المعارضة المسلحة تكثف هجومها في غرب حلب عشية هدنة قصيرة
٣ نوفمبر ٢٠١٦
صعدت فصائل المعارضة السورية الخميس هجومها الذي بدأته قبل أسبوع على الأحياء الغربية في حلب، وأطلقت عشرات القذائف التي قتل جراءها 12 مدنيا، وذلك عشية هدنة من عشر ساعات أعلنتها موسكو من جانب واحد.
إعلان
قالت وسائل إعلام رسمية والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن مقاتلي المعارضة السورية كثفوا اليوم الخميس (الثالث من تشرين ثان/ نوفمبر) هجوما بدأ قبل أسبوع على مناطق تسيطر عليها قوات الحكومة في مدينة حلب بتفجير ثلاث سيارات ملغومة وإطلاق قذائف قتلت ما لا يقل عن 12 مدنيا.
وقال المرصد السوري ومقاتلون بالمعارضة إن فصائل من المعارضة المسلحة فجرت ثلاث سيارات ملغومة كبيرة قرب قوات موالية للحكومة في الطرف الغربي لحلب بينما تحاول تنشيط هجوم لم يحقق تقدما يذكر منذ أن سيطرت على معظم ضاحية الأسد يوم الجمعة.
وقال مسؤول طبي في القطاع الذي تسيطر عليه الحكومة في حلب إن ثمانية أشخاص نقلوا إلى مستشفيات مصابين بصعوبات في التنفس يعتقد أنها ناتجة عن هجوم بغاز سام. ولم يتسن التأكد من هذا من مصدر مستقل.
وتدور منذ 28 تشرين الأول/ أكتوبر اشتباكات عند أطراف الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام في حلب اثر هجوم شنته فصائل مقاتلة بينها مجموعات إسلامية و"جهادية" (جبهة فتح الشام، جبهة النصرة سابقا قبل إعلان فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، وحركة أحرار الشام).
وتراجعت حدة المعارك خلال الأيام الماضية لتتصاعد مجددا صباح الخميس مع إطلاق الفصائل "مرحلة جديدة" من الهجوم الهادف إلى فك حصار تفرضه قوات النظام منذ أكثر من ثلاثة أشهر على الأحياء الشرقية.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان من جهته عن ارتفاع عدد القتلى إلى "15 مدنيا، بينهم أربعة أطفال"، وكان أفاد في وقت سابق عن 14 قتيلا. ومنذ بدء هجومها أطلقت الفصائل مئات القذائف والصواريخ على الأحياء الغربية ما أسفر حتى الآن عن مقتل حوالي 69 مدنيا، وفق حصيلة للمرصد السوري.
وتأتي التطورات العسكرية الأخيرة عشية هدنة أعلن عنها الجيش الروسي من جانب واحد في حلب لمدة عشر ساعات تبدأ وفق الجيش السوري عند الساعة التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي (7,00 ت غ).
وبعيدا عن جبهة حلب، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، وأبرز مكوناتها وحدات حماية الشعب الكردية، أنها ستقود عملية استعادة مدينة الرقة. وقال المتحدث باسم هذه القوات طلال سلو في مؤتمر صحافي في مدينة الحسكة (شمال شرق) "سنشهد حملة بقيادة قوات سوريا الديمقراطية لمدينة الرقة المحتلة من تنظيم داعش الإرهابي، إلا إن الوقت لم يحدد بعد". وأكد سلو ردا على سؤال حول مشاركة تركيا في العملية، "تم حسم الموضوع مع التحالف بشكل نهائي (...) لا مشاركة لتركيا".
يذكر أن تركيا التي تعتبر وحدات حماية الشعب منظمة "ارهابية"، أعلنت مرارا نيتها المشاركة في عملية تحرير الرقة دون مشاركة الأكراد.
ح.ع.ح/ص.ش(أ.ف.ب/رويترز)
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري