المعارضة تحكم سيطرتها على حمص والآلاف يحتفلون وسط المدينة
٧ ديسمبر ٢٠٢٤
في تحول سريع للأحداث، تمكنت قوات المعارضة السورية من إحكام سيطرتها على مركز مدينة حمص، معقل استراتيجي في وسط سوريا. هذه الخطوة، التي تأتي في سياق انهيارات متسارعة للدفاعات النظام وإحكام الطوق حول العاصمة دمشق.
إعلان
في تطور ميداني بارز، تمكنت المعارضة السورية من السيطرة على أجزاء كبيرة من مدينة حمص، ما يمثل تقدما استراتيجيا في المواجهات مع النظام السوري وحلفائه. يأتي ذلك في ظل انسحاب القوات الحكومية من المدينة، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان ووسائل إعلام محلية. هذا التحول يثير تساؤلات حول مستقبل الصراع السوري الذي دخل عامه الثالث عشر.
وأفاد قادة في المعارضة السورية بأن قواتهم بدأت بدخول المدينة، مستغلة انهيار الدفاعات الحكومية. فيما قال ضابط في الجيش السوري لرويترز إن عشرات المقاتلين من قوة الرضوان التابعة لجماعة حزب الله اللبنانية فروا من مدينة حمص السورية بعد اتخاذ قرار مع الجيش السوري بأنه لم يعد من الممكن الدفاع عن المدينة.
وأكدت مصادر في المعارضة أن السيطرة على حمصتشكل خطوة هامة نحو الإطاحة بالنظام، وسط تقارير عن تقدم المعارضة في عدة مناطق محيطة بالعاصمة دمشق.
دمشق تحت الضغط
في العاصمة دمشق، أفادت مصادر محلية أن المعارضة السورية تواصل تقدمها نحو قلب المدينة، حيث تمكنت من السيطرة على مناطق واسعة في الجنوب الغربي خلال الساعات الماضية. في الوقت نفسه، خرج سكان في عدة ضواحٍ في مظاهرات حاشدة ضد النظام، أسقطوا خلالها تماثيل رمزية وأزالوا شعارات مؤيدة للرئيس بشار الأسد.
بعد انسحاباته المفاجئة من عدة مناطق.. هل ينهار الجيش السوري؟
37:06
على الجانب الحكومي، نفت وسائل الإعلام الرسمية أي اختراق كبير في حمص أو دمشق، مؤكدة أن الجيش السوري يواصل تعزيز مواقعه الدفاعية في المناطق الجنوبية وحول العاصمة. وحذر مسؤولون حكوميون من محاولات "إثارة الفوضى" من قبل المعارضة، داعين السكان إلى الالتزام بمنازلهم.
ترقب دولي واجتماعات إقليمية
وسط هذه التطورات، دعت خمس دول عربية بالإضافة إلى إيران وتركيا وروسيا، خلال اجتماع وزاري في الدوحة، إلى ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية. وأكد الوزراء في بيان مشترك أهمية تعزيز الجهود لتقديم المساعدات الإنسانية بشكل مستدام ودون عوائق.
وأثارت التطورات الأخيرة في سوريا مخاوف دولية من انهيار سريع للنظام السوري. وأفاد مسؤولون غربيون وأمريكيون أن سقوط حكومة الأسد قد يحدث في غضون أيام، وهو ما قد يعيد تشكيل الخريطة السياسية للمنطقة بأكملها.
ع.أ.ج/ ف.ي (د ب ا، أ ف ب، رويترز)
تاريخ عريق وأهمية استراتيجية.. مدينة حلب تعود لواجهة الأحداث
تعد مدينة حلب، واحدة من أقدم مدن العالم المأهولة دون انقطاع على مدى آلاف السنين. ولم تفقد حلب أهميتها على مر الزمن وفي مختلف العصور حتى يومنا هذا، وهي ذات أهمية استراتيجية وتعد العاصمة الاقتصادية لسوريا.
صورة من: Peter Heiske
ثاني أكبر مدن سوريا
تقع مدينة حلب في أقصى شمال غرب الهضبة السورية، يخترقها نهر قويق الذي ينبع من تركيا. وتقول بعض المصادر التاريخية إن حلب أقدم مدينة مأهولة في العالم، إذ يعود تاريخها إلى القرن العشرين قبل الميلاد.
صورة من: OMAR HAJ KADOUR/AFP
موقع استراتيجي
تتمتع حلب بموقع استراتيجي، حيث أنها تقع على مفترق طرق تجارية متعددة وكانت تمر منها طرق التجارة القديمة وخاصة طريق الحرير، وكانت نقطة وصل بين الشرق والغرب ومحطة مهمة للقوافل التجارية بين أوروبا وآسيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sputnik
العصر الذهبي
عرفت حلب أبهى عصورها حين كانت مركزا لإمارة الحمدانيين في الفترة ما بين عامي 944 – 1003م تحت حكم أميرها سيف الدولة الحمداني. كما عاشت حلب عصرها الذهبي في ظل الدولة الأيوبية بين عامي 1183 و1259 ولا سيما في عهد الملك الظاهر غازي حيث أصبحت من أجمل مدن الشرق وأكثرها نشاطا وازدهارا.
صورة من: Reuters/K. Ashawi
تنوع ثقافي وإثني وديني
تعتبر مدينة حلب من أكثر المدن السورية تنوعا، ثقافيا ودينيا وإثنيا. حيث يعيش فيها المسلمون والمسيحيون بمختلف طوائفهم والإيزيديون واليهود سابقا. وحلب كانت دائما موطنا لخليط من الشعوب والإثنيات، وقبل الحرب كان فيها العرب والأكراد والأرمن والتركمان والسريان والآشوريون وغيرهم.
صورة من: Fine Art Images/Heritage Images/picture alliance
قطار الشرق السريع
في العهد العثماني أيضا كانت تتمتع حلب بأهمية كبيرة وحافظت على أهميتها التجارية واصبحت في بعض المراحل سوقا رئيسية للشرق كله. وفي بداية القرن العشرين وصل القطار إلى حلب حيث اتصلت بمدينتي حماه ودمشق بسكة حديدية عام 1906 وبإسطنبول وأوروبا عام 1912 عبر قطار الشرق السريع.
صورة من: United Archives/picture alliance
مركز صناعي هام
تشتهر حلب بصناعاتها التقليدية والحديثة على حد سواء، حيث تتركز فيها أهم الصناعات النسيجية والتحويلية والزراعية والعسكرية أيضا. وقبل اندلاع الأزمة والحرب في سوريا، كانت حلب معروفة بوجود العديد من المراكز والمناطق الصناعية والمصانع الكبيرة.
صورة من: Omar Al Diri/AA/picture alliance
ازدهار اقتصادي وصناعي
قبل بدء الأزمة السورية والحرب، شهدت حلب منذ تسعينيات القرن الماضي وخاصة بعد عام 2000 نموا وازدهارا اقتصاديا كبيرا، وتوسعا في القطاع الصناعي وبناء مدن ومناطق صناعية جديدة ومصانع حديثة وتوسيع وتطوير المطار الدولي. وكان عدد السكان يبلغ نحو 4,5 مليون نسمة، وفي عام 2006 تم اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية.
صورة من: SANA/dpa/picture alliance
معالم وأوابد أثرية
تضم حلب العديد من الأوابد والمعابد الأثرية، حتى داخل المدينة، وأهمها القلعة. تعد قلعة حلب واحدة من أكبر وأقدم القلاع القائمة في العالم وتحفة معمارية تعود إلى القرون الوسطى. وأغلب البناء الحالي يعود إلى عهد الدولة الأيوبية. والقلعة تعد رمزا لمدينة حلب حتى اليوم، وهي تتوسط المدينة القديمة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Kremer
الجامع الكبير
جامع حلب الكبير أو الجامع الأموي أو جامع بني أمية هو أكبر وأحد أقدم المساجد في مدينة حلب السورية. أدرج عام 1986 على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. شيدت مئذنة المسجد في عام 1090 ودمرت في نيسان/ أبريل من العام 2013 نتيجة للمعارك التي اندلعت هناك بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة.
صورة من: Imago/imagebroker
أطول سوق مسقوف في حلب
سوق حلب القديم من أبرز معالمها التاريخية ويسمى أيضا بـ "بازار حلب" ويضم العديد من الأسواق والخانات التاريخية. ويعتبر سوق حلب أطول سوق مسقوف في العالم، إذ يبلغ طول المحور الرئيسي من باب أنطاكيا إلى القلعة حوالي 1200 متر إضافة إلى نحو 40 سوقا تتفرع عنه ليتجاوز الطول الإجمالي للسوق 14 كيلومترا.
صورة من: Issam Hajjar
حسابات الحرب والتحالفات العسكرية
نظرا لأهمية حلب التجارية والصناعية والاقتصادية والتاريخية وموقعها الاستراتيجي المهم، كانت دائما تخضع لحسابات الحرب والتحالفات العسكرية على مر العصور، وحتى يومنا هذا.
صورة من: Rami Alsayed/NurPhoto/Imago
تحرك متأخر
حركة الاحتجاجات والمظاهرات التي شهدتها سوريا عام 2011 والصراع المسلح والمعارك التي شهدت أجزاء من البلاد، لم تصل حلب إلا متأخرة في العام التالي. حيث دخلت المعارضة حلب واستولت على الجزء الشرقي من المدينة، في حين بقي الجزء الغربي تحت سيطرة قوات النظام.
صورة من: Reuters
معارك عنيفة ودمار هائل
شهدت حلب معارك عنيفة بين فصائل المعارضة المسلحة وقوات النظام التي استخدمت الأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية. وبقيت المعارضة مسيطرة على جزء كبير من المدينة حتى عام 2016 حيث استعاد النظام السيطرة عليها. ونتيجة ذلك حل دمار هائل في حلب لم تشهده مدن سوريا الأخرى.
صورة من: Louai Beshar/AFP
عودة فصائل المعارضة
نظرا لأهمية حلب استراتيجيا ودورها وتأثيرها على الأزمة والصراع في سوريا، وثقلها الاجتماعي والاقتصادي، حاول النظام التمسك بها، في حين بقيت فصائل المعارضة تتحين الفرصة وتحضر نفسها للسيطرة عليها من جديد، وهذا ما تحقق لها بالهجوم الكبير المفاجئ الذي شنته هيئة تحرير الشام وحلفاؤها في آواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 وسيطرت على مدينة حلب بكاملها بسهولة وسرعة مذهلة بعد انهيار وانسحاب قوات النظام.