قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على تركيا بدفع نحو 40 ألف يورو كتعويض لصحافيين تم وضعهما قيد الحجز الاحتياطي بتهمة "الانتماء إلى منظمة إرهابية". وكان الصحافيان نشرا رسائل بريد إلكتروني مسربة لصهر الرئيس التركي.
إعلان
أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تركيا مجدداً بسبب انتهاكها حقوق صحافيين وضعا قيد الحجز الاحتياطي بعدما نشرا رسائل بريد إلكتروني لوزير ظهرت على موقع ويكيليكس.
وقالت المحكمة، أعلى هيئة قضائية لدى مجلس أوروبا، اليوم الثلاثاء (18 أيار/مايو) إن "وضع أصوات منتقدة قيد الحجز الاحتياطي يؤدي الى آثار سلبية متعددة، للأشخاص الموقوفين وللمجتمع بأسره"، وأضافت أن "فرض إجراء يؤدي إلى الحرمان من الحرية، كما كان الوضع في هذه الحالة، له تأثير كبير على حرية التعبير عبر ترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المعارضة".
الصحافيان تونكا إيلكر أوغريتن وماهر قنات، المعروفان بآرائهما المنتقدة لسياسات الحكومة التركية، اعتقلا من كانون الأول/ديسمبر 2016 حتى كانون الأول/ديسمبر 2017 بتهمة "انتمائهما إلى منظمة إرهابية مسلحة".
واتهمتهما السلطات التركية "بتحميل البريد الإلكتروني للوزير المعني" بيرات ألبيرق، صهر الرئيس التركي. وتم نشر رسائل البريد الإلكتروني الشخصية هذه، التي تمت قرصنتها عام 2016، من قبل مجموعة تسمى "ريد هاك" على موقع ويكيليكس.
واعتبر قضاة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالإجماع أن تركيا انتهكت في الوقت نفسه "الحق في الحرية وأمن الصحافيين اللذين لم يكن اعتقالهما يستند الى أسباب معقولة للاشتباه في ارتكابهما مخالفة"، كما انتهكت، بحسب المحكمة، حريتهما في التعبير التي حرما منها "بسبب أنشطتهما الصحافية".
من جانب آخر، أدانت المحكمة تركيا لحرمانهما ومحاميهما من "الوصول إلى الملف بدون مبرر مقبول". وحكم على أنقرة بدفع 5750 يورو لأحد الصحافيين عن الضرر المادي و14 ألف يورو لكل منهما عن الضرر المعنوي و2250 يورو لكل منهما أيضاً عن التكاليف والنفقات.
وتدين المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تركيا بانتظام بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت بشكل خاص بعد محاولة الانقلاب في تموز/يوليو 2016 والتي أعقبتها حملة تطهير كبرى في صفوف الجيش والقضاء والإعلام والمنظمات غير الحكومية.
م.ع.ح/ف.ي (أ ف ب)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP