1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المدارس العربية في برلين بين الطائفية والبحث عن الهوية

سامي الحبّال١٩ نوفمبر ٢٠٠٧

في ظل غياب دور الحكومة الألمانية في ضبط المدارس العربية على أرضها، غالباً ما تقوم هذه المدارس على أساس طائفي وبتمويل مباشر من المساجد. أكاديمية الملك فهد والمدرسة الإسلامية الإبتدائية الخاصة تجارب جيدة ولكنها تبقى منقوصة

تلاميذ في مدرسة قرطبة في حي نويكولن البرليني.صورة من: DW/ Al Habbal

يواجه المهتم بشؤون الجاليات العربية في ألمانيا تساؤلاً عما إذا كانت المدارس العربية في هذا البلد الأوروبي عاملاً مساعداً لأبناء الجيل العربي الثاني على الاندماج في المجتمع الألماني أم أنها تكرس الانزواء والتقوقع، محاولةً عزل العرب في "غيتوهات" تضم أبناء الطائفة الواحدة.

وقد شكّل تعلم اللغة العربية على الدوام هاجساً بالنسبة للمهاجرين العرب في ألمانيا، الذين لاحظوا وجود فجوة كبيرة بين الجيل العربي الثاني والثقافة العربية، فكانت المدارس العربية في ألمانيا إحدى إفرازات واقعهم الجديد بعد محاولات حثيثة من قبل بعض الروابط والجمعيات العربية للتخلص من هذا الهاجس. إلا أن هذه المحاولات غالباً ما ارتبطت بتوجه ديني معين، فجاء تعلم اللغة العربية مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالدين الإسلامي، إذ لا توجد مدرسة واحدة تدّرس اللغة العربية للأطفال في معزل عن التربية الدينية.

"الاندماج وليس الذوبان"

وتحاول بعض المدارس العربية أن تلعب دورها في تربية وتوعية التلميذ العربي كي لا يقع فريسة للأحكام المسبقة. وبهذا الخصوص، تقول أم محمود عزام، المديرة التنفيذية لمدرسة قرطبة في برلين فرع نويكولن:" في العام الماضي اضطررت إلى إبعاد ثلاثة تلاميذ بسبب تصرفاتهم اللا أخلاقية، فنحن نبذل قصارى جهدنا لكي نعلم الأطفال أن يكونوا بنائين في هذا المجتمع..... دورنا كمدرسة أن ننقل صورة إيجابية للألمان عن الإسلام وعن العرب عبر سلوك تلاميذنا خارج المدرسة، خاصةً وأننا نعيش في بلدهم".

وتتابع المديرة: "نحن نعلّم الطفل الاندماج في المجتمع الألماني وليس الذوبان فيه". وتنتقد المديرة اللامبالاة عند كثير من الأسر العربية قائلة:" يجب على الأسرة أن تتحمل مسؤولياتها، فهي تكمّل دور المدرسة، خاصة وأن الطفل لا يقضي سوى 4 ساعات أسبوعياً في المدرسة، ففكرة الاندماج وبذور القيم الحميدة تبدأ من البيت، ويد واحدة لا تصفق".

جيل يبحث عن هويته

شعار المدرسة الإسلامية الابتدائية في برلينصورة من: DW/ Al Habbal

تتلخص مشاكل جيل المهاجرين فيما يسمى بـ "ضياع الهوية"، فبالرغم من أن الجيل العربي الجديد ينشأ في بيئة إيجابية تتصف بالتعددية العرقية والمذهبية والقومية، يحاول بعض الأهالي عزل أبنائهم عن المحيط الغني بالتنوع والزج بهم في ما يشبه "الغيتو" مع أطفال آخرين مشابهين لهم من حيث القومية والعرق والمذهب، ضاربين بعرض الحائط ما يمكن أن تخلفه هذه العزلة في نفسية الطفل من حقد على ابن الطائفة الأخرى -الذي هو أصلاً لا يعرفه على الرغم من أنه يعيش معه- وهو الأمر الذي قد يتطور مستقبلاً إلى تشدد وتطرف.

لا تلاميذ شيعة أو مسيحيين في المدارس السنية والعكس

وإذا ما استثنينا أكاديمية الملك فهد والمدرسة الإسلامية الابتدائية الخاصة، فإن جل المدارس العربية في برلين تتشابه مع مدرسة قرطبة من حيث التمويل والإدارة وعدم الاعتراف الرسمي بها ،إلا أنها -ودون أية استثناءات- تختلف عن بعضها باختلاف التوجه الديني أو السياسي. وغالبية هذه المدارس تابعة بشكل مباشر لمسجد معين يقوم بتمويلها، ما يجعلها تأخذ طابعاً طائفياً سنياً كان أم شيعياً، ففي المدارس السنية لا وجود لتلاميذ شيعة أو مسيحيين والعكس صحيح. ويلاحظ انعدام التنسيق بين المدارس العربية، ما يضفي عليها طابع التفرق والتنافر. كما يعكس هذا الأمر تقوقع الجالية العربية على بعضها، ما يشكل في الوقت نفسه تفاقم مشكلة الاندماج لدى الأطفال الذين باتوا حائرين بين مجتمع ألماني يعيشونه في النهار ومجتمع إسلامي يعيشونه في المساء.

تجربة أكاديمية الملك فهد

أكاديمية الملك فهد في برلينصورة من: DW/ Al Habbal

وحسب كاترين كورفيتس، الموظفة في دائرة الإحصائيات للتعليم والعلوم والبحث العلمي، فإن أكاديمية الملك فهد هي المدرسة العربية الوحيدة الخاصة المسجلة في برلين رسمياً. وقد أُنشئت عام 2000 لتحتضن أبناء العاملين في السفارة السعودية في المقام الأول ضمن دوام يومي كامل، كما فتحت أبوابها أيضاً لأبناء الجالية العربية والإسلامية، ومنذ العام الدراسي 04 /2005 تملك الأكاديمية بناء خاصا بها. المدرسة تدرّس من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية المنهاج المتبع في السعودية دون الالتزام بمناهج المدارس الألمانية، وتبلغ التكاليف للطلاب غير السعوديين 1000 يورو في السنة الدراسية.

ثلاثة من أبناء الدبلوماسي محمد كامل صلاحية درسوا في الأكاديمية، وهو راضٍ كل الرضا عن المناهج الدراسية المتبعة، حيث يقول:"لم يجد أولادي أي صعوبة في متابعة دراستهم الجامعية في بلدي سوريا، وأنا سعيد بمستوى المدرسة". وتعد الأكاديمية مدرسة متكاملة من حيث المنهاج كما أنها مجهزة بالمرافق التعليمية الحديثة، إلا أنها لا تُدرس اللغة الألمانية كما أن شهادتها لا تكفي للبدء في الدراسة الجامعية في ألمانيا.

المدرسة الإسلامية الابتدائية الخاصة في برلين

أما المدرسة الإسلامية الابتدائية الخاصة في برلين، فهي لا تعد من المدارس العربية، حيث يتم التدريس فيها باللغة الألمانية، لكنها تضيف على المناهج الألمانية تدريس اللغة العربية كمادة مدرسية مثلها مثل اللغة التركية. وهي المدرسة الرسمية الوحيدة الإسلامية الخاصة في برلين. وتلاقي هذه المدرسة رواجاً بين صفوف الجاليات المسلمة، لأنها تعتمد منهجاً دراسياً ألمانياً عماده التربية الإسلامية في كافة المجالات والنشاطات كما أن شهادتها معترف بها رسمياً في ألمانيا على عكس المدارس الأخرى. علاوة على أن أقساطها مقبولة نسبياً ، في ظل غياب التمويل الحكومي حيث تبلغ حوالي 102 يورو شهرياً.

وعلى الرغم من اعتبار هذه المدرسة مثالاً حياً للاندماج بين أطفال الجاليات المسلمة، إلا أن البعض يرى أنها تأخذ طابعاً سنياً خالصا.

كثرٌ هم متهمو المدارس العربية بالانعزال، ولكن يا ترى هل ترفض هذه المدارس قبول طلاب الطوائف الدينية الأخرى أم أن الأهل هم الذين يرفضون تسجيل أبنائهم في مدارس الطوائف الأخرى. وبين هؤلاء وأولئك تقف وزارة التعليم الألمانية المنادية بالاندماج على الحياد دون أن تحرك ساكناً على الرغم من أن أحداث هذه المسرحية تدور على أرضها.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW