المعارضة تبدأ بسحب الأسلحة الثقيلة في إدلب وفقا لاتفاق سوتشي
٦ أكتوبر ٢٠١٨
أعلن متحدث باسم الجبهة الوطنية للتحرير الشروع في سحب السلاح الثقيل من المنطقة منزوعة السلاح في إدلب وفقا للاتفاق التركي الروسي. كما توصلت الجبهة وهيئة تحرير الشام إلى اتفاق مصالحة يقضي بوقف الاقتتال بينهما في ريف حلب.
إعلان
قال مسؤولان في المعارضة السورية المدعومة من تركيا لرويترز إن جماعات المعارضة المسلحة بدأت صباح اليوم السبت (6 أكتوبر/ تشرين الأول 2018) في سحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب، التي تم الاتفاق عليها بين روسيا وتركيا.
وقال قيادي في المعارضة المسلحة لرويترز "عملية سحب السلاح الثقيل بدأت صباح اليوم وستستمر عدة أيام". وأشار إلى أن تحالف الجبهة الوطنية للتحرير المدعوم من تركيا سيسحب الأسلحة الثقيلة مثل "قاذفات الصواريخ والمدافع الميدانية والعربات المدفعية ... من خطوط التماس مع قوات نظام الأسد" لتكون على بعد 20 كيلومترا. وأضاف القيادي "تبقى الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والرشاشات الثقيلة حتى عيار 57 ملليمتر في أماكنها".
وأعلن المتحدث باسم الجبهة الوطنية للتحرير، وهي تجمع الفصائل المسلحة الأبرز في منطقة إدلب، سحب السلاح الثقيل من المناطق التي تم الاتفاق عليها بين روسيا وتركيا. وقال المتحدث ناجي مصطفى لفرانس برس إن "الجبهة الوطنية قامت بسحب السلاح الثقيل من المنطقة منزوعة السلاح إلى الخلف، وإبقاء نقاط الرباط في مكانها، والمقرات في مكانها مع الأسلحة المتوسطة والرشاشات المتوسطة والسلاح الخفيف، وتوضع القوات على الخطوط الأمامية".
وبموجب الاتفاق المبرم الشهر الماضي بين تركيا وموسكو حليفة الرئيس السوري بشار الأسد يتعين على مقاتلي المعارضة الانسحاب من المنطقة منزوعة السلاح بحلول منتصف هذا الشهر. وأوقف هذا الاتفاق شن هجوم من الحكومة السورية على المنطقة. وحذرت الأمم المتحدة من أن مثل هذا الهجوم سيتسبب في كارثة إنسانية في منطقة إدلب التي يقطنها نحو ثلاثة ملايين نسمة.
إدلب قبل البدء بتطبيق اتفاق سوتشي..غموض وارتباك وخلافات
23:20
مصالحة بخصوص حلب
ولم تعلن بعد "هيئة تحرير الشام"، الجماعة المتشددة الرئيسية في إدلب، ما إذا كانت ستلتزم بالاتفاق أم لا، فالهيئة لم تعلن بعد موقفا واضحا من الاتفاق ومن الانسحاب من المناطق المنزوعة السلاح. كما أن مجموعة "حراس الدين" الجهادية الصغيرة أعلنت معارضتها للاتفاق الروسي التركي.
لكن هيئة تحرير الشام والجبهة الوطنية للتحرير ممثلة في "حركة نور الدين الزنكي" توصلتا إلى اتفاق اليوم السبت يقضي بوقف الاقتتال بين الطرفين في ريف محافظة حلب شمالي سوريا. وينص الاتفاق الذي حصلت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) على نسخة منه على "سحب المظاهر العسكرية وعودة الحياة المدنية إلى ريف حلب الغربي ( كفر حلب - ميزناز - المشتل) مناطق انتشار الهيئة والزنكي وعلى إخلاء سبيل الموقوفين لدى الطرفين فوراً على خلفية الأحداث الأخيرة ". ووقع الاتفاق الذي كتب بخط اليد كلاً من حسن صوفان كممثل عن حركة نور الدين الزنكي ومظهر الويس كممثل عن هيئة تحرير الشام .
ص.ش/ع.ج (رويترز، ا ف ب، د ب أ)
إدلب الخضراء.. طبول الحرب تقرع في "أرض مملكة إيبلا"
ترتفع الأصوات الدولية التي تحذّر النظام السوري من إعادة استخدام الأسلحة الكيميائية في محافظة إدلب، مع سعي النظام للسيطرة على المعقل الرئيسيّ لفصائل المعارضة. فما هي الأهمية الاستراتيجية والتاريخية لإدلب؟
صورة من: picture-alliance/AP
أهمية استراتيجية
تعتبر محافظة إدلب في شمال غربي سوريا آخر المعاقل الرئيسية لفصائل المعارضة، وتتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة فهي من جهة محاذية لتركيا الداعمة للمعارضة، ولمحافظة اللاذقية، معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد من جهة ثانية. كما أن مدينة إدلب (مركز المحافظة) لا تبعد عن طريق حلب - دمشق الدولي سوى 20 كليومتراً.
صورة من: AP
إدلب الخضراء
قبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا كان غالبية سكان إدلب يعتمدون على الزراعة وخصوصاً الزيتون والقطن والقمح. وبسبب اشتهارها بزراعة الزيتون فقد كان يطلق عليها "إدلب الخضراء". كما أنها كانت سوقاً تجارياً واسعاً للمناطق المحيطة بها، بالإضافة إلى كونها أحد مراكز صناعة الصابون في سوريا.
صورة من: Colourbox
أرض مملكة إيبلا
وتعرف محافظة إدلب بكثرة متاحفها ومواقعها الأثرية التي تعود لحقب تاريخية قديمة، ومن أبرزها مدينة إيبلا الأثرية، إحدى أقدم الممالك في سوريا قبل الميلاد. قبل اندلاع النزاع في 2011، كان متحف إدلب يتميز باحتوائه على مجموعة قيمة من الرقم المسمارية، التي تروي عبر نصوص سياسية وأدبية تاريخ مملكة إيبلا. إلا أن المتحف الذي أُعيد افتتاحه هذا الشهر، لم يسلم خلال سنوات الحرب من القصف وأعمال السرقة والنهب.
صورة من: Daniel Leal-Olivas/AFP/Getty Images
معقل للمعارضة
انضمت محافظة إدلب سريعاً إلى ركب الاحتجاجات على النظام السوري التي اندلعت في آذار/ مارس 2011، والتي تحولت لاحقاً الى نزاع مسلح تعددت أطرافه. وفي آذار/ مارس 2015 سيطر "جيش الفتح"، وهو تحالف يضم فصائل إسلامية وجهادية بينها جبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة بسوريا) التي تحولت إلى "هيئة تحرير الشام" على كامل محافظة إدلب باستثناء بلدتي الفوعة وكفريا ذات الغالبية الشيعية.
صورة من: dapd
اقتتال داخليّ
بعد اقتتال داخلي بين الفصائل المتعددة في 2017، باتت هيئة تحرير الشام تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب مقابل تواجد محدود لفصائل أخرى أبرزها حركة أحرار الشام وحركة نور الدين زنكي. وفي 18 شباط/ فبراير 2018، أعلنت الحركتان المذكورتان اندماجهما تحت مسمى "جبهة تحرير سوريا" لتخوضا مجدداً معارك مع جهاديي هيئة تحرير الشام.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Nusra Front on Twitter
مليونان ونصف المليون
ومنذ سيطرة فصائل المعارضة عليها، وطوال سنوات، شكلت محافظة إدلب هدفاً للطائرات الحربية السورية والروسية، كما استهدف التحالف الدولي بقيادة واشنطن قياديين جهاديين فيها بشكل دوريّ. ويعيش في إدلب حالياً نحو 2,3 مليون شخص بينهم أكثر من مليون نزحوا من مناطق أخرى، مع أعداد كبيرة من المقاتلين الذين رفضوا إلقاء السلاح ولا سيما من الغوطة الشرقية التي خضعت لحصار طويل وهجمات عنيفة.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Khder
هجمات كيميائية
منذ 2014 تعرضت إدلب إلى عدة هجمات كيميائية، فبعد تأكيد لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أن قوات النظام استخدمت الغازات السامة في كل من بلدة تلمنس (21 نيسان/ ابريل 2014) وبلدتي سرمين وقميناس (آذار/ مارس 2015)، تعرضت مدينة خان شيخون لهجوم كيميائي في 2017، أدوى بحياة عشرات الأشخاص بينهم 30 طفلاً. واتهمت الأمم المتحدة النظام السوري بشن الهجوم، رغم نفي الأخير.
صورة من: Reuters/A. Abdullah
تصعيد في منطقة "خفض التصعيد"
تشكل محافظة إدلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها إحدى مناطق اتفاق خفض التصعيد التي تم التوصل إليها في أيار/ مايو 2017 في أستانا برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبدأ سريان الاتفاق في إدلب في أيلول/ سبتمبر الماضي. لكنها تعرضت نهاية 2017 لهجوم عسكري تمكنت خلاله قوات النظام بدعم روسي من السيطرة على عشرات البلدات والقرى في الريف الجنوبي الشرقي وعلى قاعدة عسكرية استراتيجية.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Sultan
الأسد: هدفنا الآن إدلب
أكد الرئيس السوري بشار الأسد في 26 تموز/ يوليو الماضي أن "هدفنا الآن هو إدلب على الرغم من أنها ليست الهدف الوحيد". وفي 9 آب/ أغسطس الجاري قصفت قوات موالية للنظام السوري مواقع في إدلب قالت بأنها لفصائل معارضة وجهاديين وألقت منشورات تدعو السكان للاستسلام.
صورة من: picture-alliance/abaca
تحذيرات من "حمّام دم"
ودعت الأمم المتحدة إلى التوصل إلى "اتفاقات" لتفادي "حمام دم" في إدلب، وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان ديمستوريا قد قال في أيار/ مايو إنه في حال تكرار سيناريو الغوطة في إدلب فإن حجم الدمار وأعداد الضحايا قد تكون أكبر بست مرات، مشيراً إلى نصف الناس الذين يعيشون في إدلب، البالغ عددهم 2,3 مليون شخص، نازحون و"ليس لديهم مكان آخر يلجؤون إليه".
صورة من: Reuters/K. Ashawi
تمهيد للهجوم؟
وبعد أن اتهمت روسيا فصائل المعارضة بالتحضير لعمل "استفزازي" يتمثل بهجوم كيميائي في إدلب بهدف تحميل دمشق المسؤولية عنه واستخدامه كمبرر للقوى الغربية لضرب أهداف حكومية في سوريا، أبدت الدول الغربية الأعضاء في مجلس الأمن الدولي قلقاً متزايداً على مصير ملايين المدنيين في إدلب، خصوصاً بعد أن عززت روسيا من وجودها العسكري قبالة السواحل السورية، فهل سيتكرر سيناريو الغوطة في إدلب؟
محيي الدين حسين