المعارضة التركية تتحدى أردوغان بمطلب انتخابات مبكرة
٦ أبريل ٢٠٢٥
دعا حزب الشعب الجمهوري المعارض إلى إجراء انتخابات مبكرة في تركيا في "موعد لا يتجاوز نوفمبر/تشرين الثاني" في تحدي مباشر للرئيس رجب طيب أردوغان على وقع الاحتجاجات المنددة بتوقيف رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو.
طالب زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل بإجراء انتخابات مبكرة "في موعد لا يتجاوز تشرين الثاني/نوفمبر".صورة من: ANKA
إعلان
طالب زعيم أبرز حزب معارض في تركيا الأحد (الخامس من أبريل/نيسان 2025) بإجراء انتخابات مبكرة "في موعد لا يتجاوز نوفمبر/تشرين الثاني"، بعد عشرة أيام من الاحتجاجات على خلفية توقيف رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو.
وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل متوجها إلى الرئيس رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر استثنائي لحزبه المعارض في أنقرة، "ستواجهون مرشحنا... ندعوكم للاحتكام مجددا إلى إرادة الشعب... نحن نتحداكم. نريد مرشحنا إلى جانبنا وصناديق الاقتراع أمامنا".
وفي المؤتمر الاستثنائي الذي نظّمه الحزب في أنقرة لانتخاب زعيمه، كان أوزيل المرشح الأوحد ونال 1171 صوتا من أصل 1276.
وانعقد المؤتمر الاستثنائي بعد أن قال حزب الشعب الجمهوري إن السلطات تسعى إلى تعيين مسؤول لإدارة الحزب في أعقاب تحقيق أجراه الادعاء العام في مخالفات مزعومة حول مؤتمر الحزب عام 2023.
وبدأت الاحتجاجات في 19 مارس/ آذار الماضي عندما ألقت السلطات القبض على إمام أوغلو، عضو حزب الشعب الجمهوري، بتهم فساد. ويقول محتجون وأحزاب معارضة وزعماء أوروبيون وجماعات حقوقية إن الإجراءات بحق رئيس البلدية مسيسة ومعادية للديمقراطية.
وتنفي الحكومة أي نفوذ لها على السلطة القضائية، وتقول إن المحاكم مستقلة.
مازالت تشهد تركيا مظاهرات منذ اعتقال أكرم إمام أوغلو في 19 مارس/ آذار الماضي.صورة من: Francisco Seco/AP Photo/picture alliance
وعبر التجمّعات الحاشدة وتعزيز مكانة زعيمه، يأمل الحزب التصدي لضغوط سياسية وقضائية جديدة، بعد إقالة سبعة رؤساء بلديات منتمين اليه، بينهم أكرم إمام أوغلو في 19 مارس/آذار الماضي.
وندّد حزب الشعب الجمهوري بالاعتقالات؛ حيث قاد تظاهرات شارك فيها عشرات الآلاف من الأتراك في إسطنبول والعديد من المدن الأخرى في الأيام التي أعقبت توقيف إمام أوغلو الذي تم اختياره مرشحا للحزب في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وتم توقيف نحو 1900 شخص، بينهم طلاب وصحافيون، منذ بدأت التحركات الاحتجاجية.
دعت المعارضة إلى مقاطعة السلع والخدمات من الشركات التي يُعتقد أنها مرتبطة بحكومة أردوغان.صورة من: Louisa Gouliamaki/REUTERS
"إظهار القوة"
وفي أواخر مارس/آذار الماضي، قال أردوغان "عندما سيتم القبض على كبار المسؤولين لن يتجرأوا حتى على النظر إلى أحبائهم ناهيك إلى الأمة"، مشيرا إلى أن تحقيقات جديدة في الفساد قد تشمل أسماء في حزب الشعب الجمهوري.
إعلان
وتقول وسائل إعلام تركية معارضة إن السلطات تسعى إلى إزاحة قادة حزب الشعب الجمهوري من المشهد السياسي، بعد عام على فوز كبير حقّقته المعارضة في الانتخابات البلدية.
وقال صافي كارايالجين، نائب حزب الشعب الجمهوري عن اسطنبول في تصريح لوكالة فرانس برس، إن "هذا المؤتمر هو مناسبة لإظهار تضامننا مع رئيس بلدية إسطنبول والطلاب المعتقلين".
من جهته، قال النائب عن دياربكر (جنوب-شرق) مصطفى أرسلان إن "رئيس بلدية إسطنبول أودع السجن ظلما، على غرار كل رؤساء البلديات وأعضاء المجالس البلدية الآخرين المعتقلين. لا عدالة في تركيا".
وفي مقابلة مع فرانس برس، قال خبير التواصل السياسي إيرين أكسوي أوغلو إن المؤتمر يشكّل بالنسبة للحزب مناسبة "لإظهار القوة" عبر حشد المناصرين في أنقرة.
ومن المقرر إجراء انتخابات عامة في 2028. وإذا أراد أردوغان الترشح مجددا، سيتعين الحصول على موافقة البرلمان لإجراء انتخابات مبكرة إذ سيكون الرئيس قد بلغ أقصى صلاحياته بحلول ذلك التاريخ.
ويتقدم إمام أوغلو على أردوغان في بعض استطلاعات الرأي.
وخلال تصويت داخلي بحزب الشعب الجمهوري في 23 مارس/آذار الماضي، أيد ما يقرب من 15 مليون عضو بالحزب ترشيح إمام أوغلو للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وكان حزب الشعب الجمهوري قد تصدر نتائج الانتخابات البلدية العام الماضي بحصوله على 37,8% من مجموع الأصوات في أنحاء البلاد، وفاز بالإضافة إلى المدن الكبرى مثل اسطنبول وأنقرة، في معاقل لحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه إردوغان.
م ف/ع.ش (أ ف ب، د ب أ)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP