1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المسيحيون في سوريا.. قلق وتخوف بعد هجوم كنيسة مار الياس

كيرستن كنيب | عمر البم | ماجدة بوعزة
٢٥ يونيو ٢٠٢٥

جاءت ردود الفعل على الهجوم الإرهابي على كنيسة مار الياس في دمشق متوافقة، فالكل أدانه واعتبره تربصا بعملية التحول وبناء سوريا الجديدة. لكن ما الذي يقلق المسيحيين في سوريا اليوم؟ وكيف يرون تفاعل حكومتهم مع الهجوم؟

مواطنون ورجال إنقاذ يتفقدون الخسائر في كنيسة مار الياس في دمشق بعد الهجوم الإرهابي 22.06.2025
أسفر الهجوم عن مقتل 25 شخصا وإصابة 63 آخرين ونشر الخوف والقلق بين المسيحيينصورة من: Bakr AlkaseM/AFP

أصدرت وزارة الخارجية السورية بيانا رسيما عقب الهجوم على كنيسة مار إلياس في دمشق مباشرة، وذكرت الوزارة في بيانها أن الهجوم "محاولة يائسة لضرب التعايش الوطني". وأكدت الخارجية أن "العمل الإجرامي الذي استهدف أبناء الطائفة المسيحية محاولة يائسة لضرب التعايش الوطني وزعزعة الاستقرار"، معتبرة إياه بمثابة "اعتداء على كامل الهوية السورية الجامعة".

,حمّلت وزارة الداخلية تنظيم داعش الإرهابي مسؤولية الهجوم على كنيسة مار إلياس بدمشق، وأعلنت عن مقتل 25 شخصًا وجُرح 63 آخرين في الهجوم.

مسيحيو سوريا.. خوف وتمسك بالبلد

الأب فادي غطاس، كاهن في كنيسة مار إلياس، روى في تصريح لـ DW عربية ما حدث قائلا: "كنا نصلي في أمان، فدخل علينا شخص وأطلق النار فجأة، تصدى له الشباب ليخرجوه، لكن حين وصل إلى باب الكنيسة، فجر نفسه".

وبالنسبة للأب أنطونيوس رأفت أبو النصر، رئيس ومرشد شبيبة ومكتب شبيبة أبرشية دمشق وريفها، فإن "المسيحيين تعبوا وتحملوا الكثير منذ أكثر من 15 سنة، نريد أن نتمسك بأرضنا، لكنها تلفظنا خارجا".

 

وأضاف المتحدث أن "الخطابات والردود التي تصل مخزية للأسف، لا تعبر عن الثقافة السورية. ليس هناك سوري بمنأى عن الخوف المنتشر من قلة الأمن". وأوضح أنه "قد تم تعليق الصلوات خوفا على سلامة الناس"، مشددا على أن "سوريا في حاجة للأمان، ليس لنا مكان نلجأ إليه، فكل الدول الأوروبية أوصدت الأبواب في وجهنا".

بعد الهجوم، يتساءل المسيحيون في سوريا عما إذا كان بإمكانهم البقاء في البلاد في أمانصورة من: SANA/AP Photo/picture alliance

ردود فعل منددة بتفاعل الحكومة

إدانة وزارة الداخلية ووعودها بتقصي الحقائق حول الحادث، لم تقنع الكثير من الأصوات من الطائفة المسيحية السورية، ومن بينهم القس ميتالوس شطاح، الذي صرح لـ DW عربية قائلا "رغم أن هذه الهجمات تبقى تصرفات فردية، إلا أن دولتنا لم تكن تحمينا، وهو ما أعطانا انطباعا بأنها أصبحت تصرفات مؤسساتية".

وبالنسبة للصحفي السوري نضال معلوف، رئيس تحرير موقع سيريا نيوز، المستقر في تركيا، "فإن الوضع الأمني الهش في سوريا كان يشير إلى أن شيئا ما سيحدث، وذلك بسبب غياب مؤسسات الدولة التي يمكن أن تعزز الاستقرار لمنع مثل هذه الحوادث".

نضال معلوف قارن أيضا بين صياغة السلطات لبيان إدانة العمل الإرهابي في الكنيسة الذي "لم تتم صياغته بالطريقة نفسها كما يصف بلاغهم أحداث تفجير في منبج السورية شهر فبراير/ شباط الماضي، حيث تمت تسمية الضحايا بالشهداء وتم الترحم عليهم".

وأوضح المتحدث أن "ما يريده السوريون جميعا هو تعزيز قوة الدولة السورية بالتفاهم مع كل المكونات، ومشاركة جميع القوى السياسية ومكونات المجتمع السوري في السلطة، هذا ما سيكون أساس استقرار سوريا".

هجوم ضد العملية الانتقالية برمتها

يقول ميشائل باور، مدير مكتب مؤسسة كونراد أديناور في بيروت، إن الهجوم له أبعاد سياسية، موضحا أن سوريا شهدت خلال الأشهر الأخيرة حوادث عنف متكررة ضد الأقليات الدينية، كالعلويين والدروز. و"الهجوم الأخير، على فظاعته، لا يستهدف المسيحيين فحسب، بل يستهدف النسيج الاجتماعي للبلاد بأسرها، بالإضافة إلى العملية الانتقالية. ويُراد من هجمات كهذه أن تُزعزع استقرارها".

كثير من المسيحيين السوريين عبروا عن قلقهم في حديثهم لـ DW، إذ قالت سيدرا، وهي مسيحية سورية تبلغ من العمر 21 عاما، إن والدتها حضرت القداس، وأنها كانت محظوظة إذ لم تُصب إلا بجروح طفيفة. وأضافت: "لكن صديقتي توفيت في الهجوم". وأضافت سيدرا: "على السلطات السورية أن تتدخل الآن. يجب على الحكومة السورية ضمان أمننا. لأنه بدونها، قد لا نتمكن نحن المسيحيون من العيش هنا بعد الآن".

ويقول باور إن "الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، تُدرك على الأرجح أن البلاد بحاجة إلى عملية تحول جذري تشمل جميع فئات السكان. لكن لا بد من الافتراض أن القوات الحكومية تضم أيضا مقاتلين سابقين من الميليشيات الجهادية لا يتفقون مع هذا التطور، وهذا تحدٍّ كبير".

يتورط مقاتلون أجانب متطرفون في أعمال عنف ضد الأقليات السورية، وتجد الحكومة صعوبة بالغة في السيطرة عليهم بسبب نقص التمويل. ووفقا لتقديرات وكالة المعلومات الاقتصادية الألمانية للتجارة والاستثمار (GTAI)، سينكمش الاقتصاد السوري مجددا في عام 2025 للعام الثالث على التوالي، مما يُصعّب تطوير قوات أمنية موثوقة.

ميشائيل بارو: الهجوم لا يستهدف المسيحيين فحسب، بل يستهدف النسيج الاجتماعي للبلاد بأسرها، ويُراد من هجمات كهذه أن تُزعزع استقرارها.صورة من: Bakr AlkaseM/AFP

نوال، البالغة من العمر 58 عاما، أصيبت أيضا في هجوم الأحد. ترى أن "الهجوم يعكس أيديولوجية، وإن كانت موجهة ضد المسيحيين، إلا أنها تمتد في نهاية المطاف إلى أبعد من ذلك بكثير". وتقول: "نحن شعب واحد، مسيحيون ومسلمون، وأبناء جميع الأديان والطوائف. من ارتكب هذا الفعل، هذه المرة أصاب المسيحيين، لكنه غدا سيصيب أي سوري آخر".

سوريا.. بلد المسيحيين أيضا

جدير بالذكر أن السوريين المسيحيين ينتشرون في كل مناطق البلاد، كانوا يمثلون حوالي سبعة بالمائة من السكان قبل اندلاع الحرب عام 2011، وفقا لتقرير صادر عن وكالة أنباء الفاتيكان. لكنهم الآن لا يتجاوزون اثنين في المائة، نصفهم من الروم الأرثودوكس، بينما تشكل سائر الطوائف الأخرى النصف الآخر، ومثل كثيرين من مواطنيهم، غادر العديد من المسيحيين سوريا أيضا.

يقول ميشائل باور، مدير مكتب مؤسسة كونراد أديناور في بيروت "من حيث المبدأ، يعيش المسيحيون السوريون في علاقة منسجمة مع الطوائف الأخرى في البلاد. فبينما توجد بعض الأحياء ذات الأغلبية المسيحية في دمشق، كما توجد بعض القرى ذات الأغلبية المسيحية في الريف، إلا أنه في الوقت نفسه، يتواجد المسيحيون في مناطق مختلفة من البلاد".

تأمل سيدرا، البالغة من العمر 21 عاما، أن تبقى سوريا "بلد المسيحيين أيضا، وسنبقى فيها ما دامت خالية من الاستفزازات الطائفية والإساءة للأديان الأخرى".

ووفقا لتقارير إعلامية، أدان رؤساء دول وحكومات العديد من الدول العربية الهجوم أيضا، من بينهم الرئيس اللبناني جوزيف عون الذي دعا إلى "اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الهجمات وحماية أماكن العبادة ومؤمنيها وجميع المواطنين السوريين، بغض النظر عن انتماءاتهم"، وأكد أن وحدة الشعب السوري هي أساس منع الاضطرابات.

تحرير: عارف جابو

كيرستن كنيب محرر سياسي يركز على شؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW