1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شولتس ومعضلة الإعلام.. هل لديه قدرة على التواصل؟

علاء جمعة
٤ يوليو ٢٠٢٢

يتعرض أسلوب المستشار الألماني أولاف شولتس في الحديث، خاصة أمام وسائل الإعلام والصحافيين لانتقادات عديدة. ويجري البعض مقارنات بين أسلوب المستشار وأسلوب نائبه، روبرت هابيك، المختلف كليا. فكيف يتم تفسير تصرفات شولتس؟

المستشار الألماني أولاف شولتس متحدثا في قمة مجموعة السبع  28.06.2022
طريقة المستشار شولتس وإجابته على أسئلة الصحافيين وخاصة مندوبة DW في المؤتمر الختامي لقمة مجموعة السبع أثار انتقادات كثيرةصورة من: Jens Krick/Flashpic/picture alliance

يشغل أولاف شولتس منصب المستشار الألماني منذ أكثر من نصف عام. ومنذ تلك الفترة كان ملاحظا الأسلوب الشخصي والصياغات الفردية للتعبير التي يمتاز بها المستشار.

في الآونة الأخيرة، بات هذا الأمر ملاحظا أكثر، ففي ختام قمة مجموعة السبع في إلماو ببافاريا، تحدث شولتس إلى ممثلي وسائل الإعلام، بمن فيهم صحافيون ممن يقدمون تقاريرهم أيضا في العاصمة برلين وهم معروفون لدى السياسيين. حيث سألت روزاليا رومانيك، مديرة استوديو DW في في برلين، المستشار عما إذا كان بإمكانه أن يقول على وجه التحديد "ما هي الضمانات الأمنية التي يستطيع أن يقدمها لأوكرانيا لهذه الفترة، وللفترة التي تلي الحرب".

أجاب المستشار بكلمة "نعم" فقط ثم ابتسم وأضاف "أستطيع ذلك"، وقال للصحافيين "هذا كل شيء"، وغادر بعدها المنصة. هذا التصرف أثار انتقادات الصحافيين المتواجدين، حيث غرد ماثيو فون روهر، مدير مكتب مجلة دير شبيغل في برلين، على تويتر" سيري (كناية عن صوت المساعد الآلي في أجهزة آبل) عرّف العجرفة". الفيديو لاقى انتشارا واسعا، وحقق ملايين المشاهدات على وسائل التواصل الاجتماعي.

الإجابة بكلمة كلا فقط

بعد ذلك بقليل، وفي اليوم ذاته، كان المستشار شولتس ضيفا في مقابلة مع برنامج Farbe bekennen في قناة ARD. تناول رئيس التحرير في القناة أوليفر كور مسألة نقص إمدادات الغاز في ألمانيا، في ضوء الأزمة الأوكرانية، وسأل المستشار بأن نائبه روبرت هابيك قدم نصائح للمواطنينمن أجل مواجهة هذه المشكلة، مثل تقصير مدة الحمام، أو خفض درجة التدفئة، فهل لديك أنت أيضا أية نصائح ممكن أن تقدمها؟ فكان رد شولتس مقتضبا ورد بكلمة واحدة فقط "كلا".

يقوم أولاف شولتس بالتخاطب بشكل ودي وتلقائي بيد أنه فضفاض، وليس دقيقا. على مدى عقود، كان الخبير السياسي والأستاذ الجامعي فيرنر فايدنفيلد، يراقب المستشارين الألمان: هيلموت كول، وغيرهارد شرودر، وأنغيلا ميركل، والآن أولاف شولتس.

وبحسب رأي الخبير الألماني لـ DW، فإن المستشار شولتس، والذي يقود تحالفا بين حزبه الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر، لديه مشكلة في صياغة الكلمات وإخراجها بشكل استراتيجي مدروس. ووفقا للخبير فإنه لا يرى بأن الرد بكلمة "لا" فقط، دون أن يضيف شيئا، بأنها عيب في التواصل، لذلك هو يتصرف على سجيته، وبما يراه مناسبا.

وبالمناسبة، فإن أحد اقتباسات شولتس، كانت قد تسببت في ضجة كبيرة في ألمانيا لأسابيع (وتم تفسيرها على أنها انتقاد من المستشار للمعارضين السياسيين وأصدقاء الحزب وشركاء الائتلاف)، وتم تضمينها أيضا في مقابلة تلفزيونية في منتصف شهر مايو/ أيار من هذا العام. حيث كان المستشار ضيفا على برنامج "RTL direkt". وتم طرح سؤال عليه حولإمكانية زيارته إلى كييف؟ فرد قائلا: لن أكون ضمن الأشخاص الذين يدخلون ويخرجون بسرعة من أجل التقاط الصور. ولكن إذا قمت بذلك (زيارة أوكرانيا) فلابد أن يكون هناك شيء محدد للغاية”.

انتقادات قاسية لشولتس

"لقد اختلطت الأمور بشكل واضح" على شولتس، وفقا لصحيفة "هاندلسبلات" الألمانية، حيث نشرت في بداية يونيو/ حزيران تحليلا مطولا لظهور شولتس أمام وسائل الإعلام. وكان الإعلاميون الأربعة الذين أشرفوا على التحليل، قد أوضحوا أيضا وجهة نظرهم قبل ذلك في برنامج المذيعة المعروفة، آنه فيل/ Anne Will، وبرنامجها الحواري الذي يحمل نفس اسمها في قناة ARD في مارس/ آذار، حيث تناول الإعلاميون لمدة 60 دقيقة، هي مدة البرنامج طريقة تعامل المستشار الألماني شولتس بأنه "لا يكذب، لكنه يخلط بين الأشياء بشكل لا يمكن التعرف عليها، وبالتالي يسمح للمواطنين بفهم الكذب كحقيقة".

وفقًا للخبير فايدينفيلد، فإنه في خضم عالم معقد ومربك، مصاحب لأزمة مناخية وجائحة كورونا وحرب أوكرانيا، فإن "تفسير الكلمات" له أمر بالغ الأهمية. لذلك فإن المعنى الحقيقي لتصريحات السياسيين مهم جدا، وهنا مكمن المشكلة، لأن هذه الكلمات هي توضيح لخطوات سياستهم".

هناك مقارنات عديدة لاختلاف الظهور الإعلامي بين المستشار ونائبه روبرت هابيك، ترجح كفة الأخيرصورة من: Jochen Eckel/IMAGO

تنافس بين شولتس وهابيك

ولكن: هل يستطيع شولتس تعديل أسلوبه الإعلامي؟ بات هذا التساؤل يطرح بقوة، خاصة عندما تتم المقارنة بين المستشار شولتس ونائبه وزير الاقتصاد روبرت هابيك من حزب الخضر. ويرى الخبير الإعلامي بيرنهارد بوركسن في حوار مع DW  أن المشكلة قد تكمن في وجود "تباين متناقض بشكل كبير" لدى شولتس، وهو ما لم يكن ظاهرا لدى المستشارة السابقة أنغيلا ميركل. ويوضح الخبير بأن ظهور ميركل كان فرديا في الغالب، بينما يظهر شولتس مع سياسيين آخرين في الواجهة الإعلامية مثل نائبه روبرت هابيك أو وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك، وهو ما يقود بشكل تلقائي إلى المقارنة.

ويحسب بوركسن فإن حزب الخضر مثلا، ينتهج استراتيجية "الانفتاح الواعي للمشاكل القائمة"، بمعنى أن سياسيه يظهرون للجمهور ويشرحون ويروجون للقرارات السياسية، وهو ما يجعلهم يحظون باحترام على الساحة الإعلامية.

 ويرى الخبير فايدنفيلد: أنه "إذا تمكن أي شخص من أن يصبح منافسا لشولتس،فسيكون هابيك، بدعم من بيربوك". ووصف فايدنفيلد هابيك بأنه وبقية السياسيين من حزب الخضر يتحدثون "بشكل جيد، ويتواصلون مع الآخرين بتلقائية" ويظهرون اهتماما بمخاوف الناس ويناقشونها، وهي مهارات يفتقر إليها ليس فقط شولتس، بل أيضا الحزب الاشتراكي الديمقراطي ككل. وهذا هو السبب في حصول الحزب على درجات متدنية في مكانته الشعبية بين المواطنين حاليا.

في بداية شهر مايو/ أيار، أجرى المتحدث باسم الحكومة شتيفان هيبشترايت مقابلة في مجلة " Journalist " الألمانية. وفي المقابلة الطويلة، حدد هيبشترايت مهمته كمتحدث باسم المستشار والحكومة الفيدرالية على النحو التالي: "مهمتنا هي شرح كيف تتصرف الحكومة والسياسات التي تتبعها".

وأشار هيبشترايت أيضا إلى الكاريزما التي يتمتع بها شولتس، الذي يزن "أقواله وأفعاله بعناية فائقة" وهو سياسي ذو خبرة كبيرة ، "معتاد على الضغط العام ولا يمكن خداعه"، وقد انتخب لهذا الغرض، حسب المتحدث باسمه.

البحث عن التواصل مع المواطنين

ويتابع المتحدث: "في حين أن العديد من السياسيين يعلنون في كثير من الأحيان عما يعتزمون القيام به، فإن شولتس  يعد قراراته بدقة بعيدا عن الجمهور ثم يشير علنا إلى ما تم تحقيقه".

وفي المقابلة، يقارن هيبشترايت أسلوب المستشار وأسلوب نائبه هابيك بقوله "يتحدث هابيك عن 'الإملاءات'، المستشار شولتس يصوغ المزيد من الحلول الموجهة نحو ضمان تعاملنا بشكل جيد مع الأمر".

كما وصف هيبشترايت ما يريد هو وفريقه القيام به بشكل مختلف: "من جانب الحكومة، لا نريد الظهور إعلاميا فقط دون غايات أخرى، لهذا السبب، فإن المستشار، على عكس سلفه، يذهب في كثير من الأحيان إلى المقابلات التلفزيونية أو البرامج الإخبارية أو البرامج الحوارية "ليتم استجوابه".

على أية حال فإن فرصة شولتس الإعلامية المقبلة ستكون قريبا، حيث أعلن برنامج ARD "تقرير من برلين" عبر تغريدة عن تويتر عن مقابلة مرتقبة مع المستشار الألماني تحت شعار "أنت تسأل، أولاف شولتس يجيب".

ويعتقد الخبير فايدنفيلد أن التغيير في التأثير الإعلامي لشولتس لا يزال ممكنا. "إذا قدم أفكاره بنبرة مناسبة، وإذا أصبح أكثر دقة في أجوبته عندما يسأل، الأمر الذي من شأنه أن ينظر إليه بشكل إيجابي من قبل الجمهور. وبالتالي سيشعر الناس أنهم يعرفون أكثر".

كريستوف شتراك/ علاء جمعة

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW