تم تأجيل الجولة المقبلة من المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، وتثير احتمالات التقارب الدبلوماسي جدلا واسعا بين أوساط المعارضة الإيرانية.
حسب المعارضين الإيرانيين، فإن الهجمات التي لا تؤدي إلى انهيار النظام ستكون بمثابة كارثة مضاعفة على الشعبصورة من: Atta Kenare/AFP
إعلان
في ملف البرنامج النووي الإيراني، تسعى الحكومة الأمريكية إلى التوصل إلى اتفاق جديد مع الجمهورية الإسلامية. فمنذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي، تجري الولايات المتحدة محادثات مع إيران.
وكان من المقرر في البداية أن تجرىالجولة المقبلة من المفاوضات في روما نهاية هذا الأسبوع. وخلال المحادثات الجارية، يزيد الرئيس الأمريكي ترامب الضغوط، إذ من المقرر أن يخضع من يشتري النفط الإيراني إلى عقوبات في المستقبل.
وتأمل طهران أن يؤدي الاتفاق الجديد إلى تخفيف العقوبات، إذ تتعرض البلاد لضغوط دولية بسبب الصراع النووي. وعلى الصعيد الداخلي، أصبحت الفجوة بين السكان والنظام السياسي أوسع من أي وقت مضى في أعقاب قمع الاحتجاجات على مستوى البلاد منذ عام 2022، التي جاءت تحت شعار "المرأة، الحياة، الحرية".
ولم تتشكل بعد في إيران معارضة منظمة قادرة على تقديم بدائل للنظام الحاكم، ويتعرض المنتقدون والمعارضون الذين قد يعملون على التعبئة، للاضطهاد والمضايقة والسجن، وقد غادر العديد منهم البلاد.
مخاوف من كارثة مزدوجة
في حوار مع دويتشه فيله (DW)، قال الناشط الحقوقي إيراج مصداقي: "بدأت المعركة ضد هذا النظام منذ اليوم الذي وصل فيه إلى السلطة بعد ثورة 1979 وستستمر بعد هذه المفاوضات، بغض النظر عن نتائجها".
إعلان
تأمل طهران أن يؤدي الاتفاق الجديد إلى تخفيف العقوبات، إذ تتعرض البلاد لضغوط دولية بسبب الصراع النووي.صورة من: Iranian Foreign Ministry/WANA/Handout via REUTERS
وأضاف مصداقي، وهو ناشط في مجال حقوق الإنسان وسجين سياسي سابق يعيش في المنفى في ستوكهولم بالسويد منذ عام 1994: "لا اتفاق مثل الذي تم التوصل إليه في عام 2015 ولا هجوم عسكري على المواقع النووية والصاروخية في البلاد هو في مصلحة الشعب". وتابع الناشط الإيراني أن "الهجمات المستهدفة التي لا تؤدي إلى انهيار النظام ستكون بمثابة كارثة مضاعفة على الشعب"، لأنه في رأيه "يتعين على الشعب الإيراني أن يتحمل عبء النظام والخسائر الناجمة عن الهجوم".
لقد أعطت الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران في السنوات الأخيرة والمظاهرات التضامنية مع الشعب الإيراني التي قام بها السياسيون الغربيون (أعطت) الأمل للشعب الإيراني في تغيير النظام من خلال التدخل الأجنبي، وخاصة بدعم من الحكومة الأمريكية.
ويحاول الإيرانيون خارج البلد تقديم بدائل، ومنهم أنصار ولي العهد الأخير، نجل شاه بلاد فارس، الذي غادر البلاد قبل الثورة الإسلامية في عام 1979.
ويعتقدون أن الأمير رضا بهلوي سيلعب دورا رئيسيا في توحيد القوى العلمانية في إيران ضد الجمهورية الإسلامية وقيادة حكومة انتقالية نحو النظام الديمقراطي.
حامد شيباني راد، من حزب "إيران الجديدة"، الذي تأسس في الخارج، هو واحد منهم. ويرى أنه "من المرجح جدا" أن تفشل المفاوضات وتنتهي دون التوصل إلى اتفاق. وفي هذه الحالة لا بد من توقع المواجهة العسكرية.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب هدد بأنه في حالة فشل المفاوضات فإن المنشآت النووية الإيرانية سوف تتعرض للقصف.
تغيير النظام من الداخل أم الخارج؟
قال شيباني راد في تصريحه لدويتشه فيله: "مهمة المعارضة في هذه الحالة هي استغلال الوهن المضاعف للنظام وتشجيع الشعب على توجيه الضربة القاضية. من الضروري إقناع القوى الأجنبية بأن الطريق إلى التحرر النهائي للعالم من شرور الجمهورية الإسلامية هو إسقاط النظام رفقة الشعب الإيراني".
