المسيحيون الأرثوذكس يحيون عيد الفصح في منازلهم بسبب كورونا
١٩ أبريل ٢٠٢٠
بعد أسبوع من عيد الفصح لدى الكاثوليك والبروتستانت، يحتفل العالم الأرثوذكسي بالفصح في ظروف استثنائية. إذ يحيي أكثر من 260 مليون مسيحي أرثوذكسي في دول عدة عيد الفصح في منازلهم بهدف الحد من تفشي فيروس كورونا المستجد.
إعلان
بما أن الحاجة هي أم الابتكار، فإن الكثيرين من المسيحيين الأرثودكس تابعوا مراسم إحياء عيد الفصح على الإنترنت أو التلفزيون، فيما تجاهل البعض مخاطر الفيروس وحضروا المراسم الكنسية في أهم أعياد التقويم الأرثوذكسي. ففي جورجيا شارك بضع مئات من الأشخاص في قداس منتصف الليل في كاتدرائية الثالوث المقدس في تبيليسي بعد أن سمحت الحكومة بالحضور الشعبي رغم إجراءات حظر تجول ليلي لاحتواء الفيروس.
وقالت لامارا جفانيا البالغة 58 عاما لوكالة فرانس برس "كان بإمكاني البقاء في المنزل ومتابعة المراسم على التلفاز لكن فقط هنا في هذه الكنيسة المقدسة يمكنني أن أجد راحة حقيقية".
ويحتفل المسيحيون الأرثودكس، ثالث أكبر طائفة مسيحية في العالم، بعيد الفصح هذا العام بعد أسبوع على احتفال الكاثوليك والبروتستانت الذين يتبعون تقويما مختلفا بالعيد. وجرت مراسم عيد الفصح للكاثوليك الأسبوع الماضي في كنائس فارغة ووجه البابا فرنسيس رسالته التقليدية بالبث التدفقي من الفاتيكان في وقت باتت تجمعات الصلاة تمثل مخاطر كبيرة في ظل الوباء الذي فتك بأكثر من 160 ألف شخص في العالم.
وترأس البطريرك الروسي كيريل الذي تضم كنيسته 150 مليون مؤمن، مراسم في كنيسة المسيح المخلص في موسكو من دون حضور شعبي. وفي كلمة متلفزة ركز البطريرك على "المرض المروع الذي طال شعبنا" قائلا إن الكنيسة فارغة لكن "نحن مع بعض - عائلة كبيرة من المؤمنين الأرثوذكس".
ولم يحضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قداس الفصح، لكنه توجه إلى كنيسة صغيرة مقامة ضمن مجمع مقره قرب موسكو. وقال في رسالة بالفيديو جالسا قرب طاولة وضعت عليها حلوى العيد التقليدية "هذا العام يحل العيد مع قيود فرضت علينا. إنها ضرورية لمحاربة انتشار المرض".
وفي موسكو ومحيطها حيث تتركز معظم الإصابات بوباء كوفيد-19 في روسيا، أقامت الكنائس مراسم العيد خلف أبواب مغلقة تم بثها على الإنترنت أو التلفزيون. وحمل بعض المؤمنين الشموع وتابعوا المراسم من خلف أسوار الكنائس فيما أحيا الكهنة الزياح الذي يجري كل عام في باحاتها.
وبقيت المراسم مفتوحة في معظم أنحاء روسيا التي سجلت قرابة 36800 إصابة بالفيروس وأكثر من 300 وفاة. وفي معظم المنطقة الأرثوذكسية الأوسع، لم تفتح الكنائس أبوابها أمام العامة. وأمرت بطريركية القسطنطينية ومقرها إسطنبول بإجراء المراسم خلف أبواب مغلقة وبثها على الإنترنت.
والقرار نفسه اتخذ في قبرص واليونان وصربيا ومقدونيا الشمالية وكذلك في مصر حيث يشكل الأقباط الأرثوذكس ما بين 10 و15 بالمائة من عدد السكان.
البلدة القديمة في القدس الشرقية مقفرة
أما البلدة القديمة في القدس والتي عادة ما تكون مكتظة في الفصح الأرثوذكسي فكانت شبه مقفرة في عطلة نهاية الأسبوع وسط إجراءات الإغلاق الصارمة التي تفرضها السلطات الإسرائيلية. وأقيمت مراسم شعلة النور المقدس السنوية خلف أبواب مغلقة في كنيسة القيامة في القدس. ونقلت الشعلة في ما بعد إلى دول أرثوذكسية في مختلف أنحاء العالم. وطبقا للمعتقدات فإن كنيسة القيامة مبنية في الموقع الذي صُلب فيه المسيح ودُفن.
وفي رومانيا وفيما أغلقت الكنائس أبوابها، توجه المتطوعون ورجال الدين إلى منازل الأهالي لتوزيع أرغفة الخبز المكرس ونار الشعلة المقدسة. وفي بلغاريا سمحت الكنيسة الأرثوذكسية للجميع حضور المراسم، لكن اشترطت على المصلين وضع الكمامات والوقوف على بعد المسافة المحددة عن بعضهم البعض.
ورضخت جورجيا لضغوط السلطات الدينية وسمحت بإقامة المراسم في أكبر الكنائس رغم حظر تجول وإغلاق عام في الدولة المطلة على البحر الأسود والتي سجلت 385 إصابة مؤكدة.
وفي أوكرانيا برزت خلافات مشابهة في الآراء، إذ حض الرئيس فولوديمير زيلينسكي المواطنين على البقاء في منازلهم، فيما شجعت الكنيسة الأرثوذكسية الموالية لبطريركية موسكو المصلين على المشاركة في المراسم في الهواء الطلق. غير أن الكنيسة سجلت إصابة 93 شخصا في دير كييف-بيشيرسك التاريخي حيث قضى ثلاثة نساك بالفيروس.
وفي بيلاروسيا، الجمهورية السوفياتية السابقة البالغ عدد سكانها تسعة ملايين نسمة والتي سجلت عددا مرتفعا نسبيا من الإصابات، حض رئيس الكنيسة البيلاروسية المتروبوليت بافل المؤمنين على لزوم منازلهم قائلا إن "الطقوس ثانوية فيما حياة الإنسان أكثر قيمة بكثير".
وشارك في مراسم إحياء العيد هذا العام ثلث العدد الطبيعي من المؤمنين، لكن الرئيس الكسندر لوكاشنكو المشكك في مدى تفشي الوباء، أكد أنه سيحضر المراسم في الكنيسة الأحد قائلا "سأكون في الكنيسة. هذه عادتي".
م.ا.م/ أ.ح ( أ ف ب)
كيف يحتفل الألمان بعيد الفصح؟
هل ينمو البيض حقاً على الأشجار؟ في ألمانيا يحدث ذلك خلال عيد الفصح. ولماذا نرى الأرانب في عيد الفصح بألمانيا؟ هكذا يحتفل الألمان بعيد الفصح وها هي أهم الطقوس ومظاهر الاحتفال.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
يحتفل المسيحيون في جميع أنحاء العالم بعيد قيامة يسوع المسيح. يعرف هذا اليوم في ألمانيا بعيد الفصح، والاحتفال به يبدأ قبل أسبوع من تاريخ مصادفته. البداية من أحد الشعانين، والذي يحتفي بدخول السيد المسيح مدينة أورشليم "القدس". أما الأسبوع الذي يسبق عيد الفصح فيعرف بأسبوع الآلام.
صورة من: picture-alliance/dpa/Caroline Seidel
الجمعة العظيمة هو يوم صلب يسوع المسيح وهو عطلة رسمية في ألمانيا، كما هو يوم الاثنين بعد عيد الفصح، الذي يصادف دوماً يوم الأحد. في نهاية الأسبوع الطويلة هذه، لا يمكنك أن تتخيل أنك ستقضيها في النوادي الليلية، ذلك أن الاحتفالات الموسيقية ممنوعة في 12 ولاية ألمانية من الولايات الـ16 نهار يوم الجمعة العظيمة. أما في ثلاث ولايات أخرى، فيتم حظر الموسيقى الصاخبة فقط خلال ساعات معينة.
صورة من: Fotolia/Valery Sibrikov
استناداً إلى التقويم الميلادي، يُحتفل بعيد الفصح اعتماداً على دورات القمر، وذلك ما بين 22 مارس/ آذار و25 أبريل/ نيسان. الطلاب الألمان يحبون ذلك لأنهم يحظون بإجازة طويلة تمتد إلى أسبوعين وتسمى عطلة عيد الفصح.
صورة من: picture-alliance/dpa/Jens Wolf
يتزامن توقيت الاحتفال بعيد الفصح مع مهرجان الربيع الوثني المسمى "أوستارا"، تيمناً بإلهة الخصوبة الجرمانية القديمة. وبما أن الاحتفال يتزامن مع عيد الفصح - الذي يحتفل أيضاً بحياة جديدة -، تم تقاسم بعض الرمزية والطقوس بين الاحتفالين. هذا سبب وصول البيض الملون والأرنب إلى احتفالات عيد الفصح، والتي ترمز إلى الخصوبة.
صورة من: Colourbox/Kzenon
كان العالم الألماني جورج فرانكفون فرانكيناو أول من كتب عام 1682 عن تقليد الأرنب الأسطوري الذي يخبئ البيض في الحديقة للأطفال حتى يجدوها. وكان التقليد يُمارس في المناطق الوسطى والجنوبية الغربية الألمانية، بما في ذلك الألزاس وبالاتينات. ومنذ ذلك الوقت، بات هذا التقليد إلى اليوم المفضل لدى الأطفال، الذين يحاولون كل عام العثور على البيض الذي تركوه في العام الماضي.
صورة من: Colourbox/Kzenon
كما يعلم كل طفل، فإن الأرانب لا تبيض، بل إنه ينمو على الأشجار! هذه ليست مزحة، إذ يتم تزيين الأشجار خارج المنزل أو الشجيرات داخل المنزل بالبيض الملون، على غرار شجرة عيد الميلاد، ولكن بالبيض. هكذا يحتفل الأطفال والكبار بعيد الفصح منذ قرون. وفي كثير من الأحيان، تزين الأشجار الداخلية ببيض مصنوع من الخزف مزينة بشكل متقن. التقليد يضم رمزين من رموز الحياة : البيض والشجر.
صورة من: Imago
الشوكولاته لا ترمز إلى الحياة أو الربيع أو الخصوبة، ولكنها مع ذلك لا يمكن فصلها عن عيد الفصح. يتم إنتاج أكثر من 200 مليون أرنب شوكولاتة في ألمانيا كل عام، ويتم تصدير حوالي 40 في المائة منها إلى الخارج. "ليندت" (في الصورة) هي شركة سويسرية، ولكن لديها مصنع في مدينة آخن غرب ألمانيا، وهي واحدة من العلامات التجارية الأكثر شيوعاً التي تنتج هذا الأرنب.
صورة من: picture-alliance/dpa
في حين أن البيض كرمز للحياة يعود إلى روما القديمة، فإن رمزية لحم الضأن أقدم من ذلك بكثير. صورة الضأن الذبيحة تشير إلى قيامة المسيح في ألمانيا، والضأن ليس مجرد وجبة رئيسية في عيد الفصح و إنما أيضاً الحملان المصنوعة من الحلوى والشوكولاتة والكعك بالسكر هي أيضاً حاضرة في عيد الفصح.
صورة من: Fotolia/A_Lein
الهدية المتخمة بالسعرات الحرارية من الحلوى والشوكولاتة هي الأكثر شعبية في عيد الفصح في ألمانيا، إذ وفقاً لاستطلاع عام 2015 فإن 62 في المائة يتهادون بين بعضهم بالحلويات في عيد الفصح، في حين أن 38 في المائة يتهادون بالبيض. ومع ذلك، فإن ما يقرب من النصف (45 في المائة) يشترون أشياء صغيرة مثل الألعاب أو الكتب لأحبائهم، وخاصة الأطفال. لكن لا يشارك الجميع في تجارة عيد الفصح، لأن 22 في المائة لا يهدون.
صورة من: st-fotograf - Fotolia.com
وفقاً لتقاليد ساكسونية قديمة، تشعل النيران في ألمانيا وأماكن أخرى في شمال أوروبا في عيد الفصح يوم السبت أو الأحد. وكان ذلك في طقوس استقبال الربيع قبل المسيحية. ومن المرجح أن النيران تشعل كرمز لطرد الشتاء. أما في شمال ألمانيا، فتضاء نيران عيد الفصح من قبل موظفين رسميين وفي أماكن مخصصة يمكن أن تتحول إلى مهرجانات صغيرة. وتظل النيران مشتعلة طوال الليل.