هم أطفالٌ، حلمهم الوحيد عبور إلى أوروبا، تعرض بعضهم للاغتصاب قبل أن يبلغ حلمه، DWعربية كانت معهم وحاورت المهاجرين صغار حول جحيم يعيشونه في انتظار فردوس مجهول.يسعون إليه.
إعلان
يجلس على الرصيف بعدما أنهكه الركض، ينظر إلى زبائن المطعم وهم يتناولون وجبات ساخنة، جسده النحيل يرتجف من شدة البرد، يفرك عينيه المنتفختين، منتظرا فرصة التسلل إلى إحدى شاحنات المتجهة الى أوروبا، أملا هذه المرة في أن ينجح في العبور .
إنه مشهد يتكرر كل يوم لأطفال جاؤوا من مختلف المدن المغربية إلى مدينة الناظور التي تقع شمال شرق المغرب بهدف الهجرة إلى أوروبا، يخاطرون بحياتهم في سبيل ذلك، لكن ما الذي يدفعهم إلى خوض مغامرة قد تنتهي بالموت ؟ وكيف يتحول انتظار العبور إلى جحيم ؟
رغبة أم محمد جاءت به الى جحيم الانتظار والتشرد!
محمد الذي لم يتجاوز 13 عاما ينحدر من منطقة املشيل الواقعة في قلب جبال الأطلس الكبير بالمغرب، ترك قريته الصغيرة لأجل تلبية رغبة والدته في الهجرة إلى أوروبا، يقول في حواره معDWعربية بلهجة أمازيغية ممزوجة ببعض الكلمات العربية "والدتي كانت تظن أني بمجرد أن أصل إلى مدينة الناظور، سأجد الأبواب مفتوحة للعبور إلى أوروبا .. "
كان يعتقد محمد أنه سيعبر بسهولة الى الضفة الأخرى بيد أنه أمضى أكثر من أربعة أشهر مشردا في الشارع، وحول ذلك يعلق بنبرة حزينة " أصبت بمرض في عيوني بسبب النوم بجوار حاويات القمامة "...
ويعتمد محمد ورفاقه على التسول أمام اشارات المرور لجمع ثمن تذكرة الحافلة بغية التنقل الى ميناء بني أنصار لتحقيق حلم العبور .
حمزة ابن مدينة خنيفرة :"لا يهم إن مت "
بجوار ميناء بني أنصار التقينا حمزة طفل يبلغ من العمر 13 عاما ينحدر من مدينة خنيفرة . يعتبر حمزة أن الموت لم يعد يخيفه وأنه سيحاول عشرات المرات حتى يتمكن من النجاح في العبور، ويقول حمزة حول ذلك متحدثاً ل DWعربية " لا يهم إن مت لكني سأحاول مرات عديدة، فهناك سيهتمون بي وسأجد الرعاية والدعم ".
يتركز وجود الأطفال بشكل كبير بجوار ميناء بني أنصار المطل على البحر الأبيض المتوسط، حيث ينتظرون مرور شاحنات النقل الدولي. ويخاطرون بحياتهم بالتعلق بها، غير مبالين بالمخاطر التي تهددهم جراء الوقوع بين عجلات الشاحنات.
اغتصاب ينزع براءة الطفولة
لا تتوقف المخاطر التي تهدد الأطفال عند هذا الحد إذ يروي "أمين" اسم مستعار يبلغ 14 عاما جاء من مدينة زاكورة التي تقع جنوب المغرب إلى مدينة الناظور بهدف الهجرة لكنه صدم بواقع أخر بعد ما أمضى أزيد من سنتين محاولاً العبور.
يكشف في حديثه لDWعربية عن ما كابده في شارع من عنف بصوت بالكاد يسمع قائلا "لقد اعتدوا علي جسديا وجنسيا في أول ليلة لي هنا. "
رفض أمين مواصلة الحديث عن واقعة الاعتداء عليه، كما يمتنع أغلب الأطفال الحديث عن الاعتداءات الجنسية التي يتعرضون لها فيختارون المخدرات ويدمنون عليها لنسيان تلك الوقائع، يقول أمين بنبرة حزينة "لقد تحولت من طفل يحلم بالهجرة إلى أوروبا لمساعدة عائلته إلى مدمن منبوذ يتسول في شوارع ".
ومع حلول الليل يعود عشرات الأطفال إلى شارع الجيش الملكي وملامح الخيبة بادية على وجوههم بعد ما فشلوا في العبور إلى أوروبا، يجتمعون مع أبناء قريتهم أو مدينتهم في مكان واحد بهدف حماية بعضهم البعض .
وبمجرد أن تنتشر أنباء نجاح أحدهم في الوصول إلى فردوس المفقود يزداد يقينهم أنهم أيضا سينجحون في رحلتهم، على حد تعبيرهم.
ثلاثمائةطفل مهاجر في الشارع
ومن جهته أشار الكاتب العام للجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع الناظور عزيز كطوف في حواره معDWعربية إلى أن عدد الأطفال المهاجرين الموجودين في مدينة الناظور يتجاوز 300 طفل وأغلبهم يعيشون في الشارع بينما يستأجر بعضهم غرفاً في أحياء هامشية .
ودق عزيز كطوف ناقوس الخطر حول الوضعية المزرية لهؤلاء الأطفال القاصرين بسبب انتشار الأمراض في صفوفهم جراء عدم حصولهم على رعاية طبية وصحية.
وأضاف كطوف متحدثاً لDW عربية " هؤلاء الأطفال يعيشون على ما يجود به المحسنون بالمنطقة، الى جانب المبادرات التي تشرف عليها الجمعية من قبيل توزيع ملابس وأغطية وتوفير وجبات ساخنة للأطفال، وحملات تحسيسية لتوعية الأطفال والاستماع اليهم ".
جهود بطيئة وحصاد "تغيير ايجابي "
وفي سياق متصل، قال مندوب التعاون الوطني بإقليم الناظور عبد الرحيم مباركي في حواره معDWعربية إنّ المركب الاجتماعي ساهم في ادماج أكثر من 25 طفلاً في أسرهم وإنقاذهم من الشارع مشيرا إلى تنظيمهم حملات توعية لتغيير الأفكار التي رسختها عائلات الأطفال لديهم عن الهجرة إلى أوروبا، والتي تجعل من اقناعهم بالمخاطر التي تهددهم مهمة صعبة، على حد تعبيره .
وقال عبد الرحيم مباركي في حواره معDWعربية "إنهم حققوا نتائج مهمة برغم من أنهم لازالوا في البداية متوقعا احداث تغيير ايجابي وإقناع عدد كبير من الأطفال بالتراجع عن فكرة الهجرة " .
الهام الطالبي- إقليم الناظور/ المغرب
الصيف قادم وأوروبا تخشى تدفقاً جديداً للاجئين
تدفق آلاف المهاجرين من شمال أفريقيا إلى أوروبا في شهر نيسان/ أبريل، كما وصل نحو 5 آلاف لاجئ إلى اليونان فقط منذ مطلع هذا العام بعد الاتفاق الأوروبي التركي. الدول الأوروبية تترقب وبعضها شرع بتقييد الحركة عبر الحدود.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Gebert
ليبيا .. محطة المهاجرين عبر المتوسط
في عطلة عيد الفصح الماضية (14 – 17 نيسان/ أبريل 2017) تمكنت سفن الإنقاذ من انتشال 8360 شخصا من وسط البحر الأبيض المتوسط، بعد أن ركب المهاجرون قوارب مطاطية وخشبية غير صالحة للإبحار لمسافات طويلة، وانطلقوا بها من ليبيا إلى القارة الأوروبية.
صورة من: Reuters/D. Zammit Lupi
"أسواق عبيد في ليبيا"
عانت ليبيا من حالة من الفوضى منذ سقوط القذافي في 2011، لتصبح النقطة الرئيسية لمغادرة المهاجرين على أمل الوصول إلى أوروبا بحرا. ونددت المنظمة الدولية للهجرة بوجود "أسواق عبيد" حقيقية في ليبيا يباع فيها مئات الرجال والنساء، ويتراوح (سعر) المهاجر مابين 200 و500 دولار. وتجري عمليات البيع في ساحات عامة أو مستودعات، حسب المنظمة.
صورة من: AP
إيطاليا .. المحطة الأوروبية الأولى
العبور من ليبيا إلى إيطاليا هو الطريق الرئيسي الذي يسلكه المهاجرون من شمال أفريقيا إلى أوروبا. وصل أكثر من 181 ألفا إلى شواطئ إيطاليا العام الماضي. وبلغ سواحلها في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي نحو 25 ألف شخص. وتشير تقديرات إلى أن نحو 850 شخصا لقوا حتفهم منذ بداية 2017.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Isolino
نسب مختلفة
كانت إيطاليا بلد "ترانسيت" عبور للاجئين، إذ لم يكن يرغب كثير منهم بتقديم طلب لجوئه فيها. ففي عام 2014 تقدم نحو ثلث اللاجئين القادمين بطلب لجوء، أما في عام 2016 فتقدم نحو الثلثين منهم بطلب لجوء، فيما ارتفعت نسب الاعتراف بطلبات اللجوء إلى 40 بالمائة. لكن إيطاليا تعاني من مشكلة إيواء اللاجئين وتوفير فرص اندماج ملائمة لهم.
صورة من: DW/E. Barbiroglio
اليونان تنفست الصعداء .. ولكن
وصل عدد اللاجئين الوافدين عبر بحر إيجه من تركيا إلى الجزر اليونانية إلى 4800 شخص فقط، وذلك في الفترة الواقعة منذ مطلع عام 2017 ولغاية منتصف شهر نيسان/ أبريل الحالي. بينما كانت أعدادهم في الربع الأول من عام 2016 قد وصلت إلى 145 ألف شخص، حسب إحصائيات الأمم المتحدة.
صورة من: picture alliance/NurPhoto/P. Tzamaros
مخاوف قادمة ..
مع تحسن الطقس وبدء موسم الصيف يتوقع مراقبون زيادة أعداد اللاجئين المتدفقين إلى اليونان. لكن هناك مخاوف من أن الأزمة الراهنة لتركيا مع الاتحاد الأوروبي بسبب الاستفتاء على التعديلات الدستورية، قد تدفع القيادة التركية إلى التراخي في ضبط الحدود وتسهيل تدفق اللاجئين إلى أوروبا.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
طريق البلقان
بعد إغلاق طريق البلقان في شهر آذار/ مارس 2016 قل عدد اللاجئين السالكين لهذا الطريق. وبقي القليل منهم يحاول المرور عبر صربيا وكرواتيا وسلوفينيا متوجهين إلى النمسا ومن ثم ألمانيا وشمال أوروبا. في صربيا ينتظر حاليا 7700 مهاجرا في مراكز إيواء اللاجئين. أما في كرواتيا وفي سلوفينيا فلا يوجد إلا عدد قليل جدا منهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
بلغاريا في وضع آخر
ذكرت وزارة الداخلية البلغارية أن البلاد تحتضن نحو 4500 مهاجرا في مراكز إيواء اللاجئين التي ملئت بنسبة 60 المائة فقط من سعتها الكاملة. بينما كانت أعدادهم كبيرة جدا في العام الماضي. ويعود سبب ذلك إلى توقف تدفق المهاجرين من تركيا.
صورة من: BGNES
المجر لها سياستها
في أواخر آذار/ مارس الماضي، بدأ في المجر تطبيق قانون مثير للجدل ينص على أن يحتشد جميع طالبي اللجوء الموجودين في البلاد أو الذين يصلون إليها، في معسكرين مقفلين على الحدود الصربية. وأعلنت وزارة الداخلية الألمانية أن ألمانيا ستتوقف عن إعادة المهاجرين إلى المجر، ما لم تحترم بودابست التوجيهات الأوروبية على صعيد استقبال اللاجئين.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Kisbenedek
النمسا تترقب
وكذلك في النمسا لم يصل في الربع الأول من العام الحالي سوى 6500 مهاجرا، وهو نصف العدد الذي قدم في الربع الأول من العام الماضي. وقال وزير الداخلية النمساوي فولفغانغ سوبوتكا إن بلاده متهيئة لتشديد الرقابة على الحدود، وخاصة بعد ارتفاع أعداد اللاجئين الواصلين إلى إيطاليا المجاورة للنمسا.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Bruna
ألمانيا والانتخابات القادمة
تقدم نحو 890 ألف شخص بطلب لجوء في ألمانيا في عام 2015. بينما أنخفض العدد إلى 280 ألف في عام 2016. فيما وصلها في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام نحو 48 ألف لاجئ فقط. ويأمل الساسة الألمان بعدم حدوث أزمة لجوء جديدة، خاصة قبيل إجراء الانتخابات التشريعية في أيلول/ سبتمبر القادم. الكاتب: زمن البدري