ويقول خبراء مثل آراش عزيزي، المؤرخ والمحاضر في جامعة كليمسون في الولايات المتحدة، إن "غزوا عسكريا مثل الذي حدث في العراق أو ليبيا سوف يفشل أيضا في إيران. إن التغيير يجب أن يأتي من الداخل من أجل فتح آفاق مستقبلية مستدامة".
وفي مقابلة مع دويتشه فيله، أكد أن "إيران الآن عند مفترق طرق بين الحرب والمفاوضات". موضحا أن "التقارب الدبلوماسي يتوافق مع المصالح الوطنية الإيرانية".
ويقول عزيزي إن "أي عملية تؤدي إلى رفع العقوبات وفتح المجال الاقتصادي للشعب الإيراني، وفي الوقت نفسه الحد من الأعمال العدائية للنظام السياسي في المنطقة، هي عملية إيجابية".
ويضيف المؤرخ الخبير في الشؤون الإيرانية: "أجزاء من المعارضة الإيرانية خارج البلاد، والتي تعتمد على تصرفات دول أخرى مثل الولايات المتحدة، سوف تفقد أهميتها مع التغيير في السياسة في واشنطن". موضحا أن فتح المجال السياسي والاقتصادي يعد خبرا طيبا ويمكن أن يوفر المزيد من الحرية للأنشطة المؤيدة للديمقراطية.
أعدته للعربية: ماجدة بوعزة/ تحرير: صلاح شرارة
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
لعبة القط والفأر مع الغرب. بداية البرنامج النووي الإيراني في نهاية خمسينات القرن الماضي كانت واعدة. ثم جاءت القطيعة مع وصول الخميني للحكم لتتوالى فصول الترغيب والترهيب: اتفاق عام 2015، ثم انسحاب أمريكي وعقوبات قاسية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Iranian Presidency Office/M. Berno
البداية النووية
كان العام 1957، بداية البرنامج النووي الأيراني حين وقع شاه إيران اتفاق برنامج نووي مع أمريكا، ليتم الإعلان عن "الاتفاق المقترح للتعاون في مجال البحوث ومجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية" تحت رعاية برنامج أيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي1967، أسس مركز طهران للبحوث النووية. لكن توقيع إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في 1968، جعلها تخضع للتفتيش والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة.
صورة من: gemeinfrei
إنهاء التدخل الغربي في البرنامج النووي
الإطاحة بحكم الشاه وقيام جمهورية إسلامية في إيران سنة 1979، جعلت أواصر العلاقات بين إيران والدول الغربية موسومة بقطيعة، فدخل البرنامج النووي في مرحلة سبات بعد انسحاب الشركات الغربية من العمل في المشاريع النووية وإمدادات اليورانيوم عالي التخصيب؛ فتوقف لفترة برنامج إيران النووي .
صورة من: Getty Images/Afp/Gabriel Duval
البحث عن حلول
سمح خميني عام 1981 بإجراء بحوث في الطاقة النووية. وفي 1983، تعاونت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمساعدة طهران على الصعيد الكيميائي وتصميم المحطات التجريبية لتحويل اليورانيوم، خاصة في موقع أصفهان للتكنولوجيا النووية، لكن الموقف الغربي عموما كان رافضا لمثل هذا التعاون. ومع اندلاع الحرب بين إيران والعراق تضرر مفاعل محطة بوشهر النووية فتوقفت عن العمل.
صورة من: akairan.com
روسيا تدخل على الخط، والصين تنسحب!
في التسعينات تم تزويد إيران بخبراء في الطاقة النووية من طرف روسيا. وفي 1992، انتشرت مزاعم في الإعلام الدولي بوجود أنشطة نووية إيرانية غير معلنة، مما جعل إيران تستدعي مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المنشآت النووية، وخلصت التفتيشات حينها إلى أن الأنشطة سلمية. في 1995، وقعت إيران مع روسيا عقدا لتشغيل محطة بوشهر بالكامل، في حين انسحبت الصين من مشروع بناء محطة لتحويل اليورانيوم.
صورة من: AP
إعلان طهران وزيارة البرادعي لإيران
طلبت الوكالة الدولية، في 2002، زيارة موقعين نوويين قيل أنهما غير معلنين، لكن إيران لم تسمح بذلك حتى مرور ستة أشهر على شيوع الخبر. وفي 2003، زار محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إيران للحصول على إيضاحات في ما يخص استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، واصدرت الوكالة تقريرا سلبيا تجاه تعاون إيران.
صورة من: AP
شد وجذب
أصدرت الوكالة الدولية، في 2004، قرارا يطالب إيران بالإجابة عن جميع الأسئلة العالقة، وبتسهيل إمكانية الوصول الفوري إلى كل المواقع التي تريد الوكالة زيارتها، وبتجميد جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بمستوى يتيح إنتاج الوقود النووي والشحنة الانشطارية. لكن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وبعد انتخابه، عمل على تفعيل البرنامج النووي ولم يكترث للتهديدات الغربية، كما أسس مفاعل "أراك" للماء الثقيل.
صورة من: AP
فصل جديد
في 2006، صوت أعضاء الوكالة الدولية على إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، الذي فرض حظرا على تزويد إيران بالمعدات اللازمة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج صواريخ بالستية. وردت إيران على هذا الإجراء بتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي وجميع أشكال التعاون الطوعي. وفي نفس السنة، أعلن الرئيس الإيراني؛ أحمدي نجاد، عن نجاح بلده في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,5 بالمائة. الصورة لوفد قطر أثناء التصويت على القرار.
صورة من: AP
مفاعلات نووية سرية
في عام2009 ، تحدث بعض المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، عبر وسائل الاعلام، عن قيام إيران ببناء مفاعل نووي في ضواحي مدينة قم، كما قال هؤلاء بأنه تحت الأرض ويبنى بكل سرية، دون أن تخبر به إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين نفت طهران ذلك واعتبرته مجرد ادعاءات.
صورة من: AP
على مشارف حل
في عام 2014، تم الاتفاق على وقف تجميد الولايات المتحدة لأموال إيرانية قدرت بمليارات الدولارات، مقابل توقف إيران عن تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة إلى وقود. وفي نفس السنة، قامت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية باجراء تعديلات على منشأة "أراك" لضمان إنتاج حجم أقل من البلوتونيوم.
صورة من: ISNA
الاتفاق التاريخي
في عام 2015، وبعد سلسلة من الاجتماعات، في فيينا، أعلن عن التوصل لاتفاق نهائي؛ سمي اتفاق إطار، بخصوص برنامج إيران النووي. الاتفاق جمع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا بإيران. وكان من المرجح أن ينهي هذا الاتفاق التهديدات والمواجهة بين إيران والغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Wilking
طموحات حدها الاتفاق!
كان باراك أوباما، الرئيس الأمريكي السابق، واحدا من رؤساء الدول المتفقة مع إيران، فيما يخص البرنامج النووي، من الذين رأوا في الخطوة ضمانا لأمن العالم، بالمقابل قال نظيره الإيراني؛ حسن روحاني، إن بلاده حققت كل أهدافها من خلال الاتفاق. لكن الأمور لم تعرف استقرارا، خاصة مع رغبة إيران في تطوير برنامجها نووي، دون أن تلفت اليها الأنظار.
صورة من: Getty Images/A. Burton/M. Wilson
أمريكا تنسحب
آخر التطورات في الاتفاق النووي، كانت يوم الثلاثاء 8 أيار/مايو 2018، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، متعهداً بأن تفرض بلاده "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني". وفي هذا الصدد، عبرت طهران عن عدم رغبتها في الدخول في جولات جديدة من المفاوضات الشاقة مع أمريكا.
صورة من: Imago/Zumapress/C. May
شروط أي "اتفاق جديد"
بعد الانسحاب الأميركي، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو 12 شرطاً أميركياً للتوصل إلى "اتفاق جديد". وتضمنت هذه الشروط مطالب شديدة الصرامة بخصوص البرنامج النووي وبرامج طهران البالستية ودور إيران في الشرق الأوسط. وهدّد بومبيو إيران بالعقوبات "الأقوى في التاريخ" إذا لم تلتزم بالشروط الأميركية.
صورة من: Getty Images/L. Balogh
واشنطن تشدد الخناق
فرضت إدارة ترامب أول حزمة عقوبات في آب/أغسطس ثم أعقبتها بأخرى في تشرين الثاني/نوفمبر. وشملت هذه العقوبات تعطيل معاملات مالية وواردات المواد الأولية إضافة إلى إجراءات عقابية في مجالي صناعة السيارات والطيران المدني. وفي نيسان/أبريل من عام 2019، أدرجت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني على لائحتها السوداء لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية"، وكذلك فيلق القدس المكلف بالعمليات الخارجية للحرس الثوري.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
أوروبا تغرد خارج السرب
في 31 كانون الثاني/يناير 2019، أعلنت باريس وبرلين ولندن إنشاء آلية مقايضة عرفت باسم "إنستكس" من أجل السماح لشركات الاتحاد الأوروبي بمواصلة المبادلات التجارية مع إيران رغم العقوبات الأميركية. ولم تفعل الآلية بعد، كما رفضتها القيادة العليا في إيران. وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أكدت على "مواصلة دعمنا الكامل للاتفاق النووي مع إيران، وتطبيقه كاملاً"، داعية إيران إلى التمسك به.
صورة من: Reuters/S. Nenov
طهران ترد
في أيار/مايو الماضي، قررت طهران تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى بعد عام على القرار الأميركي الانسحاب من الاتفاق. وحذرت الجمهورية الإسلامية من أنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من المسموح بها في الاتفاق خلال 60 يوماً، إذا لم يوفر لها الأوروبيون الحماية من العقوبات الأمريكية. مريم مرغيش/خالد سلامة