المعارضة تواصل تقدمها والأسد يجري اتصالين بالسوداني وبن زايد
٣٠ نوفمبر ٢٠٢٤
سيطرت فصائل سورية معارضة على "غالبية" مدينة حلب ومطارها، وتقدمت في محافظتين مجاورتين، فيما أكد الرئيس السوري، الذي أجرى اتصالين برئيس الوزراء العراقي والرئيس الإماراتي، أن بلاده قادرة على "دحرهم" مهما اشتدت هجماتهم.
إعلان
تتواصل المعارك في مناطق في شمال سوريا مع تقدم فصائل معارضة في محافظات حلب وإدلب وحماة. وفي ضوء هذا التصعيد، بحثت الدول الثلاث المعنية بالنزاع السوري، روسيا وايران حليفتا الأسد وتركيا الداعمة للمعارضة، "التطور الخطير للوضع" في سوريا.
وبدأت الفصائل التي تشكل محافظة إدلب معقلها في شمال غرب سوريا، هجوما غير مسبوق الأربعاء على مناطق في محافظة حلب، وتمكنت ليل الجمعة من دخول مدينة حلب، لأول مرة منذ استعادة الجيش السوري بدعم روسي وإيراني السيطرة على المدينة بكاملها عام 2016 بعد سنوات من القصف والحصار.
وباتت هيئة تحرير الشام تسيطر مع فصائل معارضة حليفة على "غالبية مدينة حلب ومراكز حكومية وسجون"، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بعدما تقدمت "من دون مقاومة كبيرة" من الجيش السوري والميلشييات المتحالفة معه، والمدعومة من إيران.
وأعلنت قيادة الفصائل حظر تجول في المدينة، من الساعة الخامسة عصر السبت (30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024)حتى الخامسة من عصر الأحد "حفاظا على سلامة" السكان.
واستهدفت غارات روسية ليل الجمعة أحياء المدينة للمرة الأولى منذ العام 2016، وصباح السبت حي الفرقان "تزامنا مع وصول تعزيزات عسكرية كبيرة" الى الفصائل المقاتلة، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقتل 16 مدنيا على الأقل السبت، بحسب المرصد، جراء "غارة شنّتها القوات الروسية على الأرجح، استهدفت سيارات مدنية لدى عبورها عند دوار الباسل"، إحدى النقاط التي تقدمت اليها الفصائل المقاتلة.
وشاهد مصور لفرانس برس في المكان سيارات متفحمة بينها حافلة صغيرة لنقل الركاب، وجثثا على الطريق. وداخل سيارة، كانت امرأة جالسة في المقعد الخلفي وقربها حقيبة يد صغيرة، وتمت تغطية وجهها بسترة بعد مقتلها.
وتمكن مقاتلو الفصائل بعد ظهر السبت من السيطرة على مطار حلب، ثاني أكبر مطار دولي بعد دمشق، ليصبح أول مرفق جوي مدني تحت سيطرتهم.
وأسفرت العمليات العسكرية منذ الأربعاء عن مقتل 327 شخصا على الأقل، 183 منهم من هيئة تحرير الشام والفصائل المعارضة ومئة من عناصر الجيش السوري ومجموعات موالية له، إضافة إلى 44 مدنيا، وفق المرصد. ولكن لا يمكن التحقق من هذه المعلومات والأرقام.
وإلى جانب حلب، تقدمت الفصائل المعارضة إلى ريفي حماة الشمالي وإدلب الشرقي، حيث سيطرت على "عشرات البلدات الاستراتيجية"، بينها خان شيخون ومعرة النعمان (إدلب) واللطامنة ومورك وكفرزيتا (حماة) وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأفاد المرصد عصر السبت عن انسحاب الجيش السوري من مدينة حماة في وسط البلاد. لكن مصدرا عسكريا نفى ذلك وقال إن وحدات الجيش "تتمركز في مواقعها في ريفي المحافظة الشمالي والشرقي". وأضاف "يقوم الطيران الحربي السوري والروسي الصديق باستهداف تجمعات" الفصائل وخطوط إمدادها.
وتثار تساؤلات حول التقدم السريع للفصائل المعارضة "من دون مقاومة" من قوات النظام والميليشيات الحليفة له. ولاحظت الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية دارين خليفة إن "خطوط النظام انهارت بوتيرة مذهلة فاجأت الجميع".
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس إن "النظام السوري يبدو في هذه اللحظة كأنه متروك من حليفيه الرئيسيين، إيران وروسيا التي اكتفت حتى الآن بشنّ غارات شكلية".
الأسد يجري اتصالين بالسوداني وبن زايد
في غضون ذلك أعلنت الرئاسة السورية أن بشار الأسد بحث في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء العراقي محمّد شياع السوداني "التطورات الأخيرة والتعاون المشترك بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب". ونقلت عن السوداني تأكيده أن "أمن سوريا والعراق هو أمن واحد، مشددا على استعداد العراق لتقديم كل الدعم اللازم لسوريا لمواجهة الإرهاب وكافة تنظيماته".
إعلان
كما أجرى الأسد اتصالا هاتفيا مع نظيره الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان. وقال بيان رئاسي سوري إن الأسد "شدد خلال الاتصال على أن سوريا مستمرة في الدفاع عن استقرارها ووحدة أراضيها في وجه كل الإرهابيين وداعميهم، وهي قادرة وبمساعدة حلفائها وأصدقائها على دحرهم والقضاء عليهم مهما اشتدت هجماتهم الإرهابية".
من جانبه أكد الشيخ محمد بن زايد خلال الاتصال على وقوف بلاده مع الدولة السورية ودعمها في محاربة الإرهاب وبسط سيادتها ووحدة أراضيها واستقرارها.
وقالت الخارجية الروسية في بيان السبت إن الوزير سيرغي لافروف ونظيره التركي هاكان فيدان بحثا في اتصال هاتفي "التطور الخطير للوضع في سوريا". وأكدا "ضرورة تنسيق عمل مشترك لضمان استقرار الوضع" فيها. وأجرى لافروف اتصالا مماثلا بنظيره الإيراني عباس عراقجي، توافق خلاله الطرفان على ضرورة "تكثيف الجهود المشتركة بهدف ضمان استقرار الوضع في سوريا".
وفي وقت لاحق، قال متحدث باسم الخارجية الإيراني أن عراقجي "سيتوجه إلى دمشق الأحد لإجراء محادثات مع السلطات السورية"، قبل التوجه إلى تركيا لعقد "مشاورات حول القضايا الإقليمية، وخصوصا التطورات الأخيرة".
وأعلنت إيران السبت أن عناصر وصفتها بـ "الإرهابية" هاجمت مقر قنصليتها في حلب، مع تأكيدها ان جميع أفراد الطاقم الدبلوماسي بخير.
ودعت الخارجية الفرنسية في بيان جميع الأطراف إلى "حماية السكان المدنيين" في حلب. وقالت إن التطورات العسكرية "تظهر الحاجة، بعد مرور ثلاثة عشر عاما على بدء الحرب الأهلية السورية، إلى استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية السورية بدون تأخير، من أجل التوصل أخيرا إلى حل سياسي" ينهي النزاع القائم.
ف.ي/أ.ح (د ب ا، ا.ف.ب، رويترز)
11 عاما على الاحتجاجات بسوريا.. أوكرانيا تعيد المشاهد للأذهان!
تعيد مشاهد الدمار في أوكرانيا الذاكرة لما حل في سوريا على أيدي القوات الروسية التي هرعت للدفاع عن الأسد وسوت مدنا بالكامل بالأرض. وبعد 11 عاماً من انطلاق الاحتجاجات المناهضة لنظام الأسد يبدو المشهد في البلدين متشابهاً.
صورة من: Moawia Atrash/ZUMA Wire/imago images
أوكرانيا والدرس السوري
في الذكرى 11 لحركة الاحتجاجات في سوريا، تشهد العديد من المدن الأوكرانية قصفاً مكثفاً من قبل القوات الروسية ما يعيد للأذهان ما حدث في غروزني الشيشانية وحلب السورية. مدينتان حولهما القصف الروسي في 1999 و2016 إلى رماد. ويعيد ما يحدث في أوكرانيا إلى الذاكرة أيضاً تصريحات وزير الدفاع الروسي: "اختبرنا أكثر من 320 نوعاً من مختلف الأسلحة في سوريا" ما يجعل غزو أوكرانيا تطبيقا لما جربه الجيش الروسي هناك.
صورة من: Izzeddin Kasim/AA/picture alliance
جذور الاحتجاجات وطريقة تعامل نظام الأسد
اندلعت شرارة الاحتجاجات في مارس/آذار عام 2011 على خلفية انتفاضات شعبية في عدة دول عربية لكن النظام السوري ومنذ اللحظة الأولى رفع لافتة كبيرة أمام العالم بأن ما يحدث هو مؤامرة خارجية يقف خلفها مثيرو الفتن والطائفية بهدف تدمير الدولة. لافتة كانت تحمل في طياتها الطريقة التي سيتعامل بها النظام على مدى سنوات مقبلة مع تلك الانتفاضة الشعبية.
صورة من: Muhammed Said/AA/picture alliance
احتجاجات تحولت إلى نزاع دامٍ!
مع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، قمع الأسد المتظاهرين السلميين بالقوة، لتتحول الاحتجاجات إلى نزاع مسلح شديد الدموية، سرعان ما تعددت جبهاته والضالعين فيه ما أدى لدمار شامل حل بالبلاد ودماء سالت على الأرض ورعب لم يأمن منه بشر ولا حجر ولا شجر.
صورة من: Ammar Safarjalani/Xinhua/picture alliance
البداية من درعا
قامت مجموعة من تلاميذ المدارس في بلدة درعا السورية جنوب دمشق، برسم رسائل معارضة للأسد على جدار محلي. وبعد ذلك بوقت قصير، ألقت أجهزة الأمن القبض عليهم وتعرضوا للضرب والتعذيب حسبما ورد. في 15 مارس/ آذار وجه ناشطون الدعوة إلى "يوم غضب سوري". وفي يوم الجمعة 18 مارس/ آذار، وطوال الأسبوع التالي، كانت درعا وقراها مسرحًا لمظاهرات حاشدة واشتباكات مع الأمن، أوقعت خلال الأسبوع 100-150 قتيل حسب المعارضة.
صورة من: dapd
رد شديد الوحشية
مع خروج السوريين إلى الشوارع للاحتجاج والمطالبة بمزيد من الحريات، كان رد نظام الأسد وقواته الأمنية سريعًا ووحشيًا - ليعاد تطبيق قواعد اللعبة في سحق المعارضة التي أرساها النظام الحاكم على مدى عقود. لكن عمليات القتل عام 2011 أثارت المزيد من الغضب ضد الأسد بدلاً من قمعه، وما بدأ كاحتجاجات سلمية تطورت إلى حركة معارضة مسلحة، مع تصاعد عنف النظام.
صورة من: dapd
التدخل الروسي يقلب الموازين
مع دخول الصراع السوري عامه الخامس بدأ الضغط يزداد بشكل كبير على نظام الأسد حتى أن البعض اعتقد أن سقوطه أصبح قريباً. كانت التنظيمات المسلحة المعارضة تكتسب قوة على الأرض كما كان تنظيم "الدولة الإسلامية" في تصاعد. لكن الأسد هرع إلى حليفه الروسي طالباً العون، لتتدخل المقاتلات الروسية في خريف 2015 وتحيل المشهد في سوريا إلى جحيم ليبدأ النظام في استعادة السيطرة على رقعة واسعة من الأراضي في منتصف 2018.
صورة من: Russian Defense Ministry Press Service/AP/picture alliance
مشاهد متكررة .. والفاعل واحد
يستحضر الهجوم الروسي على أوكرانيا والدمار الهائل الذي ألحقه بالمدن الأوكرانية صور ما جرى في سوريا والشيشان، وفي الخلفية عشرات الاتهامات "المتكررة" بارتكاب الجيش الروسي لجرائم حرب واستخدام أسلحة محظورة، وهي اتهامات وجهتها منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش لروسيا في كل من سوريا وأوكرانيا.
صورة من: picture-alliance/AA/A. el Ali
المدنيون.. ضحايا العمليات الروسية في كل مكان
تنفي روسيا دائماً استهداف المدنيين. تكرر النفي في أفغانستان والشيشان وسوريا والآن في أوكرانيا. لكن الواقع يقول إن سلاح الجو الروسي تسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين السوريين، إلى جانب ما قام به الجيش السوري وخصوصاً استهداف المناطق المدنية ببراميل المتفجرات. واليوم يتعرض المدنيون في أوكرانيا للقصف الروسي، لتدخل المستشفيات والمدارس وغيرها على خط النار كما حدث في سوريا من قبل.
صورة من: Reuters/S. Kitaz
ضحايا بالملايين
وفق منظمات أممية وأهلية، أودى النزاع السوري بحياة ما يقرب من 500 ألف شخص ودفع 6.6 ملايين آخرين إلى المنفى، وسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل سبعين ألف شخص في عام 2014 وحده. وتحفل قطاعات واسعة من الأراضي السورية بآلاف الألغام والقذائف غير المنفجرة التي تمثل تهديداًَ يومياً مباشراً على أرواح من تبقي من السوريين داخل البلاد.
صورة من: AFP/Getty Images
مفاوضات..مفاوضات.. بلا فائدة
في بيان أصدره المبعوث الأممي لسوريا بمناسبة مرور 11 عامًا على انطلاق الاحتجاجات السورية، شدد (غير بيدرسون) على ضرورة الوصول لحل سياسي ينهي معاناة السوريين للخروج من مأزق يمتد نحو 11 عاماً. لكن المنصب الذي تعاقب عليه كثيرون لم يتمكن أي من شاغليه من الوصول لحل يخفف حتى من آلام الشعب السوري، فيما رسخ نظام الأسد القسوة والسلاح كمبادئ أساسية للتعامل مع الأمر.
صورة من: Violaine Martin/UN Geneva/dpa/picture alliance
هل انتصر الأسد؟ وعلى من؟
يرى رئيس النظام السوري أنه في النهاية انتصر في معاركه. صحيح أنه نجح في الاحتفاظ بمنصبه كرئيس يسيطر على مساحة واسعة من أراضي البلاد وقضى على المعارضة المسلحة وعلى جزء كبير من الجماعات الجهادية. لكن على الجانب الآخر، دُمرت البلاد بشكل شبه كامل وقتل عشرات الآلاف وفر الملايين من البلاد وارتكبت مذابح وانتهاكات ربما لم يشهد لها التاريخ مثيلاً في العصر الحديث نفذها حاكم ضد شعبه.
صورة من: Muzaffar Salman/AP Photo/picture-alliance