشكل سلبي على حقوق الأقليات والنساء مثلا ليس في محله؟

الإسلاميون والعسكر كلاهما ضد الحريات. وعليه قد يعطي العسكر الإسلاميين بعض المساحة لتقييد حريات المرأة والفنون والعلوم.

هل يفهم من هذا أنك ترى اتفاقا بين المجلس العسكري والإسلاميين على تقاسم السلطة؟

هناك اتفاق تكتيكي وليس اتفاق استراتيجي، ولا أتوقع أن يستمر الاتفاق على مدى طويل. مصالح الجانبين متضاربة بشكل صارخ وليس في مصلحة كلتا الجهتين أن يستمر الاتفاق. ستأتي مرحلة قد يحدث فيها صدام مماثل لما حدث عام 1954 بين الضباط الأحرار وبين جماعة الإخوان المسلمين التي كانت قد ساعدت قبلها الضباط الأحرار على تهدئة الشارع وإنهاء الحالة الثورية، مقابل الوعد بالسماح لهم بالمشاركة في الحكم وفي صياغة الدستور. لكن عكس ذلك هو ما حدث إذ كان من أبرز ضحايا الضباط الأحرار الخبير الدستوري عبد القادر عودة الذي أعدم بالرغم من انتمائه إلى اللجنة الدستورية.

كيف تفسر النجاح الكبير للإسلاميين في هذه الانتخابات؟

إلى جانب انعدام منافسين حقيقيين، يرجع فوزهم إلى قوتهم الإعلامية في شكل فضائيات تدعو إلى ما يدعون إليه. إضافة إلى وجودهم البارز في وسط المناطق الريفية والعشوائية وتقديمهم الخدمات للفقراء عن طريق المساجد والمستشفيات والمدارس، وهو ما لم تكن الحكومة توفره لهم بشكل كاف. بالتالي فمن الطبيعي أن يتعاطف البسطاء مع تيار يعرفون أنه كان مضطهدا ويزعم أنه سيحكم بشرع الله. ثم إن نسبة الأمية المرتفعة جدا ونقص المعرفة والوعي يسهلان السيطرة على شريحة عريضة من الناخبين من خلال مزاعم حول الدين أو الوطنية.

تقديم الإخوان المسلمين لهذه الخدمات وتعاطف الكثيرين معهم لهذا السبب أمر معروف منذ سنوات. لماذا لم تستثمر التيارات الأخرى في هذا المجال لتحسين شعبيتها وبالتالي حظوظها الانتخابية؟

ليس للتيارات الأخرى نفس الموارد المتاحة للإخوان المسلمين. هناك مليارات ينفقها الإخوان في مشاريع خيرية وخدمات شعبية منذ سنوات طويلة. مصدر هذه المليارات خارجي وإن كان تحديده بالضبط غير مرغوب فيه.

ما سبب عدم وصول معظم ناشطي حركة شباب الثورة إلى البرلمان؟

ظروف إجراء الانتخابات التي تكلمت عنها آنفا دفعت بجزء كبير من الثوار إلى مقاطعتها، لأنها كانت لعبة واضحة من البداية بين العسكر والإسلاميين. فالثورة لا تعول على برلمان غير ديمقراطي في دولة لا تتوفر فيها حرية الاختيار وحرية المعرفة وإعلامها مركزي يسيطر عليه رجال أعمال موالون للسلطة. ويقوم هذا الإعلام بتشويه صورة الثوار بشتى أطيافهم، فماذا نتوقع؟ خاصة وأن الثوار ليس لهم وسيلة إعلام قوية تستطيع الرد على هذا التشويه. على سبيل المثال نشرت إحدى المدونات صباح اليوم مادة تناولت بعض الأسئلة التي طرحت في امتحانات المدارس الثانوية والإعدادية. الأسئلة مفادها أن الثورة أضرت بالاقتصاد وأن العسكر يجب شكرهم على حمايتهم للبلاد. هذا كله من باب توجيه عقول الناس والتلاميذ في اتجاه مضاد للثورة.

بما أن للإخوان ممولين من الخارج كما لمحت، ألا ترى إمكانية لتقديم الدعم لشباب الثورة من الخارج أيضا، مثلا من طرف الاتحاد الأوربي؟

كما هو معروف فإن المجلس العسكري لا يسمح بذلك. فقد شرع في فتح ملفات مؤسسات المجتمع المدني، بما في ذلك القديمة منها والموجودة منذ التسعينات. المناخ في مصر حاليا سيء جدا بالنسبة للمجتمع المدني. وطالما بقي المجلس العسكري في سدة الحكم، فسيعمل جاهدا من أجل السيطرة على الدعم الخارجي للمجتمع المدني. إضافة إلى ذلك فإن الدول المانحة كالولايات المتحدة وألمانيا لا تريد أن تقع في مشاكل مع النظام الحاكم، وهو ما كانت تفعله أيضا مع نظام حسني مبارك وستستمر في تفادي أي شيء يغضب العسكر مستقبلا. نحن نعتمد على الإعلام الحر في الدول الغربية وعلى مؤسسات المجتمع المدني في هذه الدول وعلى وعي شعوبها. لأن الحكومات لها مصالح تتحرك بناء عليها وليس على مبادئ ومثل عليا وقيم.

هل من خارطة طريق معينة تسمح بتعزيز حظوظ تحقيق أهداف الثورة في هذه الظروف؟

أنا شخصيا أدعم كل المبادرات التي تدعو إلى رحيل العسكر وتوقف المحاكمات العسكرية وتدافع عن حريات المجتمع المدني والحريات العامة في مصر. هذا بالنسبة إلي هو المخرج من المأزق الحالي. رحيل العسكر هو الإجابة الأولى على الأسئلة المستقبلية.

أجرى المقابلة: بشير عمرون

مراجعة: أحمد حسو

وائل عباس صحفي ومدون وناشط حقوقي مصري ذو شهرة عالمية، أسس مدونة "الوعي المصري" الشهيرة التي ساهمت في كشف ممارسة التعذيب وانتهاك حقوق المصريين من طرف الأمن المصري.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW