المسلمون بألمانيا - مبالغة في تأثير الدين كعائق في الاندماج!
٢٩ أبريل ٢٠٢١
أظهرت دراسة حديثة، أن عدد المسلمين قد ازداد بشكل واضح في ألمانيا منذ عام 2015. ولا يزال كثيرون منهم يواجهون تحديات فيما بتعلق بالعمل والتأهيل. والدين قد يكون سببا ثانويا لهذه التحديات، "لكنه لا يعيق الاندماج بشكل عام".
إعلان
"سننجز ذلك"، هذه كانت أشهر عبارة للمستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، عام 2015، في إشارة منها إلى أن بلادها قادرة ومستعدة لاستقبال عدد كبير من اللاجئين، حين فتحت ألمانيا أبوابها لهم واستقبلت حينها نحو مليون شخص أغلبهم من منطقة الشرق الأوسط وخاصة سوريا. وبعد نحو ست سنوات أصبح عدد المسلمين في ألمانيا أكبر بكثير، وأصبحت التركيبة السكانية أقل تجانسا، حسب دراسة رسمية حديثة، أجراها المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (بامف) بطلب من مؤتمر الإسلام في ألمانيا ووزارة الداخلية الاتحادية.
وقال رئيس المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، هانز ايكهارد زومر، في مؤتمر صحفي مؤخرا "لقد أصبح السكان المسلمون أكثر تنوعا في سياق الهجرة من البلدان ذات الغالبية المسلمة". وقال زومر "إن التحليلات تظهر أن تأثير الدين على الاندماج غالبا ما يكون مبالغا فيه".
وحسب الدراسة التي أجرها "بامف" يعيش في ألمانيا ما بين 5,3 مليون و5,6 مليون مسلم "ذوي أصول مهاجرة"، وهو ما يساوي نحو 900 ألف أكثر مما في عام 2015 أو ما نسبته 6,4 حتى 6,7 بالمائة من سكان ألمانيا. وبينما العدد الأكبر من المسلمين في ألمانيا ينحدرون من تركيا، كما كان عليه الحال خلال عقود، بعد عام 2015 جاء عدد كبير من اللاجئين المسلمين من سوريا والعراق، حسب الدراسة.
ليست للدين صلة!
وقد تم إعداد الدراسة بناء على أبحاث أجريت في عامي 2019 و2020. وتم فيها المقارنة بين ذوي الأصول المهاجرة من المسلمين من جهة وبين المسيحيين والذين ليس لهم انتماء ديني من جهة أخرى، فتبين أنه غالبا ما لا يكون الدين عاملا حاسما، لدى مختلف الاتجاهات؛ فيما يتعلق بالاندماج والتأهيل.
وعلى سبيل المثال فإن 15,8 بالمائة من ذوي الأصول المهاجرة المسلمين و17,5 بالمائة من المسيحيين لم يكملوا تعليمهم، وبالنسبة لذوي الأصول المهاجرة عموما، فإن 15,3 بالمائة منهم لم يكملوا تعليمهم. وهذا يبين أن المسلمين لا يختلفون كثيرا عن غيرهم من المهاجرين.
وتوضح كريستين تانيس، التي شاركت في الدراسة، بالنسبة لتدني مستوى التعليم والتأهيل أنه "يجب الإشارة إلى أن العديد من المهاجرين من منطقة الشرق الأوسط والشرق الأدنى قطعوا تعليمهم وتأهيلهم بسبب هجرتهم".
كما أن 74,6 بالمائة من المسلمين ذوي الأصول المهاجرة ليس لديهم تأهيل مهني مقابل 71,9 بالمائة من المسيحيين ذوي الأصول المهاجرة، و72,4 بالمائة لكل الأديان. ولكن بالنسبة للمسلمين من غير ذوي الأصول المهاجرة، الذين يعيشون في ألمانيا منذ ثلاثة أجيال على الأقل، فإن نسبة من ليس لديهم تأهيل مهني حوالي 21,8 بالمائة فقط وهي نفس النسبة تقريبا بين الذين ليست لديهم أصول مهاجرة (21 بالمائة).
أما نسبة العاملين بين الرجال المسلمين ذوي الأصول المهاجرة فتصل إلى 61 بالمائة والنساء 41 بالمائة، وهي نفس النسبة تقريبا بين باقي ذوي الأصول المهاجرة، وهي أقل بشكل واضح مقارنة بالألمان (الرجال 77 بالمائة والنساء 68 بالمائة). وجاء في التقرير أن "أمورا مثل مدة الإقامة وأسباب الهجرة والوضع الاجتماعي أثرت بشكل أكبر بكثير من الدين على عملية الاندماج".
قلق في ألمانيا من ارتفاع العنصرية ضد المسلمين
02:28
نجاح الاندماج
وبينما قد يواجه بعض المهاجرين المسلمين وغير المسلمين تحديات لا يواجهها الألمان، فإن نتيجة الدراسة تظهر أن أغلبية المسلمين مستقرة ومندمجة في ألمانيا.
وحسب الدراسة فإن معظم المسلمين الذين ولدوا في ألمانيا، قيموا مهارتهم اللغوية بشكل عام على أنها جيدة أو جيدة جدا، وتأهيلهم المهني وتحصيلهم العلمي أعلى نسبيا، وبالنسبة للمسلمين عامة فكانت النسبة 79 بالمائة.
65 بالمائة من المسلمين الذين شملتهم الدراسة قالوا إن لديهم تواصلا مستمرا مع أناس في دائرة أصدقائهم ممن ليست لهم أصول مهاجرة، ومن ليس لديهم مثل هذه العلاقة عبروا عن رغبتهم الشديدة في أن تكون لهم علاقات وتواصل أكثر مع السكان من غير ذوي الأصول المهاجرة أيضا.
وتؤكد الدراسة أن بعض المسلمين في ألمانيا يواجهون تحديات معينة يجب التغلب عليها لتحقيق المساواة. لكن وكما تشير الدراسة فإنه لدى التعامل مع مجموعة من الناس يتجاوز عددهم الخمسة ملايين، ويركزون على الدين في التعامل مع هذه التحديات، فإنهم قد يتجاهلون عوامل أخرى مهمة.
ومن النتائج التي توصلت إليها الدراسة أيضا، هي أن المهاجرين المسلمين الجدد القادمين من دول لم تكن جاليتها كبيرة في ألمانيا، لا يرون أنهم يرتبطون أو ينتمون للهياكل الإسلامية القائمة ولا يرون أن الجمعيات الموجودة تمثلهم. كما تشير الدراسة في هذا السياق إلى زيادة عدد المسلمين الذين تربوا وترعرعوا في ألمانيا، وتظهر أن ارتباط هؤلاء بالبلد الأصلي لأهاليهم ارتباط ضعيف كما أن لديهم تصورهم الخاص لحياتهم الدينية في ألمانيا.
هذا ولم تركز الدراسة على مسألة التمييز، ولكنها أشارت إلى أن 70 بالمائة من النساء المسلمات لا يرتدين الحجاب. وبالنسبة لارتداء الحجاب، فإن عامل العمر كان مهما، إذ أن 62 بالمائة ممن تجاوزن الخامسة والستين عاما قلن إنهن يرتدين الحجاب، بينما كانت النسبة 26 بالمائة فقط بين من تتراوح أعمارهن بين 16 و25 عاما.
ومن المشكلات التي أشارت إليها الدراسة، كانت الجمعيات الإسلامية، التي لها تمثيل محدود في ألمانيا. إذ أن بعضها يتم التحكم بها من قبل تركيا مباشرة، وهو ما يجب تغييره، حسب رأي ماركوس كيربر، سكرتير (وزير الدولة في) وزارة الداخلية الألمانية.
إليوت دوغلاس/ عارف جابو
"الإيمان في أزمنة غير معتادة".. يوم المسجد المفتوح في ظل كورونا
قبل 23 عاما أطلق مسلمو ألمانيا "يوم المسجد المفتوح" واختاروا له يوم الوحدة الألمانية (الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر) من كل عام، حيث تفتح المساجد أبوابها لتعريف الزوار بالإسلام، لكن كورونا في 2020 ألقى بظلاله على الحدث.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Roessler
ألقت جائحة كورونا بظلالها على فعاليات "يوم المسجد المفتوح" في ألمانيا في 2020 فحملت المناسبة السنوية هذا العام عنوان "الإيمان في أزمنة غير معتادة"، في إشارة إلى تأثير الجائحة حتى على الدين والعبادات. هنا نرى هنريته ريكر، عمدة مدينة كولونيا تجلس (السبت 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2020) مع زوار آخرين في مسجد "ديتيب" الكبير في كولونيا محافظة على قواعد التباعد الاجتماعي والقيود الصحية.
صورة من: Henning Kaiser/dpa/picture-alliance
عندما أصدرت الحكومة الألمانية في مارس/ آذار 2020 ما يعرف بقيود كورونا، أغلقت حتى دور العبادة بما فيها المساجد أبوابها. لكن بعد تخفيف القيود في مايو/ أيار، سمح بالعودة للمساجد بشروط من بينها ارتداء الكمامة والتابعد لمسافة 1٫5 متر بين كل شخص في المسجد. وفي يوم المسجد المفتوح 2020 يظهر جليا قلة أعداد الزوار وتباعدهم عن بعضهم البعض.
صورة من: Henning Kaiser/dpa/picture-alliance
منذ عام 1997، تقام فعالية "يوم المسجد المفتوح" في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام، والذي يصادف يوم الوحدة الألمانية. واختيار هذا اليوم بالذات لم يأت مصادفة، فالمجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا يود في هذا اليوم أن يؤكد على "أن المسلمين جزء من الوحدة الألمانية بالإضافة إلى التعبير عن ارتباطهم بمجموع السكان في ألمانيا". وفي هذه السنة يتوقع أن يبلغ عدد زوار المساجد 100 ألف شخص.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Zinken
الجاليات الإسلامية تريد في هذا اليوم أن تقرب الزوار من الإسلام أكثر، واختارت المساجد كأفضل مكان للالتقاء، فالمساجد ليست مكاناً للصلاة فقط، بل ولعقد اللقاءات والندوات أيضاً.
صورة من: picture-alliance/dpa/Paul Zinken
معظم المساجد تقدم جولات في هذا اليوم، وتظهر الصورة إحدى تلك الجولات في مسجد في بلدة هورت التابعة لمدينة كولونيا، حيث يتلقى الزوار معلومات عن العمارة والتاريخ والحياة اليومية في المساجد التي تعتبر أهم ملتقيات الجاليات الإسلامية في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/U. Baumgarten
المسجد المركزي في مدينة دويسبورغ هو من أكبر المساجد في ألمانيا، وتم افتتاحه عام 2008. يشارك المسجد في نشاطات تدعم الاندماج في المدينة. في يوم المسجد المفتوح، يتيح المسجد لزواره، بالإضافة للجولة، فرصة مشاهدة صلاتي الظهر والعصر، بالإضافة إلى تقديم الشاي لهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Skolimowska
يتعرف الزوار على الإسلام أكثر ابتداء من اتباع بعض القواعد البسيطة المتبعة في المساجد، حيث يخلعون أحذيتهم قبل الدخول إلى مكان الصلاة، كما يشاهدون كيف يتوضأ المسلمون. ويقوم المسجد المركزي في كولونيا بتوضيح بعض الطقوس والقواعد للزوار في يوم المسجد المفتوح.
صورة من: picture-alliance/dpa/U. Baumgarten
المسجد الأزرق في هامبورغ، الذي أخذ اسمه من المسجد الأزرق في إسطنبول، لا يقع على البوسفور، بل على نهر ألستر! وهو رابع أكبر مسجد في ألمانيا. في العام الماضي وفي يوم المسجد المفتوح، رسم الفنان حسن روح العالمين "مذبحة كربلاء"، ذات الأهمية الكبيرة في المذهب الشيعي.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Scholz
أبواب المساجد لا تفتح في يوم المسجد المفتوح فقط، وإنما هناك فرصة لتبادل الزيارات في يوم الكاثوليك أيضاً، كما في مسجد يافوز السلطان سليم بمانهايم، حيث قامت الراهبات وطالبات الدين من كنيسة مريم العذراء المقابلة للمسجد بجولة تعرفن فيها على الإسلام بشكل أقرب.
صورة من: picture-alliance/dpa
يحصل الناس أحياناً على بعض الهدايا الرمزية في هذا اليوم، كالصبي الصغير الذي يظهر في الصورة، والذي حصل على مَسبَحة في يوم المسجد المفتوح في منطقة بونامس بفرانكفورت.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Rumpenhorst
ويتيح يوم المسجد المفتوح للزوار مشاهدة المصلين عند تأدية الصلاة ولو لمرة واحدة. ورغم أنه لا يمكن للزوار دخول مكان الصلاة إلا أنهم يمكن أن يتابعوا الصلاة من أماكن تطل عليها، كما يظهر في الصورة.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Hanschke
وبعد الجولة في يوم المسجد المفتوح، يمكن للزوار أن يستمتعوا بوجبات من جميع أنحاء العالم. وقد قدم مسجد شهيتليك (جامع الشهادة) في حي نويكولن ببرلين تشكيلة واسعة من الأطباق لزواره خلال السنوات الماضية.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Hanschke
مسجد فضل عمر في هامبورغ والذي تم افتتاحه عام 1957 لديه شيء للجميع في يوم المسجد المفتوح، حيث تقام فيه ورشات عمل للرسم والخط العربي، بالإضافة إلى معرض يمكن فيه القيام بـ"رحلة عبر الزمن الإسلامي". كما يقدم الرعاية للأطفال، ومشروبات منعشة لراكبي الدراجات خلال استراحتهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/Daniel Reinhardt
وفي مدينة دريسدن أيضاً تدعو المساجد الناس للتعرف على الإسلام وإلى التبادل الثقافي. وقد أطلق مسجد المصطفى في المدينة برنامجاً يتم فيه تقديم القهوة للزوار إضافة إلى محاضرات توضيحية عن الإسلام.
هيلينا فايزه/ محي الدين حسين