1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المرجعية الشيعية في العراق: عامل تهدئة أم عبء على السياسة؟

محمود حسين - بغداد٢٢ أغسطس ٢٠١٣

توجه المرجعية الشيعية انتقادات للنخب السياسية بين الحين والآخر بسبب ما آلت إليه الأوضاع في العراق، لكنها تنأى بنفسها عن التدخل في حيثيات العملية السياسية، ما يراه البعض عبئا إضافيا. فما هو حجم دورها فيما يجري في العراق؟

Ayatollah Ali al Sistani Shiite followers walk past a poster of their most revered leader, Grand Ayatollah Ali al-Sistani, after Friday prayers at the Buratha mosque in central Baghdad, Iraq Friday, March 4, 2005. (AP Photo/Hadi Mizban)
صورة من: picture alliance/AP Images

برز اسم المرجع الشيعي العراقي الأعلى آية الله علي السيستاني خارج العراق بعد الإطاحة بنظام صدام حسين وتفكك منظومة البعث عام 2003. يومها كانت للسيستاني مجموعة من المواقف حول الأحداث التي عصفت بالعراق في تلك الفترة، أظهرت اسمه في وسائل الإعلام الدولية. وأبرز تلك المواقف هو توجيه رسالة إلى الشعب العراقي، أكّد فيها على أنه "حريص على أن يتجاوز العراقيّون هذه الحقبة العصيبة من تاريخهم من دون الوقوع في شرك الفتنة الطائفية والعرقية".

وفي الخامس من آب/ أغسطس عام 2004، ومع اندلاع معارك النجف بين القوات الأمريكية ومليشيات المهدي بقيادة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر والمتحصنة داخل مرقد الإمام علي، عاد السيستاني من لندن منهياً جولته العلاجية وداعياً إلى إنهاء المعارك وعقد هدنة بين الطرفين.

تدخل في القضايا المصيرية

لكن موقفه الأبرز يبقى مرتبطاً بموجة العنف الطائفي التي عصفت بالعراق وبلغت ذروتها بين عامي 2006 و2007 والتي بدأت شرارتها بضرب مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء. كان المرجع الشيعي الأعلى يدعو "للتهدئة وإلى استنكار أعمال العنف التي قطعت أوصال البلاد". ورغم دعوته العراقيين للاشتراك في الانتخابات البرلمانية الأولى بعد إسقاط نظام صدام حسين، فإن خط مرجعيته يبقى ممثلاً لمبدأ فصل الدين عن السياسة والاكتفاء بدعم الحكم المدني المنطلق من إرادة الشعب. فعلى خلاف الحكم الإسلامي في إيران المعروف بولاية الفقيه، لم يناد السيستاني بتأسيس نظام إسلامي يدير شؤون الدولة.

في هذا السياق يشير أستاذ الفكر السياسي في الجامعة المستنصرية ببغداد سعد سلوم في حوار مع DW عربية إلى أن تعدد المرجعيات الدينية في العراق ينقسم إلى اتجاهين في نظرته إلى الشأن السياسي، "اتجاه يؤمن بولاية الفقيه ويحث على قيادة الدين لإدارة الدولة، وآخر يؤمن بفصل الدين عن السياسة وهذا المنهج الذي ظهر عليه المرجع السيستاني". ولهذا فمن المستحيل القول إن المرجعية الدينية تحاول انتزاع موقع الولاية عن الدولة "في ظل تعدد الطوائف المشتركة في العملية السياسية، وعدم إتباع هذه الطوائف لمرجعية السيستاني".

أستاذ الفكر السياسي سعد سلوم يرى أن "المرجعية لا تتدخل في الشأن السياسي، عدا في القضايا المصيرية".صورة من: DW/M. Al Saidy

ويضيف أستاذ العلوم السياسية أن المرجعية لا تتدخل في النظام السياسي في البلاد، "إلا إذا كان الأمر مصيرياً"، معتبراً أن هذا التدخل كان يقود في الغالب إلى تهدئة الشارع العراقي "نتيجة لمواقف الكتل السياسية التي تنعكس سلباً على الشارع العراقي في مختلف الأصعدة".

انتقادات للمرجعية

وبين الفينة والأخرى يواجه السيستاني انتقادات من قبل الساسة العراقيين جراء انتقاد مرجعيته للأحوال العامة في البلاد. آخر هذه الانتقادات موقفه من الحملة الشعبية الداعية إلى تخلي البرلمانيين العراقيين عن تقاعدهم، الذي يُثقل كاهل ميزانية الدولة. وأثارت تصريحات نائبين عراقيين عن ائتلافين متحالفين حول تدخل المرجعية الدينية الشيعية في الدعوة والمطالبة بإلغاء الرواتب التقاعدية للبرلمانيين العراقيين وكبار المسؤولين في الدولة من ذوي المناصب والامتيازات الخاصة، حفيظة واستياء عدد من رجال الدين وناشطين مدنيين، الذين دعوا ساسة العراق إلى الامتثال لمطلب الشعب.

وكانت وسائل إعلام قد نقلت تصريحات للنائب عن ائتلاف دولة القانون عزت الشابندر قبل أيام، يتهم فيها المرجعية الدينية بـ"محاولة انتزاع موقع الولاية عن الدولة من خلال استقطاب مشاعر الناس"، مؤكداً أن "ممثل المرجعية يعرضها للتساؤلات من خلال استخفافه بكرامة ووطنية السياسيين".

استياء متبادل

وفي ضوء التصريحات المتبادلة هذه، يرى المحلل السياسي سعد سلوم أن المرجعية الدينية "مستاءة جداً من أداء النخب السياسية في العراق، إذ رفضت مؤخراً استقبال أي منهم. وهذا مؤشر على حرصها الكبير بعدم التدخل في العملية السياسية حفاظاً على سمعتها وتاريخها العريقين".

المحلل السياسي خالد سليمان: "تدخل المرجعية أثر سلبا على الحياة السياسية".صورة من: DW/M. Al Saidy

بدوره يبيّن الخبير السياسي الكردي خالد سليمان في حديثه مع DW عربية أن "المرجعية الدينية أصبحت عبئاً كبيراً على السياسة العراقية وتحركاتها، ناهيك عن أن الأحزاب السياسية هي الأخرى أصبحت أيضاً عبئاً كبيراً على المرجعية، إذ أنها تعود إليها مع كل خلاف يحدث بين هذه الأحزاب". ويتسائل الخبير "نسمع كثيراً عبر وسائل الإعلام بأن مرجعية السيستاني لا تتدخل في الشأن السياسي في البلاد وأنها تريد التوازن لها، ولكن أين دور المرجعية من حمامات الدماء التي تسيل كل يوم؟".

ومن هذا المنطلق يشير خالد سليمان إلى أن تدخل المرجعيات في الشأن السياسي "أثر سلباً على العملية السياسية وأخّر من سن القوانين وتشريعها". وعن تصريح النائب في التحالف الكردستاني فرهاد الأتروشي بشأن دور المرجعية، يضيف سليمان: "ما قاله الأتروشي هو واقع الحال العراقي لأن دور المرجعية يجب أن يكون رافضاً للسياسات التشريعية والتنفيذية على حد سواء، لا أن يقتصر على التهدئة أو فرض رؤية مستقبلية لإدارة البلاد".

وكان الأتروشي قد أنتقد تدخل المرجعية الدينية الشيعية بشأن دعوة البرلمانيين للتنازل عن رواتبهم التقاعدية، مطالباً إياها بالالتزام بالخطوط العامة. وقال الأتروشي في تصريحات صحافية إن "الشارع الشيعي يزايد على بعضه البعض بسبب تصريح صدر عن ممثل للمرجعية، وأنا أتحفظ على مثل هذه التدخلات في هذه الشؤون التفصيلية للدولة". وأعتبر أن "المرجعية هي مؤسسة دينية ونحن نحترمها، لكن عليها أن تحتفظ بالخطوط العامة... نحن دولة مدنية ولسنا دولة دينية".

قضية الرواتب التقاعدية

وكان السيد أحمد الصافي وهو ممثل المرجعية الدينية الأعلى علي السيستاني قد دعا إلى إلغاء الرواتب التقاعدية وامتيازات المسؤولين الرفيعين وتخصيص تلك الأموال لأغراض الخدمات وتحسين وضع محدودي الدخل. أتت هذه التصريحات في ضوء حملة كبيرة على صفحات الفيسبوك، تطالب البرلمانيين بالتنازل عن تقاعدهم لأن المبالغ المخصصة ترهق ميزانية الدولة، إذ يبلغ الراتب التقاعدي للنائب نحو 6 ألاف و 500 دولار أمريكي تدفع مدى الحياة، إضافة إلى مخصصات الحماية والسكن ومخصصات مالية أخرى.

"لا أتصور بان هذه التصريحات التي أدلت بها نخب سياسية سوف تنتقص من شخصية علي السيستاني بقدر ما تنتقص من شخصية الساسة الذين وقفوا ضد المرجعية وذلك بسبب القاعدة الكبيرة التي تتمتع بها المرجعية والتي تتغلغل إلى أعماق المجتمع العراقي"، يؤكد سليمان.

وكانت كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي بزعامة عمار الحكيم قد أعلنت قبل أيام تنازل نوابها في البرلمان عن رواتبهم التقاعدية، وتبعتها بخطوة مماثلة كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري.

يذكر أن مجلس النواب صوت، في الـ23 من شباط 2012، على إيقاف تنفيذ قرار سابق اتخذه عام 2010، في ضوء تعديله قانون مجالس المحافظات رقم 21 لسنة 2008، ويقضي التعديل السابق بشمول كل من عمل في مجالس محلية لمدة ستة أشهر فما فوق، بحقوق تقاعدية تحتسب على أساس درجة معاون مدير عام.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW