في محاولة لصد تقدم جيش النظام، شن مسلحو المعارضة هجوماً مضاداً على قوات النظام السوري وحلفائها في إدلب. هذا في وقت أبدى الرئيس الروسي "اقتناعه بأن لا علاقة" لأنقرة بهجوم الطائرات المسيرة الذي استهدف قاعدتين روسيتين.
إعلان
في محاولة لصد تقدم جيش النظام السوري، شن مسلحو المعارضة هجوماً مضاداً على قوات النظام السوري وحلفائها في محافظة إدلب، اليوم الخميس (11 كانون الثاني/يناير 2018). وشمل التصعيد العسكري الأخير في غرب سوريا هجوماً لم يسبق له مثيل نفذه سرب من الطائرات بلا طيار على قواعد عسكرية روسية، كما ألقى بظلال من الشك على جهود موسكو لعقد مؤتمر للسلام في سوريا في وقت لاحق هذا الشهر.
وقال الإعلام الحربي التابع لحزب الله إن الجيش وحلفاءه يصدون هجوماً عنيفاً تشنه هيئة تحرير الشام (التي تشكل جبهة النصرة عمادها)، وهي فرع القاعدة سابقاً في الحرب السورية، والجماعات المرتبطة بها. وأضاف أن القوات السورية والقوات المتحالفة معها استوعبت الهجوم واستعادت السيطرة على بعض المواقع.
وفي المقابل، قال مقاتلون معارضون يحاربون تحت لواء الجيش السوري الحر، في بيان، إنهم أقاموا غرفة عمليات مشتركة لصد الهجوم واستعادة المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام وحلفائه في شمال شرق حماة وجنوب إدلب. وقال عبد الحكيم الرحمون، المسؤول الكبير في جيش النصر، أحد فصائل الجيش السوري الحر المشاركة،: "العملية لضرب خاصرة النظام المتوغل في الأراضي المحررة ومحاصرة قواته المتقدمة".
وبدوره، قال تحالف "هيئة تحرير الشام" الذي تقوده "جبهة النصرة" وهو القوة المهيمنة في إدلب إنه حقق مكاسب بالفعل. وقال أبو الناجي القائد في هيئة تحرير الشام "حاولت المليشيات الطائفية اليوم التقدم وسيطروا، ولكن بفضل الله رسمنا الخطط وأعددنا العدة وتم الالتفاف عليهم وقتلنا 12".
وقال مقاتلو المعارضة إنهم سيطروا على نحو 15 قرية وأسروا 60 من المقاتلين الموالين للنظام. ونفى مصدر عسكري سوري ذلك، ورفض حديث المعارضة عن هجوم مضاد بوصفه دعاية. وقال المصدر إن معارك شرسة تدور في المنطقة وإن تقدم الجيش لا يزال مستمراً.
بوتين: لا علاقة لتركيا بهجوم الطائرات المسيرة
وعلى وقع هذه المعارك، قالت مصادر بالرئاسة التركية إن الرئيس طيب إردوغان أبلغ نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في اتصال هاتفي الخميس، بضرورة وقف هجمات النظام السوري على محافظة إدلب ومنطقة الغوطة الشرقية قرب دمشق من أجل نجاح قمة سوتشي وعملية آستانة.
بدوره عبّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن "اقتناعه بأن لا علاقة" لأنقرة بهجوم الطائرات المسيرة الذي استهدف قاعدتين روسيتين في سوريا، فيما أعلن الجيش الروسي أن هذه الطائرات أطلقت من محافظة إدلب المحاذية لتركيا. وقال بوتين خلال لقائه رؤساء تحرير وسائل إعلام روسية "أنا مقتنع بأن لا علاقة للعسكريين ولا للسلطات التركية بهذا الأمر"، موضحاً أنه تحدث للتو هاتفياً عن الموضوع مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان.
ووصف بوتين هذا الهجوم بأنه "استفزاز يهدف إلى تقويض الاتفاقات التي تم التوصل إليها" بين موسكو وأنقرة وطهران التي ترعى عملية السلام في سوريا، إلى "تدمير علاقات" موسكو بكل من ايران وتركيا. وأضاف "سنواصل تعزيز شراكتنا مع تركيا"، وخصوصاً بهدف عقد مؤتمر "الحوار الوطني السوري" من المقرر أن يجمع نهاية كانون الثاني/يناير ممثلين للنظام والمعارضة السوريين في مدينة سوتشي. وأوضح أن وفداً روسياً توجه الخميس إلى دمشق لإجراء محادثات مع السلطات السورية في إطار التحضيرات للمؤتمر المذكور.
من جهته، قال الكرملين في بيان أصدره إثر المشاورات الهاتفية بين بوتين وأردوغان أن العسكريين وأجهزة الاستخبارات الروسية والتركية "سيعززون تنسيق جهودهم لمكافحة فاعلة للمجموعات الإرهابية في سوريا".
خ.س/ف.ي (رويترز، أ ف ب)
أطراف عسكرية متعددة في سوريا.. من هي وما أهدافها؟
تميزت الحرب في سوريا بديناميكية سريعة جداً وكثرة اللاعبين فيها، إن بشكل مباشر أو من وراء الكواليس. ماذا ربح أو خسر أهم الفاعلين العسكرييين بعد قرابة سبع سنوات من الصراع الدامي الذي دخلت فيه جماعات إرهابية على الخط؟
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/A. Al-Bushy
جيش الأسد
خسر الجيش السوري الكثير من مواقعه وقُتل أو انشق الآلاف من جنوده. اليوم تتواجد جيوش وميليشيات تابعة لأكثر من ثمان دول على التراب السوري. بيّد أن جيش الأسد استفاد من الدعمين الروسي والإيراني في استعادة مناطق استراتيجية كان قد خسرها سابقاً كحلب وحمص ودير الزور، مما حدا بعدة أطراف كانت تشترط رحيل الأسد قبل الشروع بأي مفاوضات إلى البدء في تغيير مواقفها.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Syrian Presidency
المقاتلون الأكراد
كسب الأكراد الكثير في السنتين المنصرمتين، وبدأ صوتهم بالارتفاع ونفوذهم بالتزايد، إذ سيطروا على مناطق غنية بالنفط في شمال شرق البلاد. كما يشكّلون ركيزة "قوات سوريا الديمقراطية" التي حرّرت الرقة بدعم التحالف الدولي، فضلاً عن إقامتهم "إدارة ذاتية" في مناطق سيطرتهم. بيدَ أن عملية غصن الزيتون التي أطلقها الجيش التركي في عفرين ضد المقاتلين الأكراد، أدت إلى خسارتهم عدة مساحات، فضلاً عن مقتل المئات بينهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Ronahi TV
المعارضة المسلّحة
ظهرت المعارضة المسلّحة السورية في البداية بديلاً محتملاً لنظام الأسد، إذ سيطرت على مساحة شاسعة من سوريا. غير أنها خسرت لاحقا الكثير منها. تعاني المعارضة من التشتت في المواقف الإيديولوجية، فضلاً عن تعدّد الداعمين وتنوّع أهدافهم. مما حدا بالبعض لإطلاق كلمة "معارضات" سورية عليها، كما تعرضت لضربة كبيرة بعد دخول التنظيمات الإرهابية كـ"داعش" و"النصرة" على الخط واستيلائها أراضٍ كانت تحت سيطرتها.
صورة من: picture alliance/AA/A. Huseyin
الجيش الروسي
قبل أكثر من سنتين بدأ التدخل الجوي الروسي في سوريا. اليوم يتواجد آلاف الجنود الروس في أكثر من قاعدة عسكرية في سوريا، أهمها "قاعدة حميميم". سياسياً استطاعت موسكو فرض نفسها كلاعب سياسي أساسي في المشهد السوري لصالح نظام الأسد؛ فهي عرابة "محادثات أستانا" و"مؤتمر سوتشي" و"مناطق خفض التصعيد" مع كل من تركيا وإيران. كما تدعم تياراً في المعارضة يُدعى "منصة موسكو".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/P. Golovkin
الجيش الأمريكي
تعوّدت واشنطن على تحقيق سريع لرهاناتها العسكرية في الشرق الأوسط كما حدث في العراق وأفغانستان، لكن لم يتكرر الأمر في سوريا؛ فالتحالف الذي قادته ضد "داعش" تأخر كثيراً في تحقيق أهدافه، كما أن تسليحها للمقاتلين الأكراد كان من أسباب توتر علاقتها بأنقرة. الرؤية الأمريكية لمستقبل دورها في سوريا غير واضحة، بيّد أن واشنطن ربحت على الأقل قواعد عسكرية لها داخل البلد..
صورة من: picture alliance/AP Images/M. Rourke
القوات الإيرانية
لم تتخلّ إيران عن حليفها الأسد في سوريا طوال سنوات الحرب، وأبدت تصميماً كبيراً على بقاء النظام، موفرة دعماً عسكرياً ومالياً وغيرها من أشكال الدعم، كما تتوّفر على ميليشيات مسلحة داخل البلد، يقودها قاسم سليماني ممّا أثر بشكل كبير في تطورات الحرب. ويبدو أن طهران حصدت ثمار جهودها، فنفوذها تعاظم داخل سوريا بشكل أثار حفيظة خصومها في المنطقة، خاصة تل أبيب والسعودية.
صورة من: picture alliance / AA
الجيش التركي
دعّم أردوغان المعارضة السورية كثيراً، لكن تداعيات الحرب أرهقت نظامه، إذ لم تتحقق رهاناته في سقوط بشار الأسد، كما عانت تركيا من هجمات نفذها "داعش" بترابها. غير أن القوات التركية تدخلت مؤخراً بقوة في شمال سوريا في إطار عملية "غصن الزيتون" الهادفة لقصم ظهر المقاتلين الأكراد، واستفاد أردوغان في العملية من قلق دولي لم يكن كافياً لثنيه عن الاستمرار، ضامناً بذلك توسيع مناطق تسيطر عليها أنقرة داخل سوريا.
صورة من: Getty Images
حزب الله
أحد أقوى الأطراف الشيعية في سوريا، قدم دعماً غير محدود للنظام السوري وشارك مبكراً في الحرب الدائرة منذ سنوات. أثر تدخل حزب الله العسكري لصالح الأسد سلباً على صورته في العالمين العربي والإسلامي. في المقابل، ساهم في الحفاظ على تحالفٍ استراتيجي مع طهران ودمشق وبشكل أقل موسكو، ممّا أكسبه نفوذاً جغرافياً في سوريا، خاصة مع سيطرته على المناطق الحدودية بين سوريا ولبنان.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/H. Malla
القوات الفرنسية
دخلت فرنسا في الأزمة السورية بقوة عبر تحرك ديبلوماسي ضد النظام السوري وعسكري ضد "داعش"، لكنها لم تحصد ثماراً كثيرة، فمواقفها ضد الأسد تبدو جد متذبذة، كما أن ضرباتها العسكرية لم تنجح، ليس فقط في إنهاء "داعش"، بل حتى في تجنب هجماته الإرهابية التي تعدّ فرنسا أكثر المتضررين منها خارج الشرق الأوسط، فضلا عن أنها لم تؤثر كثيرا في إنقاذ الوضع الإنساني داخل سوريا رغم ما تعلنه من جهود في ذلك.
صورة من: Reuters/C. Hartmann
جماعات إرهابية تدخل على الخط
وضع التحالف الدولي الجماعاتَ الإرهابية كهدف رئيسي في استراتيجيته العسكرية بسوريا، وتكبد "داعش" هزائم كبيرة في سوريا كما في العراق، ولاسيما في الرقة (عاصمة "خلافته" المزعومة) لكن خطره لم ينتهِ بعد. كما تراجعت جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) التي فكت ارتباطها مؤخرا بتنظيم القاعدة، لكنها لا تزال في إدلب وقامت مؤخرا بإسقاط مقاتلة روسية، ممّا جعل موسكو أن هدفها حاليا هو القضاء على هذه الجبهة.