المعارضة السورية: مناخ محادثات جنيف لا يدعو للتفاؤل
٢٦ فبراير ٢٠١٧
قال المتحدث الإعلامي باسم وفد المعارضة السورية إلى مفاوضات جنيف وائل علوان إن المناخ في "محادثات جنيف - 4" لا يدعو بشكل عام للتفاؤل، و شدد على أن المعارضة تصر على أنه "لا يمكن أن يكون هناك دور للمجرمين في مستقبل سوريا".
إعلان
وقال وائل علوان في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) "لا يمكن أن نقبل ببقاء (الرئيس السوري) بشار الأسد، ونحن لا نتكلم عن شخص وإنما عن نظام وفروع أمنية، فهذه الفروع الأمنية ارتكبت جرائم ومجازر، وحكمت سوريا بطريقة مستبدة طوال أربعين عاما. والشعب السوري خرج في ثورة من أجل الحرية والديمقراطية، ولا يمكن أن يبقى رئيس مستبد إلى الأبد".
وأضاف: "عندما يُطرح علينا موضوع الانتخابات ومدى القبول بمشاركة الأسد فيها، نجيب بسؤال: هل يُسمح في أي مكان بأن يشارك في الانتخابات شخص مدان بجرائم حرب؟". وقال :"في الأسابيع القليلة الماضية ظهر تقرير المعتقلين في سجن صيدنايا، هذا التقرير وحده كافٍ لإدانة بشار الأسد بأنه مجرم حرب، أضف إلى ذلك حصار المدنيين، قصف المدنيين بالبراميل، استخدام السلاح الكيمياوي المحرم دوليا (..)".
وحول رؤية المعارضة لمحادثات جنيف، قال إن "المناخ لا يدعو للتفاؤل". وأرجع هذا إلى أن "إعلان وقف إطلاق النار ومن بعده محادثات أستانة، لم تُترجم على الأرض، ولو كانت هذه المحادثات تُرجمت على الأرض بالفعل لكان هناك مناخ جيد جدا للبدء بعملية سياسية انتقالية". وأضاف علوان، وهو أيضا ناطق بلسان "فيلق الرحمن" :"لا نشعر أن نظام الأسد والوفد الموجود هنا جادون في البدء بنقاش العملية الانتقالية، ولا تزال تصريحاته تدل على أنه ممعن في الحل العسكري ولا يقبل الانتقال السياسي". وعن رؤيته للوضع العسكري للفصائل المعارضة على الأرض، قال إن "التقدم العسكري الذي ظهر لقوات النظام هو بسبب الدعم الروسي الكبير، ونحن ندرك أن روسيا لا تستطيع أن تستمر لوقت طويل في هذا الإمداد العسكري ".
واتهم روسيا بأنها "لم تستطع أن تكون ضامنة لوقف إطلاق النار، فهي لا تزال مؤيدة بشكل كبير جدا لنظام الأسد، وحاولت أن تضيّع جنيف 4 بموضوع المنصات، وهذه الأزمة للأسف استطاعت أن تضغط على (المبعوث الأممي ستافان) دي ميستورا وأن يستجيب لها". وقال "نعتقد أن هناك استنزافا لروسيا في سورية، ونحن نسمع من أصدقائنا من المواطنين الروس أن هناك تأثيرا كبيرا على الحياة الاجتماعية بسبب الحرب، من استنزاف اقتصادي واستنزاف عسكري، هناك قتلى، ومع ذلك أنا أقول إن موسكو لن تتخذ قرارا بالتخلي عن الأسد حتى تضمن مصالحها أيضا ... وأعتقد أن موسكو ستطمح إلى الوصول إلى اتفاق يضمن مصالحها بدل أن تضمن مصالحها بالقوة وبالمعارك لأن هذا سيكلفها كثيرا". واتهم الحكومة السورية بأنها الداعم والمستفيد الأكبر من تفشي الجماعات المتطرفة في سوريا، وقال: "أثبتت الكثير من التقارير أن هناك تواصلا دائما بين نظام الأسد والفصائل المتطرفة وأهمها تنظيم داعش ... تكون الجبهات مع داعش هادئة، وعندما يبدأ الثوار معارك ضد النظام، تتحرك جبهات داعش، إذن هناك ارتباط دائم ما بين حركة النظام وحركة داعش".
وأضاف "وجود داعش اليوم هو سبب يتمسك به النظام لتأكيد شرعية وجوده ... يقول البعض إن بشار الأسد يكافح الإرهاب، ونحن نؤكد دائما أن نظام الأسد يستثمر في الإرهاب ويستغل الإرهاب للقضاء على الثوار وعلى الشعب". وحول مدى جاهزية الفصائل لمواجهة جبهة النصرة، قال :"نحن دائما نركز على السبب الأساسي لوجود التطرف وليس على مظاهر التطرف، لا بد من التركيز على سبب المشكلة، سبب المشكلة هو وجود الاستبداد، والتطرف لا يقوم إلا في بيئة الاستبداد، لذلك إذا أنت قاتلت اليوم فصيلا متطرفا ثم فصيلا متطرفا، سيظهر غيره وغيره، لأن السبب الأساسي موجود وهو الاستبداد. وعندما نضمن مستقبل سوريا، لن تكون هناك بيئة لنمو الإرهاب، وعندها يسهل القضاء على الإرهاب".
ح.ز/ ط.أ (د.ب.أ)
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري