1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المرأة في العالم العربي.. حصاد مر لعام 2023!

٢١ ديسمبر ٢٠٢٣

شهد عام 2023 كوارث طبيعية وحروبا وملاحقات سياسية في شكل قضائي في ظل قوانين مجحفة تأثرت بها بشدة ملايين النساء في العالم العربي. فما هي أبرز تلك المحطات التي تأثرت بها المرأة العربية؟ وكيف تأثرت بها؟

سودانيات ينتظرن في مستشفى في بورتسودان انتظاراً لتلقي الرعاية الطبية(13.08.2023).
عانت ملايين النساء في العالم العربي من تداعيات الحروب والنزاعات المسلحة وخصوصاً في السودان. صورة من: AFP

حفل عام 2023 بالكثير من الأحداث التي أثرت بشكل مباشر على المرأة في العالم العربي. فمن حروب وقصف ودمار إلى زلازل وكوارث طبيعية وملاحقات سياسية من جانب أنظمة حكم في ظل بنية تشريعية غير مساندة للمرأة، تضاعفت المعاناة بشكل غير مسبوق.

ويقول خبراء وحقوقيون إن المنطقة تشهد تعقيدات شديدة، ليس في الآونة الأخيرة فحسب وإنما تمتد إلى فترة ثورات "الربيع العربي" في عام 2011 إلى جانب أمور أخرى مستجدة مثل الحرب في غزة والسودان والكوارث الطبيعية في ليبيا والمغرب.

حروب وأزمات عصفت بملايين النساء

شهد عام 2023 حروبا راح ضحيتها عشرات الآلاف أغلبهم من النساء والأطفال كما أصيبت مئات الألوف منهن بإصابات مختلفة بعضها خطير للغاية.

أيضاً تسببت الحروب سواء في اليمن أو السودان أو الاشتباكات في ليبيا أو الحرب في غزة وفي سوريا في نزوح الملايين خصوصاً النساء والأطفال، ما أدى لتفاقم معاناتهن وجعل عشرت الآلاف منهن عرضة للاستغلال والانتهاكات خصوصاً الجنسية منها.

وحرمت الحروب العديد من النساء من فرص العمل، مما أدى إلى زيادة الفقر والعوز بينهن، وتسببت أيضاً في تزايد التمييز ضد المرأة العربية، حيث تعرضت العديد من النساء للتمييز في الحصول على الخدمات الأساسية.

ففي اليمن، قتلت أكثر من 1000 امرأة في النزاع المستمر منذ عام 2015، كما أصيبت أكثر من 18000 بجروح، وفي سوريا، نزحت أكثر من 6 ملايين امرأة من منازلهن بسبب الحرب، مما أدى إلى حرمانهن من التعليم والعمل والرعاية الصحية، وفي العراق، تعرضت النساء للتمييز في الحصول على الخدمات الأساسية، كما تعرضت للعنف الجنسي والجسدي.

وفي السودان وحدها وثقت عدة تقارير دولية رفعت إلى الأمم المتحدة حدوث عمليات اغتصاب جماعي أدت لوفاة العشرات وانتحار أخريات بسبب سوء الحالة النفسية بعد تعرضهن للجريمة، إضافة إلى ما أكدته منظمات حقوقية من عمليات بيع لنساء اختطفن على أيدي قوات الدعم السريع.

تقول مزن حسن، المديرة التنفيذية لمؤسسة نظرة للدراسات النسوية، وهي منظمة غير حكومية تعمل على تعزيز حقوق المرأة في مصر والمنطقة العربية، إن التعرض للنساء بالأذى والانتهاكات مسألة تتصاعد بكثافة في ظل الحروب والمواجهات العسكرية وغالباً ما يتم تنفيذها كنوع من الانتقام من الطرف الآخر.

وتضيف أنه في ظل الحروب تقوم النساء على شؤون الأسرة خاصة إذا كان رب البيت قد قتل في الحرب أو يشارك في الحرب وهو ما يزيد من هشاشة وضع هؤلاء النسوة اللواتي يواجهن مخاطر محدقة في محاولة توفير قوت اليوم للعائلة.

وتقول الحقوقية المصرية: "في اليمن قام الحوثيون بتعديل القوانين التي حدت كثيراً من حركة المرأة والتي هي أصلاً كانت على مدار عقود تعاني من هذا التضييق بأشكال مختلفة، واليوم لم يعد يسمح لأي سيدة يمنية بالسفر دون مرافق من عائلتها وإلا ستتعرض لعقوبة شديدة، وكلها ممارسات تزداد حدة يوماً بعد يوم".

وتشير إلى أن "نصف عدد القتلى تقريباً في الحرب الدائرة حالياً في غزة هن من النساء، إضافة إلى مقتل مئات النساء في سوريا في عمليات القصف المستمر بين أطراف الحرب الأهلية".

العنف المجتمعي وكوارث التغير المناخي

ويشير حقوقيون ومدافعات عن حقوق المرأة أن العنف المجتمعي تجاه المرأة استمر في عام 2023، وسط بيئة تشريعية وحزم من القوانين التي لا تدعم المرأة بشكل مطلق، فهناك قوانين تميز ضد المرأة وتحرمها من حقوق أساسية ومنها أزمة الحضانة المتصاعدة في دول كالعراق ولبنان.

وساهمت المجتمعات القبلية والعشائرية في دعم ممارسات معادية للمرأة أو تحد من حقوقها مثل الزواج القسري والعنف الأسري وزواج القاصرات والحرمان من التعليم والاغتصاب الزوجي.

كما شكا حقوقيون وناشطات من التخاذل في تطبيق القانون إن كان الأمر متعلقا بامرأة أو يتم التعامل مع شكاواها بشكل غير فعال، وكلها أمور تشكل تحدياً كبيراً أمام المرأة في العالم العربي.

وتقول الحقوقية والخبيرة في شؤون المرأة والحاصلة على جائزة شارلوت بانش للمدافعات عن حقوق الإنسان، وجائزة رايت لايفليهود المعروفة باسم " جائزة نوبل البديلة" مزن حسن، إن "عدداً من البلاد العربية تتعامل بتهاون شديد مع ما يسمى بجرائم الشرف. والحقيقة أن جريمة الشرف هي قتل النساء، كما أن القوانين لا تساهم في حصول من قتل النساء على عقاب بسبب جريمته، مشيرة في ذلك إلى ما تواجهه المرأة من عنف أسري ومجتمعي خصوصاً في المجتمعات العشائرية والمحافظة كما في العراق والأردن".

يذكر أنه في الأردن، لا تزال هناك قوانين تسمح بالزواج المبكر القسري للفتيات، حيث يسمح القانون الأردني للفتيات بالزواج في سن 15 عامًا، مع موافقة ولي الأمر. وفي العراق، تشير الدراسات إلى أن العنف ضد المرأة يمثل مشكلة كبرى، حيث تتعرض حوالي 70٪ من النساء للعنف الجسدي أو الجنسي في مرحلة ما من حياتهن.

وتضيف حسن أن التغير المناخي وما نتج عنه من كوارث مثل ما حدث في درنة بليبيا او الزلازل في المغرب ترك آلاف النساء في وضع هش للغاية حيث تصبح المرأة أكثر عرضة للخطر بسبب الفقر والبطالة وتفاقم اللامساواة.

العنف السياسي .. استهداف الحلقة الأضعف

ولم يمر العام أيضاً دون أن يتم استهداف الحقوقيات والصحفيات من قبل أنظمة عربية مختلفة. ففي مصر تنتظر صحافيات يعملن لدى موقع "مدى مصر" الإخباري المستقل، المحاكمة، بتهم الإساءة إلى نواب من حزب مؤيد للحكومة، فيما يقول النشطاء إن المحاكمة ذات دوافع سياسية.

 

وفي تونس أعلنت المعارضة سهام بن سدرين أنها ممنوعة من مغادرة البلاد بعدما وجّه إليها الاتهام في إطار تحقيق على صلة بتقرير حول جرائم ارتكبت إبان حقبة بن علي أعدّته هيئة كانت قد تولّت رئاستها.

وأبلغ قاضي تحقيق في القطب القضائي الاقتصادي والمالي بن سدرين بأنها متهمة بـ"الحصول على فوائد غير مبررة" و"إلحاق الضرر بالدولة" و"التزوير"، وذلك بناء على طلب تقدّمت به النيابة العامة في 20 شباط/فبراير 2023، وفق البيان.

تقول الحقوقية المصرية مُزن حسن إن التغير المناخي وما نتج عنه من كوارث في العالم العربي ترك آلاف النساء في وضع هش للغاية. صورة من: Khaled Elfiqi/dpa/picture alliance

وتؤكد مزن حسن، الحقوقية والخبيرة في شؤون المرأة، على "أننا بحاجة إلى أن نعرف أن البيئة التشريعية في الدول العربية هي رد فعل للمجتمع ومن يحكم في هذه المنطقة، فلا يصح أن ننظر إلى البيئة التشريعية دون أن نعرف أنها من الإشكاليات التي نشأت قبل الربيع العربي أو الثورات، فلا يمكن لعسكريين أو أشخاص لا يؤمنون بالديمقراطية وحقوق الإنسان أن يساعدوا النساء في الحصول على حقوقهن".

وتشير الحقوقية المصرية أيضاً إلى قضية الناشطة الحقوقية والنسوية النسوية بشرى بلحاج حميدة والتي تواجه قضية عرفت باسم "التآمر على أمن الدولة"، وقالت إن "بلحاج حميدة تعاني من ظلم وعنف سياسي، في إطار الهجمة التي يشنها الرئيس التونسي قيس سعيّد على الجهات الداعمة للديمقراطية".

وتضيف أن هناك ما يمكن أن يُطلق عليه "استهداف جندري"، والمقصود برأيها هو "التعريض بالحياة الخاصة والشخصية للسيدات". وتشير حسن إلى أنه لا يمكن فصل قضايا النساء بشكل عام عن المجتمع، مشددة على أن "غياب الديمقراطية بشكل أساسي يشكل بيئة معادية للمرأة".

وتنهي كلامها بالقول إنّ "محاولات الجهات الحقوقية المختلفة في مصر على سبيل المثال لتعديل بعض القوانين المساندة للمرأة والمناهضة للعنف توقفت بحلول عام 2015 وحتى البرلمان المصري الذي يفترض أن به الكثير من النساء لم يقدم شيئا مفيداً للمرأة في هذا الإطار".

عماد حسن

 

عماد حسن كاتب في شؤون الشرق الأوسط ومدقق معلومات ومتخصص في العلوم والتقنية.
تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW